ديوان الإفتاء [759]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخوتي وأخواتي! أسعد الله أوقاتكم بالخيرات والمسرات، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، نسأل الله عز وجل أن يجعلها نافعةً مفيدة، وأن يوفقكم لحسن السؤال، وأن يلهمني سداد الجواب، وأذكركم بأن هاتف البرنامج هو 010083434688، 010083437988، وأذكركم بأن يوم الأحد إن شاء الله سيكون هو اليوم العاشر من المحرم، وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه، وقال: (أحتسب على الله في صيام يوم عاشوراء أن يكفر ذنوب سنة ماضية)، فاحرصوا بارك الله فيكم على صيامه، وحبذا لو ضممتم إليه اليوم التاسع لتصيبوا السنة، وأسأل الله أن يتقبل منا أجمعين.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: نرجو تفسير قوله تعالى: السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا[الأنبياء:30]؟

السؤال الثاني: ما هو تفسير قوله تعالى: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ[هود:7]؟

السؤال الثالث: ما هو تفسير حديث: (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة

المتصل: أريد أن أعرف فضل صلاة التسابيح؟

الشيخ: طيب، إن شاء الله، شكراً جزيلاً.

المتصل: إذا لامس الإنسان جسد زوجته، وخرج شيء من ذكره، هل يغتسل للجنابة أم يتطهر طهارة عادية؟

الشيخ: طيب، شكراً.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: ما هو تفسير قوله تعالى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78].

السؤال الثاني: ما هو تفسير قوله تعالى: انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ [المرسلات:30-31].

السؤال الثالث: سألتك مرة عن سكرات الموت وأجبتني أفادك الله، فتملكني رعب شديد، وطار النوم من عيني وأصبحت كالعصفورة في الزيت؟

الشيخ: طيب، نعم.

السؤال: أخونا صلاح الدين من العُشرة يسأل عن تفسير قول الله عز وجل: أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ * وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ[الأنبياء:30-35].

الجواب: واضح من السياق أن الله عز وجل ذكر جملةً من الآيات الكونية الدالة على قدرته جل جلاله، وحال المشركين الذين جعلوا مع الله إلهاً آخر، فبين لهم ربنا سبحانه أن السموات والأرض كانتا رتقاً، أي: كتلةً واحدة، يقال: الرتق، أو الشيء المرتوق، أي: الذي لم تنفصل أجزاؤه، ثم بعد ذلك هو بقدرته سبحانه وتعالى فتقهما فجعل هذه سموات علوية، وجعل هذه أرضاً سفلية، وجعل السموات سبعاً، ومن الأرض مثلهن بقدرته جل جلاله.

فمعنى الآية: أن السموات والأرض كانتا كتلةً واحدة، ثم الله جل جلاله بقدرته فتقهما، وجعل كل واحدة في ناحية، والعلم عند الله تعالى.

الشيخ: وأما قوله سبحانه: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ[هود:7]، هذه في صدر سورة هود: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ [هود:7]، الله عز وجل يذكر بأنه في بدء الخلق خلق السموات والأرض في ستة أيام، وهذا المعنى تكرر في آيات كثيرة، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ[هود:7]، كان عرش الرحمن جل جلاله على الماء، هكذا نفهم الآية على ظاهرها، ولا نتأولها.

الشيخ: وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرب الكعبة ذو السويقتين)، فالسويقتان: مثنى سويقة، وهي تصغير الساق، فقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن هذا الرجل الذي سيخرب الكعبة من الحبشة، وساقاه دقيقتان رفيعتان، وأنه يقلعها حجراً حجراً، قال صلى الله عليه وسلم: (كأني أنظر إليه يضربها بمعوله يقلعها حجراً حجراً)، وهذا في آخر الزمان حين يرفع القرآن، ويفنى الأخيار، وتخرب الكعبة، وينهب كنزها، فهذا كله سيكون في آخر الزمان، ونسأل الله أن يتوفانا على الإسلام.

الشيخ: وأما ما سألت عنه زوجة أخينا صلاح من فضل صلاة التسابيح، ففي حديث العباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: (يا عماه! ألا أعطيك، ألا أحبوك، ألا أمنحك), وعلمه صلاة التسابيح، وأمره بأن يصليها في كل يوم مرة، أو في كل جمعة مرة، أو في كل شهر مرة، أو في كل حول مرة، أو في العمر مرة، وكفى بهذا فضلاً، والحديث مختلف فيه يثبت أو لا يثبت، لكن لا حرج على من عمل به وصلاها.

السؤال: متوكل من السوكي يسأل عن إنسان لمس جسد امرأته وخرج منه شيء فهل يغتسل للجنابة أم لا؟

الجواب: إذا كان الخارج مذياً فإنه لا يلزمه إلا أن يغسل المكان ويتوضأ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي بن أبي طالب : (اغسل ذكرك وتوضأ).

وأما إذا كان الخارج منياً وهو الماء الدافق الذي يكون منه الولد، فإنه يلزم منه غسل الجسد كله.

السؤال: أختنا بثينة تسأل عن معنى قول ربنا جل جلاله: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً[الإسراء:78]؟

الجواب: (قرآن) هنا المراد به الصلاة، قال أهل التفسير: قد نبه ربنا جل جلاله في هذه الآية على مواقيت الصلوات الخمس، فقال: أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً[الإسراء:78]، أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ[الإسراء:78]، أي: زوالها وميلها، فيدخل في ذلك الظهر والعصر؛ لأن وقتهما مرتبط بحركة الشمس, إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ[الإسراء:78]، يدخل في ذلك المغرب والعشاء، فالمغرب لا يكون إلا إذا بان الليل وأقبل، والعشاء لا يكون إلا إذا اشتد ظلامه بمغيب الشفق الأحمر، ثم قال سبحانه: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ))، أي: صلاة الفجر، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً[الإسراء:78]، ينبه ربنا جل جلاله على فضل صلاة الصبح التي تأتي وسطاً بين الليل والنهار، ولا تقصر بسفر ولا حضر، ولا يحافظ عليها إلا مؤمن، ومن صلاها فهو في ذمة الله، هذه الصلاة المباركة التي هي ثقيلة على المنافقين، فحري بالمسلم أن يحافظ عليها، وأن يسعى إليها.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: شهر الله المحرم هل فيه صيام؟ وكم الأيام التي تصام من هذا الشهر؟

السؤال الثاني: أنا أخرج محتشمة، والحمد لله أنا عاملة، لكن عند ركوبي في المواصلات أكون مضطرة أن أجلس بجانب رجل مرات، ويكون جسده يلامس جسدي، فأكون متألمة جداً من هذا الأمر، فما الحكم؟

السؤال: أختنا بثينة تسأل: عن معنى قول ربنا جل جلاله: ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ[المرسلات:30]؟

الجواب: هذه الآية جاءت في سياق الوعيد للكفار، ومن لف لفهم من الفجار والمشركين، يقول الله عز وجل حاكياً عما يكون في يوم القيامة: هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ[المرسلات:35-36]، هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ * فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ[المرسلات:38-40].

قبلها قال لهم: انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ[المرسلات:29].

كانوا يكذبون بالنار، أبو جهل ومن كان مثله كانوا يقولون: يعدنا محمد إن نحن اتبعناه بجنان كجنان الأردن، ويتوعدنا إن نحن خالفناه بنار تلظى، ويسخرون من هذا الكلام ويضحكون، فالله عز وجل بين أنه يوم القيامة يقال لهم: انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ[المرسلات:29]، مثلما قال في آية أخرى: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ[الطور:14]، اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ[الطور:16].

انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ[المرسلات:29-30]، يعني: أهل النار يسخر منهم والعياذ بالله، يخيل إليهم بأن هناك ظلاً يستظلون به من حر النار، وهذا الظل له ثلاث شعب، ثم يبين ربنا جل جلاله أنه لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنْ اللَّهَبِ[المرسلات:31] ليس ظلاً، مثلما أنهم إذا استغاثوا فإنهم يغاثون بِمَاءٍ كَالمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا [الكهف:29], وإذا طلبوا ماءً فالواحد منهم َيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ [إبراهيم:16-17].

فأهل النار والعياذ بالله لا يجدون ماءً يروي ظمأهم، ولا طعاماً يدفع جوعهم، ولا ظلاً يمنع عنهم حر النار، هذا كله سراب يطلبونه في النار ولا يجدونه.

المتصل: عندي سؤالان.

السؤال الأول: هل يجوز تأخير الصلاة لمدة لا تزيد عن الدقيقتين حتى يحضر الإمام؟

السؤال الثاني: حدثنا عن سجود السهو بصورة عامة؟

الشيخ: طيب، شكراً.

المتصل: عندي سؤالان يا شيخ!

السؤال الأول: عندنا شيخ في الحي الخاص بنا، يؤمنا في المسجد، ولكنه يتعامل مع الجن ويفتح الكتاب، فهل تجوز الصلاة خلفه؟

السؤال الثاني: إذا قام الإمام من الركوع، فقال: ربنا ولك الحمد بدلاً من سمع الله لمن حمده خطأ، فهل يجب عليه السجود للسهو؟

الشيخ: بالنسبة لسؤال محمد هذا الأخير، الإمام بدلاً من أن يقول: سمع الله لمن حمده سها فقال: ربنا لك الحمد، أو قال: ربنا ولك الحمد، فأقول له: ليس عليه سجود سهو، فهذه يسمونها سنةً خفيفة، كتسبيحة، وتحميدة، يعني: من نسي التسبيح في الركوع، أو نسي سمع الله لمن حمده التي يسمونها التسميعة، أو نسي ربنا ولك الحمد التي يسمونها التحميدة، هذه كلها سنن خفيفة لا توجب سجوداً للسهو.

الشيخ: أما أختنا بثينة تقول: بأن سكرات الموت أطارت النوم من عينها، فأقول لها: أسأل الله عز وجل أن يهون علينا جميعاً سكرات الموت، وأن يختم لنا بالحسنى، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، ويا أختاه! أكثري من قراءة القرآن، أكثري من ذكر الله، أكثري من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثري من الاستغفار، إن شاء الله يهون الله عليك سكرات الموت، وتنزل عليك ملائكة من السماء بيض الوجوه، وتقول لك: نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ[فصلت:31]، بعدما يقولون لك: أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ[فصلت:30]، فالإنسان يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه، الإنسان الذي عاش على الذكر والقرآن، وعاش على الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحلق العلم، ومجالس الذكر، وقول الخير، والسعي في مصالح المسلمين، فالله عز وجل لا يضيعه، يموت كل امرئ على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2822 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2648 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2534 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2532 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2506 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2475 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2464 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2442 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2406 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2405 استماع