خطب ومحاضرات
ديوان الإفتاء [753]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، والبشير النذير، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فمرحباً بكم في حلقة جديدة في هذه الليلة المباركة، ليلة الجمعة التي يستحب فيها الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي بداية هذه الحلقة لا بد أن أذكر نفسي وإخوتي وأخواتي بفضيلة الصبر, هذه الفضيلة العظيمة التي نبلغ بها أعلى الجنان, فالصبر مطية للظفر، والصبر سبب لكل خير في الدنيا والآخرة، لولا صبر الزارع على زرعه ما حصد، ولولا صبر الغارس على غرسه ما جنى، ولولا صبر الطالب على ذل الطلب ما نجح، ولولا صبر الجندي في ميدان القتال ما انتصر، فالصبر مطية لكل خير.
بُعد الناس عن الصبر
والمتأمل في حياة الناس اليوم يجد بأن كثيرين قد تخلوا عن هذا الخلق العظيم، فتجد بعض الناس يريد أن يبلغ الغنى ولا يبالي أمن حلال أم من حرام، بل يسلك كل سبيل يوصله إلى تلك الغاية؛ لأنه لا يصبر على الطريق، وتجد كذلك بعض صغار طلبة العلم يتصدر للتدريس، ويتصدى للفتيا قبل أن يتأهل، وتجد ناساً آخرين لا يصبرون في حياتهم الزوجية، بل يبادرون إلى الطلاق لأدنى سبب، فتجد المرأة تطالب بالطلاق كلما نشب خلاف، وتجد الرجل يبادر للحلف بالطلاق كلما تعسر عليه أمر, هؤلاء جميعاً لا بد أن أذكرهم بقول القائل:
لا يبلغ المجد إلا سيد فطن لما يشق على السادات فعال
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
لا بد من الصبر على مصائب الطريق في هذه الحياة، كما قال ربنا جل جلاله: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4], وفي هذه الدنيا الإنسان معرض إلى تقلبات، فهو بين عسر ويسر، وشدة ورخاء، وغنى وفقر، وصحة وسقم، وإقدام وإحجام.
وجوب الصبر عند نزول المكروه
والواجب عليه أن يتحلى بالصبر عند نزول ما يكره، إذا نزل به ما يكره فإنه يصبر لقضاء الله عز وجل وقدره ويحتسب، قد يتسلط عليك ظالم، قد يبتليك الله بجبار، قد تبتلى المرأة بزوج لا يتقي الله فيها، أو يبتلى الرجل بزوجة لا تراعي الله فيه، وقد يبتلى الأولاد بأب فيه شيء من الظلم، وفيه شيء من الجور، وقد يبتلى الأب بولد فيه شيء من التقصير.
صبر الأنبياء عليهم السلام
والمطلوب منا في هذا كله أن نصبر, فالصبر هو خلق الأنبياء، وقد أثنى ربنا جل جلاله على نبيه أيوب عليه السلام فقال: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44], وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لما قال له من ساء أدبه: ( يا محمد! اتق الله واعدل، فإنما هذه قسمة ما أريد بها وجه الله, مسح صلى الله عليه وسلم على وجهه ثم قال: يرحم الله موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ), وكذلك نبي الله نوح عليه السلام، صبر في دعوة قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم ليلاً ونهاراً، جهراً وإسراراً، ويذكرهم بالله عز وجل، وفي نهاية الأمر ما آمن معه إلا قليل، وموسى عليه السلام صبر على فرعون، وصبر على أذى قومه، و أيوب عليه السلام صبر على ما ابتلاه الله به في جسده، وهكذا الأنبياء والصالحون يصبرون على ما أصابهم وعلى ما ينزل بهم.
الدنيا دار بلاء
ففي هذه الدنيا الإنسان قد يبتلى بفقد الولد، وقد يبتلى بالداء في الجسد، وقد يبتلى بغلاء الأسعار، وقد يبتلى بندرة السلع، وقد يبتلى بالفقر وقلة ما في يده، وقد يبتلى.. وقد يبتلى، قال الله عز وجل: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157], وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء أوسع ولا أفضل ولا خيراً من الصبر).
أجر الصابرين
قال ربنا جل جلاله: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] بغير حساب، كل عمل نجد له أجراً حدده الشرع، وبينه القرآن أو السنة، لكن في الصبر قال الله عز وجل: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] وهناك لما كان الصوم نصف الصبر أيضاً قال الله عز وجل: ( إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ).
والمتأمل في حياة الناس اليوم يجد بأن كثيرين قد تخلوا عن هذا الخلق العظيم، فتجد بعض الناس يريد أن يبلغ الغنى ولا يبالي أمن حلال أم من حرام، بل يسلك كل سبيل يوصله إلى تلك الغاية؛ لأنه لا يصبر على الطريق، وتجد كذلك بعض صغار طلبة العلم يتصدر للتدريس، ويتصدى للفتيا قبل أن يتأهل، وتجد ناساً آخرين لا يصبرون في حياتهم الزوجية، بل يبادرون إلى الطلاق لأدنى سبب، فتجد المرأة تطالب بالطلاق كلما نشب خلاف، وتجد الرجل يبادر للحلف بالطلاق كلما تعسر عليه أمر, هؤلاء جميعاً لا بد أن أذكرهم بقول القائل:
لا يبلغ المجد إلا سيد فطن لما يشق على السادات فعال
لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
لا بد من الصبر على مصائب الطريق في هذه الحياة، كما قال ربنا جل جلاله: لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4], وفي هذه الدنيا الإنسان معرض إلى تقلبات، فهو بين عسر ويسر، وشدة ورخاء، وغنى وفقر، وصحة وسقم، وإقدام وإحجام.
والواجب عليه أن يتحلى بالصبر عند نزول ما يكره، إذا نزل به ما يكره فإنه يصبر لقضاء الله عز وجل وقدره ويحتسب، قد يتسلط عليك ظالم، قد يبتليك الله بجبار، قد تبتلى المرأة بزوج لا يتقي الله فيها، أو يبتلى الرجل بزوجة لا تراعي الله فيه، وقد يبتلى الأولاد بأب فيه شيء من الظلم، وفيه شيء من الجور، وقد يبتلى الأب بولد فيه شيء من التقصير.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
ديوان الإفتاء [485] | 2822 استماع |
ديوان الإفتاء [377] | 2648 استماع |
ديوان الإفتاء [277] | 2534 استماع |
ديوان الإفتاء [263] | 2532 استماع |
ديوان الإفتاء [767] | 2506 استماع |
ديوان الإفتاء [242] | 2475 استماع |
ديوان الإفتاء [519] | 2464 استماع |
ديوان الإفتاء [332] | 2442 استماع |
ديوان الإفتاء [550] | 2406 استماع |
ديوان الإفتاء [303] | 2405 استماع |