خطب ومحاضرات
ديوان الإفتاء [562]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-4].
اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آله إبراهيم إنك حميد مجيد، أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، أسأل الله أن يوفقنا ويسددنا ويعيننا ويؤيدنا، وأن يحفظنا وإياكم والمسلمين.
السؤال: خطبت امرأة ولم أستطع الزواج بها، فهل أذنبت في حقها إذ أخرتها، وحصل لها شيء من الإضرار بها؟
الجواب: يا أخي الكريم! الأعمال بالنيات، وأنت حين خطبتها لم تكن تنوي الإضرار بها، لكن قدر الله ألا يتم الزواج بسبب عجزك إما مادياً أو لظرف ما، وقد قال ربنا جل جلاله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا[البقرة:286]، فلا ذنب عليك إن شاء الله.
السؤال: رجل صلى صلاة العصر فقرأ في الركعة الأولى سورة الإخلاص، وفي الركعة الثانية قرأ أيضاً سورة الإخلاص فما حكم ذلك؟
الجواب: لا حرج إن شاء الله في أن يكرر الإنسان السورة في الركعتين، فقد ثبت ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1] في ركعتين )، يعني: قرأها في الركعة الأولى ثم قرأها في الركعة الثانية، وهذا داخل في عموم قول ربنا: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ[المزمل:20]، وقول نبينا عليه الصلاة والسلام للمسيء صلاته: ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ).
السؤال: هل المديح بالموسيقى حرام؟
الجواب: استعمال المعازف نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف )، وهذا الذي عليه جميع جماهير أهل العلم، فلا يجوز استعمال المعازف لا في المديح ولا في غيره، لكن أذن النبي صلى الله عليه وسلم باستعمال الدف في يوم عيد وفي يوم عرس وعند قدوم غائب.
السؤال: اشتريت قطعة أرض منذ سنوات كنت أريدها مسكناً، ثم بدا لي أن أبيعها، فهل عليها زكاة وكيف ذلك؟
الجواب: تجب فيها الزكاة إذا حال الحول على المبلغ الذي بعتها به، وإلا فإن الأرض ما دامت نيتك حين شرائها السكن عليها، ولم يكن في نيتك استثمارها فليس عليها زكاة، وإنما الزكاة في ثمنها إذا حال عليه الحول وكان بالغاً نصاباً.
السؤال: أنا أقرأ القرآن في حال الحيض، فهل يجوز لي ذلك؟
الجواب: نعم يجوز، فالحائض لا مانع من أن تقرأ القرآن؛ لأنه لم يثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام منع الحائض من التلاوة، وإنما منعها صلى الله عليه وسلم من دخول المسجد، ومنعها من الصلاة والصيام، ومنعها من الطواف بالبيت، لكنه لم يمنعها من قراءة القرآن.
السؤال: ما الحكمة من تكرار بعض الأذكار الواردة مثلاً: اللهم عافني في بدني؟
الجواب: نعم، هذا هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، علمنا أن يقول أحدنا إذا أصبح ثلاث مرات: ( اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر، فأدم علي نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة )، وعلمنا صلى الله عليه وسلم أن يقول أحدنا ثلاثاً: ( رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً )، وأخبرنا أن ( من قالها ثلاثاً إذا أصبح وثلاثاً إذا أمسى كان حقاً على الله أن يرضيه )، وعلمنا أن يقول قائلنا: ( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم )، ثلاثاً إذا أصبح وإذا أمسى، وأن من قالهن لم يضره في يومه ذاك شيء، وعلمنا كذلك أن يقول قائلنا إذا أمسى: ( أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق )، ثلاث مرات، وعلمنا صلى الله عليه وسلم أن يقول قائلنا: ( اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت ) ثلاثاً، وأن يقول: ( اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري ) ثلاثاً، وأن يقول: ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ) ثلاثاً.
ونبينا عليه الصلاة والسلام كان إذا دعا كرر الدعاء ثلاثاً؛ لأن الله عز وجل يحب عبده الملحاح، أما نحن معشر بني الإنسان لا نحب الإلحاح، فلو أن الإنسان قال كلاماً ثم كرره وكرره فإننا نقول له: كفى، فقد سمعنا، لا تكثر من الكلام، لكن ربنا جل جلاله وهو الصبور الشكور الرءوف الرحيم، يحب عبده الملحاح.
لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
فهذه الحكمة -والعلم عند الله تعالى- من تكرار هذه الأدعية والأذكار ثلاثاً.
السؤال: عرفت أن قراءة سورة الناس قبل الفلق فيه كراهة، فما الحكم في مقرر الدراسة الذي يبدأ بآخر سورة في المصحف؟
الجواب: مقررات الدراسة ليست كالصلاة؛ لأنهم دائماً يبدءون للتلاميذ بقصار السور من آخر المفصل، فيبدءون من الناس ثم الفلق ثم الإخلاص ثم المسد ثم النصر ثم الكافرون ثم الكوثر ثم الماعون ثم قريش ثم الفيل ثم الهمزة.. وهكذا يكون الترتيب تصاعدياً؛ من أجل أن الصغير كلما حفظ سورة من القصار فإنه يسر، ويكون ذلك سبباً في تحفيزه لحفظ ما بعدها، أما لو بدأنا له بترتيب المصحف من البقرة -مثلاً- أو بترتيب جزء عم من السور الطوال، أو من متوسط المفصل: النبأ ثم النازعات ثم عبس.. وهكذا، فهذه يطول أمرها ويعسر عليه حفظها، ولربما أفضى به ذلك إلى اليأس.
السؤال: ما رأي الدين في شخص يبيع الرصيد ويأخذ الثمن مؤجلاً مع الفائدة، هل هذه المعاملة ربا؟
الجواب: لا، ليست ربا؛ لأن الرصيد إنما هو وحدات، فهو سلعة دخلت في جهاز الهاتف الجوال، وبعد ذلك يجوز بيعه نقداً ويجوز بيعه نسيئة، ويجوز بيعه بمثل ثمنه أو أقل أو أكثر، فهذه سلعة من السلع ليس إلا، وعلماؤنا رحمهم الله مجمعون على جواز بيع المرابحة، بمعنى أن يبيع الإنسان السلعة بأكثر من ثمن شرائها، ومجمعون كذلك على جواز بيع التولية، وهو: أن يبيع السلعة بمثل الثمن الذي اشتراه بها، وكذلك مجمعون على جواز بيع الوضيعة، أو بيع الحطيطة، وهو: أن يبيع الإنسان السلعة بأقل من الثمن الذي اشتراها به.
السؤال: ما رأي الدين في الصبية المميزين الذين يصلون في الصف الأول؟
الجواب: يا عباد الله! يا أهل المساجد! إن الصف الأول لمن سبق إليه، شاباً أو شيخاً، صبياً أو كهلاً، فمن سبق إلى الصف الأول فهو أحق به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله وملائكته يصلون على أهل الصفوف الأولى ).
ومن هنا نقول: الصبي إذا سبق إلى الصف الأول فلا ينبغي أن يجر وأن يرجع إلى الصف الذي يليه، اللهم إلا المكان الذي يكون خلف الإمام فإنه لا يقوم فيه إلا أولو النهى والأحلام، أي أنه يقف وراء الإمام أناس عندهم من العقل والعلم والإحاطة بأحكام الصلاة ما يستطيعون معه لو طرأ للإمام عذر أن ينوبوا عنه وأن يصلوا بالناس.
السؤال: أنا أصلي بالجماعة، وعقب الصلاة يطالبوني بالدعاء الجماعي؟
الجواب: الدعاء الجماعي ليس من السنة المواظبة عليه، لكن أنت أيها الإمام أحسن الله إليك! لو كنت في قوم قد اعتادوا هذا الأمر عقيب الصلاة فمن الحكمة أن تستجيب لطلبهم حتى إذا ألفتهم وألفوك، واعتدت عليهم واعتادوا عليك، وصار بينكم من المودة ما يقبلون معه النصح، فيمكن بعد ذلك أن تبين لهم أن السنة أن يدعو كل امرئ لنفسه، وأن الله قال: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً[الأعراف:55]، وأن الله أثنى على عبده زكريا فقال: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا [مريم:3] وأن هذا الأمر -أعني الدعاء الجماعي- لو كان خيراً لسبقنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، لكن لم يرد في السنة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يدعو والصحابة من بعده يؤمنون.
لكن أقول لك: لا تبادرهم بالرفض والإنكار، فإن هذا مما يورث في القلوب وحشة، ويمنع الناس من قبول الحق، لا لأنهم متعمدون لرده، وإنما لأنهم اعتادوا هذا الدعاء وظنوه من تمام الصلاة وكمالها.
إخوتي وأخواتي! ينبغي أن أختم الجواب على هذه الأسئلة بأن أقول: إن إمام المسجد ينبغي له أن يسعى ما استطاع إلى تأليف القلوب وجمعها، وأن يتحمل ما يكون من بعض الناس من نزق أو إساءة أو تدخل فيما لا يعنيه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو سيد الأئمة وقدوتهم- كان يصبر على أذى الناس، فيعلم الجاهل ويرشد الغافل ويهدي الضال، وفي مسجده المبارك صلوات ربي وسلامه عليه لما جاء الأعرابي يبول، فترفق به النبي صلى الله عليه وسلم وقال للصحابة: ( لا تزرموه )، ثم قال له: ( يا أخا العرب! إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر، إنما هي لذكر الله وتلاوة القرآن )، ( ولما تكلم معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه في الصلاة دعاه النبي عليه الصلاة والسلام فما نهره ولا كهره ولا ضربه.. وإنما قال له: يا أخا العرب! إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي لذكر الله وتلاوة القرآن )، وهكذا صلوات ربي وسلامه عليه كان خير الناس تعليماً، كما قال معاوية : ( ما رأيت معلماً أحسن منه صلوات الله وسلامه عليه )، ( اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين ).
المتصل: لدي مركز اتصالات، وفيه كروت شحن، وأتعاون مع أشخاص كثر، فجاءني رجل فاشترى مني رصيداً بقيمة ثمانمائة جنيه، ثم أرسل إلي بمبلغ مليون ومائتي جنيه وقال لي: أنا اشتريت الرصيد بنسبة(10%) فاخصم منه قيمة ما أخذته منك من رصيد، واترك بقية المال عندك، فأنا أسأل عن هذا العمل هل فيه ربا أم لا؟
الشيخ: طيب، شكراً، بارك الله فيك.
المتصل: لدي حساب بنكي، وأنا أتعامل مع البنك مباشرة، أذهب إليهم لأسحب وأورد، ثم إني سحبت جميع ما لدي من المال، وبقي لي منها خمسة وثمانون جنيهاً، ثم مرت علي ثلاثة أشهر أو أربعة ولم أورد شيئاً إلى حسابي، وذهبت بعد ثلاثة أشهر أو أربعة ووردت إلى الحساب، فقال لي موظف البنك: إن لك فائدة بمقدار مائتين وأربعة وستين جنيهاً، فهل هي حلال أم حرام؟
الشيخ: شكراً لك.
المتصل: معك حمد علي حمد من شرق الجزيرة، لدي سؤالان:
السؤال الأول: ما شرح حديث: ( بدأ الإسلام غريباً، وسوف يعود غريباً، فطوبى للغرباء )؟
السؤال الثاني: ما شرح حديث: ( كنا نعد الجلوس وصناعة الطعام عند أهل الميت من بعد الدفن من النياحة).
الشيخ: طيب، سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: لدي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: بعض الناس الذين يمتلكون عندهم حيوانات، كالحمير مثلاً أو الأغنام لا يتعاملون معها معاملة طيبة، بل يعذبونها ويربطونها، فأريد منك أن توجه نصيحة إلى هؤلاء الذين يعذبون الحيوانات؟
السؤال الثاني: سمعنا أن الإنسان لا يمس القرآن إلا طاهراً، فأريد أن أعرف ما المقصود بالطهارة، هل المقصود بها الوضوء أم الغسل؟
السؤال الثالث: هناك من يصلي الجمعة في المسجد، فإذا عاد إلى البيت صلى، لكن بعض الناس يقولون: لا صلاة بعد الجمعة، فما هو الصحيح؟
الشيخ: جداً، شكراً لك، سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: نحن في مدينة الأبيض نعمل في المواصلات، وثمن التذكرة خمسة وسبعون قرشاً، فنأخذ من الراكب ثمانين قرشاً ولا نعيد له الخمسة الباقية، وأحياناً نأخذ سبعين قرشاً فقط؛ لأن الخمسة لا تتوفر غالباً، فما حكم هذا الفعل؟
المتصل: لدي سؤال يا شيخ وهو أني كنت أقدم نصائح للناس في المساجد وأنا لا زلت طالباً، لكن أخبرني شيخ فقال: إن تعلم القرآن أولى من إلقاء المواعظ والنصائح، فهل يمكن الجمع بينهما؟
الشيخ: طيب، أبشر إن شاء الله.
المتصل: أنا لدي محل في السوق، ويوم الجمعة يشكل عليّ قضية البيع بعد الأذان الثاني؛ لأن المساجد عندنا تؤذن في أوقات مختلفة، أحدهم يؤذن الساعة الواحدة والنصف، والثاني يؤذن الساعة الثانية إلا ربعاً، والثالث يؤذن في الساعة الثانية والربع، فماذا أفعل ومن أعتمد أذانه في إيقاف البيع؟
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
ديوان الإفتاء [485] | 2824 استماع |
ديوان الإفتاء [377] | 2650 استماع |
ديوان الإفتاء [277] | 2535 استماع |
ديوان الإفتاء [263] | 2534 استماع |
ديوان الإفتاء [767] | 2508 استماع |
ديوان الإفتاء [242] | 2476 استماع |
ديوان الإفتاء [519] | 2466 استماع |
ديوان الإفتاء [332] | 2443 استماع |
ديوان الإفتاء [550] | 2407 استماع |
ديوان الإفتاء [303] | 2406 استماع |