Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

لباب النقول في أسباب النزول [5]


الحلقة مفرغة

الآية السادسة والسبعون من سورة البقرة قول الله عز وجل: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ[البقرة:76].

سبب نزول هذه الآية كما أخرج ابن جرير عن مجاهد رحمه الله قال: (قام النبي صلى الله عليه وسلم تحت حصونهم يوم قريظة فقال: يا إخوان القردة، ويا إخوان الخنازير، ويا عبدة الطاغوت. فقالوا -أي: قال اليهود بعضهم لبعض-: من أخبر بهذا محمداً؟! ما خرج هذا إلا منكم، أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليكون لهم حجة عليكم).

فاليهود مسخ الله عز وجل طائفة منهم قردة؛ لأنهم مسخوا شرع الله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى حرم عليهم الصيد في يوم السبت؛ ثم ابتلاهم بأنه كان في يوم السبت تأتيهم حيتانهم شرعاً، أي: منع الصيد فكثرت الحيتان، وكانت ترفع رءوسها تتراءى لهم، ثم في يوم الأحد كانت هذه الحيتان تختفي، فاليهود ما صبروا طويلاً، بل لجئوا إلى الحيلة، فكما يخادعون البشر أرادوا أن يخدعوا رب العالمين جل جلاله، فكانوا يأتون بالشباك، ويأتون بالحبل الطويل الذي ربط فيه الطوق، ويربطون طرفه بوتد على الشاطئ، وفي يوم السبت الذي حرم فيه الصيد كانوا إذا جاءت الحيتان رموا هذا الطوق لأنه مربوط على الشاطئ، ثم إذا غربت شمس السبت جروه وسحبوه وهم يضحكون، ويقولون: ما صدنا يوم السبت، فلما مسخوا شرع الله مسخهم الله عز وجل قردة وخنازير، هذه القصة كان اليهود يخفونها، بحيث لم يعرفها أحد، والله عز وجل قد قال: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ[المائدة:15]، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما حصلت خيانة اليهود يوم قريظة، ومالئوا الكفار من قريش وتميم وغطفان، وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا[الأحزاب:25] رجع إلى بيته، فخلع لأمته ووضع سلاحه، فنزل عليه جبريل فقال له: يا محمد! أو قد وضعت السلاح؟! فقال: نعم، قال له: فإن الملائكة لم تضع أسلحتها، وإني ذاهب إلى قريظة فمزلزل بهم الأرض فاتبعني. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة) وخرج بنفسه عليه الصلاة والسلام، وأول ما وصل إلى حصونهم خاطبهم بهذا الكلام فقال: (يا إخوان القردة، يا إخوان الخنازير، يا عبدة الطاغوت) فهنا اليهود استغربوا، كيف عرف محمد صلى الله عليه وسلم هذه المعلومات الخطيرة، فقال بعضهم لبعض: ما خرج هذا إلا منكم، أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ[البقرة:76]، قال الله عز وجل: أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ[البقرة:77] وهل تخفى على الله خافية في الأرض أو في السماء؟!

الآية التاسعة والسبعون قول الله عز وجل: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا[البقرة:79].

أخرج النسائي عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في أهل الكتاب. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: نزلت في أحبار اليهود؛ وجدوا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوبة في التوراة: أكحل، أعين، ربعة، جعد الشعر، حسن الوجه. كما قال الله عز وجل: الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ[الأعراف:157]، وقال: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ[البقرة:146] وجدوا صفته في التوراة عليه الصلاة والسلام بأنه أكحل، أي: يبدو وكأن عينيه قد كحلتا بينما هو لم يكحلهما، وبعض الناس إلى الآن تجده بهذه الصفة، بحيث يبدو وكأن في عينيه كحلاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان أكحل، أعين، أي: واسع العينين، وكان ربعة، أي: ليس بالطويل ولا بالقصير، وكان جعد الشعر، أي: ما كان صلى الله عليه وسلم سبط الشعر، فبعض الناس شعره ناعم، بحيث لو سجد ينزل شعره، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما كان هكذا، ما كان شعره سبطاً، ولا كان شديد الجعودة، وإنما كان شعره صلى الله عليه وسلم ناعماً لكن دون أن يكون سبطاً، وكان حسن الوجه، فاليهود وجدوا هذه الصفات منطبقة على الرسول صلى الله عليه وسلم، فمسحوها وغيروها، وقالوا: نجده طويلاً، أزرق، سبط الشعر. وذلك لكي لا تنطبق على النبي صلى الله عليه وسلم بحال من الأحوال، فالله عز وجل قال: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ[البقرة:79]، وفي آل عمران قال: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ومَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ[آل عمران:78].

الآية الثمانون قول الله عز وجل: وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً[آل عمران:80] فاليهود أصحاب تناقض، فمرة قالوا: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ[المائدة:18] وفي مرة أخرى قالوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا[البقرة:111]، وهنا قالوا: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً[البقرة:80] وهذه من المعلومات المغلوطة المكذوبة.

وقد أخرج الطبراني و ابن جرير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود يقولون: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الله الناس بكل ألف يوماً)، وهذا كله كذب، فمن أين لهم أن الدنيا سبعة آلاف سنة والله تعالى يقول: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي[الأعراف:187]؟! فاليهود قالوا: مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الله الناس بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً من أيام الآخرة، فإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب. كما قال سبحانه في سورة آل عمران عنهم: وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَات[آل عمران:80] فهذه هي دعوى اليهود قاتلهم الله.

الآية التاسعة والثمانون: قول الله عز وجل: وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا[البقرة:89].

سبب نزول هذه الآية أن اليهود حاربت غطفان، فقهرتهم غطفان، فقالت اليهود في تلك المعركة: اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم. وكانوا كذلك يستفتحون على الأوس والخزرج، يقولون لهم: إن نبياً قد أظل زمانه نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم. ولما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الأنصار بعضهم لبعض: إنه النبي الذي تتوعدكم به يهود، فأسلم الأوس والخزرج وكفر اليهود، وقد قال معاذ بن جبل و بشر بن البراء : يا معشر يهود! اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك، وتخبروننا أنه مبعوث، وتصفونه لنا بصفته! فقال لهم سلام بن مشكم أحد أحبار اليهود: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم.

وهكذا اليهود يلعبون بدين الله عز وجل.

الآية الرابعة والتسعون قول الله عز وجل مخاطباً اليهود: قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ[البقرة:94].

أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً، فأنزل الله هذه الآية، أي إن كنتم صادقين في أن الجنة خالصة لكم ومحرمة على غيركم فتمنوا الموت.

والآن لو أن الواحد منا يضمن أنه إن مات فسيدخل الجنة فهل ستبقى له إرادة في الدنيا؟! لا؛ لأنه لا يوجد ضمان، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت)؛ لأنك لا تعرف، ولذلك تجد بعض الجهال إذا ضاقت به الدنيا يقول: يا رب! أرحني بالموت! وما أدراك أنه سيريحك؟ ربما إذا مت يكون ذلك بداية العذاب والنكال، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما خير بين الخلد في الدنيا وبين لقاء الله اختار لقاء الله عليه الصلاة والسلام.

فاليهود قال الله عز وجل لهم: إن كنتم صادقين فتمنوا الموت الآن، قال الله عز وجل: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ[البقرة:95]؛ لأنهم يعرفون أن صحيفتهم سوداء ملطخة بالعار والشنار، لذلك لن يتمنوا الموت، وهذا من تحدي القرآن، وقد كان يمكن اليهود أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقولون له: يا محمد! قد زعمت أن الله أنزل عليك أننا لن نتمنى الموت، وها نحن نتمناه -ويرفعون أيديهم-: اللهم إنا نسألك أن تميتنا الآن.

فلو أن القرآن كان من عند غير الله لكان يمكن اليهود أن يفعلوا ذلك، لكن القرآن كلام الله، فلذلك ما جاءوا، قال الله عز وجل: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا )) يعني: ليس الآن فقط، بل الآن وغداً وبعد ألف سنة، وقد قال الله تعالى عنهم: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ[البقرة:96] قالوا: ليس المقصود الألف بعددها، وإنما المقصود التكثير، وإلا فإن الواحد منهم يتمنى لو يعمر عشرة آلاف سنة وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ[البقرة:96].

الآية السابعة والتسعون: قول الله عز وجل: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ[البقرة:97].

سبب نزول هذه الآية ما رواه الإمام أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه (أن بعض أحبار اليهود جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا له: يا محمد! نسألك عن أربع خصال فإن أجبتنا فأنت نبي)، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جرب فيما مضى أن أجابهم ثم جحدوا، (فقال لهم: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى إن أنا أجبتكم لتؤمنن بي ولتتابعنني على ديني؟! فأعطوه عهد الله وميثاقه، فقال: سلوا عما بدا لكم، فقالوا له: ما كان الطعام الذي حرمه إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا عن ماء الرجل وماء المرأة، فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق، فقال لهم: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن نبي الله يعقوب عليه السلام كان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها، فمرض فنذر لئن عافاه الله ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه على نفسه؟! قالوا: بلى. قال: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر؟! قالوا: بلى.

قال: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أنه إذا سبق ماء الرجل أذكر بإذن الله، وإذا سبق ماء المرأة آنث بإذن الله؟ قالوا: بلى.

فقالوا له: أخبرنا: من وليك من الملائكة، فعندها نجامعك أو نفارقك؟ فقال: إن وليي جبريل ، فقالوا: جبريل ذاك عدونا، لو كان غيره لاتبعناك)، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ[البقرة:97-98]، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بعث الله نبياً إلا وهو وليه) فأي نبي من الأنبياء جبريل وليه عليه صلاة الله وسلامه.