شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس السادس عشر)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

والنار يصلاها الشقي بحكمة     وكذا التقي إلى الجنان سيدخل

معنى النار

(أل) في لفظة (النار) للعهد، ويقصد بها النار التي توعد الله سبحانه وتعالى بها من خالف شرعه ودينه من الكفار والمشركين، ومن عصاة المؤمنين، ولا يقصد بها نار الدنيا، فإنها ليست المرادة في قول الناظم رحمه الله تعالى، وإن كانت نار الدنيا جزءاً من نار الآخرة -نعوذ بالله- وقد أمر الله باتقاء النار في غير ما آية، وحذر منها، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من النار، وذكر المؤلف رحمه الله تعالى أن النار التي توعد الله بها إنما يصلاها الشقي.

قال في اللسان في كلمة (يصلاها) يقال: أصلاه النار أي: أدخله إياها، وكأن النار يدخلها الأشقياء، يقال: صلي فلان بالنار يصلى صلياً أي: احترق، والله يقول: هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً [مريم:70] أي: أن الكفار أولى من يدخل هذه النار.

من هو الشقي

(الشقي) في اللغة مأخوذ من الشقاء والشقاوة، وهو بالفتح ضد السعادة، والشقي هو المتلبس بالشقاء والشقاوة، ويقصد بها في سوء حاله وشره، وسميت الشقاوة بمعنى نكد العيش فإذا كان الإنسان متنكداً في عيشه، سمي هذا الشخص شقياً.

معنى الحكمة

وقوله: (بحكمة) الحكيم: هو فعيل من أحكم، يقال: أحكم الإنسان هذا الشيء إذا أتقنه أي: أحاطه من الخلل، بمعنى أنه لا يقع فيه زلل ولا نقص، وأصل مادة (حكم) في كلام العرب مأخوذة من المنع، من الفساد والخلل، وقال: ومنه حكمة الدابة، أي: أن الدابة يوضع في فمها لجام ويصبح الفارس يحكمها، فلا تميل يمنة ولا يسرة، بمعنى: أنه يضبطها في سيرها وفي مشيها، والحكيم بمعنى: المتقن للأمور كلها، ولذلك يقال: إن الله سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين، ويعتبر من أسمائه الحكيم، ومن صفاته كذلك أنه الحكم والحاكم سبحانه وتعالى، وهو الذي يحكم الأشياء ويتقنها، وقيل: إن الحكيم بمعنى ذو الحكمة، و(الحكمة) هي: معرفة أفضل الأشياء، وقيل: إن الحكيم بمعنى الحاكم، وقالوا: الحاكم هو القاضي.

الحكمة في دخول الأشقياء النار

بين المؤلف رحمه الله تعالى أن النار يصلاها الشقي، وكون الشقي يصلى هذه النار لم يصلها عبثاً، ولم يصل هذه النار ظلماً له، وإنما بحكمة قد تبدو للناس وقد لا تبدو لهم، وإن كان الشقي يدخل النار فحكمته واضحة لإظهار عدل الله سبحانه وتعالى، فالله يقول: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:35-36] أي: أنكم تأتون بشيء من عند أنفسكم، ولذلك ميز الله أهل الحق من أهل الكفر، وأن أهل الحق في الدنيا على إيمان وصلاح واستقامة وفي الآخرة مثلها، وإن كان بعض الناس قد لا ينظر إليه إلا نظرة ازدراء، والله قد قال: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين:29] ولكن أهل الإيمان يوم القيامة هم الذين يضحكون من الكفار، والسبب: هو ما يحدث من بيان حكمة الله تعالى فيما يجريه الله على عباده في الدنيا، وما يثيبهم الله في الآخرة.

معنى التقي

قول الناظم: (وكذا التقي) قالوا: التقي مأخوذ من التقوى، ويقال لك: خذ هذا أي: اتق بهذا الشيء، إذا أردت أن تحمل شيئاً حاراً تجد الناس يفزعون، خذ هذا لتتقي به حرارة النار، وكأن التقي عمل أعمالاً في هذه الحياة الدنيا تقيه من عقوبة الله يوم القيامة، ولا تقوى للإنسان من نار الله يوم القيامة إلا بالعمل بطاعة الله تعالى، فمن لا يعمل بطاعة الله تعالى لن يجعل بينه وبين عقوبة الله تعالى وقاية.

نجد أن التقي إلى أين؟ إلى الجنة.

معنى الجنة

ذكر أن التقي سيدخل إلى الجنان، والجنان مفرد جنة، وقد تكلم العلماء في ألفاظ (الجنة والجِنة والمجن والجن) وكل هذه الألفاظ تأخذ معنى الاستتار، ولذلك يقال: المجن يستتر به المقاتل، والجن سموا جناً لأنهم يستترون عن الأعين، والجنة سميت جنة وهي البستان، وهي الحديقة ذات الأشجار الكثيرة الملتفة، وهذه تستر من دخل فيها، وتجد أن الإنسان إذا ذهب إلى حديقة ومعه أهله بحث عن شيء يستره من الأشجار الملتفة حتى لا يطلع عليه أحد، وهي دار النعيم التي أعدها الله لأوليائه، ونسأل الله أن نكون من أهلها، وهذه يوم القيامة، ولذلك قالوا: منه الاجتنان وهو الستر لتكاثف أشجارها والتفاف بعضها على بعض، وتظليلها لأهلها.

قال: سيدخل التقي إلى الجنان، ومعنى الدخول: هو نقيض الخروج.

(أل) في لفظة (النار) للعهد، ويقصد بها النار التي توعد الله سبحانه وتعالى بها من خالف شرعه ودينه من الكفار والمشركين، ومن عصاة المؤمنين، ولا يقصد بها نار الدنيا، فإنها ليست المرادة في قول الناظم رحمه الله تعالى، وإن كانت نار الدنيا جزءاً من نار الآخرة -نعوذ بالله- وقد أمر الله باتقاء النار في غير ما آية، وحذر منها، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من النار، وذكر المؤلف رحمه الله تعالى أن النار التي توعد الله بها إنما يصلاها الشقي.

قال في اللسان في كلمة (يصلاها) يقال: أصلاه النار أي: أدخله إياها، وكأن النار يدخلها الأشقياء، يقال: صلي فلان بالنار يصلى صلياً أي: احترق، والله يقول: هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً [مريم:70] أي: أن الكفار أولى من يدخل هذه النار.

(الشقي) في اللغة مأخوذ من الشقاء والشقاوة، وهو بالفتح ضد السعادة، والشقي هو المتلبس بالشقاء والشقاوة، ويقصد بها في سوء حاله وشره، وسميت الشقاوة بمعنى نكد العيش فإذا كان الإنسان متنكداً في عيشه، سمي هذا الشخص شقياً.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عمر سعود العيد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الأول) 2467 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الثامن) 2414 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الخامس) 2367 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الخامس عشر) 2224 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الثاني عشر) 2102 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس التاسع) 2087 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الرابع) 2070 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الثامن عشر) 2003 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الحادي عشر) 1944 استماع
شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية (الدرس الثاني) 1861 استماع