خطب ومحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
شرح العقيدة الطحاوية [6]
الحلقة مفرغة
دعوة النبي خاتمة الدعوات
الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
[ وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى، وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، بالحق والهدى، وبالنور والضياء ].
قال المؤلف رحمه الله في تكملة ما يتعلق بتقرير رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وكل دعوى النبوة)، أي: وكل ادعاء للنبوة بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فغي وهوى، فوصفها المؤلف رحمه الله بوصفين: (غي وهوى)، والغي: هو الجهل عن اعتقاد فاسد، فادعاء النبوة بعد نبوة النبي صلى الله عليه وسلم جهل ناشئ عن اعتقاد فاسد، وهو أنه تجوز النبوة بعده صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقول المؤلف: (وهوى) أي: واتباع للهوى وهو ما تشتهيه النفس وتميل إليه، فالهوى: مأخوذ من هوى يهوى إذا مال إلى الشيء والتذ به وانجذب إليه، فكل من ادعى النبوة بعد محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدعواه لا تخرج عن هذين:
- عن كونها جهلاً ناشئاً عن اعتقاد فاسد، أو اتباعاً للهوى.
دعوة النبي عامة للإنس والجن
ومما يدل على عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله أمره بمخاطبة اليهود والنصارى، وهم بقية من الأمم السابقة الذين معهم كتب، وخاطبهم صلى الله عليه وسلم وأمرهم بالاستجابة إليه: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64].
فكل من لم يأت بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الإقرار له بالرسالة فهو كافر بالله العظيم، وما يدعيه أهل الكتاب من أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة بالعرب أو بالأميين فهو كذب وضلال، وهذا في الحقيقة طعن وتكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم، فأهل الكتاب الذين يقولون: نحن نؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم لكنه خاص بالعرب، هؤلاء كاذبون مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر -وهو لا ينطق عن الهوى- بعموم رسالته، وإنما نحتاج إلى تقرير هذا حتى نرد على الذين يقولون في هذه الأزمان المتأخرة: اليهود على حق والنصارى على حق، ويسوون بين أهل الإسلام وغيرهم من أهل الكتاب ولا سواء؛ فهؤلاء يؤمنون بالله الواحد القهار الذي لا إله غيره، ويصدقون النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة وبما جاء به، وأولئك يكذبونه في الأصلين، فهم يشركون بالله: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30]، ويكذبون النبي صلى الله عليه وسلم حيث قالوا: إنه إنما بعث للعرب خاصة وليس لعموم الناس.
وأما عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم للجن، فذلك مستفاد من سورة الجن، فإن سورة الجن الدلالة فيها ظاهرة في مواضع عديدة على أن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث إليهم، ويدل على ذلك أيضاً ما ذكره الله جل وعلا في سورة الأحقاف حيث قال سبحانه وتعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ [الأحقاف:29]، أي: قضيت قراءة القرآن وقضي سماعه وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [الأحقاف:29]، منذرين بأي شيء؟ بما سمعوه وتلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قالوا لما ولوا إلى قومهم منذرين وبينوا وجه الإنذار : قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى [الأحقاف:30]، وهذا يدل على أنهم كانوا متعبدين لله، أو أن منهم من كان يعبد الله بشريعة موسى عليه الصلاة والسلام: قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ [الأحقاف:30-31]، فهذا فيه وجوب اتباع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووجوب الانقياد لما سمعوه من القرآن العظيم.
ولا ريب أن الجن مخاطبون برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا دل الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ولا خلاف بينهم في أن الجن مخاطبون بدعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وصف ما جاء به النبي من الوحي
ثم قال: [ وبالنور والضياء ]، أي: ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم نور وضياء، ولا ريب أن ما جاء به نور وضياء: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ [الأنعام:122]، من أهم وأخص ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم: إخراج الذين آمنوا من الظلمات إلى النور، فالله عز وجل أخرج أهل الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من الهدى والنور.. أخرجهم من ظلمات الجهالات والتعاسات والشقاء في الدنيا إلى نور السعادة والعلم والعبادة في الدنيا قبل الآخرة.
أما الآخرة فإنها نور ولا إشكال فيه؛ لأن أهل الإيمان يأتون تضيء لهم أعمالهم على قدر استمساكهم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فبقدر ما مع الإنسان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عقداً وعملاً بقدر ما يكون له من النور يوم القيامة.
وما الفرق بين النور والضياء؟
أما من حيث دلالة المعنى فالمعنى متقارب، لكن الفرق بين النور والضياء: أن النور: نور لا حرارة فيه، وأما الضياء: فإنه نور مع حرارة، قال الله جل وعلا: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا [يونس:5]، هل بينهما فرق؟ نعم بينهما فرق؛ الشمس إضاءة ونور مع حرارة، والقمر نور لا حرارة فيه، وهكذا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فمنه ما هو نور لا حرارة فيه، ومنه ما فيه حرارة، لكنها حرارة تعقب سعادة ولذة وطمأنينة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
[ وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى، وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى، بالحق والهدى، وبالنور والضياء ].
قال المؤلف رحمه الله في تكملة ما يتعلق بتقرير رسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وكل دعوى النبوة)، أي: وكل ادعاء للنبوة بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فغي وهوى، فوصفها المؤلف رحمه الله بوصفين: (غي وهوى)، والغي: هو الجهل عن اعتقاد فاسد، فادعاء النبوة بعد نبوة النبي صلى الله عليه وسلم جهل ناشئ عن اعتقاد فاسد، وهو أنه تجوز النبوة بعده صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقول المؤلف: (وهوى) أي: واتباع للهوى وهو ما تشتهيه النفس وتميل إليه، فالهوى: مأخوذ من هوى يهوى إذا مال إلى الشيء والتذ به وانجذب إليه، فكل من ادعى النبوة بعد محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدعواه لا تخرج عن هذين:
- عن كونها جهلاً ناشئاً عن اعتقاد فاسد، أو اتباعاً للهوى.
لقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مبعوث إلى الناس كافة؛ وهذا يوجب على كل أحد يبلغه خبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يتبعه وينقاد له، ويشهد له بالرسالة صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ومما يدل على عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله أمره بمخاطبة اليهود والنصارى، وهم بقية من الأمم السابقة الذين معهم كتب، وخاطبهم صلى الله عليه وسلم وأمرهم بالاستجابة إليه: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64].
فكل من لم يأت بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الإقرار له بالرسالة فهو كافر بالله العظيم، وما يدعيه أهل الكتاب من أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة بالعرب أو بالأميين فهو كذب وضلال، وهذا في الحقيقة طعن وتكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم، فأهل الكتاب الذين يقولون: نحن نؤمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم لكنه خاص بالعرب، هؤلاء كاذبون مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر -وهو لا ينطق عن الهوى- بعموم رسالته، وإنما نحتاج إلى تقرير هذا حتى نرد على الذين يقولون في هذه الأزمان المتأخرة: اليهود على حق والنصارى على حق، ويسوون بين أهل الإسلام وغيرهم من أهل الكتاب ولا سواء؛ فهؤلاء يؤمنون بالله الواحد القهار الذي لا إله غيره، ويصدقون النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة وبما جاء به، وأولئك يكذبونه في الأصلين، فهم يشركون بالله: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30]، ويكذبون النبي صلى الله عليه وسلم حيث قالوا: إنه إنما بعث للعرب خاصة وليس لعموم الناس.
وأما عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم للجن، فذلك مستفاد من سورة الجن، فإن سورة الجن الدلالة فيها ظاهرة في مواضع عديدة على أن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث إليهم، ويدل على ذلك أيضاً ما ذكره الله جل وعلا في سورة الأحقاف حيث قال سبحانه وتعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ [الأحقاف:29]، أي: قضيت قراءة القرآن وقضي سماعه وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [الأحقاف:29]، منذرين بأي شيء؟ بما سمعوه وتلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قالوا لما ولوا إلى قومهم منذرين وبينوا وجه الإنذار : قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى [الأحقاف:30]، وهذا يدل على أنهم كانوا متعبدين لله، أو أن منهم من كان يعبد الله بشريعة موسى عليه الصلاة والسلام: قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ [الأحقاف:30-31]، فهذا فيه وجوب اتباع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووجوب الانقياد لما سمعوه من القرآن العظيم.
ولا ريب أن الجن مخاطبون برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا دل الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ولا خلاف بينهم في أن الجن مخاطبون بدعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.