خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/929"> الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/929?sub=63711"> شخصيات من القرآن
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
يوسف عليه السلام
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فأسأل الله سبحانه أن يتقبل منا أجمعين.
وحديثنا سيكون عن شخصية عظيمة، ذكرت في القرآن بما هي عليه من مكارم الأخلاق، وحسن المعتقد، والدأب في الدعوة إلى الله عز وجل، مع التحلي بالصبر، وشكر الله على نعمته، إلى غير ذلك من الصفات النبيلة.
وهذه الشخصية هي شخصية الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الخليل، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم: وكل إذا عد الرجال مقدم.
وهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ذكر في القرآن ستاً وعشرين مرة، أربعاً وعشرين في السورة التي سميت باسمه، سورة يوسف، وذكر في سورة الأنعام، في الآيات التي ذكر الله فيها ثمانية عشر نبياً، وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ [الأنعام:83-86]، وفي سورة غافر: وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً[غافر:34].
وقصته صلوات الله وسلامه عليه لا يكاد يجهلها مسلم، لكننا في هذا الدرس نستنبط منها بعض الفوائد التي تدلنا على شخصية هذا النبي الكريم، منها:
تأثير البيئة والتربية الحسنة
أولاً: أن كرم الأصل إذا التقى مع طيب البيئة، فإن الإنسان ينشأ نشأة سوية، حتى إنه ليكاد يكون خيراً محضاً لا شر معه، فــيوسف عليه السلام أصله كريم، نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، نشأ على التربية الحسنة، وعلى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، وعلى الاستقامة على أمر الله عز وجل، فبيئته بيئة طيبة، وقد نشأ بين أبوين كريمين، في بيئة مسلمة تعرف الله عز وجل وتوحده.
ثم بعد ذلك استقام على أمر الله من نعومة أظفاره؛ ولذلك قال له أبوه: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [يوسف:6].
ومثله أيضاً سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه نشأ في بيئة كريمة، في كنف عبد المطلب ثم في كفالة عمه أبي طالب وتمتع برعاية أمه حين كان صغيراً.
ثم بعد ذلك صلوات ربي وسلامه عليه أدبه ربه فأحسن تأديبه، وكان له من الأخلاق طرفيها، الخلق الجبلي الطبعي غير المتكلف، ثم الخلق المكتسب، الذي اكتسبه صلوات ربي وسلامه عليه من تأديب ربه إياه.
حسن الالتجاء إلى الله عز وجل
ثانياً: من فوائد هذه القصة: حسن الالتجاء إلى الله عز وجل، كما جاء في خبر يونس عليه السلام، فإنه تعرف إلى الله في الرخاء فعرفه الله في الشدة، ويوسف عليه السلام ما استغنى عن ربه طرفة عين، حتى في أحلك اللحظات، لما تعرض صلوات ربي وسلامه عليه لتلك المرأة التي أرادت منه أن يواقعها في الحرام لجأ إلى الله، قال: مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [يوسف:23]، ولما تآمرت عليه فجمعت النسوة فقطعن أيديهن، وبدأن يقلن له: أطع مولاتك، ويهددنه بالسجن، وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف:32]؛ لجأ إلى الله عز وجل، فقال: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف:33-34].
ثم بعد ذلك في السجن كان ذاكراً شاكراً، مقبلاً على الله عز وجل، لا ينساه طرفة عين، فلما مكن الله له في أرض مصر، وصار قائماً على خزائنها، ولما رأى سجود أبويه وإخوته له، كان في هذا كله في حالة لجوء إلى الله، وأخيراً لما اقترب أجله لجأ إلى الله فقال: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101]، فكان لا يستغني عن ربه قط.
الدأب في الدعوة إلى الله
ثالثاً: الدأب في الدعوة إلى الله، ما كانت دعوته عليه الصلاة والسلام دعوة موسمية، ما كانت دعوته في المواسم، ولا كانت في بلد دون بلد، أو مكان دون مكان، أو جو دون جو، بل كان على كل حال يدعو إلى الله؛ ولذلك المرأة تراوده عن نفسه، وهو يدعوها إلى الله! إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [يوسف:23]، يذكرها بسنة الله عز وجل، بأن الإحسان لابد أن يقابل بالإحسان، يقول لها: زوجك قد ائتمنني على عرضه، ومكنني من بيته، فكيف أخونه؟! إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [يوسف:23].
ثم بعد ذلك في السجن، لما كان معه في زنزانته فتيان، فقال أحدهما: إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً[يوسف:36]، وقال الآخر: إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ[يوسف:36]، لم يسارع بتأويل الرؤيا، وإنما قال لهذين الفتيين بعدما بين لهما أنه قادر على التعبير والتأويل: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [يوسف:39]، مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ[يوسف:40]، الحكم القدري الكوني، والحكم الشرعي الديني، كله لله، أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:40]، فكان يدعو إلى الله عز وجل وهو على تلك الحال، في السجن.
وهذا أيضاً كان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يدعو إلى الله في المسجد الحرام، ويدعو إلى الله في سوق عكاظ، ويدعو إلى الله في موسم الحج، يدخل على الناس فيقول: من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ دعوة ربي، وفي المدينة كان يدعو إلى الله عز وجل في مسجده، ويدعو إلى الله في الطرقات إذا مر بقوم، كما ثبت في صحيح البخاري : ( أنه أردف أسامة بن زيد على حمار، ثم مر على قوم فيهم أخلاط من المشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبد الله ابن سلول رأس النفاق، و عبد الله بن رواحة فنزل صلى الله عليه وسلم من دابته، وقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى الله ).
وفي كل الأحوال كان صلوات ربي وسلامه عليه يدعو إلى الله، فحين يأبى أهل مكة يخرج إلى الطائف، وحين يرجمه أهل الطائف بالحجارة يرجع فيدعو عداساً في الطريق، يدعو إلى الله على كل أحواله؛ ولذلك في آخر سورة يوسف يقول سبحانه: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ [يوسف:108].
ملازمة الصبر
رابعاً: أيضاً صفة عظيمة نلمحها في ثنايا قصة يوسف، وهذه الصفة لازمت يوسف عليه السلام في أطوار حياته كلها، وهي صفة: الصبر، وهو: حبس النفس على ما تكره، فقد صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على قضاء الله وقدره، يلقى في الجب فيصبر، يخرج من البئر فيباع عبداً رقيقاً وهو الكريم ابن الكريم فيصبر.
ثم بعد ذلك تعرض عليه الفاحشة، دانية قريبة، سهلة هينة، فيصبر ويستعصم بالله عز وجل، ثم يسجن ظلماً وعدواناً فيصبر، ثم يخرج من السجن ويمكن من خزائن مصر فيصبر، وهذه فتنة السراء، وبعض الناس قد يصبر على الضراء، ولا يصبر على السراء، يصبر إذا نزل به بلاء، وإذا أحاطت به فاقرة، لكنه لو كان في سعة ونعمة فإنه لا يصبر.
ويوسف عليه السلام صبر على تلك الأحوال كلها. ثم يمكنه الله من إخوته الذين آذوه، وباعوه، وكادوا يتسببون في مقتله، يمكنه الله منهم، يستطيع أن يفعل بهم ما يريد، لكنه عليه السلام يصبر ويقول لهم: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:92]، وهي نفس الكلمة التي قالها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما مكنه الله من أهل مكة الذين آذوه وطردوه، وقتلوا عمه، وبقروا بطنه، وجدعوا أنفه، وقطعوا أذنه، وتسببوا في جراحات بليغة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتلوا من أصحابه من قتلوا، ومع ذلك لما فتح مكة صلوات ربي وسلامه عليه وقال قائل: اليوم يوم الملحمة، لا قريش بعد اليوم، قال عليه الصلاة والسلام: ( اليوم يوم المرحمة، اليوم عزت قريش وسادت، ثم يقول لأولئك الكفار، الذين كانوا ينتظرون حكم الإعدام، يقول لهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: لا أقول إلا كما قال العبد الصالح: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:92]، اذهبوا فأنتم الطلقاء ).
قال صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة أقسم عليهن: ما نقص مال من صدقة، وما ظلم عبد مظلمة فعفا إلا زاده الله بها عزاً، وما فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر ).
شكر يوسف عليه السلام لربه
ومن ملامح شخصية يوسف عليه السلام صفة الشكر؛ فهو لا يعيد الفضل لنفسه، بل لربه جل جلاله، فكل نعمة منه، كما قال سبحانه: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ[النحل:53]، حين يرى سجود أبويه وإخوته، وما هو فيه من عز وسؤدد، يقول: يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْنِ[يوسف:100]، أي: أخرجني ربي جل جلاله، وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف:100]، هكذا كان صلوات ربي وسلامه عليه، يشكر نعمة ربه.
وهكذا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل مكة مطأطئاً رأسه تواضعاً لربه، حتى كاد يلمس برأسه قادمة رحله عليه الصلاة والسلام، وهكذا نبي الله سليمان لما رأى عرش بلقيس بين يديه ماثلاً في لمح البصر، قال: هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ [النمل:40].
أولاً: أن كرم الأصل إذا التقى مع طيب البيئة، فإن الإنسان ينشأ نشأة سوية، حتى إنه ليكاد يكون خيراً محضاً لا شر معه، فــيوسف عليه السلام أصله كريم، نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، نشأ على التربية الحسنة، وعلى مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، وعلى الاستقامة على أمر الله عز وجل، فبيئته بيئة طيبة، وقد نشأ بين أبوين كريمين، في بيئة مسلمة تعرف الله عز وجل وتوحده.
ثم بعد ذلك استقام على أمر الله من نعومة أظفاره؛ ولذلك قال له أبوه: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [يوسف:6].
ومثله أيضاً سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه نشأ في بيئة كريمة، في كنف عبد المطلب ثم في كفالة عمه أبي طالب وتمتع برعاية أمه حين كان صغيراً.
ثم بعد ذلك صلوات ربي وسلامه عليه أدبه ربه فأحسن تأديبه، وكان له من الأخلاق طرفيها، الخلق الجبلي الطبعي غير المتكلف، ثم الخلق المكتسب، الذي اكتسبه صلوات ربي وسلامه عليه من تأديب ربه إياه.