كتاب الطهارة [20]


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

أقوال أهل العلم في اشتراط النية في الغسل

قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الثانية:

اختلفوا هل من شروط هذه الطهارة النية أم لا؟ ]، يعني: أن الإنسان يقدم على الاغتسال بنية رفع الجنابة، أما الذين لا يشترطون النية فإنهم يقولون: لو اغتسل وهو لا ينوي رفع الجنابة، ثم عرف بعد ذلك أن عليه جنابة، فإنه يكفيه هذا الغسل، فمثلاً: لو نزل عليه المطر وقد أصابته جنابة ولم ينو رفعها، فإن الجنابة ارتفعت عنه، مثل ما لو نزل المطر على ثوب وفيه نجاسة، فإنه يطهر.

وأما كون الإنسان لا يقدم على الفعل إلا بقصد فهذا معروف، فلو أن إنساناً عليه جنابة وقصد فعل الغسل فهذه هي النية، لكن لو نزل عليه مطر أو اغتسل ولم يقصد رفع الجنابة، ثم بعد ذلك أراد أن يكون هذا الغسل للجنابة، فالذين لا يشترطون النية يقولون: هذا الغسل يرفع عنه الجنابة، كمثل الثوب المتنجس فلا تشترط النية لإزالة النجاسة عنه.

[ كاختلافهم في الوضوء، فذهب مالك و الشافعي و أحمد و أبو ثور و داود وأصحابه إلى أن النية من شروطها.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه و الثوري إلى أنها تجزئ بغير نية كالحال في الوضوء عندهم ].

سبب الاختلاف في اشتراط النية في الغسل

قال المصنف رحمه الله: [ وسبب اختلافهم في الطهر هو بعينه سبب اختلافهم في الوضوء، وقد تقدم ذلك ]، وهو أن العبادة تنقسم إلى قسمين: عبادة معقولة المعنى، وعبادة غير معقولة المعنى. فالعبادة المعقولة المعنى لا يشترط لها النية، والعبادة غير معقولة المعنى يشترط لها النية.

والأئمة الثلاثة قالوا: أنها عبادة غير معقولة المعنى.

فتبين أن الاختلاف هو في تردد الوضوء والغسل بين أن يكونا عبادة معقولة المعنى أو عبادة غير معقولة المعنى، بمعنى آخر هل هما يشبهان غسل النجاسات، أم يشبهان العبادات كالصلاة وغيرها.

فالجمهور على أنهما يشبهان العبادات فتجب فيهما النية، وأما أبو حنيفة فرأى أنهما أقرب إلى معنى غسل النجاسة فلم يشترط لهما النية.

الراجح في اشتراط النية في الغسل

والراجح من هذا هو قول الجمهور؛ لأن الحدث أمر معنوي، وقد تعبدنا الله بغسل أعضاء معينة، فهما أي: الوضوء والغسل أقرب إلى أنهما غير معقولي المعنى فتجب النية فيهما.

قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الثانية:

اختلفوا هل من شروط هذه الطهارة النية أم لا؟ ]، يعني: أن الإنسان يقدم على الاغتسال بنية رفع الجنابة، أما الذين لا يشترطون النية فإنهم يقولون: لو اغتسل وهو لا ينوي رفع الجنابة، ثم عرف بعد ذلك أن عليه جنابة، فإنه يكفيه هذا الغسل، فمثلاً: لو نزل عليه المطر وقد أصابته جنابة ولم ينو رفعها، فإن الجنابة ارتفعت عنه، مثل ما لو نزل المطر على ثوب وفيه نجاسة، فإنه يطهر.

وأما كون الإنسان لا يقدم على الفعل إلا بقصد فهذا معروف، فلو أن إنساناً عليه جنابة وقصد فعل الغسل فهذه هي النية، لكن لو نزل عليه مطر أو اغتسل ولم يقصد رفع الجنابة، ثم بعد ذلك أراد أن يكون هذا الغسل للجنابة، فالذين لا يشترطون النية يقولون: هذا الغسل يرفع عنه الجنابة، كمثل الثوب المتنجس فلا تشترط النية لإزالة النجاسة عنه.

[ كاختلافهم في الوضوء، فذهب مالك و الشافعي و أحمد و أبو ثور و داود وأصحابه إلى أن النية من شروطها.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه و الثوري إلى أنها تجزئ بغير نية كالحال في الوضوء عندهم ].

قال المصنف رحمه الله: [ وسبب اختلافهم في الطهر هو بعينه سبب اختلافهم في الوضوء، وقد تقدم ذلك ]، وهو أن العبادة تنقسم إلى قسمين: عبادة معقولة المعنى، وعبادة غير معقولة المعنى. فالعبادة المعقولة المعنى لا يشترط لها النية، والعبادة غير معقولة المعنى يشترط لها النية.

والأئمة الثلاثة قالوا: أنها عبادة غير معقولة المعنى.

فتبين أن الاختلاف هو في تردد الوضوء والغسل بين أن يكونا عبادة معقولة المعنى أو عبادة غير معقولة المعنى، بمعنى آخر هل هما يشبهان غسل النجاسات، أم يشبهان العبادات كالصلاة وغيرها.

فالجمهور على أنهما يشبهان العبادات فتجب فيهما النية، وأما أبو حنيفة فرأى أنهما أقرب إلى معنى غسل النجاسة فلم يشترط لهما النية.

والراجح من هذا هو قول الجمهور؛ لأن الحدث أمر معنوي، وقد تعبدنا الله بغسل أعضاء معينة، فهما أي: الوضوء والغسل أقرب إلى أنهما غير معقولي المعنى فتجب النية فيهما.

قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الثالثة: اختلفوا في المضمضة والاستنشاق في هذه الطهارة أيضاً، كاختلافهم فيهما في الوضوء، أعني: هل هما واجبان فيها أم لا؟ ].

أقوال العلماء في المضمضة والاستنشاق في الغسل

قال رحمه الله: [ فذهب قوم إلى أنهما غير واجبين فيها، وذهب قوم إلى وجوبهما، وممن ذهب إلى عدم وجوبهما مالك و الشافعي ، وممن ذهب إلى وجوبهما أبو حنيفة وأصحابه ]، و كذا الإمام أحمد .

إلا أن أبا حنيفة لم يوجب المضمضة والاستنشاق في الوضوء، وأوجبها في الغسل؛ والسبب في هذا أن الطهارة بالغسل أبلغ من طهارة الوضوء، فأوجبوا المضمضة والاستنشاق في الغسل ولم يوجبوهما في الوضوء، وأما أحمد فقد أوجب المضمضة والاستنشاق في الوضوء وفي الغسل.

سبب اختلاف العلماء في اشتراط المضمضة والاستنشاق في الغسل

قال المصنف رحمه الله: [ وسبب اختلافهم: معارضة ظاهر حديث أم سلمة للأحاديث التي نقلت من صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم في طهره، وذلك أن الأحاديث التي نقلت من صفة وضوئه في الطهر فيها المضمضة والاستنشاق، وحديث أم سلمة ليس فيه أمر لا بمضمضة ولا باستنشاق ]، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاثاً، ثم تفيضي الماء على جسدك )، فليس فيه أمر لا بالمضمضة ولا بالاستنشاق، وأما حديث عائشة ففيه: (أنه تمضمض واستنشق وتوضأ وضوؤه للصلاة)، فحديث عائشة هذا يعارض حديث أم سلمة السابق.

[ فمن جعل حديث عائشة و ميمونة مفسراً لمجمل حديث أم سلمة ]، أي: أن حديث أم سلمة مجمل، وحديث عائشة و ميمونة مفسر لهذا المجمل، وكذلك مفسر [ لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، أوجب المضمضة والاستنشاق.

ومن جعله معارضاً جمع بينهما: بأن حمل حديثي عائشة و ميمونة على الندب، وحديث أم سلمة على الوجوب ]، يعني: المضمضة والاستنشاق مستحبة، وحديث أم سلمة إفاضة الماء على الرأس وعلى سائر البدن يكون واجباً.

ونحن نقول: الراجح في المضمضة والاستنشاق هو ما رجحناه في باب الوضوء صفحة ثمانية وثلاثين.


استمع المزيد من الشيخ محمد يوسف حربة - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الزكاة [9] 2958 استماع
كتاب الزكاة [1] 2914 استماع
كتاب الطهارة [15] 2907 استماع
كتاب الطهارة [3] 2620 استماع
كتاب الصلاة [33] 2568 استماع
كتاب الصلاة [29] 2418 استماع
كتاب الطهارة [6] 2398 استماع
كتاب أحكام الميت [3] 2391 استماع
كتاب الطهارة [2] 2367 استماع
كتاب الصلاة [1] 2330 استماع