ديوان الإفتاء [750]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، ثم السلام عليكم ورحمة الله، إخوتي وأخواتي! أسأل الله أن يسددنا وأن يوفقنا وأن يختم لنا بالحسنى إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

وأذكركم في بداية هذه الحلقة بأن هذه الليلة هي ليلة الثامن عشر من ذي القعدة، وهذا الشهر المبارك هو من الأشهر الحرم المتتالية، ونحن مأمورون بأن نعظمه، كما قال ربنا جل جلاله: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ[التوبة:36]، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ( بأن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وبين أن الأشهر الحرم أربعة، منها ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم، وواحد فرد وهو رجب الذي بين جماد الآخرة وشعبان ).

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( صم من الحرم وأفطر، صم من الحرم وأفطر، صم من الحرم وأفطر )، فأحثكم على التماس الخير في هذا الشهر المبارك صياماً وقياماً وقرآناً.

وأيضاً: إخواننا وأخواتنا حجاج بيت الله الحرام بدءوا في التوجه إلى العرصات المقدسة، نسأل الله عز وجل أن يحفظهم في حلهم وترحالهم وأن يردهم سالمين غانمين، ووصيتي لإخواننا وأخواتنا الحجاج بأن يعنوا بطلب العلم وأن يتعرفوا على المناسك، وأن يحرصوا على الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، فإن الحج ثوابه عند الله عظيم.

وقد ثبت عن نبينا الكريم عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم أنه قال: ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )، والحج المبرور هو الذي يكون خالصاً لله عز وجل لا رياء فيه ولا سمعة، ويقتدي فيه الحاج برسول الله صلى الله عليه وسلم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وهو القائل: ( لتأخذوا عني مناسككم )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ).

فيا حجاج بيت الله! اعلموا أن الله عز وجل قد اختصكم بهذه المزية العظيمة، وأنتم تنوبون عن الأمة في إقامة هذه الفريضة فاقدروا لتلك البلاد قدرها، واعلموا أن مكة زادها الله شرفاً حرم آمن وأن له أحكاماً تخصه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يختلى خلاها ولا تلتقط لقطتها إلا لناشد بها ).

وكذلك المدينة زادها الله نوراً، ينبغي لزائرها أن يلزم الأدب وأن يكثر من الطاعات، وأن يحذر من أذية الناس فيها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المدينة حرم من عير إلى ثور، من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً يوم القيامة )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء )، فلنعظم حرمات الله عز وجل، ولنحرص على الاستكثار من الطاعات والتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل بعد الواجبات، ولنحسن إلى الناس ما استطعنا، وأسأل الله أن يتقبل منا أجمعين.

معنى قوله تعالى: (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم)

السؤال: الله تعالى يقول: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ[المائدة:6]، فلماذا غسل الأرجل إذاً؟

الجواب: هذه الآية المباركة فيها قراءتان سبعيتان متواترتان، القراءة بالنصب: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ [المائدة:6]، فتكون الأرجل هنا معطوفة على المغسولات التي هي الوجوه والأيدي، وعلى قراءة أبي عمرو بن العلاء و حمزة بن حبيب بالجر: (وأرجلِكم)، تكون معطوفة على الرءوس وهي ممسوحة، وكما قال أهل التفسير: إن الجر هاهنا للمجاورة، فإن العرب إذا جاور اللفظ لفظاً مجروراً تجره، وإذا جاور لفظاً منصوباً تنصبه.. وهكذا.

أو على تأويل المسح على الخفين والجوربين، ( فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع لنا المسح على الخفين إذا كنا مسافرين ثلاثة أيام بلياليهن، وإذا كنا مقيمين يوماً وليلة وألا ننزعه إلا من جنابة لا من بول ونوم وغائط ) كما في حديث صفوان بن عسال عليه من الله الرضوان، فالقراءتان متواترتان سبعيتان، لكن لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قط أنه مسح رجليه وإنما كان يغسلهما، كما ورد في حديث عثمان وحديث عبد الله بن زيد: (أنه غسل رجليه حتى أنقاهما عليه الصلاة والسلام)؛ ولذلك الأعضاء التي هي بعيدة عن ملابسة الأذى تمسح كالرأس والأذنين، أما الأعضاء التي هي قريبة من الأذى كاليدين والرجلين فإنها تغسل.

توبة الزانية

السؤال: ما حكم من زنت؟ وهل لها توبة؟

الجواب: من زنت فقد أتت كبيرة من كبائر الذنوب ووقعت في موبقة عظيمة، وهي أعظم الذنوب بعد الشرك بالله وقتل النفس، كما قال ربنا جل جلاله: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ[الفرقان:68-70]، فللزاني توبة، وهذه التوبة شروطها ثلاثة، وهي: إقلاع وندم وعزم، إقلاع عن المعصية وترك لها ونبذ لجوها وبيئتها، وندم على ما مضى وعزم على عدم العودة، هذه هي التوبة الصحيحة التي يغفر الله بها الذنب، وينبغي للإنسان إذا وقع في الزنا أو في غيره من الذنوب أن يبادر إلى الله بالتوبة، وكلنا بحاجة إلى توبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ويتوب الله على من تاب )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ).

قول الإنسان حالة الغضب: أنا كافر إن فعلت كذا

السؤال: في حالة غضب وأنا أبكي قلت لأختي: إذا تكلمت مرة أخرى في لبسك أكون كافرة؟

الجواب: يا أختاه! هذا كلام لا يجوز، لا يجوز للإنسان أن يحلف على ملة غير الإسلام، كأن يقول: أنا كافر أو أنا يهودي أو أنا نصراني إن كذا أو كذا.. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف على ملة غير الإسلام وهو كاذب فهو كما قال، فإن كان صادقاً لم يرجع سالماً، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، كان يمكنك أن تقولي لأختك: أنا والله مرة أخرى لن أتكلم في لبسك.. ونحو ذلك، والأمر هين يكون هناك كفارة، أما أن يقول الإنسان مثل هذا الكلام فإنه يستوجب توبة، توبي إلى الله عز وجل واستغفري.

الصلاة في المواصلات الحديثة خوفاً من خروج وقتها

السؤال: هل تجوز الصلاة في المواصلات كيلا يفوت الوقت؟

الجواب: لا تصل في المواصلات يا أخي! وإنما استعن بالله عز وجل، ولو أن الإنسان صلى في الوقت الضروري مضطراً أفضل من أن يصلي في المواصلات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يصلي على الدابة إلا النافلة، أما الصلوات المكتوبات فما كان يصليها إلا على الأرض مسافراً كان أو مقيماً صلوات الله وسلامه عليه.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: في صلاة العشاء تجد الجامع الذي على مسافة كيلو يؤذن الساعة الثامنة، ومسجد آخر يؤذن الساعة الثامنة والربع، أرجو نصيحة لهؤلاء المؤذنين حتى يلزموا وقتاً واحداً.

السؤال الثاني: أرجو نصيحة لكل امرأة تخرج متعطرة ومتطيبة إلى الأسواق.

الشيخ: نعم.

المتصل: امرأة أعطتني مليونين لأشتغل بها وقالت لي: الفائدة تكون بيننا بالنصف، فهل هذه الشراكة حلال أم حرام؟

الشيخ: طيب! أبشر إن شاء الله.

المتصل: أنا متزوج بامرأتين، لكن المرأة الثانية مصابة بالسحر، ولما آتيها تعمل معي مشاكل وتضاربني وتطلب الطلاق، حتى أنها يمكن أن تؤذيني خمساً أو ستاً أو سبع مرات، فهل أطلقها وأريحها من هذا الشر، أو أصبر وأسأل الله أن يرفع البلاء؟

الشيخ: تسمع الإجابة إن شاء الله.

المتصل: امرأتي مصابة بأزمة وقرحة، ولا تستطيع الصوم، فماذا عليها؟

الشيخ: طيب! أبشر إن شاء الله، شكراً لك، بارك الله فيك!

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: أسأل عن الرفقة المأمونة في الحج من هي؟

السؤال الثاني: بالنسبة لمياه الشرب في ولاية الخرطوم يضيفون عليها مادة اسمها الكلور، تطهر الماء من التلوث، وخصوصاً في فصل الخريف يزيدون العيار من هذا الكلور ويتغير طعم الماء فقط، فما حكم هذا الماء بالنسبة للوضوء، أيكون جائزاً أم غير جائزٍ؟

الشيخ: شكراً، بارك الله فيك يا عمر!

نصيحة للمؤذنين الذين يتفاوتون في وقت الأذان

السؤال: أخونا حامد يسأل عن وقت أذان الصلاة؟

الجواب: ينبغي للناس أن يلزموا الوقت، فلا يؤذن قبله ولا بعده، وإنما الوقت المحدد لا بد من رفع الأذان فيه؛ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103]، ( والإمام ضامن والمؤذن مؤتمن )، مؤتمن على الوقت، ( اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين ).

أما بعد ذلك: فإقامة الصلاة تكون على ما يتفق عليه الناس، إن اتفقوا على أن يصلوا بعد الأذان بربع ساعة.. بنصف ساعة.. بأربعين دقيقة فالأمر في ذلك واسع، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياناً كان يعجل العشاء وأحياناً كان يؤخرها، إن رأى الناس قد اجتمعوا عجل، وإن رآهم قد أبطئوا أخر، أما الأذان فما ينبغي أن يتضارب المؤذنون فيه.

واجب المسلم تجاه المرأة التي تخرج متطيبة إلى السوق

السؤال: الإنسان يعمل في السوق فتأتي امرأة متعطرة قد فاحت ريحها، فماذا يجب عليه تجاهها؟

الجواب: هذه ينبغي أن تنصح بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم فاشتموا ريحها فهي زانية )، والله جل جلاله قال: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى[الأحزاب:33]، وهذا من التبرج، فما ينبغي للمرأة أن تبدي زينتها ولا أن تضرب برجلها ولا أن تخضع بصوتها ولا أن تشم ريحها، وينبغي لها أن تلزم جانب الأدب والحشمة والوقار، وإذا خرجت من بيتها تخرج على الصفة الشرعية، فإن ( المرأة إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان ) كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام، وبعضهن ترجع إلى بيتها مأجورة، وكثيرات يرجعن مأزورات غير مأجورات.

دفع الرجل إلى آخر مالاً ليتجر به على أن يكون الربح بينهما مناصفة

السؤال: أخونا حمد من الشمالية، يسأل: أنه دفع لإنسان ألفي جنيه من أجل أن يعمل بها، ثم بعد ذلك الربح يكون مناصفة، فما الحكم؟

الجواب: لا حرج في ذلك، فهذه مضاربة مشروعة، دفعت هذا المال لمن يتجر فيه ببعض ربحه، والربح بينكما مشايعة، يعني: ما حددت مبلغاً معيناً، وإنما نصف الربح الذي يؤتى به يكون لك والنصف الآخر للعامل، هذه معاملة مشروعة، ولا حرج فيها إن شاء الله.

إرشادات لرجل زوجته تؤذيه وتطلب منه الطلاق بسبب إصابتها بالسحر

السؤال: أبو إبراهيم من بحري يقول: إنه متزوج من امرأتين، والثانية منهما تعاني من السحر، وهي كثيرة الغضب وربما تبادر زوجها ببعض الأذى وتطلب الطلاق وتلح في ذلك، فهل يطلقها أم يصبر؟

الجواب: يا أخي! أولاً: اعلم بأن هذا قدر من الله عز وجل؛ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [الأحزاب:38]، وكما قال سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ[التغابن:11].

ثانياً: يجب علينا أن نواجه القدر بالشرع، فتسعى في علاج هذه المرأة باستعمال الرقية الشرعية، تقرأ عليها أنت وتعلمها كذلك أن تقرأ على نفسها، فإن السحر من الشيطان، وقد قال ربنا الرحمن: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76]، فتقرأ عليها وهي تقرأ على نفسها وتكثر من الدعاء، وتلهج بالثناء على الله عز وجل، وإن شاء الله عما قريب يزول هذا المكروه ويرتفع هذا الشر، وكما قال ربنا جل جلاله: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35].

ثالثاً: مطلوب منك الصبر، فلا تطلق، واصبر على هذا الأمر الذي أصاب زوجك، واستعن بالله عز وجل ولا تعجز، واعلم أنها معذورة فيما تفعل، ولعل الله سبحانه وتعالى يكشف البلاء.

الكفارة الواجبة على المصاب بالقرحة والأزمة ولا يستطيع الصوم

السؤال: أخونا خضر من بور سودان يقول: إن زوجه مصابة بأزمة وقرحة ولا تصوم، فماذا يجب عليها؟

الجواب: لو أن الطبيب منعها من الصيام وأخبرها بأن الصيام لا ينفع مع هذا المرض فإن الواجب عليها إطعام مسكين عن كل يوم وبذلك تبرأ ذمتها، ولكل مسكين كيلو إلا ربع، أي: ما يعادل سبعمائة وخمسين جراماً، يعني: تخرج عن الثلاثين يوماً التي مضت من رمضان اثنين وعشرين كيلو ونصف، وبذلك تبرأ ذمتها إن شاء الله.

أرجع فأقول: بأن الأمر في ذلك للطبيب، فلربما يقول الطبيب: إن هذا المرض إن شاء الله ليس بالفاحش ولا بالعسير، وعما قريب تعالج؛ لأني أعلم بأن المصابين بالقرحة ليسوا سواء، فبعضهم لا ينفع معه الصيام قط، وبعضهم يستطيع أن يصوم، فراجعوا الطبيب، وما يخبر به الطبيب الموثوق الحاذق اعملوا به وتبرأ بذلك ذمتكم.

الرفقة المأمونة في الحج

السؤال: عمر من شرق النيل يسأل عن الرفقة المأمونة في الحج؟

الجواب: الرفقة المأمونة في الحج بعضهم يشترط أن يكونوا رجالاً، وبعضهم يشترط أن يكونوا نساء، وبعض الفقهاء قالوا: لا بد أن يكونوا رجالاً ونساء، والأمر في ذلك واسع، فليس هناك نص في تحديد الرفقة المأمونة، لكن لو وجد رجال أو نساء أو رجال ونساء ممن هم على خلق ودين فلا حرج على المرأة أن تخرج معهم لحجة الفريضة على ما قال به الإمامان الجليلان مالك و الشافعي رحمة الله عليهما، أسأل الله أن ييسر لنا جميعاً حج بيته الحرام وزيارة نبيه عليه الصلاة والسلام.

المتصل: أخي كان ذاهباً معي إلى المسجد لصلاة العشاء، فمجرد أن قرب من المسجد بصق الشمة من فمه ومضمض فمه ودخل معنا في الصلاة مباشرة، فأنا شكيت في الأمر وقلت له: الشمة تبطل الوضوء! فأريد أن أتأكد من الصلاة هل هي صحيحة أم لا؟

الشيخ: طيب! جزاك الله خيراً!

المتصل: أريد تفسير قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ[الحج:73].. من هنا إلى آخر الآيات لو سمحت؟

الشيخ: طيب! أبشر إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: يوجد الآن مرشدون في الحج وتجدهم أكثر ما يتحدثون عن التمتع، فهل الأفضلية بالنسبة للتمتع للراحة الجسدية أم الزيادة في الأجر أكثر من الأنساك الأخرى؟

السؤال الثاني: ما تفسير قوله تعالى: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ [الكهف:51]؟

الشيخ: تسمع الإجابة إن شاء الله.

المتصل: السؤال الأول: مسبوقان فاتتهما بعض الركعات من الصلاة، فلما سلم الإمام قاما ليتما ما فاتهما من الصلاة، وائتم أحد المسبوقين بالآخر، فما الحكم؟

السؤال الثاني: في أم درمان جوار مقابر الشيخ أبو زيد بجوار المسجد كلاب متوحشة تحفر قبور هؤلاء المقبورين، ودفنا فيها قريباً ثلاثة أو أربعة، فوجدنا الكلاب تحفر هذه القبور، والله! إنه منظر لا يليق بالمسلمين، أناشدكم أن توجهوا لجهات الاختصاص لكي تحارب هذه الظاهرة الخبيثة.

الشيخ: طيب، أبشر! جزاك الله خيراً يا سعيد!

الوضوء والغسل بالماء الذي تغير طعمه بمادة الكلور

السؤال: أخونا عمر من شرق النيل يسأل أن هيئة مياه المدن في فصل الخريف تزيد نسبة الكلور بما يغير طعم هذه المياه، يقول: فما حكم التطهر والوضوء بهذه المياه؟

الجواب: علماؤنا رحمهم الله قالوا: بأنه لا يؤثر على طهورية الماء ما يوضع فيه لإصلاحه، يعني: فيما مضى كانوا يمثلون بالشب ونحوه مما يوضع في الماء لتطهيره وإصلاحه، فهذا لا يؤثر على طهوريته وإن غير لونه أو ريحه أو طعمه.

ومثله أيضاً لا يؤثر على طهورية الماء ما يشق الاحتراز منه مما يقع فيه من أوراق الشجر ونحوها، وكذلك لا يؤثر على طهوريته ما يتولد فيه من الطحالب ونحوها، وعليه يا عمر! فلا حرج في التطهر بالماء الذي أضيف إليه الكلور تطهيراً له.

الاكتفاء بالمضمضة دون إعادة الوضوء في حق من تناول (السعوط)

السؤال: الصادق من أم درمان يسأل عن صاحبه الذي كان في الطريق إلى المسجد وهو يضع في فمه (سعوطاً)، فلما دنا من المسجد بصقها ومضمض فمه ودخل إلى الصلاة، فما حكم صلاته؟

الجواب: (السعوط) يا أيها الصادق! لا يبطل الوضوء، صاحبك إن شاء الله صلاته صحيحة، لكنه آثم بتناوله هذه المادة الخبيثة، المنتنة المضرة. (السعوط) مسبب لسرطان اللثة، وهي مادة خبيثة، وتغير لون الأسنان وتغير كذلك رائحة الفم ولا خير فيها، فما ينبغي للمسلم أن يتناولها، ومن ابتلي بها فليتب إلى الله عز وجل، فإن الله غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى.

والذي يقال في (السعوط) يقال في التبغ سواء كان سيجارة أو شيشة أو غيرها مما يفعله الناس.

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ...)

السؤال: أخونا أحمد من الأبيض، بيض الله وجهه! يسأل عن قول ربنا جل جلاله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ[الحج:73]؟

الجواب: هذه الآية قبلها قول ربنا جل جلاله: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [الحج:71]، يعني: من الذي أمر بعبادة الأوثان، اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وهبل وذي الخلصة ونحوها من الأوثان والطواغيت، وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الحج:71-72]، ثم وجه الخطاب لهؤلاء المشركين: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ[الحج:73]، أي: هذه الأصنام والأوثان التي تتوجهون إليها بالدعاء وتقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر:3]، هذه الأصنام وهذه الآلهة الباطلة لن يخلقوا ذباباً والذباب مخلوق حقير، الناس يشمئزون منه؛ لأنه ناقل للأمراض ومسبب للأسقام، هذه الآلهة التي تعبدونها لا تستطيع أن تخلق هذا المخلوق الحقير.

وكما يقول صاحب الظلال رحمه الله: الذباب كالفيل في سر الحياة في كل منهما، فكما أننا عاجزون عن خلق فيل ضخم، كذلك نحن عاجزون عن خلق ذبابة حقيرة؛ لأن سر الحياة في الذبابة كسر الحياة في الفيل؛ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ[الحج:73]، لو اجتمعت كل هذه الآلهة الباطلة فلا تستطيع أن تخلق ذبابة واحدة.

قال: وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ[الحج:73]، كان المشركون يطلون هذه الأصنام بالزعفران ويصبون عليها العسل، فيأتي الذباب فيسرق من هذا العسل ومن ذلك الزعفران، وكذلك كانوا يأتون بالقرابين فيذبحونها ويأتي الذباب يقف على ذلك الدم ويحمل بأرجله ويذهب، وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج:73]، قيل: (الطالب) المشركون، و(المطلوب) الأوثان، وقيل: (الطالب) الأوثان، و(المطلوب) الذباب، يعني: الأوثان تطلب أن تخلق ذبابة، ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:73-74].

وهذا المثل يا أحمد أحسن الله إليك! الله عز وجل في القرآن يذكره بأساليب مختلفة ليبين تهافت حجج المشركين، فمرة يقول: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:41]، ويقرر جل جلاله أنه الخالق ولا خالق غيره، وأنه الرازق ولا رازق غيره: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم:40].

العلة في أن التمتع أفضل أنساك الحج الثلاثة

الشيخ: أما التمتع في الحج يا أحمد فهو أفضل الأنساك عند بعض أهل العلم؛ لما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى مكة طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ثم قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة. ثم أمر من لم يسق الهدي من أصحابه بأن يحل ويجعلها عمرة )، فتحلل الناس كلهم إلا رسول صلى الله عليه وسلم ومن كان قد ساق الهدي من أصحابه.

والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتمتع لأمور:

أولاً: من أجل أن يبطل عادة العرب الجاهليين الذين كانوا يرون الاعتمار في أشهر الحج من أفجر الفجور.

ثانياً: التمتع أيسر على الإنسان الذي يطول مقامه بمكة، يعني: لو أن إنساناً وصل في اليوم الأول من ذي الحجة إلى مكة، لو أنه تمتع فسيعتمر ويتحلل ويبقى حراً إلى اليوم الثامن من ذي الحجة حين يحرم ويحج، أما لو كان مفرداً أو قارناً فإنه سيبقى على إحرامه إلى يوم العيد.

ولذلك أقول يا أيها الحجاج! أفضل الأنساك أيسرها، وقد أجمع أهل العلم على مشروعية الأنساك الثلاثة:

التمتع والإفراد والقران.

تفسير قوله تعالى: (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم ...)

الشيخ: أما قول ربنا جل جلاله في سورة الكهف: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً [الكهف:51]، قبلها قوله جل جلاله: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا[البقرة:34]، الملائكة سجدوا كلهم أجمعون إِلاَّ إِبْلِيسَ لعنه الله! كَانَ مِنْ الْجِنِّ[الكهف:50]، ما كان من الملائكة؛ بدليل قوله: خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ[الأعراف:12]، والملائكة خلقوا من نور، وبدليل أنه عصى والملائكة لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

قال: كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ[الكهف:50]، أي: خرج عن أمر ربه، ووجه الله هذا الاستفهام الاستنكاري: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً [الكهف:50]، هؤلاء الظالمون الذين وضعوا الشيء في غير موضعه واتخذوا إبليس وذريته أولياء من دون الله فبئسما اتخذوا وبئسما استبدلوا.

ثم قال الله عز وجل: مَا أَشْهَدْتُهُمْ أي: ما أشهدت هؤلاء الضالين، خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً [الكهف:51]، أي: نصيراً، كما قال سبحانه: وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ [سبأ:22]، فالله جل جلاله ما استعان بواحد من هؤلاء وليس في حاجة لواحد منهم.

وضع حماية لمقبرة أبي زيد من نبش الكلاب للقبور وإخراج جثث الموتى

الشيخ: أخونا سعيد من كوستي، أحسن الله إليه! نبه إلى هذه الظاهرة السيئة التي هي في جوار مقابر الشيخ أبي زيد في أم درمان، حيث إن الكلاب تعتدي على حرمة هذه المقابر، وأنا أوجه الخطاب من هذا المقام للأخ الكريم والي ولاية الخرطوم، وكذلك للقائمين على محافظة أم درمان أو محافظة أمبدة وما حولها، بأن يحفظوا لموتى المسلمين حرماتهم، فإن حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً، ويتخذوا من الأسباب ما يكون كفيلاً لرد الكلاب، من بناء الأسوار وتمتين الأبواب ووضع الحرس ليمنع دخول الكلاب إلى هذه المقابر التي فيها أجداث أمواتنا وأجساد المسلمين، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن ( كسر عظام الميت ككسر عظام الحي )، وبين عليه الصلاة والسلام أن حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً، ونسأل الله أن يهدي الجميع.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: ما هو تفسير قوله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً [النساء:148]؟

السؤال الثاني: ما هو تفسير قوله تعالى: وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً [العاديات:1-3]؟

السؤال الثالث: ما حكم العمل في الجمارك، والأخذ من الأموال التي تحصل في الجمارك؟

الشيخ: طيب!

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: إذا ذهب الإنسان إلى الحج، ووصل مبكراً وأحرم وطاف وسعى وسكن قريباً من الحرم، أفكلما يأتي لكي يصلي يطوف بالبيت أم لا يطوف؟

السؤال الثاني: ذهب شخص إلى الحج، وكان قبل هذا قد حج عن نفسه، وبعد أن أحرم وسعى وطاف لنفسه بلغه خبر وفاة أحد ذويه، فقال: أقلب نية هذه الحجة وأنوي بها لقريبي، بعدما أحرم لنفسه، فهل يجوز له ذلك؟

السؤال الثالث: ما السبب في اختلاف رواية الحديث الواحد علماً بأن المصدر هو الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وجزاك الله خيراً!

الشيخ: وإياك.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: في الخرطوم بعد الجسر، نلقى أناساً معهم مال يريدون فكة له، مثلاً: عشرة جنيهات نفكها لهم بتسعة جنيهات، ونأخذ جنيهاً لأجل الفكة، فهل هذا يعتبر رباً؟

السؤال الثاني: نسمع أن جارية ماتت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال أهلها: أحيها لنا فقام وأحياها لهم، أريد أن أعرف مدى صحة هذا الحديث، وجزاكم الله خيراً!

الشيخ: وإياك!

عدة من توفي زوجها وهي على أهبة السفر للحج الفريضة

السؤال: أخونا أبو بكر محجوب يقول: امرأة توفي زوجها قبل عشرة أيام، وقبل أن يتوفى كان قد نوى الحج هو وزوجته وقام بالإجراءات لذلك، والآن هي في العدة فهل يمكن أن تحج مع أخيها حجة الفرض- أول حجة- علماً أن أخاها هو أيضاً خارج للحج؟

الجواب: لا، هذه المرأة التي توفي عنها زوجها عليها أن تلزم بيت الزوجية، وإن شاء الله الحج الآتي قريب، تحج في العام الآتي إن شاء الله؛ ولذلك علماؤنا رحمهم الله قالوا: بأن المرأة لو خرجت إلى الحج، ولم تحرم بالنسك ومات زوجها فإنها ترد -ترجع- كما كان عمر رضي الله عنه يفعل، كان يردهن من البيداء، فلا تذهب إلى الحج، أما إذا أحرمت بالنسك ثم جاءها خبر وفاة زوجها فإنها تتمادى في حجتها، وتحتسب تلك الأيام من عدتها.

الائتمام بالمسبوق

السؤال: أخونا سعيد من كوستي، يسأل عن مسبوق جعلوه إماماً؟

الجواب: الصلاة صحيحة إن شاء الله، لكن لا ينبغي للناس أن يفعلوا ذلك، فمن جاءوا متأخرين لا يقدموا من كان مسبوقاً ليؤمهم، بل عليهم أن يقيموا جماعة أخرى.

تفسير قوله تعالى: ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم...)

السؤال: أخونا أبو أنس من أم درمان يسأل عن قول ربنا الرحمن: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً [النساء:148]

الجواب: هذه الآية المباركة يقرر فيها ربنا جل جلاله أن القول السيئ لا يحبه الله، كما قال في آية أخرى: وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ[الحجرات:11]، وكما قال سبحانه: لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ[الحجرات:11].

ثم استثنى جل جلاله من ظلم، فلو أن إنساناً ظلم فيمكن أن يجهر بالسوء من القول دفعاً لهذا الظلم؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ظلم من عدو الله أبي جهل ، وظلم من عدو الله عقبة بن أبي معيط ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما بشر بمقتل أبي جهل قال: ( هذا فرعون هذه الأمة ).

وكذلك لما أخرج عقبة من بين الأسرى وأمر بضرب عنقه قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ( إن عدو الله هذا وضع رجله على رقبتي وأنا ساجد عند الكعبة وغمزها حتى كادت عيناي تندران )، فوصفه بأنه عدو لله.

وكذلك لما قال عروة بن مسعود الثقفي: يا محمد! جمعت أوباش الناس تريد أن تفتض بهم بيضتك، وأن تحارب بهم قومك، لكأني بهم غداً قد انفضوا عنك، قال له أبو بكر: نحن ننفض عنه؟! امصص بظر اللات، كلمة شديدة وقوية لكنها تناسب ذلك المقام.

ومثله أيضاً لو أن إنساناً تظلم من إنسان فقال: فلان ظلمني، فلان أكل مالي، فلان اعتدى على عرضي.. فهذا السوء من القول يمكن للمظلوم أن يجهر به ولا حرج.

تفسير قوله تعالى: (والعاديات ضبحاً) إلى قوله: (إن الإنسان لربه لكنود)

الشيخ: وأما قول ربنا جل جلاله: وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً [العاديات:1]، فهذه إحدى خمس عشرة سورة في القرآن قد افتتحت بالقسم، يعني الله عز وجل افتتح خمس عشرة سورة في القرآن بالقسم كما في قوله: وَالصَّافَّاتِ صَفّاً [الصافات:1]، وَالذَّارِيَاتِ ذَرْواً [الذاريات:1]، وَالطُّورِ [الطور:1]، وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى [النجم:1]، وكما في قوله سبحانه: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً [المرسلات:1]، وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً [النازعات:1]، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ [البروج:1]، وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ [الطارق:1]، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1]، وَالْفَجْرِ [الفجر:1]، وكذلك: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1]، وَالضُّحَى [الضحى:1]، وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ [التين:1].. هنا أيضاً الله جل جلاله أقسم بالعاديات ضبحاً.

والعاديات هي: الخيل التي تعدو في الحرب، والضبح هو: صوتها، وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً [العاديات:1-2]، يعني: سنابك هذه الخيل إذا جرت فإنها تقدح شراراً كأنه يخرج من حوافرها ناراً.

أي: تغير على العدو بغلس، في أول الصبح وفي أول النهار، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً [العاديات:4-5]، ثم المقسم عليه قول ربنا: إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ [العاديات:6].

العمل في الجمارك والأموال المأخوذة من هذا العمل

السؤال: أبو أنس يسأل عن حكم العمل في الجمارك؟

الجواب: الأصل بأنه ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه )، والمفروض على المسلم أن يدفع زكاة ماله، والمفروض على السلطان ومن ولاه الله الأمر أن يأخذ هذه الزكاة طوعاً أو كرهاً، كما قال ربنا: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ[التوبة:103].

أما بالنسبة للجمارك ومثلها أيضاً المكوس والجبايات التي تفرض على الناس وتكلفهم من أمرهم عسراً، وتسبب في حياتهم ضيقاً وشططاً، فهذه لا ينبغي للسلطة أن تأخذها من الناس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجم الغامدية التي زنت، قال: (


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2824 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2650 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2535 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2534 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2508 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2477 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2466 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2443 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2407 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2407 استماع