خطب ومحاضرات
شرح العقيدة الطحاوية [13]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
[ ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله، ولا نجادل في القرآن، ونشهد أنه كلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين، فعلمه سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وعلى آله أجمعين، وهو كلام الله تعالى، لا يساويه شيء من كلام المخلوقين، ولا نقول بخلقه، ولا نخالف جماعة المسلمين ].
يقول رحمه الله: (ولا نخوض في الله) الخوض في أصل استعماله هو الولوج في الماء، ثم استعمل هذا اللفظ على كل دخول في الشيء على وجه باطل، فمراد المؤلف رحمه الله في قوله: (ولا نخوض في الله) أي: لا نتكلم فيما يتعلق بالله جل وعلا بالباطل وبغير الحق، وذلك إما أن يكون بسلوك طريق المتكلمين الذين سلكوا غير الصراط المستقيم فيما يتعلق بالله جل وعلا وأسمائه وصفاته وأفعاله، وإما أن يكون بالإعراض عما جاء في الكتاب والسنة من وصفه، فنقبل بعضاً ونرد بعضاً، فهذا -أيضاً- من الخوض.
ومن الخوض في الله جل وعلا والكلام الباطل فيه سبحانه وتعالى تكييف صفاته وتمثيلها، والبحث عن حقائقها وكيفياتها، فإن هذا من الخوض بالباطل؛ لأن هذا مما لا يجوز طلبه، ولا النظر إليه، ولا بحثه؛ لأن الله جل وعلا نهانا عن طلب ذلك والنظر فيه في قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وهذا خبر يتضمن معنى النهي عن طلب المثل، بل قال: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74]، وقال: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:22]، وما أشبه ذلك مما يفيد النهي عن تمثيل الله عز وجل، وطلب الكيفيات لأفعاله وصفاته سبحانه وتعالى.
كل هذا يدخل في قول المؤلف رحمه الله: (ولا نخوض في الله).
ومن ذلك: التفكر في ذات الله، والسؤال: كيف هو؟! وما أشبه ذلك مما يوقع الإنسان في الشك والريب، ولا يصل معه إلى علم ولا يقين؛ ولذلك جاء في الأثر: (تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في ذات الله).
وقد أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المؤمن بكف سلسلة الوساوس المتعلقة بالله جل وعلا، فأخبر أن الشيطان يأتي إلى ابن آدم فيقول: من خلق هذا؟ فيقول: الله، من خلق هذا؟ فيقول: الله، من خلق هذا؟ فيقول: الله، ولا يزال به الشيطان حتى يقول: من خلق الله؟ وعند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فليستعذ بالله ولينته) فأمره بالاستعاذة؛ لأن هذا من الشيطان، والانتهاء أي: قطع النظر والخوض في هذا الأمر، فإنه مما يوقع الإنسان في المهالك ويورده المعاطب.
فالواجب على المؤمن ألا يخوض في هذه الأمور، ويقتصر على ما جاء في الكتاب والسنة، فإن فيها الكفاية في معرفة الله جل وعلا، والعلم به سبحانه وتعالى.
ومن رام زيادة على ما جاءت به النصوص في الكتاب والسنة فقد تكلف علم ما لم يكلف به، وزاد وغلا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون) ، ويدخل في هذا الخبر والدعاء الذين يتعمقون في أسماء الله وصفاته.
ثم قال رحمه الله: (ولا نماري في دين الله) (لا نماري) أي: لا نجادل، والمقصود بالمجادلة هنا: المجادلة بالباطل، أما المجادلة التي يحق بها الحق، ويظهر بها ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه السلف الصالح فإنها مطلوبة؛ لأن بها يُخصم الخصم، ويُكبت المعاند، فالرد على المخالفين لطريقة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات بالحجج، ومجادلتهم ومناقشتهم جرى عليه العلماء قديماً وحديثاً، وليس هذا من المراء في دين الله، فالمراء في دين الله أن يجعل الإنسان دينه عرضة للمجادلات والمناقشات، ومن أكثر المجادلة والمناقشة أكثر التنقل وضل؛ ولذلك لما قال أحدهم للإمام مالك : تعال أماريك، قال: (أنا قد عرفت ديني، فاذهب إلى شاك) أو كلمة نحوها، وهذا يدل على أن السلف رحمهم الله كانوا يوصدون الباب أمام كل هؤلاء المجادلين بالباطل، ويخوضون في دين الله بالظنون والأوهام والنوايا الفاسدة.
ثم قال رحمه الله بعد ذلك: (ولا نجادل في القرآن، ونشهد أنه كلام رب العالمين) هذا من التكرار الذي اتصفت به هذه العقيدة، يقول رحمه الله: (ولا نجادل في القرآن) أي: لا نخاصم في القرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن المخاصمة في القرآن، ويشمل هذا المخاصمة في تأويله وتفسيره، والمخاصمة في ضرب بعض آياته ببعض، ويشمل هذا -أيضاً- المخاصمة في القراءات، ويشمل هذا -أيضاً- المخاصمة فيه بالباطل بأن يقر به الإنسان باطلاً، ويبطل به حقاً، فإن هذا من المجادلة في القرآن التي نُهى عنها، كأن يستدل بالقرآن على المعاني الباطلة التي يريد أن يقررها ويحتج لها بالقرآن، وما من شخص يحتج بالقرآن على بدعة أو ضلالة قديمة أو حديثة إلا وفيما استدل به من القرآن ما يبطل دعواه، ويرد باطله.
إذا:ً قوله: (لا نجادل في القرآن) يشمل كل هذا، فالذين يختلفون في القراءات يدخلون في هذا، والذين يختلفون في المعاني ويتخاصمون يدخلون في هذا، والذين يضربون بعض القرآن ببعض يدخلون في هذا، والذين يخالفون ما دل عليه القرآن من أن القرآن كلام الله جل وعلا يدخلون في هذا من باب أولى، كشأن كل المخالفين لأهل السنة والجماعة في مسألة القرآن، وأنه كلام الله جل وعلا.
القرآن كلام الله مخلوق، والرد على القائلين بخلقه
فوصف القرآن بأنه كلامه سبحانه وتعالى، ومعلوم أن الكلام صفة لا تقوم إلا بموصوف، فلا يمكن أن يكون مخلوقاً كما زعمته الجهمية، والإقرار بأن القرآن كلام رب العالمين من حيث اللفظ يوافق فيه المعتزلة ويوافق فيه الأشاعرة ومثبتة الصفات، لكنهم يختلفون في تفسير هذه الإضافة، فالمعتزلة يقولون: الإضافة إضافة خلق، فمعنى كلام الله أي: كلامه المخلوق كقول صالح: نَاقَةُ اللَّهِ [الأعراف:73] فأضاف الناقة إلى الله والإضافة هنا إضافة خلق للتشريف.
ومعلوم أن القرآن ليس كالناقة؛ لأن الناقة مخلوق مستقل، أما الكلام فلابد أن يقوم بشيء، وهذا الشيء ليس عيناً قائماً بذاته، فقولهم باطل، فهم يقولون: القرآن كلام الله، ولكنهم لا يوافقون أهل السنة والجماعة في أنه صفة من صفات الله عز وجل، بل هم يقولون: هو كلام الله، لكنه مخلوق.
وأما الأشاعرة والماتريدية والكلَّابية فإنهم يقولون: القرآن كلام الله، لكنهم يقولون: كلام نفساني يعني: معنى بغير حرف ولا صوت، وأهل السنة والجماعة يقولون: هو كلامه جل وعلا بحرف وصوت تكلم به على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى بلا كيف ومعنى بلا كيف أي: لا نكيف، من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.
ثم قال رحمه الله: (نزل به الروح الأمين) هذا بيان أن القرآن كلام الله، وأن الروح الأمين جبريل عليه السلام تلقاه كلاماً من رب العالمين، ولم ينقله من اللوح المحفوظ كما زعمه من زعمه من المبطلين، فإن جبريل عليه السلام تلقى القرآن من الله جل وعلا، ولا يعارض هذا أن القرآن في اللوح المحفوظ، فإن أهل السنة والجماعة مجمعون على أن القرآن في اللوح المحفوظ كما قال سبحانه وتعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22]
فالقرآن في اللوح المحفوظ الذي كتب الله به كل شيء، لكن تكلم به سبحانه وتعالى وقت نزوله.
قال رحمه الله: (نزل به الروح الأمين) وهذا مما يثبت أنه من الله جل وعلا، والروح الأمين هو: جبريل كما قال سبحانه وتعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [النحل:102]، وكما قال سبحانه وتعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ [الشعراء:193-194] فلا ريب أن القرآن نزل به جبريل عليه السلام، وقد تلقاه من رب العالمين كلاماً سمعه فنقله.
يقول: (فعلَّمه) الضمير يعود إلى جبريل، علَّم جبريل (سيد المرسلين) أي: علم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يشير بهذا إلى قوله تعالى: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى [النجم:5-6] وهذا الوصف لا إشكال أنه لجبريل، فإنه شديد القوى أي: شديد القوة: (ذُو مِرَّةٍ) أي: ذو هيئة حسنة، وقيل: إن الضمير في الآية يعود إلى الله، لكن الصحيح أن الضمير يعود إلى جبريل عليه السلام.
يقول: (فعلمه سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فالقرآن متلقى من جبريل عن الله عز وجل.
معنى إضافة القرآن إلى جبريل وإلى النبي صلى الله عليه وسلم
(لا يساويه شيء من كلام المخلوقين) وهذا فيه الرد على من قال: إن القرآن من كلام جبريل، وفيه الرد على من قال: إن القرآن من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن الله سبحانه وتعالى أضاف القرآن إلى الرسول الملكي والى الرسول البشري أي: إلى جبريل والى النبي صلى الله عليه وسلم، أضافه إلى جبريل في قوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير:19-20]هذا الرسول هو جبريل عليه السلام.
وأضافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ [الحاقة:40-41] ومعلوم أن الذي اُتهم بأنه شاعر هو النبي صلى الله عليه وسلم.
فالإضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع، والإضافة إلى جبريل في الموضع السابق إضافة تبليغ، وليست إضافة إنشاء، وهذا الذي جعل المؤلف رحمه الله يقول: (لا يساويه شيء من كلام المخلوقين)، وقوله: (المخلوقين) يشمل الإنس والجن والملائكة، وكل مخلوق يتصور منه الكلام لا يأتي بمثله، فلو اجتمع الإنس والجن ومن في السماء والأرض على أن يأتوا بمثل القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، بل هو قول رب العالمين الذي لا مثل له ولا ند سبحانه وتعالى.
ثم قال: (ولا نقول بخلقه) رد بهذا على الجهمية الذين قالوا: إن القرآن كلام الله مخلوق، وهم الذين جرت منهم الفتنة لعلماء المسلمين، ولأئمة الإسلام في وقت الإمام أحمد رحمه الله، فالإمام أحمد ابتلي بالجهمية الذين كانوا يفتنون الناس في مسألة خلق القرآن.
قال رحمه الله: (ولا نخالف جماعة المسلمين) يعني: في جميع ما نعتقد فيما يتعلق بهذا وبغيره، لكن هنا المراد به: لا نخالف جماعة المسلمين في مسألة: القول بأن القرآن كلام الله، ومن هذا نعلم أن جماعة المسلمين قديماً وحديثاً على أن القرآن كلام الله، منه بدأ وإليه سبحانه وتعالى يعود، ومن قال بغير هذا فإنه خالف جماعة المسلمين.
قال المؤلف رحمه الله: (ونشهد أنه كلام رب العالمين) أي: لا نجادل مجادلة أهل الباطل بنفي أن يكون القرآن كلام الله جل وعلا، بل نثبت بأن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى، منه بدأ وإليه يعود كما قال أهل السنة والجماعة، فنشهد أنه كلام رب العالمين، والقرآن كلام رب العالمين لا إشكال في هذا، قال الله جل وعلا في وصف كلامه للقرآن: وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6].
فوصف القرآن بأنه كلامه سبحانه وتعالى، ومعلوم أن الكلام صفة لا تقوم إلا بموصوف، فلا يمكن أن يكون مخلوقاً كما زعمته الجهمية، والإقرار بأن القرآن كلام رب العالمين من حيث اللفظ يوافق فيه المعتزلة ويوافق فيه الأشاعرة ومثبتة الصفات، لكنهم يختلفون في تفسير هذه الإضافة، فالمعتزلة يقولون: الإضافة إضافة خلق، فمعنى كلام الله أي: كلامه المخلوق كقول صالح: نَاقَةُ اللَّهِ [الأعراف:73] فأضاف الناقة إلى الله والإضافة هنا إضافة خلق للتشريف.
ومعلوم أن القرآن ليس كالناقة؛ لأن الناقة مخلوق مستقل، أما الكلام فلابد أن يقوم بشيء، وهذا الشيء ليس عيناً قائماً بذاته، فقولهم باطل، فهم يقولون: القرآن كلام الله، ولكنهم لا يوافقون أهل السنة والجماعة في أنه صفة من صفات الله عز وجل، بل هم يقولون: هو كلام الله، لكنه مخلوق.
وأما الأشاعرة والماتريدية والكلَّابية فإنهم يقولون: القرآن كلام الله، لكنهم يقولون: كلام نفساني يعني: معنى بغير حرف ولا صوت، وأهل السنة والجماعة يقولون: هو كلامه جل وعلا بحرف وصوت تكلم به على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى بلا كيف ومعنى بلا كيف أي: لا نكيف، من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.
ثم قال رحمه الله: (نزل به الروح الأمين) هذا بيان أن القرآن كلام الله، وأن الروح الأمين جبريل عليه السلام تلقاه كلاماً من رب العالمين، ولم ينقله من اللوح المحفوظ كما زعمه من زعمه من المبطلين، فإن جبريل عليه السلام تلقى القرآن من الله جل وعلا، ولا يعارض هذا أن القرآن في اللوح المحفوظ، فإن أهل السنة والجماعة مجمعون على أن القرآن في اللوح المحفوظ كما قال سبحانه وتعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22]
فالقرآن في اللوح المحفوظ الذي كتب الله به كل شيء، لكن تكلم به سبحانه وتعالى وقت نزوله.
قال رحمه الله: (نزل به الروح الأمين) وهذا مما يثبت أنه من الله جل وعلا، والروح الأمين هو: جبريل كما قال سبحانه وتعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [النحل:102]، وكما قال سبحانه وتعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ [الشعراء:193-194] فلا ريب أن القرآن نزل به جبريل عليه السلام، وقد تلقاه من رب العالمين كلاماً سمعه فنقله.
يقول: (فعلَّمه) الضمير يعود إلى جبريل، علَّم جبريل (سيد المرسلين) أي: علم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يشير بهذا إلى قوله تعالى: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى [النجم:5-6] وهذا الوصف لا إشكال أنه لجبريل، فإنه شديد القوى أي: شديد القوة: (ذُو مِرَّةٍ) أي: ذو هيئة حسنة، وقيل: إن الضمير في الآية يعود إلى الله، لكن الصحيح أن الضمير يعود إلى جبريل عليه السلام.
يقول: (فعلمه سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فالقرآن متلقى من جبريل عن الله عز وجل.
يقول رحمه الله: (وهو) أي: القرآن الكريم (كلام الله تعالى) وهذا إعادة لما تقدم، لكنها إعادة ليبني عليها، فقوله:
(لا يساويه شيء من كلام المخلوقين) وهذا فيه الرد على من قال: إن القرآن من كلام جبريل، وفيه الرد على من قال: إن القرآن من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن الله سبحانه وتعالى أضاف القرآن إلى الرسول الملكي والى الرسول البشري أي: إلى جبريل والى النبي صلى الله عليه وسلم، أضافه إلى جبريل في قوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير:19-20]هذا الرسول هو جبريل عليه السلام.
وأضافه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ [الحاقة:40-41] ومعلوم أن الذي اُتهم بأنه شاعر هو النبي صلى الله عليه وسلم.
فالإضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع، والإضافة إلى جبريل في الموضع السابق إضافة تبليغ، وليست إضافة إنشاء، وهذا الذي جعل المؤلف رحمه الله يقول: (لا يساويه شيء من كلام المخلوقين)، وقوله: (المخلوقين) يشمل الإنس والجن والملائكة، وكل مخلوق يتصور منه الكلام لا يأتي بمثله، فلو اجتمع الإنس والجن ومن في السماء والأرض على أن يأتوا بمثل القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، بل هو قول رب العالمين الذي لا مثل له ولا ند سبحانه وتعالى.
ثم قال: (ولا نقول بخلقه) رد بهذا على الجهمية الذين قالوا: إن القرآن كلام الله مخلوق، وهم الذين جرت منهم الفتنة لعلماء المسلمين، ولأئمة الإسلام في وقت الإمام أحمد رحمه الله، فالإمام أحمد ابتلي بالجهمية الذين كانوا يفتنون الناس في مسألة خلق القرآن.
قال رحمه الله: (ولا نخالف جماعة المسلمين) يعني: في جميع ما نعتقد فيما يتعلق بهذا وبغيره، لكن هنا المراد به: لا نخالف جماعة المسلمين في مسألة: القول بأن القرآن كلام الله، ومن هذا نعلم أن جماعة المسلمين قديماً وحديثاً على أن القرآن كلام الله، منه بدأ وإليه سبحانه وتعالى يعود، ومن قال بغير هذا فإنه خالف جماعة المسلمين.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح العقيدة الطحاوية [17] | 2735 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [8] | 2630 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [20] | 2362 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [2] | 2352 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [5] | 2104 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [15] | 2064 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [6] | 2055 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [9] | 2045 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [4] | 2040 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [11] | 1925 استماع |