خطب ومحاضرات
واحة القرآن - سورة الفلق [1]
الحلقة مفرغة
الشيخ محمد الخضيري: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما من أحد منا إلا وهو يعلم أن هناك شروراً تحيط به من كل جانب، ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيذه منها، وهذا ديدن كل مسلم يؤمن بالله جل وعلا أن يستعيذ بالله من هذه الشرور، لكن ما هو الأسلوب الأمثل؟ وما هو الدعاء الجامع؟ وما هي العوذة التي إذا استعاذ الإنسان بها وقالها كفته هذه الشرور كلها؟
قد كفانا ربنا سبحانه وتعالى، فأنزل لنا سورتين عظيمتين قد جمعت كل الشرور الداخلية والخارجية، المحيطة بنا، والتي لا تفتأ أن تصيبنا بشيء من ضررها وشرها، إنها سورة الفلق وسورة الناس، وفي هذه الحلقة نتحدث عن سورة الفلق، ونبين ما فيها من المعاني الجليلة الجميلة، ومعي الدكتور أبو عمر عبد الحي يوسف ، جزاه الله عني وعن الإسلام والمسلمين كل خير، نحاول قدر المستطاع أن نلقي الضوء على هذه السورة.
الشيخ عبد الحي يوسف: أكرمك الله فضيلة الشيخ! كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه إذا أوى أحدهم إلى فراشه بأن يقرأ هذه السورة، ومعها التي قبلها والتي بعدها.
الشيخ محمد الخضيري: تعني: الإخلاص، والفلق، والناس.
الشيخ عبد الحي يوسف: وقد ثبت عن أمنا عائشة : ( بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام ينفث في يديه بالإخلاص والمعوذتين، -يعني: يقرأ فيهما ثم ينفخ- ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات ).
وكذلك كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يقرأ السور الثلاث دبر كل صلاة مرة واحدة، إلا بعد صلاة الفجر والمغرب فكان يقرؤهن ثلاث مرات، وكان من هديه صلوات ربه وسلامه عليه إذا اشتكى أحد من أصحابه بأنه يقرأ عليه هاتين السورتين المباركتين، وينفث عليهما، وقد قال لـعقبة بن عامر رضي الله عنه: ( ألم تر آيات أنزل علي، لم يتعوذ متعوذ بمثلهن قط، وقرأ هاتين السورتين الكريمتين ).
الشيخ محمد الخضيري: وكان عليه الصلاة والسلام قبل أن تنزل عليه هاتان السورتان يعوذ الحسن و الحسين من الجان وعين الإنسان، فلما نزلت هاتان السورتان عدل عنها، واكتفى بهما وترك ما سواهما؛ لأنهما سورتان جامعتان، ما تركتا شيئاً من الخير إلا احتوتاه.
الشيخ عبد الحي يوسف: بدأت هذه السورة مثلما بدأت التي قبلها والتي بعدها بالأمر (قل)، دلالةً على أهمية المأمور به، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، ثم بعد ذلك ذكر ربنا جل جلاله أربعة أنواع من الشرور: مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:2-5].
معنى الاستعاذة والفرق بين العياذ واللياذ
الشيخ عبد الحي يوسف: وأول ما يلزم أبا عبد الله ! أن نبين معنى الاستعاذة: (قل أعوذ).
الشيخ محمد الخضيري: (أعوذ) بمعنى: التجئ وأعتصم، المستعيذ يلتجئ ويعتصم بالمستعاذ به، وهو الله سبحانه وتعالى، ويطلب منه أن يكفيه من كل شر، مثل أن يلحقك عدو أو إنسان غاشم يريد أن يلحق بك سوءاً، فإنك تذهب إلى أقرب شيء لتلوذ به، أو تعوذ به من شر ذلك الذي يريد بك سوءاً، فهذه هي حقيقة الاستعاذة، وقد فرق العلماء بين العياذ واللياذ: بأن العياذ لطلب التحصين من الشر، واللياذ لطلب الخير.
الشيخ عبد الحي يوسف:
يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به فيما أحاذره
لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ولا يهيضون عظماً أنت جابره
المقصود بالفلق ومناسبة إضافته إلى الرب سبحانه وتعالى
الشيخ محمد الخضيري: ويأتي بعد ذلك قوله: (برب الفلق)، ما المقصود بالفلق؟
الشيخ عبد الحي يوسف: الفلق قيل: هو الصبح؛ لأنه ينفلق من الليل، كما قال سبحانه: وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [التكوير:18]، وقوله: فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً [الأنعام:96].
وقيل: كل ما ينفلق من غيره: إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى [الأنعام:95]، فالحبة تنفلق من القشرة، والصبح ينفلق من الليل، والقمر ينفلق، والمولود ينفلق، فكل ما ينفلق من غيره مقصود، ولعل هذا القول أقرب، وهو أنه يراد به العموم.
الشيخ محمد الخضيري: فإن قيل شيخنا الكريم! في قوله: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]: ما مناسبة أن ينسب، أو أن يضاف الرب إلى الفلق؟ فيقال: رب الفلق، الذي يظهر لي -والله أعلم- بالتأمل أن الرب سبحانه وتعالى يقول: أنتم في هذه الدنيا في ليل مدلهم، وفي ظلمة شديدة، والعادة أن الظلمة مظنة إصابة الإنسان بالسوء، فهذه السورة مثل الفلق، أو مثل الصبح الذي يخرج من الليل، كأنها أخرجتكم من هذه الشرور فأمنتم، وأضاءت لكم الطريق والله أعلم.
الشيخ عبد الحي يوسف: الله يجزيك الخير، هذه فائدة طيبة.
ومن معاني الاستعاذة أيضاً الالتصاق، ولذلك تقول العرب: أطيب اللحم أعوذه، أي: أكثره التصاقاً بالعظم.
الشيخ عبد الحي يوسف: وأول ما يلزم أبا عبد الله ! أن نبين معنى الاستعاذة: (قل أعوذ).
الشيخ محمد الخضيري: (أعوذ) بمعنى: التجئ وأعتصم، المستعيذ يلتجئ ويعتصم بالمستعاذ به، وهو الله سبحانه وتعالى، ويطلب منه أن يكفيه من كل شر، مثل أن يلحقك عدو أو إنسان غاشم يريد أن يلحق بك سوءاً، فإنك تذهب إلى أقرب شيء لتلوذ به، أو تعوذ به من شر ذلك الذي يريد بك سوءاً، فهذه هي حقيقة الاستعاذة، وقد فرق العلماء بين العياذ واللياذ: بأن العياذ لطلب التحصين من الشر، واللياذ لطلب الخير.
الشيخ عبد الحي يوسف:
يا من ألوذ به فيما أؤمله ومن أعوذ به فيما أحاذره
لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ولا يهيضون عظماً أنت جابره
الشيخ محمد الخضيري: ويأتي بعد ذلك قوله: (برب الفلق)، ما المقصود بالفلق؟
الشيخ عبد الحي يوسف: الفلق قيل: هو الصبح؛ لأنه ينفلق من الليل، كما قال سبحانه: وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [التكوير:18]، وقوله: فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً [الأنعام:96].
وقيل: كل ما ينفلق من غيره: إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى [الأنعام:95]، فالحبة تنفلق من القشرة، والصبح ينفلق من الليل، والقمر ينفلق، والمولود ينفلق، فكل ما ينفلق من غيره مقصود، ولعل هذا القول أقرب، وهو أنه يراد به العموم.
الشيخ محمد الخضيري: فإن قيل شيخنا الكريم! في قوله: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]: ما مناسبة أن ينسب، أو أن يضاف الرب إلى الفلق؟ فيقال: رب الفلق، الذي يظهر لي -والله أعلم- بالتأمل أن الرب سبحانه وتعالى يقول: أنتم في هذه الدنيا في ليل مدلهم، وفي ظلمة شديدة، والعادة أن الظلمة مظنة إصابة الإنسان بالسوء، فهذه السورة مثل الفلق، أو مثل الصبح الذي يخرج من الليل، كأنها أخرجتكم من هذه الشرور فأمنتم، وأضاءت لكم الطريق والله أعلم.
الشيخ عبد الحي يوسف: الله يجزيك الخير، هذه فائدة طيبة.
ومن معاني الاستعاذة أيضاً الالتصاق، ولذلك تقول العرب: أطيب اللحم أعوذه، أي: أكثره التصاقاً بالعظم.
الشيخ عبد الحي يوسف: ثم قال سبحانه: مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:2]، وهذا عموم، وسيأتي بعد ذلك التفصيل في هذا العموم.
الشيخ محمد الخضيري: مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:2]، كما ذكرتم وأسلفتم أنه مراد به كل شيء خلق الله فيه شراً حتى أنفسنا، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا )، فكل شيء خلقه الله عز وجل فيه شر، فنحن نستعيذ بالله منه بهذه الكلمة العامة الشاملة التي لم تدع شيئاً.
الشيخ عبد الحي يوسف: وهذا عموم بعده خصوص، وأيضاً: الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعمم ثم يخصص كما في حديث تعويذه للحسن و الحسين ( أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة )، بعدما يقول: ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق )، وفي بعض الألفاظ: ( من شر ما خلق، وبرأ، وذرى )، صلوات الله وسلامه عليه.
مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:2]، أي: من شر كل ذي شر الله آخذ بناصيته.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
واحة القرآن - بداية سورة الأعلى | 2477 استماع |
واحة القرآن - سورة الليل | 2431 استماع |
واحة القرآن - الرجال قوامون على النساء [2] | 2235 استماع |
واحة القرآن - سورة الأنعام والوصايا العشر [2] | 1982 استماع |
واحة القرآن - ولتكن منكم أمة | 1961 استماع |
واحة القرآن - خواتيم آل عمران | 1932 استماع |
واحة القرآن - سورة الأنعام والوصايا العشر [1] | 1911 استماع |
واحة القرآن - سورة الفلق [2] | 1798 استماع |
واحة القرآن - سورة الناس | 1788 استماع |
واحة القرآن - يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم | 1784 استماع |