لباب النقول في أسباب النزول [3]


الحلقة مفرغة

تقدم معنا الكلام في أنه إذا روي أكثر من رواية حول سبب نزول آية واحدة من كتاب الله فهذا الأمر لا يخلو من إحدى حالات أربع:

الحالة الأولى: أن تكون إحدى الروايتين صحيحة والأخرى ليست كذلك، ومثال هذا سبب نزول قول الله عز وجل: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى[الضحى:3]، فهناك رواية صحيحة بأن امرأة من شياطين قريش -وهي العوراء أم جميل - قالت: يا محمد! ما أرى شيطانك إلا قد ودعك. فأنزل الله هذه الآية.

وهناك رواية عند الإمام الطبراني في قصة دخول الجرو وموته تحت سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أننا لو أثبتنا هذه الرواية لا يكون هناك تعارض.

الحالة الثانية: أن تكون الروايتان صحيحتين، ولكن يمكن الترجيح بينهما، كحديث ابن مسعود رضي الله عنه في قصة مرور النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من اليهود وسؤالهم إياه عن الروح، ورواية ابن عباس أن السائلين هم المشركون، وأنهم سألوا بإيعاز من اليهود.

فنقدم الرواية الأولى؛ لأن ابن مسعود أقدم إسلاماً من ابن عباس ، ويحمل ذلك على أنه قد رأى هذه الحادثة، أما ابن عباس رضي الله عنه فقد رويت له رواية.

الحالة الثالثة: أن تكون الروايتان صحيحتين، ولكن لا يمكن الترجيح بينهما، ويمكن أن تكون الآية قد نزلت فيهما، ومثال ذلك آيات اللعان، فقد قيل: إن سبب نزولها أن هلال بن أمية الواقفي رمى زوجته بـشريك بن سحماء ، وقيل: بل الرامي هو عويمر العجلاني ، والروايتان صحيحتان، فنقول: لا تعارض، وتحمل الروايتان على أن الرمي حصل من هذا ومن هذا؛ فنزلت الآيات فيهما.

الحالة الرابعة: استواء الروايتين -أو الروايات- في الصحة وعدم إمكان الترجيح بينهما، وعدم إمكان القول بأن الآية قد نزلت فيهما، ومثاله قول الله عز وجل: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ[النحل:126]، قيل: نزلت عقيب أحد، وقيل: نزلت يوم الفتح، وما بين أحد والفتح خمس سنوات، ولذلك لا سبيل إلى القول بأن الآية قد نزلت في الأمرين جميعاً، إلا أن يحمل ذلك على تعدد أو تكرر النزول، أي أنها نزلت مرة بعد مرة.

إن موضوع عموم اللفظ وخصوص السبب أشبه بعلم الأصول أكثر من شبهه بعلوم القرآن، فقد اعتنى به الأصوليون في مبحث العام والخاص.

وإذا كان هناك أربع حالات أو أربع صور في تعدد الروايات في سبب النزول، فإن لقضية عموم اللفظ وخصوص السبب أربع صور أيضاً:

الصورة الأولى: أن يكون كل من السبب واللفظ النازل عليه خاصاً.

الصورة الثانية: أن يكون كل من السبب واللفظ المنزل عليه عاماً.

وهاتان الصورتان لا خلاف فيهما بين أهل العلم.

الصورة الثالثة: أن يكون السبب عاماً واللفظ النازل عليه خاصاً.

الصورة الرابعة: أن يكون السبب خاصاً واللفظ النازل عليه عاماً، فهاتان الصورتان محل خلاف بين أهل العلم، والذي عليه جمهور العلماء أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

مثال عموم اللفظ وخصوص السبب

مثال كون اللفظ عاماً والسبب خاصاً أن إحدى النساء جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -واسمها خولة بنت ثعلبة - تشكي زوجها فقالت: يا رسول الله! كان صدري له سقاء، وبطني له وعاء، وحجري له حواء، حتى إذا كبر سني ورق عظمي ظاهر مني، إلى الله أشكو.

فقولها: (كان صدري له سقاء) أي: يسقي أولاده، (وكان بطني له وعاء) أي: حاملة لأولاده، (وكان حجري له حواء) أي يضم أولاده.

وكان من عادة أهل الجاهلية أن الواحد منهم إذا غضب من امرأته يقول لها: أنت علي كظهر أمي. يعني: أنت حرام علي كحرمة أمي. فتبقى المسكينة معلقة إلى أن يرضى الزوج فيرجع إليها.

فزوجها أوس بن الصامت رضي الله عنه كان فيه حدة، فحصل بينهما كلام فقال لها: أنت علي كظهر أمي. فجاءت تشكو، ومما قالت في شكواها: وعندي منه أولاد إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا. وهذه قسمة معروفة فعلاً، فالأم لو أخذت الأبناء فمن أين ستؤكلهم؟ ولو أبقتهم لصاحبها سيتزوج ويأتي لهم بشيطانة تعكر عليهم صفوهم.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ساكتاً والمرأة تلح في السؤال، والسيدة عائشة رضي الله عنها كانت جالسة في ناحية من البيت، وكانت بعد ذلك تقول: سبحان من وسع سمعه الأصوات! إني لأسمع حديثها ويخفى علي بعضه، فسمعها الله من فوق سبع سماوات وأنزل: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ[المجادلة:1] إلى أن بين الكفارة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[المجادلة:3]، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا[المجادلة:4]، وهذه مشكلة تحصل اليوم كثيراً، فبعض الرجال ممن لا عقول لهم إذا حصل بين الواحد منهم وبين المرأة خلاف في لقيمات أو في شيء تافه قال لها: أنت حرام علي مثل أمي، وهذا ذنب وإثم؛ لأن الله تعالى قال: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا[المجادلة:2]، فكيف تصير امرأتك أمك؟! وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ[الأحزاب:4] إلا أن يقصد أنه في الاحترام يعاملها مثل أمه فهذا أمر آخر، أما أن الزوجة تحرم عليك كحرمة أمك فهذا زور، ومن قال ذلك فهو آثم تلزمه الكفارة، وليس له أن يعتبر ذلك أمراً عادياً إذا ذهب غضبه، بل عليه ألا يقربها إلا بعد عتق رقبة، والآن ليس هناك رقاب، فيبقى الصيام، ولكن الواقع أن كثيراً من الناس لا يلتزمون بهذا، فتجد أحدهم يرمي الكلمة ثم يقول: لقد اتفقنا!

فهذه الآيات عند كثير من المسلمين حبر على ورق لا يفكر فيها إلا القليل منهم.

فالسبب في هذه القصة خاص برجل معروف اسمه أوس بن الصامت وامرأة معروفة اسمها خولة بنت ثعلبة ، لكن اللفظ عام؛ لأن ربنا قال: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا[المجادلة:3] ولفظ (الذين) من ألفاظ العموم، لذلك قال العلماء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

مثال خصوص اللفظ وخصوص السبب

وأما كون السبب خاصاً واللفظ خاصاً فمثاله أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان جالساً في المسجد فجاءت امرأة فقالت: يا رسول الله! إني وهبت لك نفسي. فهذه المرأة الصالحة الطيبة الفاضلة رضي الله عنها كانت تفكر في مستقبلها في الآخرة، فهي تعرف أنها لو تزوجت بالرسول صلى الله عليه وسلم فلن يسكنها في قصر، بل في حجرة من طين، وستمر عليها الأيام لا يوجد فيها سوى تمر وماء، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمر عليه الهلال والهلال والهلال ولا يوقد في بيته نار، وليس لهم طعام إلا الأسودان: التمر والماء.

فهذه المرأة قالت: (وهبت لك نفسي) من أجل أن تكون من بعد زوجته في الجنة، فهي في الدنيا ستعيش سنين في الشظف، ثم بعد ذلك ستنتقل إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فلما قالت ذلك صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر فيها وصوبه، ثم سكت عليه الصلاة والسلام، يقول الصحابة: (حتى أشفقنا عليها من طول القيام)، فوجد أحد الصحابة فرصة عظيمة، وعرف أن هذه المرأة صالحة ولن تكلفه كثيراً؛ لأن التي تأتي وتهب نفسها لا تريد دنيا، فقال: يا رسول الله! زوجنيها. فقال عليه الصلاة والسلام: (ابذل لها شيئاً) أي: ادفع لها مهراً، فمشى ثم رجع فقال: يا رسول الله! ما عندي إلا إزاري، فقال: (وما تصنع بإزارك؟! اذهب فالتمس ولو خاتماً من حديد) فذهب ثم جاء فقال: ما وجدت شيئاً، فقال عليه الصلاة والسلام: (هل معك شيء من القرآن؟ فقال: نعم معي كذا وكذا وكذا، حتى عد عشرين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن)، فأنزل الله عز وجل: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ[الأحزاب:50].

مثال آخر لخصوص اللفظ وخصوص السبب

ومثال ذلك أيضاً أنه لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش ودعا الصحابة إلى الطعام ثم أكلوا من الطعام، ثم مكثوا يتحدثون، كانت الحجرة ضيقة، وكانت زينب رضي الله عنها قد جعلت وجهها للحائط، فقال أحد الصحابة: إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم نكحت بعده عائشة .

فلو أن هذا الرجل في بيتك وقال هذا الكلام وبلغ سمعك فماذا أنت صانع؟! لعله لا يخرج من بيتك حياً، مع أن الذي قيل في بيته هذا الكلام هو سيد البشر صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك ما تغير صلى الله عليه وسلم تجاه هذا الصحابي، ولا قال شيئاً، وأنزل الله سبحانه: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا[الأحزاب:53]، فهنا السبب خاص واللفظ خاص، فهذه حالة خاصة، وإلا فإن غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لو مات جاز أن تتزوج امرأته من بعده.

مثال خصوص السبب وعموم اللفظ

وأما كون السبب خاصاً واللفظ عاماً فمثاله قول الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ[النساء:51-52]، فهذه الآية سبب نزولها أن جماعة من المشركين جاءوا إلى اليهود، فبدأ اليهود يحرضونهم على حرب الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالوا لهم: يا معشر اليهود! أنتم أهل العلم بالكتاب الأول، نسألكم بالله: أديننا خير أم دين محمد؟ واليهود كانوا يعرفون أن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويسجدون لها ويطوفون حولها، فالمسألة لا تريد اجتهاداً، لكن اليهود على عادتهم في التحريف قالوا لهم: وما دينكم؟ فقالوا: نحن ننحر الكوماء، -والكوماء الناقة الكبيرة- في الشتاء، ونطعم الحاج، ونقري الضيف. فقال لهم اليهود: لا والله، دينكم خير من دين محمد. فهنا سبب خاص، ونزلت الآية عامة في الذين أوتوا نصيباً من الكتاب، وحكم الله عليهم باللعنة فقال: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا[النساء:52].

وقد رجح السبكي تقي الدين رحمه الله تعالى في جمع الجوامع أن هذه مرتبة متوسطة، فهي دون السبب وفوق التجرد.

مثال كون اللفظ عاماً والسبب خاصاً أن إحدى النساء جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -واسمها خولة بنت ثعلبة - تشكي زوجها فقالت: يا رسول الله! كان صدري له سقاء، وبطني له وعاء، وحجري له حواء، حتى إذا كبر سني ورق عظمي ظاهر مني، إلى الله أشكو.

فقولها: (كان صدري له سقاء) أي: يسقي أولاده، (وكان بطني له وعاء) أي: حاملة لأولاده، (وكان حجري له حواء) أي يضم أولاده.

وكان من عادة أهل الجاهلية أن الواحد منهم إذا غضب من امرأته يقول لها: أنت علي كظهر أمي. يعني: أنت حرام علي كحرمة أمي. فتبقى المسكينة معلقة إلى أن يرضى الزوج فيرجع إليها.

فزوجها أوس بن الصامت رضي الله عنه كان فيه حدة، فحصل بينهما كلام فقال لها: أنت علي كظهر أمي. فجاءت تشكو، ومما قالت في شكواها: وعندي منه أولاد إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا. وهذه قسمة معروفة فعلاً، فالأم لو أخذت الأبناء فمن أين ستؤكلهم؟ ولو أبقتهم لصاحبها سيتزوج ويأتي لهم بشيطانة تعكر عليهم صفوهم.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ساكتاً والمرأة تلح في السؤال، والسيدة عائشة رضي الله عنها كانت جالسة في ناحية من البيت، وكانت بعد ذلك تقول: سبحان من وسع سمعه الأصوات! إني لأسمع حديثها ويخفى علي بعضه، فسمعها الله من فوق سبع سماوات وأنزل: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ[المجادلة:1] إلى أن بين الكفارة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[المجادلة:3]، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا[المجادلة:4]، وهذه مشكلة تحصل اليوم كثيراً، فبعض الرجال ممن لا عقول لهم إذا حصل بين الواحد منهم وبين المرأة خلاف في لقيمات أو في شيء تافه قال لها: أنت حرام علي مثل أمي، وهذا ذنب وإثم؛ لأن الله تعالى قال: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا[المجادلة:2]، فكيف تصير امرأتك أمك؟! وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ[الأحزاب:4] إلا أن يقصد أنه في الاحترام يعاملها مثل أمه فهذا أمر آخر، أما أن الزوجة تحرم عليك كحرمة أمك فهذا زور، ومن قال ذلك فهو آثم تلزمه الكفارة، وليس له أن يعتبر ذلك أمراً عادياً إذا ذهب غضبه، بل عليه ألا يقربها إلا بعد عتق رقبة، والآن ليس هناك رقاب، فيبقى الصيام، ولكن الواقع أن كثيراً من الناس لا يلتزمون بهذا، فتجد أحدهم يرمي الكلمة ثم يقول: لقد اتفقنا!

فهذه الآيات عند كثير من المسلمين حبر على ورق لا يفكر فيها إلا القليل منهم.

فالسبب في هذه القصة خاص برجل معروف اسمه أوس بن الصامت وامرأة معروفة اسمها خولة بنت ثعلبة ، لكن اللفظ عام؛ لأن ربنا قال: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا[المجادلة:3] ولفظ (الذين) من ألفاظ العموم، لذلك قال العلماء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
لباب النقول في أسباب النزول [2] 2280 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [4] 2028 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [7] 1944 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [8] 1862 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [1] 1778 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [11] 1635 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [5] 1586 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [10] 1386 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [9] 1218 استماع
لباب النقول في أسباب النزول [6] 674 استماع