خطب ومحاضرات
أوراق عمل
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين!
أما بعد:
أيها الإخوة الكرام! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
(أوراق عمل) هذا هو عنوان هذا اللقاء مع الدرس التاسع والثلاثين، في يوم الجمعة الموافق الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول عام (1413)، وهذا الموضوع أحسب أن له أهمية وفائدة جيدة في الناحية العملية، وأول ما أبدأ به هو التنبيه على فوائد العمل، وأعني بالعمل: الخطوات الواقعية الفعلية، إذ القول عمل، والنية عمل، لكني أعني بالعمل: ممارسة الجوارح، والحركة الواقعية في مضمار من المضامير أو ميدان من الميادين.
لماذا نؤكد على أهمية العمل؟
أولاً: لأن القول وحده لا يؤثر، بل من المعلوم أنه إذا كثرت الأقوال ولم تصدقها الأفعال دل ذلك على الضعف والخور، وأشار إلى وجود الفراغ والادعاء، وربما كان سمتاً من سمت المنافقين والفارغين، ولذلك الذي يكثر من الأقوال بلا أعمال يسقط قدره وتذهب مصداقيته عند الناس، سواءً كان هذا القول صادراً من فرد أو من هيئة أو من دولة أو حتى من منظمات تجمع دولاً عديدة، إذا تكاثرت الأقوال بلا أعمال فإن ذلك دليل الضعف، ويبث في النفوس الخور والعجز، وكما قال القائل:
غض المفاوض صوته فتكلـم بلسان نار يا كتائب أو دم
لم يفهم المحتل من خطبائنا فلتفهموا المحتل ما لم يفهم
والخطابة كما يقولون: (رأس مال المعدم) ولذلك قال القائل:
إن ألفي قذيفة من كلام لا تساوي قذيفة من حديد
فالعمل هو الذي يؤثر في الواقع بشكل أكبر.
والأمر الثاني: هو أن السؤال الأكبر والحساب الأعظم يتعلق بالأعمال أكثر منه تعلقاً بالأقوال؛ لأن الأعمال هي الشواهد الناطقة، والمعالم الشاخصة، فأنت لا تعرف الإنسان كثيراً بأقواله قدر ما تعرفه بأفعاله، والأعمال هي التي دعانا الله سبحانه وتعالى إليها، وندبنا وبين لنا أنها المنظور إليها والمعول عليها، كما قال الله جل وعلا: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]، لم يقل: قل تكلموا ولا انووا، وإن كانت النية مطلوبة والقول مطلوباً لكن تصديق العمل هو الأهم، ولذلك قال جل وعلا: ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ [يونس:14]، وأيضاً قال جل وعلا: وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:93]، فالعمل هو الأساس.
الأمر الثالث وهو أكثر أهمية: أن العمل أبلغ أسلوب لعلاج الأخطاء، فكثيراً ما نذكر الخطأ ونردد القول فيه ونقول: هناك سلبيات وهي كذا وكذا ... ولا يتزحزح هذا الخطأ، ولا يتغير بهذه الأقوال مهما تكاثرت إلا إن كانت هذه الأقوال أحد طرق العمل ووسائله التي تؤدي إلى التأثير الفعلي، وكما يقال: (بدلاً من أن تلعن الظلام أوقد شمعة)، فإن إيجاد المنهج الصحيح متمثلاً في نموذج عملي متحرك هو أكبر طريقة لعلاج الأخطاء، فلو تصورنا أننا نقوم بالتربية الإسلامية وبإظهار القدوة العملية فإن تأثيرها يكون أعمق بكثير من الخطب القولية والمواعظ المنبرية.
الأمر الرابع: أن العمل أعظم مواجهة لكيد الأعداء، كثيراً ما نذكر مؤامرات وخطط الأعداء، وأنهم يريدون كذا، وهم يتآمرون بالليل والنهار ويدبرون كذا وكذا، وكل هذا القول لا يغني شيئاً ولا يغير واقعاً، لكننا إن أسسنا حياتنا وممارساتنا بأعمال تناهض وتخالف مراد الأعداء فإن هذا يكون أبلغ مواجهة وأعظم صفعة في وجه العدو، الذي يرى أنه يدبر ويبذل وينفق ويخطط لكنه لا يجد استجابة، فهو ينشر بيننا الإعلام الفاسد، والأدب المأجور، والفكر المنحرف ثم يفاجأ بأن الجيل الذي يصعد أو الجيل الذي يظهر في هذه الأيام بإذن الله عز وجل جيل لا يميل لهذا الإعلام، ولا يتأثر بهذا الفكر، ولا يتعلق بهذا الأدب، بل عنده من منهج الإسلام وتربية القرآن ما يجعل العقول تأبى هذا الإعلام وترفض هذا الفكر.
كيف تبذل هذه الجهود ثم تأتي الثمرات مخالفة؟ ذلك ناتج عن العمل وتركيزه الذي هو أبلغ شيء في مواجهة كيد الأعداء.
الأمر الخامس: العمل يفجر الطاقات، ويشعر النفس بالرضا والارتياح، وبعض الاستشعار لأداء جزء من الواجب، والذي يقول ويبكي ويصيح لا يشعر أنه قد نفس ما في نفسه حتى يرى أنه قد ساهم في علاج الأمر الخاطئ، أو ساهم في جلب الخير المقصود أو المنشود، فالعمل يجعل النفس راضية، ويبرأ العامل ذمته بين يدي الله سبحانه وتعالى.
وأخيراً: العمل يقضي على الجدل:
فكثيراً ما تدور المجادلات والمناقشات والمحاورات، ويمتد أمدها ويزداد ويعلو الصوت فيها، ولو أن هؤلاء المتجادلين التفتوا إلى العمل لشغلهم التفكير فيه، والممارسة له، والبذل لأجله، عن مثل هذا الجدل، وأنساهم مواضع الخلاف الهامشية، وأعانهم على الاجتماع على الخير، وتوحيد الجهود، والتعاون على البر والتقوى.
ومن هذا المنطلق نريد أن نعرض بعض أوراق العمل التي تجعل المسلم قادراً من خلال هذه الآفاق أن يقدم وأن يساهم؛ لأن المشكلة التي نواجهها ونسمعها كثيراً هي: ما العمل؟
هذه مشكلات ومآسي المسلمين: ما هو العمل؟ هذه المفاسد الموجودة، ما هو العمل؟ هذا القصور الذي نريد أن نتجاوزه ونتلافاه: ما العمل؟ وكل إنسان يظن أن هذا العمل هو كما قيل:
وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل
يظن أن هذا العمل لا يمكن أن يقوم به إلا جبار من الجبابرة أو عبقري من العباقرة، وأنه يقصر عن هذا ولا يستطيع أن يساهم في مثل هذه الأعمال أو حل هذه المشكلات؛ وذلك لأن تضخيم المشكلات الكبيرة، وتصور أن العمل لابد أن يبدأ من آخر الخطوات لا من أولها، وأن يعالج أعظم المشكلات لا أصغرها؛ هذا الذي يجعل كثيراً من الناس يحجمون عن العمل، ويرون أنهم غير قادرين، ولذلك هدف هذه الأوراق التي سنعرض بعضاً منها هو أن نبين أن بإمكان كل أحد منا أن يقدم ما يستطيع، وأن هذا القليل يتجمع فيصير كثيراً، فإن الجبال من الحصى.
لا تحقرن من الذنوب صغيرة إن الجبال من الحصى
وأول الغيث قطر ثم ينهمر
ونعلم جميعاً أن الأمر القليل إذا دام وتكاثر من عديد من الأفراد يغدو شيئاً عظيماً، ولو تصورنا أننا طلبنا هنا أو أردنا هنا أن يرفع كل منا صوته بنداء معين لتجلجل المسجد بهذا الصوت، وربما سمعه من هم خارج المسجد، وكان له صدىً كبيراً.
فهل ترى هذا الصوت صدر منك؟
الجواب: لا. لكن كان لك فيه دور ومشاركة، وهذا هو المطلوب، أن نوسع دائرة المشاركة لكل إنسان على قدر طاقته، فلا يعجز العامي ويقول: لا أستطيع، والذي يستطيع هو العالم، ولا يعجز الشيخ الكبير ويقول: لا أستطيع والذي يستطيع هو الشاب، ولا تعجز المرأة وتقول: لا أستطيع والذي يستطيع هو الرجل، ولا يكون هناك أي إنسان مسلم إلا وله مشاركة ومساهمة بقدر ما يستطيع.
أول هذه الأوراق: صور المآسي وقضايا المسلمين كيف يمكن أن نخدمها؟ كيف يمكن أن نقوم بواجب جزئي على أقل تقدير تجاهها، وذلك هو واجب التوعية والتعريف والدعم والتأييد، أذكر في ورقة نقاطاً يسيرة حتى أجعلها بمثابة فتح للأبواب لا أقل ولا أكثر، وسأشير في آخر الحديث إلى بعض المعالم المهمة التي تتعلق بهذه الأوراق.
الدائرة الأولى التي يمكن لكل إنسان أن يقوم فيها بدور وممارسة هي: دائرة الأهل والأقارب والجيران، هذه الدائرة التي تعيش معها سحابة يومك، وتقضي معها معظم وقتك، وتخصها بأكثر حديثك، وتتعامل في أكثر احتياجاتك اليومية مع أهلك وأقاربك وجيرانك، لِمَ لا تجعل حظاً من هذه المعاملة يكون في خدمة قضايا المسلمين، ونقل صور المآسي التي يعيشونها؟
ويمكنك أن تقوم بالتوعية عبر هذه الخطوات:
خطوات التوعية والتعريف في دائرة الأهل والأقارب
ثانياً: إعداد المعلومات بصورة جيدة سهلة التوصيل، فبدلاً من أن تعطي إنساناً تقريراً أو كتاباً كالكتاب الصادر عن رابطة العالم الإسلامي عن البوسنة والهرسك في نحو ثمانين صفحة، وهو لن يقرؤه وسيضعه على الرف؛ جهز ورقة فيها خلاصة المعلومات والأرقام والحقائق مما يسهل أن ينتفع به الناس، ويمكن أن تعمل هذا بنفسك، لا تقل: لا أستطيع أن أذهب إلى المطبعة وأطبع.
من قال لك: اطبع؟ اكتب هذه المعلومات بيدك في صورة جميلة، أو استعن بمن يستطيع أن يبرزها بالشكل الأفضل.
ثالثاً: ركز على المعلومات الأكثر تأثيراً وإبرازاً للحقائق والأرقام الكبرى، فكثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً، والحقائق الكبرى هي التي تلفت النظر، فلو قلت مثلاً: إن هناك خمسة آلاف طفل يومياً يموتون في الصومال، فلا شك أن هذه حقيقة بارزة تلفت نظر أي إنسان مهما كان ساهياً أو لاهياً أو معرضاً أو فاسداً، بل حتى لو كان كافراً، فإن المعاني الإنسانية تهز النفوس وتؤثر فيها.
رابعاً: انتقاء بعض الأشرطة -سواءً السمعية أو المرئية- التي تتعلق بالقضايا الإسلامية، وقم بتوزيعها أو إهدائها بين الأسرة والأقارب، فعلى سبيل المثال لا الدعاية هناك شريط بعنوان: (الجراح)، يتكلم عن قضية البوسنة والهرسك، فيه المعلومات والمقتطفات من الخطب والمحاضرات والقصائد والأبيات بصورة قوية مؤثرة، فإن لم تكن تستطيع الكلام فوزع هذا الشريط لينوب عنك في تبليغ هذه القضية، وهناك شريط مرئي بعنوان: (الجحيم) عن قضية البوسنة والهرسك صدر أخيراً عن هيئة الإغاثة، وهذا الشريط وأمثاله عندما يراه الناس أو تراه هذه الأسرة سيؤثر فيهم تأثيراً كبيراً.
خامساً: استغلال المناسبات الاجتماعية لسماع الأشرطة أو رؤيتها، فكثيراً ما تجتمع الأسرة أسبوعياً، وكثير من الأسر تجتمع في مناسبات من ولادة أو زواج أو قدوم من سفر أو توديع مغادر إلى بلد .. ونحو ذلك، ويكثر اللغط في هذه المجالس ولا ينتفعون بها، فلو استطاع الإنسان بحكمته أن يقنعهم لمدة خمس دقائق أو عشر دقائق ويشغل جهاز التسجيل أو جهاز الفيديو حتى يسمعوا أو ينظروا فإن القضية تتحول بهم إلى مسار آخر.
سادساً: التعريف بمزيد من المصادر وتزويد الراغبين في التوسع، فلو أن هناك متفاعلاً فسيقول: هل هذا حقيقة؟!
فتقول: هذا جزء من الحقيقة، وهناك ما هو أكثر وأكبر يمكن أن تطلع عليه في هذا التقرير، ويمكنك أن تراجع هذه الدائرة، ويمكن أن تتصل بهذا الهاتف، ويمكن أن تشتري هذا الكتاب، ويمكن أن تأخذ هذه القائمة من قوائم الأشرطة المتعلقة بذات الموضوع، وهنا يبدأ التوسع أكثر.
وأخيراً: يمكن أن ترشد هؤلاء الأفراد إلى الهيئات واللجان الخيرية وأماكنها وعناوينها وهواتفها حتى يتصل بها هؤلاء الناس، وينتفعوا بهذه المعلومات، ويقوموا بنشرها والإفادة منها.
أقول هذا وأستحضر مثالاً واقعياً، حتى نرى أن التوعية فيها كثير من القصور، ففي مقابلات للطلبة المسجلين في الجامعة لهذا العام -كما يخبرني بذلك أحد الأساتذة- وهي مقابلات الهدف منها معرفة خلفية الطالب المتخرج من الثانوية الملتحق بالجامعة. يعني: معرفة مستواه الفكري والثقافي، فسئل أحد الطلاب عن قضية البوسنة والهرسك، فقال: هناك خلاف وصراع بين الصرب والمسلمين، فقالوا له: طيب ما هي القضية؟ فقال -بلهجتنا العامية- (يضّاربوا على سراييفو، هذول يبغوها وهذول يبغوها). هذا منتهى علمه عن هذه القضية!
والآخر عندما سئل عن قضية الصومال دبج كلاماً فقال: (توقف المطر من السماء، وصار الجفاف في الصحراء، ومات الناس من البلاء)، أما أن هناك صراعاً، وأن هناك أطرافاً متناحرة فلا يعلم بذلك.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة تدل على ضعف التوعية بمثل هذه القضايا التي أصبحت أشهر من الشهيرة، أما لو سألته مثلاً عن قضية (كشمير) أو قضية (بورما) فربما قد تكون الإجابة مضحكة، ولكنها تنبئ عن مستوى التوعية لديه، وقد يظن هذه الأسماء أسماء لكتب أو لفواكه، وليس هذا بغريب، فقد سئل أحد الطلبة في مثل هذه المقابلات عن عاصمة البحرين؟ فذكر أنها مسقط! وهذا من الأشياء الواقعية.
التعريف والتوعية في دائرة الحي
أولاً: إعداد مركز إعلامي مصغر من خلال المسجد أو غيره، ومن خلال المسجد يكون أفضل، حيث يتوافر فيه:
1- التعاون والإشراف من قبل الهيئات واللجان الخيرية، وهناك بعض الهيئات تمارس هذا العمل، فتقيم مثلاً في جوار المسجد أو في المكان المناسب خيمة تضع فيها بعض المواد الإعلامية التي تعرف بهذه القضايا.
2- تحريك بعض المتطوعين من الشباب والرجال في هذا المركز حتى يتفاعلوا مع هذه القضايا.
3- أن يوفر في المركز النشرات والوسائل المرئية والسمعية، حتى يستطيع الزائر أن يرى ويسمع ويقرأ، بكل وسيلة يمكن أن تصل إليه المعلومة.
4- توفير التقارير، وجعلها ميسرة ليستفيد منها الأئمة والخطاب والكتاب، ومدهم بالمعلومات من خلال التعاون مع تلك الهيئات.
5- تتاح الفرصة للنساء في أوقات معينة أو في أيام معينة تخصص ليكون المركز أو هذا المكان مخصصاً لهن.
ومن خلال هذا كله تجمع التبرعات باسم أهل الحي، وتكون المشاريع باسمهم، وهذا يشجع الناس، فقد تجمع تبرعات لتبني مدرسة في مكان ما من مناطق العالم الإسلامي، ويكون اسمها مدرسة مسجد كذا وكذا أو مدرسة أهل الحي الفلاني؛ ليكون هذا أدعى إلى التنشيط والمساعدة والدفع في عمل الخير.
ثانياً: أشرطة الفيديو والكاسيت: وقد ذكرناها فيما مضى، لكن هنا نقطة مستقلة، ويمكن أن تفيد بشكل أكبر، وذلك من خلال الآتي:
1- توفيرها لدى التسجيلات وأماكن البيع.
2- عرضها بأسعار مخفضة من خلال جمع التبرعات والمساهمات الخيرية.
3- استبدال الأشرطة -وهذا مهم-، فبعض المشاريع في استبدال الأشرطة تُعطى الجهة المستقبلة أشرطة للغناء أو أشرطة غير نافعة فتسجل عليها محاضرات، ولو سجلت عليها محاضرات ذات موضوعات متعلقة بقضايا المسلمين لكان هذا أفضل وأولى؛ لأن ذلك أكثر تأثيراً.
4- الاستفادة من توزيع هذه الأشرطة في المناسبات إذا توافرت منها الكميات الكافية للتوزيع.
ثالثاً: الممارسة العملية، وهذه لعلها من أبلغ الصور التي يمكن أن يمارسها الكثير من الناس وذلك من خلال الآتي:
1- تنظيم زيارات لمواقع المآسي التي تقع بالمسلمين عن طريق الهيئات واللجان التي لها نشاطات في تلك المناطق، فأنت تستطيع أن تدعو الناس إلى أن يجهزوا مجموعة منهم ممن يتيسر وقتهم ليذهبوا إلى زيارة المسلمين في الصومال، عن طريق هيئة الإغاثة أو لجنة أفريقيا أو غيرها، وهذا له أكبر الأثر، ولا أظنه أمراً شاقاً أو صعباً؛ فإن كثيراً من الناس يسافر هنا وهناك، ويبذل أموالاً هنا وهناك.
2- عند عودة هؤلاء الزائرين يستضافون في المناسبات الاجتماعية في المسجد، أو في دعوة ووليمة في منزل كبير، ويعرفون بالقضايا والمشاهدات التي رأوها؛ لأنهم رأوا، وكما قيل: (ليس المعاين كالمخبر، وليس راءٍ كمن سمع)، والذي يتحدث عما رأى يكون منفعلاً ومتأثراً فينتقل تأثيره إلى الآخرين.
3- أن يتدرب هؤلاء الذين زاروا هذه المناطق على صياغة التقارير، ومن أهم النقاط: أن يحددوا مجالات الاحتياج بتفصيل يشمل الناحية المادية والمعنوية والأرقام، بمعنى أنهم يقولون: يحتاج المسلمون في الصومال إلى أطباء، والطبيب يكلف في الشهر كذا وكذا، يحتاجون إلى دواء لمرض كذا، وهذا الدواء يكلف كذا وكذا؛ لأن المحسن إذا عرف حاجة من هذه قال: هذه بسيطة، وهذه أنا أتكفل بها، والآخر يقول: أنا أتكفل بهذه، أما أن تكون قضية عامة، المسلمون مضطهدون وجوعى ومرضى وكذا، فما الذي يمكن أن نساهم فيه إذا بقت القضية عائمة، والخطاب غير محدد؟!
الحملات التعريفية في القرى والمدن
وهذه واسعة جداً، يمكن أن نقوم بذلك من خلال الآتي:
1- أن تكون هذه الحملات في القرى والمدن الصغيرة؛ لأن التعريف والتوعية في المدن الكبيرة واسع، وربما يغطي قطاعات كبيرة، لكن يمكن لبعض الشباب ولبعض المتطوعين أن يزوروا بعض الأماكن القريبة من بلدهم، ويأخذون معهم هذه الأشرطة والأوراق والتقارير، ويتحدثون في المساجد بكلمات قصيرة موجزة حتى يبثوا في الناس هذا الوعي، ويحركوا فيهم المشاعر الإسلامية، ويجعلون لهم طريقاً للمساهمة والمعاونة مع إخوانهم، ومشاركتهم في مآسيهم.
2- الحملات التعريفية من خلال المدارس عن طريق تنظيم زيارات لطلبة المدارس للهيئات واللجان الخيرية ومشاهدة الصور والتقارير والوقائع التي تتحدث عن قضايا المسلمين، ويمكن إقامة بعض المعارض داخل هذه المدارس، وهذا يمكن أن يقوم به بعض الطلبة بالتنسيق مع إدارة المدرسة عبر نشاط التوعية أو عبر النشاط الاجتماعي، وهذه كلها فرص متاحة يستطيع أن يقوم بها الطالب الصغير الذي ربما يحتقر نفسه وهو في المرحلة المتوسطة أو في الثانوية، ويرى أنه لا يستطيع أن يقدم شيئاً بينما هذه فرص أعمال متاحة.
3- الحملات من خلال المراكز التجارية والمؤسسات والمكتبات، فيمكن وضع ركن صغير في بعض المراكز التجارية، فيه بعض هذه التقارير، وبعض ألبومات الصور التي تبين هذه المآسي؛ ليراها الإنسان وينصرف، وهذا قد قامت به بعض الهيئات الخيرية، وله أثر كبير وجيد.
4- استغلال لوحات الإعلان الموجودة في المؤسسات والمراكز بحيث توضع فيها هذه التقارير ذات الأرقام الكبيرة والحقائق الظاهرة؛ ليراها كل إنسان ويقرأها كل عابر، فيكون فيها فائدة كبرى بإذن الله سبحانه وتعالى.
5- في المحلات التجارية الصغيرة والمكتبات يمكن أن يوضع عند المخرج أو عند المحاسب بعض التقارير والأوراق التي تلخص هذه القضايا، وبالتالي تتوسع دائرة التعريف بهذه القضايا بشكل كبير.
بل أقول: يمكن أن تكون هناك حملات لتعريف غير المسلمين بقضايا المسلمين؛ لأن الكثير من غير المسلمين واقعين تحت تأثيرات الإعلام، وتحت الصورة المشوهة للإسلام، ويمكن من خلال هذه الوسائل وغيرها أن يصل إليهم هذا الصوت.
وهذا نموذج أولي للورقة الأولى التي أرى من خلال هذا العرض أن كثيرين سيدركون أن بإمكانهم أن يقوموا بجزء لا بأس به إن لم يكن بكل هذه الخطوات، كل بحسب طاقته وفي ميدانه، وكل هذه الأوراق إنما المطلوب فيها الجانب العملي والتذكير بأن هناك فرصاً وإمكانات يمكن أن يحقق من خلالها الإنسان شيئاً يرى أنه يخدم به أمة الإسلام.
أولاً: توفير المعلومات الموثقة المنسوبة إلى مصادرها، فعندك قضية مثل البوسنة والهرسك أو الصومال، هناك تقارير، وهناك ملخصات، وهناك مطويات تصدرها الهيئات واللجان الخيرية، يمكنك أن توفر هذه المعلومات حتى تستطيع أن تبثها بين هؤلاء الأفراد.
ثانياً: إعداد المعلومات بصورة جيدة سهلة التوصيل، فبدلاً من أن تعطي إنساناً تقريراً أو كتاباً كالكتاب الصادر عن رابطة العالم الإسلامي عن البوسنة والهرسك في نحو ثمانين صفحة، وهو لن يقرؤه وسيضعه على الرف؛ جهز ورقة فيها خلاصة المعلومات والأرقام والحقائق مما يسهل أن ينتفع به الناس، ويمكن أن تعمل هذا بنفسك، لا تقل: لا أستطيع أن أذهب إلى المطبعة وأطبع.
من قال لك: اطبع؟ اكتب هذه المعلومات بيدك في صورة جميلة، أو استعن بمن يستطيع أن يبرزها بالشكل الأفضل.
ثالثاً: ركز على المعلومات الأكثر تأثيراً وإبرازاً للحقائق والأرقام الكبرى، فكثرة الكلام ينسي بعضه بعضاً، والحقائق الكبرى هي التي تلفت النظر، فلو قلت مثلاً: إن هناك خمسة آلاف طفل يومياً يموتون في الصومال، فلا شك أن هذه حقيقة بارزة تلفت نظر أي إنسان مهما كان ساهياً أو لاهياً أو معرضاً أو فاسداً، بل حتى لو كان كافراً، فإن المعاني الإنسانية تهز النفوس وتؤثر فيها.
رابعاً: انتقاء بعض الأشرطة -سواءً السمعية أو المرئية- التي تتعلق بالقضايا الإسلامية، وقم بتوزيعها أو إهدائها بين الأسرة والأقارب، فعلى سبيل المثال لا الدعاية هناك شريط بعنوان: (الجراح)، يتكلم عن قضية البوسنة والهرسك، فيه المعلومات والمقتطفات من الخطب والمحاضرات والقصائد والأبيات بصورة قوية مؤثرة، فإن لم تكن تستطيع الكلام فوزع هذا الشريط لينوب عنك في تبليغ هذه القضية، وهناك شريط مرئي بعنوان: (الجحيم) عن قضية البوسنة والهرسك صدر أخيراً عن هيئة الإغاثة، وهذا الشريط وأمثاله عندما يراه الناس أو تراه هذه الأسرة سيؤثر فيهم تأثيراً كبيراً.
خامساً: استغلال المناسبات الاجتماعية لسماع الأشرطة أو رؤيتها، فكثيراً ما تجتمع الأسرة أسبوعياً، وكثير من الأسر تجتمع في مناسبات من ولادة أو زواج أو قدوم من سفر أو توديع مغادر إلى بلد .. ونحو ذلك، ويكثر اللغط في هذه المجالس ولا ينتفعون بها، فلو استطاع الإنسان بحكمته أن يقنعهم لمدة خمس دقائق أو عشر دقائق ويشغل جهاز التسجيل أو جهاز الفيديو حتى يسمعوا أو ينظروا فإن القضية تتحول بهم إلى مسار آخر.
سادساً: التعريف بمزيد من المصادر وتزويد الراغبين في التوسع، فلو أن هناك متفاعلاً فسيقول: هل هذا حقيقة؟!
فتقول: هذا جزء من الحقيقة، وهناك ما هو أكثر وأكبر يمكن أن تطلع عليه في هذا التقرير، ويمكنك أن تراجع هذه الدائرة، ويمكن أن تتصل بهذا الهاتف، ويمكن أن تشتري هذا الكتاب، ويمكن أن تأخذ هذه القائمة من قوائم الأشرطة المتعلقة بذات الموضوع، وهنا يبدأ التوسع أكثر.
وأخيراً: يمكن أن ترشد هؤلاء الأفراد إلى الهيئات واللجان الخيرية وأماكنها وعناوينها وهواتفها حتى يتصل بها هؤلاء الناس، وينتفعوا بهذه المعلومات، ويقوموا بنشرها والإفادة منها.
أقول هذا وأستحضر مثالاً واقعياً، حتى نرى أن التوعية فيها كثير من القصور، ففي مقابلات للطلبة المسجلين في الجامعة لهذا العام -كما يخبرني بذلك أحد الأساتذة- وهي مقابلات الهدف منها معرفة خلفية الطالب المتخرج من الثانوية الملتحق بالجامعة. يعني: معرفة مستواه الفكري والثقافي، فسئل أحد الطلاب عن قضية البوسنة والهرسك، فقال: هناك خلاف وصراع بين الصرب والمسلمين، فقالوا له: طيب ما هي القضية؟ فقال -بلهجتنا العامية- (يضّاربوا على سراييفو، هذول يبغوها وهذول يبغوها). هذا منتهى علمه عن هذه القضية!
والآخر عندما سئل عن قضية الصومال دبج كلاماً فقال: (توقف المطر من السماء، وصار الجفاف في الصحراء، ومات الناس من البلاء)، أما أن هناك صراعاً، وأن هناك أطرافاً متناحرة فلا يعلم بذلك.
وهناك أمثلة أخرى كثيرة تدل على ضعف التوعية بمثل هذه القضايا التي أصبحت أشهر من الشهيرة، أما لو سألته مثلاً عن قضية (كشمير) أو قضية (بورما) فربما قد تكون الإجابة مضحكة، ولكنها تنبئ عن مستوى التوعية لديه، وقد يظن هذه الأسماء أسماء لكتب أو لفواكه، وليس هذا بغريب، فقد سئل أحد الطلبة في مثل هذه المقابلات عن عاصمة البحرين؟ فذكر أنها مسقط! وهذا من الأشياء الواقعية.
النقطة الثانية في التعريف والتوعية: دائرة الحي، وتأتي بعد دائرة الأسرة، ويمكن أن يكون هناك تعاون للتوعية والتعريف بصور المآسي وقضايا المسلمين، ومن ذلك خطوات عملية:
أولاً: إعداد مركز إعلامي مصغر من خلال المسجد أو غيره، ومن خلال المسجد يكون أفضل، حيث يتوافر فيه:
1- التعاون والإشراف من قبل الهيئات واللجان الخيرية، وهناك بعض الهيئات تمارس هذا العمل، فتقيم مثلاً في جوار المسجد أو في المكان المناسب خيمة تضع فيها بعض المواد الإعلامية التي تعرف بهذه القضايا.
2- تحريك بعض المتطوعين من الشباب والرجال في هذا المركز حتى يتفاعلوا مع هذه القضايا.
3- أن يوفر في المركز النشرات والوسائل المرئية والسمعية، حتى يستطيع الزائر أن يرى ويسمع ويقرأ، بكل وسيلة يمكن أن تصل إليه المعلومة.
4- توفير التقارير، وجعلها ميسرة ليستفيد منها الأئمة والخطاب والكتاب، ومدهم بالمعلومات من خلال التعاون مع تلك الهيئات.
5- تتاح الفرصة للنساء في أوقات معينة أو في أيام معينة تخصص ليكون المركز أو هذا المكان مخصصاً لهن.
ومن خلال هذا كله تجمع التبرعات باسم أهل الحي، وتكون المشاريع باسمهم، وهذا يشجع الناس، فقد تجمع تبرعات لتبني مدرسة في مكان ما من مناطق العالم الإسلامي، ويكون اسمها مدرسة مسجد كذا وكذا أو مدرسة أهل الحي الفلاني؛ ليكون هذا أدعى إلى التنشيط والمساعدة والدفع في عمل الخير.
ثانياً: أشرطة الفيديو والكاسيت: وقد ذكرناها فيما مضى، لكن هنا نقطة مستقلة، ويمكن أن تفيد بشكل أكبر، وذلك من خلال الآتي:
1- توفيرها لدى التسجيلات وأماكن البيع.
2- عرضها بأسعار مخفضة من خلال جمع التبرعات والمساهمات الخيرية.
3- استبدال الأشرطة -وهذا مهم-، فبعض المشاريع في استبدال الأشرطة تُعطى الجهة المستقبلة أشرطة للغناء أو أشرطة غير نافعة فتسجل عليها محاضرات، ولو سجلت عليها محاضرات ذات موضوعات متعلقة بقضايا المسلمين لكان هذا أفضل وأولى؛ لأن ذلك أكثر تأثيراً.
4- الاستفادة من توزيع هذه الأشرطة في المناسبات إذا توافرت منها الكميات الكافية للتوزيع.
ثالثاً: الممارسة العملية، وهذه لعلها من أبلغ الصور التي يمكن أن يمارسها الكثير من الناس وذلك من خلال الآتي:
1- تنظيم زيارات لمواقع المآسي التي تقع بالمسلمين عن طريق الهيئات واللجان التي لها نشاطات في تلك المناطق، فأنت تستطيع أن تدعو الناس إلى أن يجهزوا مجموعة منهم ممن يتيسر وقتهم ليذهبوا إلى زيارة المسلمين في الصومال، عن طريق هيئة الإغاثة أو لجنة أفريقيا أو غيرها، وهذا له أكبر الأثر، ولا أظنه أمراً شاقاً أو صعباً؛ فإن كثيراً من الناس يسافر هنا وهناك، ويبذل أموالاً هنا وهناك.
2- عند عودة هؤلاء الزائرين يستضافون في المناسبات الاجتماعية في المسجد، أو في دعوة ووليمة في منزل كبير، ويعرفون بالقضايا والمشاهدات التي رأوها؛ لأنهم رأوا، وكما قيل: (ليس المعاين كالمخبر، وليس راءٍ كمن سمع)، والذي يتحدث عما رأى يكون منفعلاً ومتأثراً فينتقل تأثيره إلى الآخرين.
3- أن يتدرب هؤلاء الذين زاروا هذه المناطق على صياغة التقارير، ومن أهم النقاط: أن يحددوا مجالات الاحتياج بتفصيل يشمل الناحية المادية والمعنوية والأرقام، بمعنى أنهم يقولون: يحتاج المسلمون في الصومال إلى أطباء، والطبيب يكلف في الشهر كذا وكذا، يحتاجون إلى دواء لمرض كذا، وهذا الدواء يكلف كذا وكذا؛ لأن المحسن إذا عرف حاجة من هذه قال: هذه بسيطة، وهذه أنا أتكفل بها، والآخر يقول: أنا أتكفل بهذه، أما أن تكون قضية عامة، المسلمون مضطهدون وجوعى ومرضى وكذا، فما الذي يمكن أن نساهم فيه إذا بقت القضية عائمة، والخطاب غير محدد؟!
رابعاً: الحملات التعريفية:
وهذه واسعة جداً، يمكن أن نقوم بذلك من خلال الآتي:
1- أن تكون هذه الحملات في القرى والمدن الصغيرة؛ لأن التعريف والتوعية في المدن الكبيرة واسع، وربما يغطي قطاعات كبيرة، لكن يمكن لبعض الشباب ولبعض المتطوعين أن يزوروا بعض الأماكن القريبة من بلدهم، ويأخذون معهم هذه الأشرطة والأوراق والتقارير، ويتحدثون في المساجد بكلمات قصيرة موجزة حتى يبثوا في الناس هذا الوعي، ويحركوا فيهم المشاعر الإسلامية، ويجعلون لهم طريقاً للمساهمة والمعاونة مع إخوانهم، ومشاركتهم في مآسيهم.
2- الحملات التعريفية من خلال المدارس عن طريق تنظيم زيارات لطلبة المدارس للهيئات واللجان الخيرية ومشاهدة الصور والتقارير والوقائع التي تتحدث عن قضايا المسلمين، ويمكن إقامة بعض المعارض داخل هذه المدارس، وهذا يمكن أن يقوم به بعض الطلبة بالتنسيق مع إدارة المدرسة عبر نشاط التوعية أو عبر النشاط الاجتماعي، وهذه كلها فرص متاحة يستطيع أن يقوم بها الطالب الصغير الذي ربما يحتقر نفسه وهو في المرحلة المتوسطة أو في الثانوية، ويرى أنه لا يستطيع أن يقدم شيئاً بينما هذه فرص أعمال متاحة.
3- الحملات من خلال المراكز التجارية والمؤسسات والمكتبات، فيمكن وضع ركن صغير في بعض المراكز التجارية، فيه بعض هذه التقارير، وبعض ألبومات الصور التي تبين هذه المآسي؛ ليراها الإنسان وينصرف، وهذا قد قامت به بعض الهيئات الخيرية، وله أثر كبير وجيد.
4- استغلال لوحات الإعلان الموجودة في المؤسسات والمراكز بحيث توضع فيها هذه التقارير ذات الأرقام الكبيرة والحقائق الظاهرة؛ ليراها كل إنسان ويقرأها كل عابر، فيكون فيها فائدة كبرى بإذن الله سبحانه وتعالى.
5- في المحلات التجارية الصغيرة والمكتبات يمكن أن يوضع عند المخرج أو عند المحاسب بعض التقارير والأوراق التي تلخص هذه القضايا، وبالتالي تتوسع دائرة التعريف بهذه القضايا بشكل كبير.
بل أقول: يمكن أن تكون هناك حملات لتعريف غير المسلمين بقضايا المسلمين؛ لأن الكثير من غير المسلمين واقعين تحت تأثيرات الإعلام، وتحت الصورة المشوهة للإسلام، ويمكن من خلال هذه الوسائل وغيرها أن يصل إليهم هذا الصوت.
وهذا نموذج أولي للورقة الأولى التي أرى من خلال هذا العرض أن كثيرين سيدركون أن بإمكانهم أن يقوموا بجزء لا بأس به إن لم يكن بكل هذه الخطوات، كل بحسب طاقته وفي ميدانه، وكل هذه الأوراق إنما المطلوب فيها الجانب العملي والتذكير بأن هناك فرصاً وإمكانات يمكن أن يحقق من خلالها الإنسان شيئاً يرى أنه يخدم به أمة الإسلام.
ورقة أخرى بعنوان: (الرسائل الضاغطة).
قرأت قبل فترة من الزمن خبراً عن مجموعة في بلاد الغرب من أنصار حقوق الحيوان وليس حقوق الإنسان، وكانت الجمعيات التي تؤسس لرعاية الحيوان تعترض على مؤسسات إنتاج المواد التجميلية؛ لأنها تستخدم عظام وأنسجة بعض الحيوانات في بعض صناعات المستحضرات الطبية أو التجميلية على وجه الخصوص، فعملوا احتجاجاً على هذا العمل، ووقعوا عليه، والملفت للنظر أن هذه الرسالة كان عدد الموقعين عليها نحو مليون ونصف إنسان!
وتجد في أخبار أخرى أن بعض القضايا التي يثيرها بعض الجمعيات أو بعض المنتدبين لأمور معينة مثل حماية البيئة أن التوقيعات تبلغ عشرات الملايين، ويذكرون في هذه الأخبار أن هذه التوقيعات كانت في عدد كذا من الأوراق، وتزن كذا كيلو غرام، وهذا ليس في الغالب عبثاً، خاصة في المجتمعات الغربية والمجتمعات الأمريكية؛ فإن هذه مقاييس النبض وإيصال الصوت، لذلك أقول هنا: نريد أن نقف على بعض المجالات والأهداف والوسائل العملية التي يمكن أن ينفع بها المسلمون إخوانهم، ويخدموا قضاياهم من خلال هذا الجانب.
أهداف الرسائل الضاغطة
ثانياً: كشف الزيف وبيان الأخطاء التي تذكر في قضايا المسلمين؛ فإن كثيراً من الحقائق يغالط فيها ويغير فيها؛ فينبغي أن يكون من ضمن أهداف هذه الرسائل توضيح هذه الصورة.
ثالثاً: التأثير على بعض مواقع القرار، ودفعها نحو تحرك إيجابي لخدمة قضايا المسلمين، وربما يأتي فيما سأذكر لاحقاً ما يوضح هذا النقطة.
رابعاً: التشجيع للخطوات الإيجابية، وتكون هذه الرسائل لتشجيع عمل إنجازي، وليس الأمر فقط لنقض شيء سلبي.
خامساً: إثارة الاهتمام بوجود الأصداء، ودائماً -كما يقولون- صاحب الصوت العالي هو الذي يسمع الأول، ولو أنك جئت لتخاطب إنسان بصوت منخفض وجاء معك أو في أثناء حديثك من رفع صوته؛ لسمع صوته وربما قبلت شكواه، أو سمعت مطالبه وحققت، وصاحب الصوت الضعيف لا يلتفت إليه أحد.
وأخيراً: إيصال الرأي الآخر في القضايا والمشكلات المطروحة، فإن كثيراً من القضايا يتاح عبر بعض وسائل الإعلام وغيرها أن يقول فريق رأيه، ويحرم فريق آخر من بيان رأيه، فتوصل هذه الرسائل الرأي الآخر مخترقة تلك الحواجز التي توضع أمامها.
مجالات الرسائل الضاغطة
أولاً: هناك مقالات ضد الأحكام والشرائع والمظاهر والقضايا الإسلامية، فهذه تحتاج إلى أن يكون هناك ما يعارضها من الرسائل الضاغطة.
ثانياً: مقالات فيها إيجابيات تحتاج إلى تشجيع.
ثالثاً: منظمات حقوق الإنسان التي -على أقل تقدير- لها بعض التأثير، ولها بعض الإيجابيات التي تمارس في واقع الأمر بالنسبة للقضايا التي تقع في هذا العالم.
رابعاً: مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة التي تتخصص أحياناً في التعليم، وأحياناً في الصحة وغيرها.
خامساً: منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات الإسلامية الأخرى التي لها دور في التعريف أو في خدمة قضايا المسلمين.
سادساً: الجهات التي تصدر عنها المواد التي تحتاج إلى تنبيه، مثل مجلة تصدر شيئاً أو مقالاً أو تتبنى فكراً أو تمارس دوراً غير حسن، أو إذاعة أو جريدة أو نحو ذلك، فيحتاج أن توجه إليها مثل هذه الرسائل الضاغطة.
مضمون الرسائل الضاغطة
أولاً: لابد من التثبت، وإرفاق صور المواد، أو ذكر مصدرها موثقاً بالرقم والتاريخ، فعندما تقول: هناك قضايا للمسلمين صار فيها خلط وكذا وكذا، أو عندما ترسل إلى مجلة أنكم تتبنون كذا وكذا وكذا، لا ينفع الكلام العام، بل لابد أن تكون مثبتاً لهذه القضية، وترفق صورة المقال أو رقم العدد أو رقم وقت إذاعة الخبر أو نحو ذلك.
ثانياً: الاعتماد على الحقائق والأرقام الثابتة، والإسناد إلى المصادر مع البعد عن الأسلوب العاطفي، خاصة أنك تخاطب جهات ومنظمات قد تكون متواطئة ضد المسلمين، فلو تحدثت بلسان العاطفة وقلت: والمسلمون محرومون، والمسلمون مضطهدون وكذا؛ فهذا لا يغني فتيلاً بقدر ما تذكر الأرقام والحقائق الثابتة المعلنة التي لها مصادر محققة وموثقة.
ثالثاً: أن يكون هناك اعتماد على النقاط والإيجاز، فلا تحتاج في هذه الرسائل أن تكتب ثلاثين أو أربعين صفحة، بل صفحة أو صفحتين معتمدة على نقاط محددة.
رابعاً: اعتماد أسلوب المقارنة، مثال ذلك: عندما تقارن بين موقف مجلس الأمن أو الأمم المتحدة في قضية البوسنة والهرسك أو قضية العراق وبين قضايا أخرى مما تهم دول غير إسلامية أو تعنى بمصالح الدول الغربية أو الأمريكية، فهذه المقارنة بالحقائق والأرقام مهمة جداً في مثل هذه المضامين.
خامساً: ذكر الآثار السلبية أو الإيجابية للموضوع بتحديد دقيق يستند إلى الواقع: فتقول مثلاً: هذه القضية لها آثار سلبية وهي كذا وكذا وكذا، وعندما تكتب إلى جهة أو إلى مجلة تنشر صوراً فاضحة تقول: هذا لا يليق، وهذا يضر ويسيء، ويتحقق الضرر منه في كذا وكذا وكذا؛ حتى تكون القضية ذات تحديد واضح تقوم الحجة بها، وربما تؤثر بها.
سادساً: توسيع دائرة الإرشاد إلى المصادر إيجاباً أو سلباً، بمعنى: عندما تكتب عن قضية تقول: هذه حقائق أو كذا، ثم تقول: وقد نشر عن هذه القضية في مجلة كذا عدد كذا، وتوجز وتشير إلى العديد من المصادر لتبين أن الأمر قضية كبيرة، وأن عندك من المعلومات ما هو أكثر من مثل هذا، إضافة إلى كون الأمر إيجابياً، فلو أن كاتباً كتب مقالاً جيداً عن قضية معينة، ألا يستحق أن يشكر، وأن تكتب له عدد من الرسائل حتى يثبت على هذا المنهج، وأن يعطى أيضاً مصادر أخرى لهذا الموضوع، وأن هناك من كتب عنه، وأن ترسل له شريطاً في الموضوع حتى يجد أهل الخير على الخير أعواناً، كما أن أهل الشر يجدون على الشر أعواناً.
وكثيراً ما تكون الحجة عند ممارسة بعض الأعمال الفاسدة أن هذا هو طلب الناس، فمقدم البرنامج يقول: هذه طلبات الجمهور الذين راسلوني، بينما لم يراسله الأخيار، وربما يكونوا أكثر، ولم يرسلوا له ليطلبوا هذا البرنامج أو هذه الفقرة أو منع هذا أو حذف هذا أو نحو ذلك.
وأذكر على سبيل المثال أنه قبل يومين نشر أحد الكتاب المحليين مقالاً في الحياة، تكلم فيه عن أمر قد سبق أن أشرنا إليه، وهو ظاهرة الهجوم على حجاب الفنانات، وعلى توبتهن، فكتب مقالاً جيداً، وفيه أسلوب قوي في تأييد ظاهرة الحجاب، ونقد هذه الهجمة الشرسة، وخاطب فيها المسئول الإعلامي عن هذا الأمر، وطالب بأن تتوقف هذه الحملات؛ لأنها غير منصفة ولا منطقية ونحو ذلك.
فهناك من قرأ هذا المقال فأعجب به، لكن هذا الإعجاب لا يكفي لحصول تأثير، ووجدت طبيباً -ليس خطيباً ولا إماماً- قرأ هذا المقال فأعجب به، فكتب رسالة إلى المسئول -وهو وزير الإعلام في تلك البلد- وأرفق المقال وقال: قرأت هذا المقال ووجدته جيداً ومنطقياً، وإنني أؤيد كاتبه فيما ذهب إليه، وأناشدكم بمثل ما ناشدكم به. هذا ما كتبه فقط، وأرسل هذه الأوراق ليعبر عن هذه الصورة أو الناحية، ولو أن كل خلل وقع وجد فاعله أن هناك من يقول له أو يرسل له أن هذا خلل، وأن هذا لا يليق، وأن هذا فيه مضرة؛ لكان على أقل تقدير كما يقال: (من لم يستح يخشى أو يخاف)، وهذه أيضاً نقطة مهمة.
سابعاً: استنطاق القوانين والأنظمة بنصوصها أو مضامينها عندما تريد أن تقيم الحجة، فلو جئت لشيء منشور وفيه خلل فتقول: نظام النشر ينص في المادة كذا على أنه لا يصح نشر الصور العارية وكذا وكذا، ولذلك نرجو منكم الالتزام بهذا القانون أو النظام.
نظام وسياسة التعليم تقتضي أن يربط التعليم الطالب بدينه وبولائه للمسلمين، وبرائه من المشركين، وهذه الفقرات أو هذه النصوص أو هذه المادة أو هذا الموضوع لا يتناسب مع هذه السياسة.
قانون الأمم المتحدة في المادة كذا ينص على كذا، لكن الممارسة مخالفة، وهذه أيضاً تعطي قوة لمثل هذه القضايا.
ثامناً: صياغة حيادية، وعرض عقلاني: ينبغي أن تكون صياغة الرسالة وكأنك إنسان محايد لست نصيراً لهؤلاء، ولست منهم وفيهم، وليس بالضرورة دائماً، لكن بحسب الجهة التي ترسل إليها.
تاسعاً: إن كان المرسل إليه جهة إسلامية أو إنساناً مسلماً؛ فإن أسلوب الترغيب والترهيب الإسلامي المعروف في التوجيه يفيد كثيراً في هذا المجال.
كيفية ممارسة الرسائل الضاغطة في الواقع
يمكن على سبيل المثال ما يلي:
أولاً: الاحتياج إلى توفير عناوين هذه الجهات، ولا أظنه صعباً، ويمكنك أن تعرف عناوين المنظمات والهيئات؛ لأنها متاحة.
ثانياً: تحضير صيغ ثابتة وجاهزة؛ لأنه يصعب عليك أن تكتب كل مرة، ومعروف أنك ستجد كثيراً من المقالات تحتاج إلى نقد، فينبغي أن يجهز مجموعة من المتعاونين والمتحابين صيغاً جاهزة، وبمجرد أن يملئوا بعض الفراغات يرسلون بها؛ حتى يصل الخبر ويصل هذا الصوت.
أقول: على سبيل المثال في بعض الخطب في أحد المساجد ذكر خطيب: أنه ينبغي أن يتحرك المسلمون ليسمعوا صوتهم بموجب ما هو واقع في هذا العالم.
قال: وهذه نص برقية جاهزة موجهة للأمين العام للأمم المتحدة، وموجهة لرئيس منظمة المؤتمر الإسلامي، لا عليك إلا أن تكتب العنوان، وتجعلها في المظروف، وترسل بها، فلما عرض هذه الفكرة تخاطف الناس هذه الأوراق وتسابقوا إليها كأنهم يحاربون، وكأنهم في مواجهة لنصرة الإسلام بالسيوف لا بمجرد إرسال الورق، فالشعور بأنك تؤدي مهمة في مثل هذه الأشياء مهم جداً، فيكون الإنسان واقعياً، ولو على الأقل أن يقول كلمة الحق ويبرأ ذمته أمام الله سبحانه وتعالى، فهذا أيضاً نموذج لا يعجز عنه كثير من الناس، وربما يحتاج إلى تعاون لكن لا يحتاج إلى عمل كبير، وربما الفرد والفردين والخمسة أو العشرة يتعاونون في بعض هذه الأمور ويتبادلون الرأي فيها، ويمكن أن يمارسوا مثل هذا العمل.
أولاً: الإعلام بما يخفي من الأحداث والوقائع؛ فإن كثيراً من الأمور لا يعلن عنها ولا يشاع خبرها، وقد لا يعرفها إلا أهل البلد أنفسهم، أو الذين عايشوا هذه المأساة بأعينهم ونحو ذلك، فهذا تضمينه في الرسائل يفيد الإعلام بما لم يكن معلوماً.
ثانياً: كشف الزيف وبيان الأخطاء التي تذكر في قضايا المسلمين؛ فإن كثيراً من الحقائق يغالط فيها ويغير فيها؛ فينبغي أن يكون من ضمن أهداف هذه الرسائل توضيح هذه الصورة.
ثالثاً: التأثير على بعض مواقع القرار، ودفعها نحو تحرك إيجابي لخدمة قضايا المسلمين، وربما يأتي فيما سأذكر لاحقاً ما يوضح هذا النقطة.
رابعاً: التشجيع للخطوات الإيجابية، وتكون هذه الرسائل لتشجيع عمل إنجازي، وليس الأمر فقط لنقض شيء سلبي.
خامساً: إثارة الاهتمام بوجود الأصداء، ودائماً -كما يقولون- صاحب الصوت العالي هو الذي يسمع الأول، ولو أنك جئت لتخاطب إنسان بصوت منخفض وجاء معك أو في أثناء حديثك من رفع صوته؛ لسمع صوته وربما قبلت شكواه، أو سمعت مطالبه وحققت، وصاحب الصوت الضعيف لا يلتفت إليه أحد.
وأخيراً: إيصال الرأي الآخر في القضايا والمشكلات المطروحة، فإن كثيراً من القضايا يتاح عبر بعض وسائل الإعلام وغيرها أن يقول فريق رأيه، ويحرم فريق آخر من بيان رأيه، فتوصل هذه الرسائل الرأي الآخر مخترقة تلك الحواجز التي توضع أمامها.
مجالات هذه الرسائل عديدة، وسنرى أنها مجالات مهمة ومفيدة، وتحتاج إلى كثير من عمل المسلمين.
أولاً: هناك مقالات ضد الأحكام والشرائع والمظاهر والقضايا الإسلامية، فهذه تحتاج إلى أن يكون هناك ما يعارضها من الرسائل الضاغطة.
ثانياً: مقالات فيها إيجابيات تحتاج إلى تشجيع.
ثالثاً: منظمات حقوق الإنسان التي -على أقل تقدير- لها بعض التأثير، ولها بعض الإيجابيات التي تمارس في واقع الأمر بالنسبة للقضايا التي تقع في هذا العالم.
رابعاً: مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة التي تتخصص أحياناً في التعليم، وأحياناً في الصحة وغيرها.
خامساً: منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات الإسلامية الأخرى التي لها دور في التعريف أو في خدمة قضايا المسلمين.
سادساً: الجهات التي تصدر عنها المواد التي تحتاج إلى تنبيه، مثل مجلة تصدر شيئاً أو مقالاً أو تتبنى فكراً أو تمارس دوراً غير حسن، أو إذاعة أو جريدة أو نحو ذلك، فيحتاج أن توجه إليها مثل هذه الرسائل الضاغطة.
للإعانة على التنفيذ العملي أشير إلى مضمون هذه الرسائل بمعنى ما الذي ستقوله في هذه الرسالة؟ وكيف يمكن أن يكون هيكلها العام؟ وسأشير في آخر الأمر إلى صور إيجابية واقعية حصلت بالفعل:
أولاً: لابد من التثبت، وإرفاق صور المواد، أو ذكر مصدرها موثقاً بالرقم والتاريخ، فعندما تقول: هناك قضايا للمسلمين صار فيها خلط وكذا وكذا، أو عندما ترسل إلى مجلة أنكم تتبنون كذا وكذا وكذا، لا ينفع الكلام العام، بل لابد أن تكون مثبتاً لهذه القضية، وترفق صورة المقال أو رقم العدد أو رقم وقت إذاعة الخبر أو نحو ذلك.
ثانياً: الاعتماد على الحقائق والأرقام الثابتة، والإسناد إلى المصادر مع البعد عن الأسلوب العاطفي، خاصة أنك تخاطب جهات ومنظمات قد تكون متواطئة ضد المسلمين، فلو تحدثت بلسان العاطفة وقلت: والمسلمون محرومون، والمسلمون مضطهدون وكذا؛ فهذا لا يغني فتيلاً بقدر ما تذكر الأرقام والحقائق الثابتة المعلنة التي لها مصادر محققة وموثقة.
ثالثاً: أن يكون هناك اعتماد على النقاط والإيجاز، فلا تحتاج في هذه الرسائل أن تكتب ثلاثين أو أربعين صفحة، بل صفحة أو صفحتين معتمدة على نقاط محددة.
رابعاً: اعتماد أسلوب المقارنة، مثال ذلك: عندما تقارن بين موقف مجلس الأمن أو الأمم المتحدة في قضية البوسنة والهرسك أو قضية العراق وبين قضايا أخرى مما تهم دول غير إسلامية أو تعنى بمصالح الدول الغربية أو الأمريكية، فهذه المقارنة بالحقائق والأرقام مهمة جداً في مثل هذه المضامين.
خامساً: ذكر الآثار السلبية أو الإيجابية للموضوع بتحديد دقيق يستند إلى الواقع: فتقول مثلاً: هذه القضية لها آثار سلبية وهي كذا وكذا وكذا، وعندما تكتب إلى جهة أو إلى مجلة تنشر صوراً فاضحة تقول: هذا لا يليق، وهذا يضر ويسيء، ويتحقق الضرر منه في كذا وكذا وكذا؛ حتى تكون القضية ذات تحديد واضح تقوم الحجة بها، وربما تؤثر بها.
سادساً: توسيع دائرة الإرشاد إلى المصادر إيجاباً أو سلباً، بمعنى: عندما تكتب عن قضية تقول: هذه حقائق أو كذا، ثم تقول: وقد نشر عن هذه القضية في مجلة كذا عدد كذا، وتوجز وتشير إلى العديد من المصادر لتبين أن الأمر قضية كبيرة، وأن عندك من المعلومات ما هو أكثر من مثل هذا، إضافة إلى كون الأمر إيجابياً، فلو أن كاتباً كتب مقالاً جيداً عن قضية معينة، ألا يستحق أن يشكر، وأن تكتب له عدد من الرسائل حتى يثبت على هذا المنهج، وأن يعطى أيضاً مصادر أخرى لهذا الموضوع، وأن هناك من كتب عنه، وأن ترسل له شريطاً في الموضوع حتى يجد أهل الخير على الخير أعواناً، كما أن أهل الشر يجدون على الشر أعواناً.
وكثيراً ما تكون الحجة عند ممارسة بعض الأعمال الفاسدة أن هذا هو طلب الناس، فمقدم البرنامج يقول: هذه طلبات الجمهور الذين راسلوني، بينما لم يراسله الأخيار، وربما يكونوا أكثر، ولم يرسلوا له ليطلبوا هذا البرنامج أو هذه الفقرة أو منع هذا أو حذف هذا أو نحو ذلك.
وأذكر على سبيل المثال أنه قبل يومين نشر أحد الكتاب المحليين مقالاً في الحياة، تكلم فيه عن أمر قد سبق أن أشرنا إليه، وهو ظاهرة الهجوم على حجاب الفنانات، وعلى توبتهن، فكتب مقالاً جيداً، وفيه أسلوب قوي في تأييد ظاهرة الحجاب، ونقد هذه الهجمة الشرسة، وخاطب فيها المسئول الإعلامي عن هذا الأمر، وطالب بأن تتوقف هذه الحملات؛ لأنها غير منصفة ولا منطقية ونحو ذلك.
فهناك من قرأ هذا المقال فأعجب به، لكن هذا الإعجاب لا يكفي لحصول تأثير، ووجدت طبيباً -ليس خطيباً ولا إماماً- قرأ هذا المقال فأعجب به، فكتب رسالة إلى المسئول -وهو وزير الإعلام في تلك البلد- وأرفق المقال وقال: قرأت هذا المقال ووجدته جيداً ومنطقياً، وإنني أؤيد كاتبه فيما ذهب إليه، وأناشدكم بمثل ما ناشدكم به. هذا ما كتبه فقط، وأرسل هذه الأوراق ليعبر عن هذه الصورة أو الناحية، ولو أن كل خلل وقع وجد فاعله أن هناك من يقول له أو يرسل له أن هذا خلل، وأن هذا لا يليق، وأن هذا فيه مضرة؛ لكان على أقل تقدير كما يقال: (من لم يستح يخشى أو يخاف)، وهذه أيضاً نقطة مهمة.
سابعاً: استنطاق القوانين والأنظمة بنصوصها أو مضامينها عندما تريد أن تقيم الحجة، فلو جئت لشيء منشور وفيه خلل فتقول: نظام النشر ينص في المادة كذا على أنه لا يصح نشر الصور العارية وكذا وكذا، ولذلك نرجو منكم الالتزام بهذا القانون أو النظام.
نظام وسياسة التعليم تقتضي أن يربط التعليم الطالب بدينه وبولائه للمسلمين، وبرائه من المشركين، وهذه الفقرات أو هذه النصوص أو هذه المادة أو هذا الموضوع لا يتناسب مع هذه السياسة.
قانون الأمم المتحدة في المادة كذا ينص على كذا، لكن الممارسة مخالفة، وهذه أيضاً تعطي قوة لمثل هذه القضايا.
ثامناً: صياغة حيادية، وعرض عقلاني: ينبغي أن تكون صياغة الرسالة وكأنك إنسان محايد لست نصيراً لهؤلاء، ولست منهم وفيهم، وليس بالضرورة دائماً، لكن بحسب الجهة التي ترسل إليها.
تاسعاً: إن كان المرسل إليه جهة إسلامية أو إنساناً مسلماً؛ فإن أسلوب الترغيب والترهيب الإسلامي المعروف في التوجيه يفيد كثيراً في هذا المجال.
كيف يمكن ممارسة أسلوب الرسائل الضاغطة واقعياً؟
يمكن على سبيل المثال ما يلي:
أولاً: الاحتياج إلى توفير عناوين هذه الجهات، ولا أظنه صعباً، ويمكنك أن تعرف عناوين المنظمات والهيئات؛ لأنها متاحة.
ثانياً: تحضير صيغ ثابتة وجاهزة؛ لأنه يصعب عليك أن تكتب كل مرة، ومعروف أنك ستجد كثيراً من المقالات تحتاج إلى نقد، فينبغي أن يجهز مجموعة من المتعاونين والمتحابين صيغاً جاهزة، وبمجرد أن يملئوا بعض الفراغات يرسلون بها؛ حتى يصل الخبر ويصل هذا الصوت.
أقول: على سبيل المثال في بعض الخطب في أحد المساجد ذكر خطيب: أنه ينبغي أن يتحرك المسلمون ليسمعوا صوتهم بموجب ما هو واقع في هذا العالم.
قال: وهذه نص برقية جاهزة موجهة للأمين العام للأمم المتحدة، وموجهة لرئيس منظمة المؤتمر الإسلامي، لا عليك إلا أن تكتب العنوان، وتجعلها في المظروف، وترسل بها، فلما عرض هذه الفكرة تخاطف الناس هذه الأوراق وتسابقوا إليها كأنهم يحاربون، وكأنهم في مواجهة لنصرة الإسلام بالسيوف لا بمجرد إرسال الورق، فالشعور بأنك تؤدي مهمة في مثل هذه الأشياء مهم جداً، فيكون الإنسان واقعياً، ولو على الأقل أن يقول كلمة الحق ويبرأ ذمته أمام الله سبحانه وتعالى، فهذا أيضاً نموذج لا يعجز عنه كثير من الناس، وربما يحتاج إلى تعاون لكن لا يحتاج إلى عمل كبير، وربما الفرد والفردين والخمسة أو العشرة يتعاونون في بعض هذه الأمور ويتبادلون الرأي فيها، ويمكن أن يمارسوا مثل هذا العمل.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
رمضان ضيفنا المنتظر | 2910 استماع |
المرأة بين الحرية والعبودية | 2732 استماع |
فاطمة الزهراء | 2699 استماع |
الكلمة مسئوليتها وفاعليتها | 2630 استماع |
المرأة والدعوة [1] | 2544 استماع |
عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم | 2537 استماع |
غزوة أحد مواقف وصور | 2536 استماع |
قراءة في دفاتر المذعورين | 2488 استماع |
خطبة عيد الفطر | 2470 استماع |
التوبة آثار وآفاق | 2454 استماع |