خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/911"> الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله المصلح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/911?sub=63090"> شرح العقيدة الطحاوية
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح العقيدة الطحاوية [9]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
[فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية، وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات].
قوله رحمه الله: (تعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات) قال بعض الشراح: إنها مما أدخل على المؤلف، وليست من كلامه، وذلك أن الطحاوي رحمه الله سائر في باب الأسماء والصفات على عقيدة أهل السنة والجماعة، فلم يقرر في هذه العقيدة شيئاً يخالف ما عليه سلف الأمة مما يتعلق بالأسماء والصفات.
وما ذكره في هذه الجملة ليس من منهج أهل السنة والجماعة، فإن أهل السنة والجماعة سائرون في هذا الباب على ما جاء في الكتاب والسنة، فلا يصفون الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، كما أنهم لا ينفون عن الله إلا ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله، والمؤلف رحمه الله في هذا المقطع نفى عن الله عز وجل الحدود والغايات والأركان والأعضاء.
وإذا طلبنا هذا في كتاب الله، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي كلام السلف الصالح لم نجد له ذكراً، فإن هذا مما أحدث بعد القرون المفضلة، ولم يكن عليه سلف الأمة، ولقائل أن يقول: لماذا تنكرون هذه الألفاظ مع أنها توحي للسامع التعظيم ويفهم منها تعظيم الرب جل وعلا؟
نقول: إن هذه الكلمات قد يظهر منها التعظيم إلا أن أهل الكلام الباطل المنحرفين عن طريق أهل السنة والجماعة يستعملونها في نفي ما دل عليه الكتاب والسنة، فقولهم: (تعالى عن الحدود) ينفون به الاستواء والعلو و(تعالى عن الغايات) ينفون به الحكمة، فيقولون: ليس لأفعال الله غاية ولا حكمة، ويقولون: الغاية إنما تكون للمحتاج، أما الله فهو الغني عن الغايات، وينفون بالأركان والأعضاء والأدوات ما أخبر الله به عن نفسه من أن له وجهاً جل وعلا كما في قوله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:27] ونحو ذلك من الآيات التي فيها إثبات الوجه.
وكذلك ينفون عنه بهذا الكلام ما أخبر به عن نفسه من أن له يداً كما قال تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75] .. بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64].. وما أشبه ذلك.
فهم يأتون بهذه الألفاظ المجملة المبهمة التي تحتمل معنىً صحيحاً وتحتمل معنىً باطلاً، ويستعملونها في رد ما دلت عليه النصوص من إثبات صفات الكمال للرب جل وعلا.
وينفون بقولهم: (لا تحويه الجهات الست) العلو، ولذلك كان عقد أهل السنة والجماعة في هذا من أفضل ما يكون، حيث إنهم لا يثبتون هذه الألفاظ المجملة المبهمة ولا ينفونها، يعني: لا نثبت ولا ننفي؛ لأن الإثبات يحتاج إلى دليل، كما أن النفي يحتاج إلى دليل، لكننا نستفصل، ومعنى نستفصل: نطلب التفصيل من أصحاب هذه الأقوال، فنثبت المعنى الصحيح من أقوالهم، ونرد المعنى الفاسد، المنبني على الألفاظ المبتدعة، فلا نقول: تعالى عن الحدود والغايات.. وما أشبه ذلك من الألفاظ التي يقولها هؤلاء؛ لأن نفيها نفي لما لم يأت في الكتاب والسنة نفيه، وإثباتها كذلك مشكل؛ لأنها محتملة مبهمة.
فإذاً: قاعدة أهل السنة والجماعة في الألفاظ المبهمة المجملة: أنهم يستفصلون، أي: يطلبون من المتكلم بهذه الكلمات التفصيل، فإذا استفصلوا نظروا في المعاني الصحيحة فأثبتوها، ونظروا في المعاني الباطلة فردوها، وهذا منهج يسلم به الإنسان من أن يتورط في ألفاظ ظاهرها التعظيم للرب جل وعلا، وباطنها نفي ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك نجد في تعليق شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله المكتوب والمسموع إنكار هذا الكلام، بل إنه في التسجيل الذي علق فيه على العقيدة الطحاوية رحمه الله قال: إن هذا الكلام رديء، ولكنه محمول على معنىً صالح فيما ذكره المؤلف؛ لأن المؤلف رحمه الله من أهل السنة والجماعة، وكلامه يفسر بعضه بعضاً، فما أجمله في هذا المكان يفسره في هذه العقيدة التي بين فيها إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات.
والمعاني الصحيحة التي تحتملها هذه الألفاظ مرادهم في قوله: (تعالى عن الحدود) أي: تعالى عن أن يحده عقل بشر، فهو سبحانه وتعالى غير محدود، أي: لا تحيط به عقول عباده، كما قال الله جل وعلا: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [طه:110]، والغايات أي: النهايات، فالله جل وعلا الكبير المتعال الذي لا تحيط به عقول عباده.
مما ينفى أيضاً من المعاني الصحيحة التي تنفى عن الله عز وجل بهذا اللفظ الغاية التي يحتاجها، فهو سبحانه وتعالى الغني عن عباده كما قال الله جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ [الذاريات:56-57] فنفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه الحاجة.
ونحن لا نريد أن نفصل في المعاني الصحيحة والمعاني الفاسدة التي تضمنتها هذه الجمل، لكن نقول: كل من تكلم بهذا الكلام ينظر إلى كلامه بالاستفصال؛ فما صح ثبت، وما لم يصح من المعاني رد، هذا من حيث المعاني، أما من حيث الألفاظ فإننا لا نثبت ولا ننفي بل نتوقف فيها؛ لأن الألفاظ موقوفة على النصوص من الكتاب والسنة، فما ثبت بها ثبت، وما لم يثبت يرد.
ثم قال رحمه الله: [ والمعراج حق، وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء، ثم إلى حيث شاء الله من العلى، وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى، مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:11] فصلى الله وسلم عليه في الآخرة والأولى].
يقول رحمه الله في بيان عقد أهل السنة والجماعة: (والمعراج حق) فالمعراج اسم آلة الصعود، هذا في الأصل، فالمعراج هو السلم الذي يصعد به إلى علو، وأصل المادة (عرج) يدور على معنى الذهاب في الصعود، ويعني: العلو والارتفاع، فهذا معنى المعراج في اللغة.
ثبوت معراج النبي صلى الله عليه وسلم بالكتاب والسنة
أما ثبوته في الكتاب فبما ذكره الله جل وعلا في سورة النجم، فإنه ذكر ما يدل على عروجه سبحانه وتعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وذلك في قوله سبحانه وتعالى في رؤية جبريل: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى [النجم:13-14] ومعلوم أن سدرة المنتهى في السماء وليست في الأرض، فهذا دل على أن الله سبحانه وتعالى عرج بنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل المعراج من القرآن.
أما دليله من السنة فقد ورد متواتراً بما لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرج الله به إلى السماء، ولم ينكر ذلك أحد من السلف.
عروج النبي صلى الله عليه وسلم كان بشخصه يقظة
والذي عليه أهل السنة والجماعة ودل عليه الكتاب والسنة وقول الصحابة رضي الله عنهم: أن العروج إلى السماء كان بروحه صلى الله عليه وسلم وبدنه، ولا تعجب فهذه قدرة الله جل وعلا الذي أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، وليس المحل محل تنظير بالواقع حتى نقول: هذا لا يمكن، فإن ذلك على الله يسير.
قال رحمه الله: (وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم) هذا فيه إثبات الإسراء، وهو مقدمة المعراج، وقد جرى للنبي صلى الله عليه وسلم في إسرائه ومعراجه آيات عظيمة، وأما الإسراء فقد ثبت في الكتاب في سورة الإسراء حيث قال سبحانه وتعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1] فلا إشكال في ثبوت الإسراء، حيث أسري به صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، وصلى فيه بالأنبياء، ثم بعد ذلك عرج به إلى السماء صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم قال رحمه الله في بيان المعراج : (وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء) ومعلوم أنه حين قال: (بشخصه) فالمراد الروح والبدن؛ لأن العروج بالبدن دون الروح لا فائدة منه، إنما العروج الذي أثبته بقوله: (وعرج بشخصه) أي: بروحه وبدنه صلى الله عليه وسلم (في اليقظة) ليدفع قول من قال: إنه عرج به في المنام، (إلى السماء) إلى العلو، والسماء هنا: اسم جنس يشمل السماء الدنيا والعليا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاوز السبع الطباق، وبلغ مكاناً لم يبلغه أحد سمع فيه صريف الأقلام الله أكبر! صوت الأقلام التي تكتب ما شاء الله أن يقضي في عباده، كل يوم هو في شأن جل وعلا، وهذه منزلة لم يبلغها أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم، ولن يبلغها أحد بعده صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الاعتقاد في منتهى عروج النبي صلى الله عليه وسلم
قال رحمه الله: (قال الله تعالى: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:11]) أي: ما رأى من تلك المواقف العظيمة والآيات الكبيرة.
أفضلية ليلة المعراج بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، والقول في رؤية النبي لربه فيها
ثم المؤلف رحمه الله طوى ذكر هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة ربه أو لا؟ لأنه لا دليل على أنه رأى ربه، ولعل المؤلف رحمه الله أتى بالمعراج بعد ذكر الرؤية إشارة إلى الخلاف في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في ليلة المعراج.
والعلماء في هذا لهم قولان:
القول الأول: أنه لم ير ربه بعينيه التي في رأسه، وهذا قول جمهور العلماء، وعليه المتقدمون والمتأخرون أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ربه رؤية معاينة؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يراه أحد قبل الموت، أي: في الآخرة، كما قال جل وعلا لموسى: لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143] في قوله لموسى، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت).
وذهب بعض العلماء إلى أنه رآه بفؤاده، وهذه الرؤية ليست مقيدة بالمعراج؛ لأنهم يقولون: رآه بفؤاده مرتين، ورؤية الفؤاد هي رؤية القلب، وهي غير رؤية المنام؛ لأن رؤية المنام لا إشكال في إثباتها.
ولكن لا يقال: كيف رآه بفؤاده؟ فإن هذا أمر لا يدرك، لكن رآه بفؤاده، هكذا قال الإمام أحمد وابن عباس ، وورد عنهم إثبات الرؤية مطلقاً للنبي صلى الله عليه وسلم يعني: دون تقييد، فما ورد عنهم مطلقاً يحمل على المقيد.
ثم قال رحمه الله: (فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى) حق أن يصلى عليه صلى الله عليه وسلم لما ميزه الله به من الفضائل والمناقب، ومعنى الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الثناء عليه في الملأ الأعلى، هكذا قال أبو العالية في صحيح البخاري ، وذهب شيخنا رحمه الله إلى أنه لا يقال شيء في الصلاة على النبي، إنما يقال: هو ثناء ومرتبة وفضل يدعى به للنبي صلى الله عليه وسلم دون أن يقيد بمعنىً خاص؛ لأن هذا يحتاج إلى توقيف ونص، والذي عليه الأكثرون هو ما ذكره أبو العالية من أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم هو ثناء الله عليه في الملأ الأعلى.
قوله: (في الآخرة والأولى) يعني: في الدنيا والآخرة، وهو أحق من يصلى عليه صلى الله عليه وسلم لعظيم ما من الله به علينا حيث أخرجنا به من الظلمات إلى النور صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
مسألة: هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج؟
والعلماء في هذا لهم قولان:
القول الأول: أنه لم ير ربه بعينيه التي في رأسه، وهذا قول جمهور العلماء، وعليه المتقدمون والمتأخرون أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ربه رؤية معاينة؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يراه أحد قبل الآخرة قبل الموت، كما قال جل وعلا: لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143] في قوله لموسى، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت).
وذهب بعض العلماء إلى أنه رآه بفؤاده، وهذه الرؤية ليست مقيده بالمعراج؛ لأنهم يقولون: رآه بفؤاده مرتين ورؤية الفؤاد هي رؤية القلب، وهي غير رؤية المنام؛ لأن رؤية المنام لا إشكال في إثباتها.
ولكن لا تقول كيف رآه بفؤاده فإن هذا أمر لا يدرك، لكن رآه بفؤاده هكذا قال الإمام أحمد وابن عباس ، وورد عنهم إثبات الرؤية مطلقاً للنبي صلى الله عليه وسلم يعني: دون تقييد، فما ورد عنهم مطلقاً يحمل على المقيد.
ثم قال رحمه الله: (فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى) حق أن يصلى عليه صلى الله عليه وسلم لما ميزه الله به من الفضائل والمناقب، ومعنى الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الثناء عليه في الملأ الأعلى، هكذا قال أبو العالية في صحيح البخاري ، وذهب شيخنا رحمه الله إلى أنه لا يقال شيئ في الصلاة على النبي، إنما يقال: هو ثناء ومرتبة وفضل يدعى به للنبي صلى الله عليه وسلم دون أن يقيد بمعنىً خاص؛ لأن هذا يحتاج إلى توقيف ونص، والذي عليه الأكثرون هو ما ذكره أبو العالية من أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم هو ثناء الله عليه في الملأ الأعلى.
قوله: (في الآخرة والأولى) يعني: في الدنيا والآخرة، وهو أحق من يصلى عليه صلى الله عليه وسلم لعظيم ما من الله به علينا حيث أخرجنا به من الظلمات إلى النور صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وأما ما يشير إليه المؤلف رحمه الله فهو ما أكرم الله سبحانه وتعالى به نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كونه عرج به إلى السماء أي: صعد به إلى السماء صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذا الصعود جاء إثباته في كتاب الله عز وجل، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
أما ثبوته في الكتاب فبما ذكره الله جل وعلا في سورة النجم، فإنه ذكر ما يدل على عروجه سبحانه وتعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وذلك في قوله سبحانه وتعالى في رؤية جبريل: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى [النجم:13-14] ومعلوم أن سدرة المنتهى في السماء وليست في الأرض، فهذا دل على أن الله سبحانه وتعالى عرج بنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل المعراج من القرآن.
أما دليله من السنة فقد ورد متواتراً بما لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عرج الله به إلى السماء، ولم ينكر ذلك أحد من السلف.
لم يختلف السلف في معراج النبي وثبوته، وإنما اختلفوا في مسألة هل عرج به صلى الله عليه وسلم بروحه وشخصه، أم أنه عرج بروحه دون شخصه؟ يعني: دون بدنه، ولم يقل أحد منهم إنه عرج به مناماً، وهنا مسألة تلتبس على طلبة العلم فيظن أن قول عائشة ومعاوية رضي الله عنهما من أن العروج كان بروحه أنه كان مناماً، وهذا ليس بمراد لهم، إنما أرادوا أن الروح انفصلت عن البدن انفصالاً تاماً وعرج بها فلم يكن لها تعلق بالبدن.
والذي عليه أهل السنة والجماعة ودل عليه الكتاب والسنة وقول الصحابة رضي الله عنهم: أن العروج إلى السماء كان بروحه صلى الله عليه وسلم وبدنه، ولا تعجب فهذه قدرة الله جل وعلا الذي أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، وليس المحل محل تنظير بالواقع حتى نقول: هذا لا يمكن، فإن ذلك على الله يسير.
قال رحمه الله: (وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم) هذا فيه إثبات الإسراء، وهو مقدمة المعراج، وقد جرى للنبي صلى الله عليه وسلم في إسرائه ومعراجه آيات عظيمة، وأما الإسراء فقد ثبت في الكتاب في سورة الإسراء حيث قال سبحانه وتعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1] فلا إشكال في ثبوت الإسراء، حيث أسري به صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى، وصلى فيه بالأنبياء، ثم بعد ذلك عرج به إلى السماء صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم قال رحمه الله في بيان المعراج : (وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء) ومعلوم أنه حين قال: (بشخصه) فالمراد الروح والبدن؛ لأن العروج بالبدن دون الروح لا فائدة منه، إنما العروج الذي أثبته بقوله: (وعرج بشخصه) أي: بروحه وبدنه صلى الله عليه وسلم (في اليقظة) ليدفع قول من قال: إنه عرج به في المنام، (إلى السماء) إلى العلو، والسماء هنا: اسم جنس يشمل السماء الدنيا والعليا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جاوز السبع الطباق، وبلغ مكاناً لم يبلغه أحد سمع فيه صريف الأقلام الله أكبر! صوت الأقلام التي تكتب ما شاء الله أن يقضي في عباده، كل يوم هو في شأن جل وعلا، وهذه منزلة لم يبلغها أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم، ولن يبلغها أحد بعده صلى الله عليه وعلى آله وسلم.