ديوان الإفتاء [282]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد.

إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، مرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، أسأل الله التوفيق والتسديد!

تقدم معنا أن العبادة هي الغاية التي من أجلها خلقنا، وأننا نعبد الله عز وجل بما شرع على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن العبادة تشمل الأقوال والأفعال، والتصرفات التي يقصد بها العبد وجه الله عز وجل، وبذلك يمكن أن تتحول المباحات إلى عبادات إذا استحضر الإنسان فيها نيةً صالحة، فإن المدار على النيات؛ ولذلك لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه لغزوة تبوك، قال لأصحابه: ( إن بالمدينة نفراً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً، إلا شركوكم في الأجر، حبسهم العذر )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( أكثر شهداء أمتي من يموتون على الفرش، ولرب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته ).

وعرفنا أيضاً بأن الأصل في العبادات التسليم، ولو لم تدرك الحكمة، فالله عز وجل نوّع هذه العبادات وفرضها علينا ليبتلي عباده؛ من المطيع السامع الذي يقول سمعنا وأطعنا، ومن الذي يتوقف ويتردد ويتلكأ في إنفاذ التكاليف الربانية، ولا يأتي بها إلا بعدما يدرك حكمتها.

وتقدم معنا أن العبادات الأصل فيها التوقيف، فلا تشرع عبادة إلا بدليل، فلا ينبغي للإنسان أن يخترع عبادةً من عنده، ثم يلزم بها نفسه، ويدعو الناس إليها، وقد قال ربنا جل جلاله: أَمْ لَهمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ [الشورى:21].

وأقول: إخوتي وأخواتي! إن للعبادة أهدافاً، يعني: نحن نعبد الله عز وجل لأهداف، وهذه الأهداف على قسمين: أهداف رئيسية وأهداف ثانوية. ‏

أما الأهداف الرئيسية فتتمثل في أمرين اثنين:

عبادة الله لأنه مستحق للعبادة

الأول: أننا نعبد الله عز وجل؛ لأنه أهل لأن يعبد، فقد أخذ الله علينا الميثاق، ونحن في ظهر أبينا آدم عليه السلام بأن نعبده، وأن نوحده، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [الأعراف:172]، فكلنا شهدنا بأن الله ربنا، وهذا الرب الكريم العظيم الجليل الذي أوجدنا من العدم، وأمدنا بالنعم أهل لأن يعبد، وأهل لأن يحمد، وأهل لأن يشكر جل جلاله؛ ولذلك جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حقاً لله عز وجل على العباد، فقد سأل معاذاً رضي الله عنه فقال له عليه الصلاة والسلام: ( يا معاذ ! أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال عليه الصلاة السلام: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً )، فنحن نعبد الله عز وجل؛ لأنه أهل لأن يعبد.

وهذه الأهلية ذكرها ربنا جل جلاله في أول نداء في القرآن حين قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:21]، فنحن نعبده؛ لأنه جل جلاله خالقنا، وخالق آبائنا، وأمهاتنا، وأجدادنا، وجداتنا، قال تعالى: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:21-22].

عبادة الله شكراً لإنعامه علينا

الثاني: أننا نعبد الله من أجل أن نشكر نعمه جل جلاله علينا، فنعبده من باب شكر النعمة سبحانه، قال تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[البقرة:28]، فهذا الإله العظيم الجليل الكريم الحليم، أهل لأن يشكر، وشكره يكون بعبادته سبحانه، وهذا المعنى أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم حين كان يقوم من الليل حتى تورمت قدماه، فقالت له أمنا عائشة رضي الله عنها: ( يا رسول الله! لم تصنع ذلك، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: يا عائشة ! أفلا أكون عبداً شكوراً؟ )، فالله جل جلاله الذي غفر لي، والذي أكرمني أهل لأن يشكر.

يقول بعض أهل العلم في كلمات طيبات تقرر العبادة لله عز وجل:

هب البعث لم تأتنا رسله وجاحمة النار لم تضرمِ

أليس من الواجب المستحق حياء العباد من المنعم

يعني: لو فرض بأن الله عز وجل ما خلق النار، ولو فرض بأنه ليس هناك بعث ولا نشور.

أليس من الواجب المستحق حياءُ العباد من المنعم.

أي: واجب علينا أن نشكر الله عز وجل وأن نحمده، ولو أن واحداً من الناس أسدى إليك معروفاً، فلا تطيب نفسك حتى تحمد إليه ذلك المعروف، فما بالك والنعم كلها التي عندك إنما هي من الله، كما قال سبحانه: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ [النحل:53-54]، اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم:40].

الأول: أننا نعبد الله عز وجل؛ لأنه أهل لأن يعبد، فقد أخذ الله علينا الميثاق، ونحن في ظهر أبينا آدم عليه السلام بأن نعبده، وأن نوحده، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [الأعراف:172]، فكلنا شهدنا بأن الله ربنا، وهذا الرب الكريم العظيم الجليل الذي أوجدنا من العدم، وأمدنا بالنعم أهل لأن يعبد، وأهل لأن يحمد، وأهل لأن يشكر جل جلاله؛ ولذلك جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حقاً لله عز وجل على العباد، فقد سأل معاذاً رضي الله عنه فقال له عليه الصلاة والسلام: ( يا معاذ ! أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال عليه الصلاة السلام: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً )، فنحن نعبد الله عز وجل؛ لأنه أهل لأن يعبد.

وهذه الأهلية ذكرها ربنا جل جلاله في أول نداء في القرآن حين قال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:21]، فنحن نعبده؛ لأنه جل جلاله خالقنا، وخالق آبائنا، وأمهاتنا، وأجدادنا، وجداتنا، قال تعالى: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:21-22].

الثاني: أننا نعبد الله من أجل أن نشكر نعمه جل جلاله علينا، فنعبده من باب شكر النعمة سبحانه، قال تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[البقرة:28]، فهذا الإله العظيم الجليل الكريم الحليم، أهل لأن يشكر، وشكره يكون بعبادته سبحانه، وهذا المعنى أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم حين كان يقوم من الليل حتى تورمت قدماه، فقالت له أمنا عائشة رضي الله عنها: ( يا رسول الله! لم تصنع ذلك، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: يا عائشة ! أفلا أكون عبداً شكوراً؟ )، فالله جل جلاله الذي غفر لي، والذي أكرمني أهل لأن يشكر.

يقول بعض أهل العلم في كلمات طيبات تقرر العبادة لله عز وجل:

هب البعث لم تأتنا رسله وجاحمة النار لم تضرمِ

أليس من الواجب المستحق حياء العباد من المنعم

يعني: لو فرض بأن الله عز وجل ما خلق النار، ولو فرض بأنه ليس هناك بعث ولا نشور.

أليس من الواجب المستحق حياءُ العباد من المنعم.

أي: واجب علينا أن نشكر الله عز وجل وأن نحمده، ولو أن واحداً من الناس أسدى إليك معروفاً، فلا تطيب نفسك حتى تحمد إليه ذلك المعروف، فما بالك والنعم كلها التي عندك إنما هي من الله، كما قال سبحانه: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ [النحل:53-54]، اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الروم:40].


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2822 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2648 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2534 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2532 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2506 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2475 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2464 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2442 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2406 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2405 استماع