لله العزة جميعا - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}:من ابتغى العزة في جاه أو مال أو قوة أو سلطان أو غير ذلك من أسباب الرفعة الدنيوية فليراجع نفسه فما هي إلا دار غرور سريعاً ما تنتهي بهجتها وتنطفيء أنوارها وتبدأ رحلة التكريم والعزة الحقيقية أو الذلة والإهانة الأبدية، العزة لله وفيما يرضي الله ودوام التكريم والنعيم فقط في دار الكرامة لمن أحب الله وأحبه الله.
إياك أن تلتمس العزة في عرض زائل حتى لا تعذب بفقده أو تهان بسببه.
إلى الله يصعد كل قول وعمل صالح، فيرفع معه صاحبه درجات وينال العزة الحقيقية عند مليك الأرض والسماوات.
أما المكر السيء وأهله فليس لهم عزة وإنما هي الإهانة والنكال، وإن بدت لهم عزة في دار الغرور فإنما هي خدعة واختبار سرعان ما سيزول.
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ } [فاطر 10].
أي: يا من يريد العزة، اطلبها ممن هي بيده، فإن العزة بيد اللّه، ولا تنال إلا بطاعته، وقد ذكرها بقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} من قراءة وتسبيح وتحميد وتهليل وكل كلام حسن طيب، فيرفع إلى اللّه ويعرض عليه ويثني اللّه على صاحبه بين الملأ الأعلى {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ} من أعمال القلوب وأعمال الجوارح {يَرْفَعُهُ} اللّه تعالى إليه أيضا، كالكلم الطيب.
وقيل: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فيكون رفع الكلم الطيب بحسب أعمال العبد الصالحة، فهي التي ترفع كلمه الطيب، فإذا لم يكن له عمل صالح، لم يرفع له قول إلى اللّه تعالى، فهذه الأعمال التي ترفع إلى اللّه تعالى، ويرفع اللّه صاحبها ويعزه.
وأما السيئات فإنها بالعكس، يريد صاحبها الرفعة بها، ويمكر ويكيد ويعود ذلك عليه، ولا يزداد إلا إهانة ونزولا، ولهذا قال: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} يهانون فيه غاية الإهانة.
{وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} أي: يهلك ويضمحل، ولا يفيدهم شيئا، لأنه مكر بالباطل، لأجل الباطل.