أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

فقد ضرب الله عز وجل في هذه الآيات التي تليت مثلاً لرجلين كافرين، أحدهما كان سبباً في ضلال صاحبه وغوايته، ثم يوم القيامة هذا الضال الغوي سيعض على أصابع الندم، حيث لا ينفع الندم.

قال الله عز وجل: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً [الفرقان:27-29].

سبب نزول الآيات

روى الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن هذه الآيات نزلت في أبي بن خلف و عقبة بن أبي معيط ، حيث كان أبي بن خلف يحضر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يذهب إليه ويستمع إلى القرآن وإلى الموعظة والذكر، فوبخه عقبة بن أبي معيط وتهدده فأطاعه.

فبين ربنا جل جلاله حال هذا المسكين يوم القيامة بأنه يعض على يديه علامة للندم والحسرة، فيقول: يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً [الفرقان:27]، ولا ينفع في ذلك اليوم ليت، يَا وَيْلَتَا [الفرقان:28]، يدعو بالويل والثبور، لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً [الفرقان:28]، وهذا المعنى تكرر في القرآن مراراً، كما في قول ربنا جل جلاله: وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً [الأحزاب:67-68]، وكما في قوله سبحانه: وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنْ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ:31-33]، قال الله عز وجل: ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً[العنكبوت:25]، كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا[الأعراف:38]، وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ [إبراهيم:21].

وهذان الرجلان الكافران كانا من أكابر مجرميها، أما أبي بن خلف الجمحي هذا الخبيث الدعي، فإنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بعظم بال، ثم طحنه بيده، ثم نفخ فيه، وقال له: (يا محمد! أتزعم أن ربك يحيي هذه بعدما صارت رميماً، فقال له عليه الصلاة والسلام: نعم، يحييها ويبعثك ويدخلك النار).

قتل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بن خلف

ثم لما كان يوم أحد، جاء هذا الشقي فارساً مقنعاً في الحديد، لا يرى منه سوى حدقتي عينيه، يقول: (أين محمد، لا نجوت إن نجا، فتصدى له بعض الصحابة رضوان الله عليهم فقتلهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: دعوه، وانتفض انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير، وأخذ حربته صلوات ربي وسلامه عليه، وأبصر فرجة من بين الحديد، فرمى عدو الله فأصابه في ترقوته، فتدهده عن فرسه يخور كما يخور الثور)، فجاء إخوانه في الكفر فحملوه، وقالوا له: والله لقد طار فؤادك، ما هو إلا شيء يسير، جرح بسيط، فقال الخبيث: لو بصق علي محمد لقتلني، وفعلاً مات من تلك الضربة عليه لعنة الله.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اشتد غضب الله على رجل قتله رسول الله في سبيل الله )، وكان هذا هو الشخص الوحيد الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده.

إيذاء عقبة بن أبي معيط للنبي صلى الله عليه وسلم وأمر النبي بقتله

وأما عقبة بن أبي معيط ، فقد كان خبيث النفس شقياً، وبلغ من شقاوته -عليه لعائن الله- أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً عند الكعبة يوماً، فجاء بسلا جزور -الأوساخ التي تخرج من بطن الذبيحة-، فطرحها على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهره، فبقي عليه الصلاة والسلام ساجداً لئلا يقذر المسجد الحرام، حتى جاءت بنته فاطمة رضي الله عنها وأزالت عنه ذلك القذر وذلك الوسخ، ومرة رأى النبي عليه الصلاة والسلام، ( فجاء فداس على عنقه بقدمه وغمزها، قال عليه الصلاة والسلام: حتى كادت عيناي تندران )، كادت عيناه تخرجان من محجريهما.

فلما كان يوم بدر أخذ هذا الخبيث أسيراً مع الأسراء السبعين، ولما كان النبي عليه الصلاة والسلام بمر الظهران، مكان بين مكة والمدينة أمر باستعراض الأسرى، فنظر إلى ذلك الخبيث نظرة عرف منها الموت، فأخرجه من بين الناس هو و النضر بن الحارث ، ودفع أحدهما إلى عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، والآخر إلى علي بن أبي طالب وأمرهما بأن يضربا أعناقهما.

أما النضر بن الحارث فقد سكت وتحمل الأمر، وأما الآخر فقد كان جباناً رعديداً، فقال: ( أنا من بين الناس يا محمد! قال: بلى، قال: نعم؟ قال: بأذيتك لله ورسوله صلى الله عليه وسلم )، وضربت عنقه عليه لعنة الله.

فهذان الكافران هما ضمن مجموعة من الأشقياء الذين تولوا كبر معارضة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصد عن سبيل الله، كـأبي جهل بن هشام من بني مخزوم و الوليد بن المغيرة من بني مخزوم ، وكذلك أمية ين خلف الجمحي من بني جمح وهو أخو أبي بن خلف، وقل مثل ذلك في الأخنس بن شريق و عبد الله بن الزبعرى وأمثالهم ممن عادوا الله عز وجل وآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، واحداً تلو الآخر.

روى الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن هذه الآيات نزلت في أبي بن خلف و عقبة بن أبي معيط ، حيث كان أبي بن خلف يحضر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يذهب إليه ويستمع إلى القرآن وإلى الموعظة والذكر، فوبخه عقبة بن أبي معيط وتهدده فأطاعه.

فبين ربنا جل جلاله حال هذا المسكين يوم القيامة بأنه يعض على يديه علامة للندم والحسرة، فيقول: يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً [الفرقان:27]، ولا ينفع في ذلك اليوم ليت، يَا وَيْلَتَا [الفرقان:28]، يدعو بالويل والثبور، لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً [الفرقان:28]، وهذا المعنى تكرر في القرآن مراراً، كما في قول ربنا جل جلاله: وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنْ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً [الأحزاب:67-68]، وكما في قوله سبحانه: وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنْ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ:31-33]، قال الله عز وجل: ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً[العنكبوت:25]، كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا[الأعراف:38]، وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ [إبراهيم:21].

وهذان الرجلان الكافران كانا من أكابر مجرميها، أما أبي بن خلف الجمحي هذا الخبيث الدعي، فإنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بعظم بال، ثم طحنه بيده، ثم نفخ فيه، وقال له: (يا محمد! أتزعم أن ربك يحيي هذه بعدما صارت رميماً، فقال له عليه الصلاة والسلام: نعم، يحييها ويبعثك ويدخلك النار).

ثم لما كان يوم أحد، جاء هذا الشقي فارساً مقنعاً في الحديد، لا يرى منه سوى حدقتي عينيه، يقول: (أين محمد، لا نجوت إن نجا، فتصدى له بعض الصحابة رضوان الله عليهم فقتلهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: دعوه، وانتفض انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير، وأخذ حربته صلوات ربي وسلامه عليه، وأبصر فرجة من بين الحديد، فرمى عدو الله فأصابه في ترقوته، فتدهده عن فرسه يخور كما يخور الثور)، فجاء إخوانه في الكفر فحملوه، وقالوا له: والله لقد طار فؤادك، ما هو إلا شيء يسير، جرح بسيط، فقال الخبيث: لو بصق علي محمد لقتلني، وفعلاً مات من تلك الضربة عليه لعنة الله.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اشتد غضب الله على رجل قتله رسول الله في سبيل الله )، وكان هذا هو الشخص الوحيد الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده.

وأما عقبة بن أبي معيط ، فقد كان خبيث النفس شقياً، وبلغ من شقاوته -عليه لعائن الله- أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً عند الكعبة يوماً، فجاء بسلا جزور -الأوساخ التي تخرج من بطن الذبيحة-، فطرحها على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهره، فبقي عليه الصلاة والسلام ساجداً لئلا يقذر المسجد الحرام، حتى جاءت بنته فاطمة رضي الله عنها وأزالت عنه ذلك القذر وذلك الوسخ، ومرة رأى النبي عليه الصلاة والسلام، ( فجاء فداس على عنقه بقدمه وغمزها، قال عليه الصلاة والسلام: حتى كادت عيناي تندران )، كادت عيناه تخرجان من محجريهما.

فلما كان يوم بدر أخذ هذا الخبيث أسيراً مع الأسراء السبعين، ولما كان النبي عليه الصلاة والسلام بمر الظهران، مكان بين مكة والمدينة أمر باستعراض الأسرى، فنظر إلى ذلك الخبيث نظرة عرف منها الموت، فأخرجه من بين الناس هو و النضر بن الحارث ، ودفع أحدهما إلى عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، والآخر إلى علي بن أبي طالب وأمرهما بأن يضربا أعناقهما.

أما النضر بن الحارث فقد سكت وتحمل الأمر، وأما الآخر فقد كان جباناً رعديداً، فقال: ( أنا من بين الناس يا محمد! قال: بلى، قال: نعم؟ قال: بأذيتك لله ورسوله صلى الله عليه وسلم )، وضربت عنقه عليه لعنة الله.

فهذان الكافران هما ضمن مجموعة من الأشقياء الذين تولوا كبر معارضة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصد عن سبيل الله، كـأبي جهل بن هشام من بني مخزوم و الوليد بن المغيرة من بني مخزوم ، وكذلك أمية ين خلف الجمحي من بني جمح وهو أخو أبي بن خلف، وقل مثل ذلك في الأخنس بن شريق و عبد الله بن الزبعرى وأمثالهم ممن عادوا الله عز وجل وآذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، واحداً تلو الآخر.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ذو القرنين 2757 استماع
فرعون 2322 استماع
يوسف عليه السلام 2279 استماع
قارون 2032 استماع
زيد بن حارثة 1995 استماع
عيسى بن مريم عليه السلام 1911 استماع
أبو بكر الصديق 1802 استماع
خولة بنت ثعلبة وأم كلثوم بنت عقبة وحفصة بنت عمر وآسيا بنت مزاحم 1711 استماع
يونس عليه السلام 1646 استماع
عبد الله بن سلام 1512 استماع