شرح الفتوى الحموية [31]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

أما بعد:

فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في رسالته الحموية: [ وأما القسمان اللذان ينفيان ظاهرها، أعني: الذين يقولون: ليس لها في الباطن مدلول هو صفة الله تعالى قط، وأن الله لا صفة له ثبوتية، بل صفاته: إما سلبية وإما إضافية، وإما مركبة منهما، أو يثبتون بعض الصفات، وهي الصفات السبعة أو الثمانية أو الخمسة عشر، أو يثبتون الأحوال دون الصفات، ويقرون من الصفات الخبرية بما في القرآن دون الحديث، كما قد عرف من مذاهب المتكلمين، فهؤلاء قسمان: قسمٌ يتأولونها ويعينون المراد، مثل قولهم: استوى بمعنى استولى، أو بمعنى علو المكانة والقدر، أو بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه... إلى غير ذلك من معاني المتكلمين، وقسم يقولون: الله أعلم بما أراد بها، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية عما علمناه ].

المؤولة

المؤولة من المتكلمين الذين نفوا ظواهر النصوص، وقالوا: إن النصوص لا تدل على صفات نثبتها لله سبحانه وتعالى، هؤلاء انقسموا إلى أقسام -كما هو ظاهر من كلام الشيخ رحمه الله-: فمنهم من قال: (إن الله لا صفة له ثبوتية), يعني: لا يثبتون له صفة ثبوتية, فلا يثبتون له علماً ولا قدرةً ولا إرادةً، (بل صفاته إما سلبية)، فيقال مثلاً: لا عليم لا سميع لا بصير، (وإما إضافية) يقولون: إن هذه الصفات المثبتة له هي مضافة إضافة خلق لا إضافة صفة إلى الموصوف، فالذين يقولون: سمع الله وكلام الله، يقولون: نثبت أن لله سمعاً، لكنه ليس صفة له، بل هو مخلوق من مخلوقاته, فيقولون: السمع مضاف إلى الله إضافة خلق لا إضافة صفة، قال: (وإما مركبة منهما) أي: من السلب والإضافة, فيقولون: سميع بلا سمع, بصير بلا بصر، فيجمعون السلب والإثبات، أو يقولون: لا نقول: سميع ولا نقول: ليس سميعاً، فيصفونه بالسلب والإثبات جميعاً، فيجمعون بين النقيضين، يجمعون بين الإضافة وبين السلب, وهؤلاء هم الجهمية.

قال: (أو يثبتون بعض الصفات وهي الصفات السبعة أو الثمانية أو الخمسة عشرة) هذا يشير به إلى مثبتة الصفات من المتكلمة، وهم الأشاعرة ومن شابههم كالكلابية، والماتريدية وغيرهم، فهؤلاء أثبتوا بعض الصفات لله سبحانه وتعالى، واختلفوا فيما يثبتونه له من الصفات، فأثبتت الأشاعرة -وهو قول جمهورهم- سبع صفات، وأضاف البعض صفة ثامنة، وهي صفة البقاء، وزاد بعضهم صفات أخرى, فقالوا: نثبت لله الصفات، وننفي عنه أضدادها فتكون أربع عشرة صفة، ولكن المشهور من مذهب الأشاعرة هو الاقتصار على سبع صفات.

قال: (أو يثبتون الأحوال دون الصفات) والأحوال جمع حال، وهي مما يصعب تعريفه وإدراكه؛ لأنه لا حقيقة له، وقد قال بالأحوال النظام من المعتزلة، وهو معدود من الأمور التي لا حقيقة لها، ككسب الأشعري وطفرة النظام ، فهذه ثلاثة أمور يذكرها أهل العلم، ويذكرون أنه لا حقيقة لها؛ ولذلك يصعب تعريفها وبيانها.

قال: (أو يثبتون الأحوال دون الصفات على ما قد عرف من مذهب المتكلمين، فهؤلاء) أي: هؤلاء الذين ينفون ظواهر النصوص ويؤولونها (قسمان: قسم يتأولونها ويميزون المراد، مثل قولهم: استوى بمعنى استولى، أو بمعنى علو المكانة والقدر، أو بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه، إلى غير ذلك من معاني المتكلمين) أي: المتأولين المحرفين للكلم عن مواضعه.

المفوضة

(وقسم: يقولون: الله أعلم بما أراد، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية عما علمناه) يعني: لا يثبت بهذه النصوص من الآيات والأحاديث صفة خارجية، إنما نثبت أن ظاهرها غير مراد، ومعناها الله أعلم به، وهؤلاء الذين يجعلون آيات الصفات من المتشـابه الذي يدخـل في قـوله جـل وعـلا: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ [آل عمران:7] ويقفون، هؤلاء جعلوا آيات الصفات غير مرادة الظاهر، وأن لها معنى لكن لا يعلم، وهذا من أقسام المفوضة كما تقدم في ذكر أقسامه.

الواقفة

قال: [ وأما القسمان الواقفان: فقوم يقولون: يجوز أن يكون المراد ظاهرها اللائق بجلال الله، ويجوز ألا يكون المراد صفة الله ونحو ذلك، وهذه طريقة كثير من الفقهاء وغيرهم. وقوم يمسكون عن هذا كله، ولا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث، معرضين بقلوبهم وألسنتهم عن هذه التقديرات، فهذه الأقسام الستة لا يمكن أن يخرج الرجل عن قسم منها ].

قال: (وأما القسمان) قسم يقول: إن النص يحتمل هذا، أي: يحتمل ظاهرها ويحتمل التأويل, وقسم لا ينظرون في هذه النصوص أصلاً ويعرضون عنها ولا يتأملونها ولا يتدبرونها، يقبلون على قراءة القرآن وعلى قـراءة الأحـاديث دون النظر إلى المعـاني، وهؤلاء يصدق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم) أي: لا تنفذ معانيه إلى قلوبهم ولا تؤثر فيه؛ لأنهم يقرءونه كما يقرءون حروف الهجاء: ألف باء تاء ثاء.. لا يعقلون لها معاني, فهؤلاء يصدق عليهم قوله جل وعلا: كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً [الجمعة:5]؛ لأنهم لا يعقلون هذه المعاني، وكل هذه الفرق ضالة إلا من أثبت لله ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

المؤولة من المتكلمين الذين نفوا ظواهر النصوص، وقالوا: إن النصوص لا تدل على صفات نثبتها لله سبحانه وتعالى، هؤلاء انقسموا إلى أقسام -كما هو ظاهر من كلام الشيخ رحمه الله-: فمنهم من قال: (إن الله لا صفة له ثبوتية), يعني: لا يثبتون له صفة ثبوتية, فلا يثبتون له علماً ولا قدرةً ولا إرادةً، (بل صفاته إما سلبية)، فيقال مثلاً: لا عليم لا سميع لا بصير، (وإما إضافية) يقولون: إن هذه الصفات المثبتة له هي مضافة إضافة خلق لا إضافة صفة إلى الموصوف، فالذين يقولون: سمع الله وكلام الله، يقولون: نثبت أن لله سمعاً، لكنه ليس صفة له، بل هو مخلوق من مخلوقاته, فيقولون: السمع مضاف إلى الله إضافة خلق لا إضافة صفة، قال: (وإما مركبة منهما) أي: من السلب والإضافة, فيقولون: سميع بلا سمع, بصير بلا بصر، فيجمعون السلب والإثبات، أو يقولون: لا نقول: سميع ولا نقول: ليس سميعاً، فيصفونه بالسلب والإثبات جميعاً، فيجمعون بين النقيضين، يجمعون بين الإضافة وبين السلب, وهؤلاء هم الجهمية.

قال: (أو يثبتون بعض الصفات وهي الصفات السبعة أو الثمانية أو الخمسة عشرة) هذا يشير به إلى مثبتة الصفات من المتكلمة، وهم الأشاعرة ومن شابههم كالكلابية، والماتريدية وغيرهم، فهؤلاء أثبتوا بعض الصفات لله سبحانه وتعالى، واختلفوا فيما يثبتونه له من الصفات، فأثبتت الأشاعرة -وهو قول جمهورهم- سبع صفات، وأضاف البعض صفة ثامنة، وهي صفة البقاء، وزاد بعضهم صفات أخرى, فقالوا: نثبت لله الصفات، وننفي عنه أضدادها فتكون أربع عشرة صفة، ولكن المشهور من مذهب الأشاعرة هو الاقتصار على سبع صفات.

قال: (أو يثبتون الأحوال دون الصفات) والأحوال جمع حال، وهي مما يصعب تعريفه وإدراكه؛ لأنه لا حقيقة له، وقد قال بالأحوال النظام من المعتزلة، وهو معدود من الأمور التي لا حقيقة لها، ككسب الأشعري وطفرة النظام ، فهذه ثلاثة أمور يذكرها أهل العلم، ويذكرون أنه لا حقيقة لها؛ ولذلك يصعب تعريفها وبيانها.

قال: (أو يثبتون الأحوال دون الصفات على ما قد عرف من مذهب المتكلمين، فهؤلاء) أي: هؤلاء الذين ينفون ظواهر النصوص ويؤولونها (قسمان: قسم يتأولونها ويميزون المراد، مثل قولهم: استوى بمعنى استولى، أو بمعنى علو المكانة والقدر، أو بمعنى ظهور نوره للعرش، أو بمعنى انتهاء الخلق إليه، إلى غير ذلك من معاني المتكلمين) أي: المتأولين المحرفين للكلم عن مواضعه.

(وقسم: يقولون: الله أعلم بما أراد، لكنا نعلم أنه لم يرد إثبات صفة خارجية عما علمناه) يعني: لا يثبت بهذه النصوص من الآيات والأحاديث صفة خارجية، إنما نثبت أن ظاهرها غير مراد، ومعناها الله أعلم به، وهؤلاء الذين يجعلون آيات الصفات من المتشـابه الذي يدخـل في قـوله جـل وعـلا: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ [آل عمران:7] ويقفون، هؤلاء جعلوا آيات الصفات غير مرادة الظاهر، وأن لها معنى لكن لا يعلم، وهذا من أقسام المفوضة كما تقدم في ذكر أقسامه.

قال: [ وأما القسمان الواقفان: فقوم يقولون: يجوز أن يكون المراد ظاهرها اللائق بجلال الله، ويجوز ألا يكون المراد صفة الله ونحو ذلك، وهذه طريقة كثير من الفقهاء وغيرهم. وقوم يمسكون عن هذا كله، ولا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث، معرضين بقلوبهم وألسنتهم عن هذه التقديرات، فهذه الأقسام الستة لا يمكن أن يخرج الرجل عن قسم منها ].

قال: (وأما القسمان) قسم يقول: إن النص يحتمل هذا، أي: يحتمل ظاهرها ويحتمل التأويل, وقسم لا ينظرون في هذه النصوص أصلاً ويعرضون عنها ولا يتأملونها ولا يتدبرونها، يقبلون على قراءة القرآن وعلى قـراءة الأحـاديث دون النظر إلى المعـاني، وهؤلاء يصدق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم) أي: لا تنفذ معانيه إلى قلوبهم ولا تؤثر فيه؛ لأنهم يقرءونه كما يقرءون حروف الهجاء: ألف باء تاء ثاء.. لا يعقلون لها معاني, فهؤلاء يصدق عليهم قوله جل وعلا: كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً [الجمعة:5]؛ لأنهم لا يعقلون هذه المعاني، وكل هذه الفرق ضالة إلا من أثبت لله ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

[ والصواب في كثير من آيات الصفات وأحاديثها: القطع بالطريقة الثابتة كالآيات والأحاديث الدالة على أن الله -سبحانه وتعالى- فوق عرشه، وتعلم طريقة الصواب في هذا وأمثاله بدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك، دلالة لا تحتمل النقيض ].

وتعلم طريقة الصواب في هذا -أي: في نصوص الأسماء والصفات من الآيات والأحاديث- وأمثاله بدلالة الكتاب والسنة والإجماع على ذلك دلالة لا تحتمل النقيض؛ كآيات الاستواء, فإنها دلالة لا تحتمل النقيض من أن مراد الله تعالى إثبات الاستواء لنفسه، وكدلالة النصوص على علوه سبحانه وتعالى، فإنها ظاهرة في معناها لا تحتمل نقيض ما دلت عليه.

[ وفي بعضها قد يغلب على الظن ذلك مع احتمال النقيض ].

مثل النصوص التي فيها اليد والعين تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14] قالوا: يحتمل أن المراد: عنايتنا وحفظنا، لكن هذا ليس هو الظاهر من النص المتبادر، فهو معنى مرجوح ليس معنى ملغى، والراجح هو إثبات النص على ما دل عليه في إثبات صفة العين لله سبحانه وتعالى، فهذا يغلب على الظن إثبات هذا الوصف الذي دلت عليه الآية مع احتمال النقيض واحتمال عدم دلالته على الإثبات، لكن هذا احتمال ضعيف.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح الفتوى الحموية [23] 2840 استماع
شرح الفتوى الحموية [8] 2296 استماع
شرح الفتوى الحموية [17] 2168 استماع
شرح الفتوى الحموية [27] 2166 استماع
شرح الفتوى الحموية [15] 1975 استماع
شرح الفتوى الحموية [10] 1873 استماع
شرح الفتوى الحموية [2] 1857 استماع
شرح الفتوى الحموية [3] 1847 استماع
شرح الفتوى الحموية [6] 1847 استماع
شرح الفتوى الحموية [20] 1799 استماع