أرشيف المقالات

قصص رويت في السيرة ولا تصح (1)

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
قصص رويت في السيرة ولا تصح (1)
 
القصة الأولى: العنكبوت والحمام في الغار:
أخرج ابن سعد (1 / 228، 229)، والبزار في مسنده (2 / 299 / 1741 - كشف الأستار)، والطبراني في الكبير (20 / 443 / 1082)، والعقيلي (346)، وغيرُهم، عن أبي مُصعب المكِّي قال: أدركتُ زيد بن أرقم، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك رضي الله عنهم يَذكرون أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الغار أَمر الله عزَّ وجلَّ شجرةً فخرجَت في وجه النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم تَستره، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ بعث العنكبوت فنسجَت ما بينهما، فسترَت وجهَ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وأَمر الله حمامتَين وحشيَّتين فأقبلتا تَدُفَّان (وفي نسخة: ترفَّان) حتى وقعتا بين العَنكبوت وبين الشَّجرة، فأقبل فتيانُ قريش، من كلِّ بطنٍ رَجلٌ، معهم عصيُّهم وقسيهم وهراواتهم، حتى إذا كانوا من النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم على قدْر مائتي ذِراع، قال الدَّليل سراقة بن مالك المدلجي: انظروا هذا الحجر، ثمَّ لا أدري أين وضَع رجلَه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الفتيان: إنَّك لم تخطر منذ الليلة أثَره، حتى إذا أصبحنا قال: انظروا في الغار! فاستقدَم القوم حتى إذا كانوا على خمسين ذراعًا، نظَر أوَّلُهم فإذا الحمامات، فرَجَع، قالوا: ما ردَّك أن تَنظر في الغار؟ قال: رأيتُ حمامتَين وحشيَّتَين بفَم الغار فعرفتُ أنْ ليس فيه أحد، فسمعَها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم، فعرف أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد درأ عنهما بهما، فسَمَّتَ عليهما، فأحرَزهما اللهُ تعالى بالحرَم فأفرَخا كلَّ ما ترون.

قال الألبانيُّ رحمه الله في السلسلة الضعيفة والموضوعة (3 / 259 - رقم: 1128): "منكر".


ومثلُه ما رواه الحسَن - وهو البصري - قال رحمه الله: "انطلَق النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر إلى الغار، فدخَلا فيه، فجاءت العنكبوتُ، فنسجَت على باب الغار، وجاءت قريش يَطلبون النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، وكانوا إذا رأَوا على باب الغار نَسْج العنكبوت قالوا: لم يدْخُله أحدٌ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم قائمًا يصلِّي، وأبو بكر يَرتقب، فقال أبو بكر رضي الله عنه للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: فِداك أبي وأمِّي، هؤلاء قومك يَطلبونك! أمَا والله ما على نَفسي أبكي، ولكن مخافةَ أن أرى فيك ما أَكره، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40].

قال الألبانيُّ رحمه الله في السلسلة الضعيفة والموضوعة (3 / 261 - رقم: 1129): "ضعيف".

وثمَّت أحاديث أُخر، وقد قال الألبانيُّ رحمه الله في السلسلة الضعيفة والموضوعة تحت الحديث رقم: (1189): "واعلم أنَّه لا يصحُّ حديثٌ في عَنكبوت الغار والحمامتَين، على كَثرة ما يُذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تُلقى بمناسبة هِجرتِه صلَّى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، فكُن من ذلك على علم".


القصة الثانية: استقبال النساء والولائد للنبيِّ بالدفوف والغناء:
قال عبدالله بن محمد بن عائشة: "لمَّا قدِم المدينةَ جعل النِّساءُ والصبيان والولائد يقلن:






طلَع البدرُ علينا
من ثنيَّاتِ الوداع


وجَب الشُّكرُ علينا
ما دَعا لله داع






 
قال الألبانيُّ رحمه الله في السِّلسلة الضَّعيفة والموضوعة رقم (598): "ضعيف".

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله كما في الفتاوى (2 / 196): "وما يروونه عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لمَّا قدِم إلى المدينة خرجْنَ بنات النَّجار بالدُّفوف وهن يقلن:
طلَع البدرُ علينا ♦♦♦ من ثنيَّاتِ الوداع...

إلى آخِر الشِّعر، فقال لهنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا الحديث، فممَّا لا يُعرف عنه صلى الله عليه وآله وسلم".

وقال ابن القيِّم رحمه الله في الزاد (3 / 13): (وهو وهمٌ ظاهر؛ لأنَّ "ثنيَّات الوداع" إنَّما هي ناحيةُ الشَّام، لا يراها القادِم من مكَّة إلى المدينة، ولا يمرُّ بها إلَّا إذا توجَّه إلى الشام، ومع هذا فلا يَزال النَّاس يرون خلاف هذا التَّحقيق).

وقال الحافظ رحمه الله في الفتح (4 / 262): "وهو سنَد مُعْضل، ولعلَّ ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك".

قال الألبانيُّ رحمه الله: "على أنَّ القصَّةَ برمَّتها غير ثابِتة كما رأيتَ!"؛ وانظر أيضًا: الضعيفة، تحت الحديث رقم: (6508).

القصَّة الثالثة: بيات عليٍّ في فراش الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
أخرجها أحمد في المسند (3251) من طريق عبدالرَّزاق في المصنَّف (5 / 389)، وعنه الطبرانيُّ في المعجم الكبير (11 / 407 / 12155) عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ ﴾ [الأنفال: 30]، قال: "تشاورَت قريش ليلةً بمكَّة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبِتوه بالوثاق؛ يريدون النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، وقال بعضُهم: اقتلوه، وقال بعضُهم: بل أخرِجوه، فأطلَع الله عزَّ وجلَّ نبيَّه على ذلك، فبات عليٌّ على فِراش النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم تلك اللَّيلةَ، وخرج النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم حتى لَحق بالغار، وبات المشرِكون يَحرسون عليًّا، يَحسَبونه النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلمَّا أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا عليًّا ردَّ الله مكرَهم...".

وقد ضعَّفها الألبانيُّ رحمه الله في السلسلة الضعيفة والموضوعة تحت الحديث رقم: (598)، وانظر فيها - أيضًا - حديثًا موضوعًا برقم: (4946).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢