تفسير سورة الأعراف [138-155]


الحلقة مفرغة

قال عز وجل: وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف:138]. قال الزمخشري فيما مضى من الآيات التي انتهت بقوله تعالى: وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ [الأعراف:137] قال: وهذا آخر ما اقتص الله من نبأ فرعون والقبط، وتكذيبهم بآيات الله وظلمهم ومعاصيهم، ثم أتبعه باقتصاص نبأ بني إسرائيل وما أحدثوه بعد إنقاذهم من ملكة فرعون واستعباده ومعاينتهم الآيات العظام ومجاوزتهم البحر، من عبادة البقر، وطلب رؤية الله جهراً وغير ذلك من أنواع الكفر والمعاصي؛ ليعلم حال الإنسان، وأنه كما وصفه (( لظلوم كفار ))، جهول كنود إلا من عصمه الله وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، وليسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أري من بني إسرائيل بالمدينة من الكيد والتآمر والغدر والخيانة. ثم شرع عز وجل في بيان سلوك بني إسرائيل مع نبيهم مع ما رأوه من قبل من آيات الله عز وجل العظام، وكيف أنهم سرعان ما بدلوا وغيروا! فبمجرد أن جاوز الله بهم البحر وقعوا في هذا الأمر العظيم. وقوله تعالى: (( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ )) يعني: نفس البحر الذي أغرق الله فيه أعداءهم، وهو بحر القلزم، وهو ما يسمى الآن بالبحر الأحمر، كما يقول القاسمي كان في شرقي مصر قرب جبل الطور، أضيف إليه لأنه على طرفه، ويعرف البلد الآن بالسويس، فالقلزم أصلاً هي اسم لمدينة السويس، ومن زعم أن البحر هو نيل مصر فقد أخطأ، ولا شك أنه لا يصح أبداً تفسير البحر بأنه النيل، وإنما هو البحر الأحمر المعروف الآن بهذا الاسم. وقوله: (( فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ )) قرئ: (يعكُفون)، وقرئ (يعكِفون)، بضم الكاف وكسرها، أي: يواظبون على عبادتها ويلازمونها. وقوله: (( قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ))، أي: اجعل لنا صنماً نعكف عليه، كما لهم أصنام يعكفون عليها. وقوله: (( قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ )) أي: تجهلون شأن الألوهية وعظمتها، وأنه لا يستحقها إلا الله سبحانه وتعالى. قال البغوي رحمه الله: ولم يكن ذلك شكاً من بني إسرائيل في وحدانية الله تعالى، وإنما معناه: اجعل لنا شيئاً نعظمه ونتقرب بتعظيمه إلى الله سبحانه وتعالى، وظنوا أن ذلك لا يضر بالديانة، وكل ذلك لشدة جهلهم.

ثم قال تعالى: إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف:139]. قوله: (( إن هؤلاء )) يعني: أن عبدة تلك التماثيل (( متبر ما هم فيه )) أي: مهلك ما هم فيه من الشرك، (( وباطل ما كانوا يعملون )) أي: من عبادة الأصنام، وإن كان قصدهم بذلك التقرب إلى الله تعالى فإنه كفر محض. قال الرازي : أجمع كل الأنبياء عليهم السلام على أن عبادة غير الله تعالى كفر، سواء اعتقد في ذلك الغير كونه إلهاً للعالم أو اعتقد أن عبادته تقرب إلى الله تعالى؛ لأن العبادة نهاية التعظيم، فلا تليق إلا بمن يصدر منه غاية الإنعام، وهي خلق الجسم والحياة والشهوة والقدرة والعقل، وخلق الأشياء المنتفع بها، والقادر على هذه الأشياء ليس إلا الله تعالى، فوجب ألا تليق العبادة إلا به عز وجل. وعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة حنين مر بشجرة للمشركين كانوا يعلقون عليها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط، فقالوا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! هذا كما قال قوم موسى: اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138]، والذي نفسي بيده! لتركبن سنن من كان قبلكم)، أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن جرير وغيرهم. وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي المالكي رحمه الله: انظروا رحمكم الله أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمونها، ويرجون البر والشفاء من قبلها، ويضربون بها المسامير والخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها. يعني أن ذلك يعتبر أنموذجاً أو صورة من صور ذوات الأنواط التي ينبغي أن تقطع؛ قطعاً لذريعة الإشراك بالله عز وجل. وقال الحافظ أبو شامة الشافعي الدمشقي في كتابه (البدع والحوادث): وقد عم الابتلاء بتزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد. يعني: دهنها بالخلوق وبالطيب، كما يحصل الآن تماماً في بعض المقامات والأضرحة وغير ذلك؛ حيث يعطرون حجارتها بالعطور، ويعظمون هذه الأشياء، ويتمسحون بها، ومنها ما يزعمون أنها آثار كف النبي عليه الصلاة والسلام أو قدمه، كما في مسجد البدوي في طنطا، فإنه يوجد ركن معين يوجد فيه أثر قدم مطبوعة يزعمون أنها قدم النبي عليه الصلاة والسلام، ولنفرض جدلاً أن هذا أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ماذا؟! هل يقتضي ذلك التعبد أو إرادة هذا الحجر من دون الله عز وجل والتمسح به وتخليقه وحث الناس على تعظيمه؟! وكذلك يقبلون المقصورات النحاسية أو الذهبية التي حول هذه القبور، وهذا كله ليس من دين الإسلام في شيء، بل هذا كله تشبه وإحياء لسنة بني إسرائيل مع هؤلاء القوم الذين قالوا لموسى: (( اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة )). يقول: وقد عم الابتلاء بتزيين الشيطان للعامة تخليق الحيطان والعمد، فيفعلون ذلك ويحافظون عليه، مع تضييعهم فرائض الله وسننه. يعني: أنك تجد عامتهم يفعلون ذلك وأكثرهم ربما لا يصلون، ومتوقع أنهم لا يصلون؛ لأنه إذا كانت الصلاة ثاني أركان الإسلام فإن التوحيد أول أركان الإسلام، وهم لا يحسنون التوحيد، فإذا كانوا لم يصححوا عقيدتهم ولم يفهموا أصلاً معنى لا إله إلا الله، فهل أمثال هؤلاء يكونون مصلين؟! فكثيراً ما تجد هؤلاء لا يصلون، بل ربما يرتكبون أفحش الأشياء في هذه الموالد والاحتفالات، كتعاطي المخدرات، والاختلاط الفاحش بين الرجال والنساء! وتجد النساء يجلسن يتعاطين الشيشة في الخيام التي ينصبونها، وكل هذه الأشياء لا مناسبة ولا ربط لها بالدين؛ فما علاقة كل هذا بالإسلام وبالتوحيد وبالمساجد والعبادات؟! وإنما هؤلاء من أهل الفسق والفجور، وليسوا من أهل الذكر، بل هم من أهل الغفلة، ومجالسهم ليست ذكراً لله، ولكنها غفلة عن الله سبحانه وتعالى، وغفلة عن حقوق التوحيد. يقول أبو شامة : فيفعلون ذلك ويحافظون عليه مع تضييعهم فرائض الله وسننه، ويظنون أنهم متقربون بذلك، ثم يتجاوزون هذا إلى أن يعظم وقع تلك الأماكن في قلوبهم، فيعظمونها، ويرجون الشفاء لمرضاهم وقضاء حوائجهم بالنذر لها، وهي من بين عيون وشجر وحائط وحجر. ثم شرح الإمام أبو شامة شجرة مخصوصة فقال: ما أشبهها بذات أنواط التي في الحديث! وروى ابن وضاح في كتابه قال: سمعت عيسى بن يونس يقول: أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت؛ لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها، فخاف عليهم الفتنة، ولهذا البحث تتمة مهمة في (إغاثة اللهفان) لـابن القيم فلتنظر. والآن أيضاً ظهرت أشياء جديدة من نفس هذا الباب، كاتخاذ التمائم للوقاية من السحر ومن الحسد وغير ذلك من الشرور، لكن بصورة مزركشة أكثر، فبدل الكف الذي كانوا يصنعونها من قبل أصبحوا الآن يستعملون هذه الخرزات ذات اللون اللبني أو الأزرق، وهذه الحجارة أصبحت مشهورة تعلق في كل مكان، فتعلق في السيارات وفي العيادات وفي المنازل، وكأنها نوع من الزينة، وكثير منهم يقصدون بها دفع الشر، وحتى لو كتبوا عليها المعوذتين أو كتبوا القرآن إذا اتخذت لأجل دفع السوء فهذا نوع من اتخاذ التمائم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (من تعلق تميمة فقد أشرك، أو: فلا أتم الله له). وكذلك يعلقون آية الكرسي سواء في السلاسل على الصدور كالنساء مثلاً، أو غير ذلك مما يتخذ من أجل أن هذه القماشة التي كتب عليها ذلك هي التي ستحفظه، فإن أردت أن تعتصم بالله عز وجل فارق نفسك أو أولادك أو بيتك أو الشيء الذي تريد رقيته بالرقية الشرعية، فكثير من هؤلاء الناس أصلاً لا يصلون ولا يوحدون الله، فكيف يقال: إن هذه المعوذات سوف تحميهم؟! فإذا أردت أن تتعوذ بالله عز وجل فاقرأ أنت المعوذات، واقرأ القرآن، وعليك أن تدعو الله سبحانه وتعالى، وتتجه إلى الله عز وجل، لا إلى هذه الأحجار.

قال تعالى: قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [الأعراف:140]. أي: قال موسى مذكراً قومه نعم الله تعالى عليهم الموجبة لتصديقه تعالى بالعبادة: (أغير الله أبغيكم إلهاً)، أي: أغير الله أطلب لكم معبوداً؟ يقال: أبغاه الشيء: طلبه له، كبغاه إياه، ويتعدى إلى مفعولين، كما في قوله هنا: (أبغيكم إلهاً)، وفي الحديث: (ابغني أحجاراً أستطيب بها). والاستفهام في الآية للإنكار والتعجيز والتوبيخ، فقوله: (قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) يعني: والحال أنه تعالى خصكم بنعم لم يعطها غيركم، وكل آية فيها تفضيل بني إسرائيل على العالمين فهي مقيدة ليست على إطلاقها، وإنما المقصود: فضلهم على العالمين في زمانهم فقط، وليس على الإطلاق؛ لأن الأمة المفضلة على العالمين أجمعين على الإطلاق هي أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: وَإِذْ أَنجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [الأعراف:141]. (( وإذ أنجيناكم من آل فرعون )) أي: من فرعون وقومه، (( يسومونكم سوء العذاب )) أي: بالعمل الذي يكلفونكم إياه، أو يولونكم إياه، يقال: سامه الأمر يسومه: كلفه إياه وجشمه وألزمه، أو أولاه إياه. وقوله: (( يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ )) أي: فنجاكم وحده دون شفاعة من أحد، وهذه الآية تدل على أن هلاك الأعداء نعمة من الله سبحانه وتعالى يجب مقابلتها بالشكر، وتدل على أن المحن في الأولاد والأهل بمنزلة المحن في النفس ويجري مجراه.

ثم قال تعالى: وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ [الأعراف:142]. روي أن بني إسرائيل لما خرجوا من مصر نزلوا في برية طور سيناء، وكانت مدة خروجهم إلى أن نزلوا شهراً ونصفاً، ولما نزلوا تلقاء الجبل صعد موسى إليه، وسمع كلامه تعالى وأوامره ووصاياه، ثم انحدر موسى عليه السلام إلى قومه، وأعلمهم بما أمروا به، وصاروا يشاهدون على الجبل ضباباً وصوت رعود وبروقاً، ثم أمر تعالى موسى أن يصعد إلى الجبل ليؤتيه الشرائع التي كتبها على قومه، فصعد موسى الجبل، وكان مغطىً بالغمام، فدخل موسى في وسط الغمام، وأقام في الجبل أربعين يوماً لم يأكل ولم يشرب لما أمد به من القوة الروحانية والتجليات القدسية، وأوتي في برهتها الألواح التي كتبت فيها شرائعهم، ولما رجع إلى قومه كان على وجهه أشعة نور مدهشة، حيث كان موسى عليه السلام إذا رجع من تكليم الله تعالى إياه كان يرجع وعلى وجهه نور مدهش، لا يقوى أحد أن ينظر إلى وجهه من شدة النور الذي على وجهه، يقول: ولما رجع إلى قومه كان على وجهه أشعة نور مدهشة، فخافوا من الدنو منه، فجعل على وجهه برقعاً، فكان إذا صعد الجبل للمناجاة رفعه وإذا أتاهم وضعه. والله تعالى أعلم. (( وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ )) يعني حينما توجه للمناجاة: (( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي )) أي: كن خليفتي فيهم، (( وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ )) يعني: لا تتبع سبيل من سلك الإفساد، ولا تطع من دعاك إليه. قال الجشمي : تدل الآيات على أنه استخلف هارون عند خروجه لما رأى أنهم أشد طاعة له وأكثر قبولاً منه، ومخاطبة موسى عليه السلام لهارون وجوابه له كقوله: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي [طه:93] ، وقول هارون: لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي [طه:94] ، وقوله: فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ [الأعراف:150] كل ذلك كالدال على أن موسى كان يختص بنوع من الولاية وإن اشتركا في النبوة، يعني: أن هذا يدل على أن مرتبة موسى كانت أعلى من مرتبة هارون، كما هو واضح أن السياق كله هنا أنه استخلفه لما أراد أن يخرج إلى المناجاة، والظاهر أنه استخلفه إلى أن يرجع؛ لأنه هو المعقول من الاستخلاف عند الغيبة. وتدل الآية على أنه يجوز أن ينهاه عن شيء يعلم أنه لا يفعله، ويأمره بما يعلم أنه سيفعله؛ عظة له واعتباراً لغيره، وتأكيداً ومصلحة للجميع.

ثم قال تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنْ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنْ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [الأعراف:143]. قوله: (( ولما جاء موسى لميقاتنا )) أي: حضر الجبل لوقتنا الذي وقتنا له وحددنا، (( وكلمه ربه )) أي: خاطبه من غير واسطة ملك. (( قَالَ رَبِّ أرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي )) أي: لن تطيق رؤيتي؛ لأن هذه البنية الآدمية في هذه النشأة الدنيوية لا طاقة لها بذلك؛ لعدم استعدادها له، بل ما هو أكبر جرماً وأشد خلقاً وصلابة وهو الجبل، لا يثبت لذلك، بل يندك. فالله سبحانه وتعالى أراد أن يعلم موسى عليه السلام ذلك، فأولاً قال له: (( لن تراني ))، ثم بين أن المقصود: لن تراني بهذه الهيئة التي أنت عليها، يعني: البنية الآدمية في هذه الحياة الدنيا، لأنها غير مؤهلة لرؤية الله عز وجل، ولا تطيق ذلك أبداً، فليس من شأن أهل الدنيا أن يروا الله تبارك وتعالى، وبين له في درس عملي أن الجبل الذي هو أقوى منك جرماً وحجماً وصلابة لا يثبت لرؤية الله سبحانه وتعالى ولتجليه عز وجل، فكيف يثبت الآدمي الضعيف؟! ولذلك قال له تعالى: (( لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ )) يعني: انظر إلى الجبل الذي هو أقوى منك. (( فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي )) يعني: إن ثبت مكانه حين أتجلى له ولم يتزلزل فسوف تراني، أي: سوف تثبت لرؤيتي إذا تجليت عليك، وإلا فلا طاقة لك، وفيه من التلطف بموسى والتكريم له والتنزل القدسي ما لا يخفى. وقوله تعالى: (( فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ )) أي: ظهر له وبان، (( جَعَلَهُ دَكًّا ))، يعني: جعله التجلي دكاً، أي: مفتتاً، فلم يستقر مكانه، فنبه تعالى على أن الجبل مع شدته وصلابته إذا لم يستقر فالآدمي مع ضعف بنيته أولى بألا يستقر، وفيه تسكين لفؤاد موسى عليه السلام، وتطمين لموسى عليه السلام أن الذي منعني من التجلي لك هو أنك لا تطيق ذلك بهذه البنية التي أنت عليها الآن في الدنيا، وليس المانع من التجلي أن الرؤية مستحيلة، فرؤية الله ليست مستحيلة، لكن الله عز وجل لا يقوى أحد على رؤيته في هذه الدنيا. (( وخر )) أي: سقط ووقع (( موسى )) عليه السلام (( صعقاً )) أي: مغشياً عليه من هول ما رأى من اندكاك الجبل وانفعاله لرؤية الله سبحانه وتعالى له لما تجلى له، (( فَلَمَّا أَفَاقَ )) موسى عليه السلام، (( قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ )) من الإقدام على سؤال الرؤية، (( وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )) أي: أنا أول المؤمنين بأنه لا يستقر ولا يثبت لرؤيتك أحد فيه هذه النشأة الدنيوية. قال الناصر في الانتصاف: إنما سبح موسى عليه السلام لما تبين له من أن العلم قد سبق بعدم وقوع الرؤية في الدنيا، والله تعالى مقدس عن وقوع خلاف معلومه، وعن الخلف في خبره الحق وقوله الصدق، فلما تبين أن مطلوبه كان خلاف المعلوم سبح الله أن سبق في علم الله عز وجل أن الله قضى أنه لا يراه أحد، ولا يقوى أحد أن يراه في الدنيا. وقوله: (( قال سبحانك )) يعني: لا مبدل لكلماتك ولا لعلمك بأنه لا يستطيع أحد أن يراك في الدنيا، وأما التوبة في حق الأنبياء فلا تستلزم كونها عن ذنب؛ لأن منصبهم الجليل ينبغي أن يكون منزهاً مبرءاً من كل ما ينحط به، ولا شك أن التوقف في سؤال الرؤية على الإذن كان أكمل، وقد ورد: (سيئات المقربين حسنات الأبرار)، يعني: لا شك أنه كان الأولى في حق موسى ألا يسأل، أو يستأذن؛ لكنه لم يفعل ذلك، فكان عدم الاستئذان كأنه ذنب، ولذلك قال: (( تبت إليك )) يعني: لا أعود إلى سؤال الرؤية مرة ثانية. وقوله: (( وأنا أول المؤمنين )) هل هو أول المؤمنين بالله؟ الجواب: لا؛ لأنه قد سبقه أنبياء آخرون كثيرون ومؤمنون من المسلمين، لكن المقصود: أنا أول المؤمنين بأنه لا يراك أحد في هذه الحياة الدنيا بهذه النشأة.

وجه إثبات رؤية الله من قوله: (رب أرني أنظر إليك)

قال المتكلمون: دلت الآية على جواز رؤيته تعالى من وجهين: الوجه الأول: أن سؤال موسى عليه السلام الرؤية يدل على إمكانها؛ لأن العاقل فضلاً عن النبي لا يطلب المحال، ولا مجال إلى القول بجهل موسى عليه السلام بالاستحالة؛ فإن الجاهل بما لا يجوز على الله لا يصلح للنبوة، يعني: أن موسى عليه السلام كان يعلم أن رؤية الله ممكنة وليست مستحيلة، لكنه كان لا يعلم أن هذه الرؤية لا تكون في الدنيا إنما تكون في الآخرة. الوجه الثاني: أنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل، وهو أمر ممكن في نفسه. أي وإذا علق الشيء على أمر ممكن فهذا يدل على أنه ممكن، وإذا علق على أمر مستحيل فهذا يدل على أنه مستحيل، وأقرب مثل لذلك هو: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]، فعلق دخولهم الجنة على دخول الجمل في سم الخياط، سواء قلنا: إن المقصود هنا بالجمل: الحبل الضخم الذي يستعمل في السفن، أو الحيوان المعروف، فهو مستحيل، ومثله قولك: لن أفعل كذا حتى يبيض القار، مع أن القار لا يبيض! وكذلك: حتى يشيب الغراب، والغراب لا يشيب. أما إذا علق على أمر ممكن فيدل على أنه ممكن، فعندما يقول مثلاً: سوف آتيك إذا طلعت الشمس، فهذا معناه: أنه يمكن أن يأتيك. فالله سبحانه وتعالى علق الرؤية هنا على استقرار الجبل، واستقرار الجبل أمر ممكن في نفسه، والمعلق على الممكن ممكن؛ لأن معنى التعليق الإخبار بوقوع المعلق عند وقوع المعلق به، والمحال لا يثبت على شيء من التقادير الممكنة.

الرد على الذين ينكرون رؤية الله عز وجل يوم القيامة

وأما زعم المعتزلة أن الرؤية مجاز عن العلم الضروري، وأن معنى قوله: (( أرني أنظر إليك )) أي: اجعلني عالماً بك علماً ضرورياً. وبهذا وقع المعتزلة في إشكال؛ لأنهم لا يستطيعون أن يطعنوا فيما ذكرناه آنفاً من أن النبي أعلم بالله من أن يسأله ما يستحيل عليه سبحانه وتعالى. فالآية واضحة: (( رب أرني أنظر إليك ))، لكنهم أولوا الآية كعادة أهل البدع والضلال حينما تصادم النصوص أهواءهم، فإذا كان حديثاً كذبوه، وإذا كانت آية أولوها وأفسدوا معانيها، وجعلوا أهواءهم هي الأصل، فلذلك قالوا في قوله: (رب أرني أنظر إليك): يعني: اجعلني عالماً بك علماً ضرورياً، وهذا التأويل خلاف ظاهر القرآن الكريم، فقوله: (رب أرني أنظر إليك) ظاهر، وانظر إلى كلمة: (أنظر إليك)، فهل هذه معناها: اجعلني أعلم بك علماً ضرورياً؟! الجواب: لا؛ لأن النظر الموصول بـ(إلى) نص في الرؤية البصرية، فلا يترك بالاحتمال، مع أن طلب العلم الضروري بمن يخاطبه ويناجيه غير معقول. وكذا يبطل زعمهم أن موسى عليه السلام كان سألها لقومه، يعني: يوجد مخرج آخر أراد المعتزلة أن يخرجوا به من هذه الورطة، فقالوا: موسى كان يعلم أن رؤية الله سبحانه وتعالى مستحيلة، لكنه سأل الله عز وجل أن يراه، وليس المقصود أن يراه هو، لكن لأن قومه قالوا له: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة:55] فهو سأل رؤية الله استجابة لطلب قومه، وأراد بذلك أن يعلم قومه أن الرؤية مستحيلة، فزعمهم أن موسى عليه السلام كان سألها لقومه حيث قالوا: (( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة )) وهذا الزعم خلاف الظاهر، وهو تكلف يذهب رونق النظم، فترده ألفاظ الآية. وقد ثبت وقوع رؤيته تعالى في الآخرة بالكتاب والسنة، أما الكتاب فلقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23] . وأما السنة فلا تحصى أحاديثها، ولكن إذا أصيب المرء بداء المكابرة في الحق الصراح عسر إقناعه مهما قوي الدليل وعظمت الحجة، وهذه آفة المعتزلة فإنهم يكذبون الأحاديث الواردة في الرؤية، ويؤولون الآيات التي تثبت الرؤية في الآخرة.

الرد على الزمخشري المعتزلي في إنكاره لرؤية الله عز وجل يوم القيامة

قال في (فتح البيان): رؤيته تعالى في الآخرة ثبتت بها الأحاديث المتواترة تواتراً لا يخفى على من يعرف السنة المطهرة، والجدال في مثل هذا والمراوغة لا تأتي بفائدة، ومنهج الحق واضح، ولكن الاعتقاد لمذهب نشأ الإنسان عليه وأدرك عليه أباه وأهل بلده مع عدم التنبه لما هو المطلوب من العباد من هذه الشريعة المطهرة يوقع في التعصب، والمتعصب وإن كان بصره صحيحاً فبصيرته عمياء، وأذنه عن سماع الحق صماء، يدفع الحق وهو يظن أنه ما دفع غير الباطل، ويحسب أن ما نشأ عليه هو الحق؛ غفلة منه وجهلاً بما أوجبه الله عليه من النظر الصحيح، وتلقي ما جاء به الكتاب والسنة بالإذعان والتسليم، وما أقل المنصفين بعد ظهور هذه المذاهب في الأصول والفروع! فإنه صار بها باب الحق مرتجاً، وطريق الإنصاف مستوعرة، والأمر لله سبحانه والهداية: يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ومنهج الحق له واضح انتهى. ويقول القاسمي : وهذا تعريض بالمعتزلة،, في مقدمتهم الزمخشري ، وقد انتقل -عفا الله عنه- أخيراً إلى هجاء أهل السنة، أي: أن الزمخشري من أئمة الاعتزال، ورغم اعترافنا بما للزمخشري من باع عظيم جداً في إظهار بلاغة القرآن وإعجاز القرآن الكريم اللغوي والبياني، لكن ما أكثر ما أطال لسانه في علماء أهل السنة! فقد هجاهم وتطاول عليهم تطاولاً قبيحاً، ومن ذلك أنه هجا أهل السنة والجماعة أهل الحق بقوله: لجماعة سموا هواهم سنة اعتبر أن كلمة (أهل السنة والجماعة) يعني: أهل الهوى. لجماعة سموا هواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفة يصفهم -والعياذ بالله- بأنهم حمر. قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فتستروا بالبلكفة ويعني بالبلكفة قولهم: (بلا كيف) وهذا هو ما يسميه علماء اللغة النحت، فمثلاً: بدل أن تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، تقول: البسملة، ولا حول ولا قوة إلا بالله: الحوقلة، وحي على الصلاة أو حي على الفلاح: الحيعلة، فهذا يسمى نحتاً، فهو يقول هنا في ذم أهل السنة والتطاول عليهم: لجماعة سموا هواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفة يشببهم بالحمير التي عليها الإكاف الذي يوضع عليها. وقوله: (قد شبهوه بخلقه) يزعم أن أهل السنة شبهوا الله بخلقه، فهو يعني بزعمه أنهم لما أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة فكأنهم شبهوا الله بخلقه، والمعتزلة لهم ضلال مبين في فهم الأحاديث، والعوج هو في فهمهم هم وليس في النصوص؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المتواتر -يعني: نقل بنفس الطريقة التي نقل بها القرآن-: (هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب أو القمر ليس دونه سحاب ...)، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم سيرون الله سبحانه وتعالى كما يرون الشمس أو القمر ليس دونها سحاب، وهنا أركان التشبيه موجودة، لكن هل معنى هذا أن الحديث يشبه الله سبحانه وتعالى بالشمس أو بالقمر؟! الجواب: لا، بل التشبيه للرؤية بالرؤية، وليس للمرئي بالمرئي، ووجه شبهه شدة وضوح الرؤية فقط، وليس معنى ذلك أنك تشبه المرئي هنا بالمرئي هنا، معاذ الله! فهذا مستحيل. فلذلك أثبت أهل السنة الرؤية على أنها رؤية حقيقية، وتكون واضحة أشد الوضوح لا ريب فيها، لكن الله أعلم بكيفيتها، فأهل السنة قالوا: بلا كيف، وهذا شأن أهل السنة في سائر هذه الأشياء، والزمخشري يقول في أهل السنة: (قد شبهوه بخلقه)، أي: أن أهل السنة شبهوا الله بخلقه، (وتخوفوا شنع الورى)، أي: وخافوا أن يشنع الناس عليهم بالتجسيم وبالتشبيه، فوضعوا ستاراً يستترون وراءه، وهو البلكفة، يقصد كلمة (بلا كيف)، فيذم أهل السنة بأنهم يسترون عقائد التجسيم والتشبيه وراء عبارة (بلا كيف)، هذا هو معنى قوله: لجماعة سموا هواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفة قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فتستروا بالبلكفة قال في (الانتصاف): ولولا الاستنان بـحسان بن ثابت الأنصاري رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاعره والمنافح عنه وروح القدس معه، لقلنا لهؤلاء المتلقبين بالعدلية: سلاماً. ويعني بالعدلية: المعتزلة؛ لأنهم يسمون أنفسهم أهل العدل، أي: العدل في التوحيد، ويسمون أنفسهم بالناجين، أي: الذين هم أهل النجاة بضلالهم وانحرافهم. فيقول: كان الأصل أن نقول لهم: سلاماً؛ يريد أن يصفهم بالجهل، والله سبحانه وتعالى مدح المؤمنين بقوله: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63]، فيقول: الأصل أن مثل هذا الشخص المتطاول الذي يسب أهل السنة هذا السب الشنيع كان ينبغي أن نقول: سلاماً؛ لأنه جاهل. ولكن كما نافح حسان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءه، فنحن ننافح عن أصحاب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءهم. أي: أن حسان كان ينافح عن رسول الله، والإمام الناصر يقول: ونحن نرد أيضاً بالشعر على هذا المعتدي الظالم، وننافح عن أصحاب سنة رسول الله الذين هم أهل السنة والجماعة، فنقول: وجماعة كفروا برؤية ربهم حقاً ووعد الله لنا لن يخلفه وتلقبوا عدلية قلنا أجل عدلوا بربهم فحسبهم سفه وتلقبوا الناجين كلا إنهم إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه فانتصر لأهل السنة بهذا الشعر الجميل. وقوله: (وجماعة كفروا برؤية ربهم) يقصد به المعتزلة كـالزمخشري وأمثاله. وقوله: (ووعد الله لنا لن يخلفه)، يعني: أن الله وعد المؤمنين بالرؤية، والله لن يخلف وعده. وقوله: (وتلقبوا عدلية)، أي: أنهم لقبوا أنفسهم أنهم أهل العدل، قوله: (قلنا: أجل)، أي: أنتم عدلية، لكن لا نسبة إلى العدل، وإنما نسبة إلى العدول عن الله سبحانه وتعالى. وقوله: (وتلقبوا الناجين كلا إنهم إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه) يعني: أنهم إن لم يكونوا بالفعل دخلوا لظى فهم على شفها جهنم. وقال أبو حيان في الرد على الزمخشري : شبهت جهلاً صدر أمة أحمد وذوي البصائر بالحمير الموكفه وجب الكفار عليك فانظر منصفاً في آية الأعراف فهي المنصفه أترى الكليم أتى بجهل ما أتى وأتى شيوخك ما أتوا عن معرفه إن الوجوه إليه ناظرة بذا جاء الكتاب فقلتم هذا سفه نطق الكتاب وأنت تنطق بالهوى فهوى الهوى بك في المهاوي المتلفه وتلاحظون أنهم يردون عليه بنفس الوزن وبنفس القافية، فيقول له هنا: (شبهت جهلاً صدر أمة أحمد). أي: شبهت السلف الصالح وعلماء أهل السنة والجماعة بالحمير الموكفة. وقوله: (وجب الكفار عليك فانظر منصفاً في آية الأعراف فهي المنصفة) أي: تأمل في آية الأعراف، وهي هذه الآية التي نحن بصددها، ثم بين فقال: (أترى الكليم أتى بجهل ما أتى). أي: هل الكليم عليه السلام كان يجهل ربه؟! وهل موسى ما كان يعرف ربه وهو نبي من أولي العزم من الرسل؟! فحينما قال: (( رب أرني أنظر إليك )) كان لا يعلم أن هذا مستحيل وأتى به، أو أنه أتى بذلك جهلاً؟! وقوله: (وأتى شيوخك ما أتوا عن معرفة)، يعني: هل شيوخك المعتزلة هم أصحاب العلم، وموسى عليه السلام كان جاهلاً بربه؟! وقوله: (إن الوجوه إليك ناظرة بذا جاء الكتاب فقلتم هذا سفه) يشير إلى قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]. وقال العلامة الجاربردي أيضاً في الرد عليه قال: عجباً لقوم ظالمين تستروا بالعدل ما فيهم لعمري معرفة قد جاءهم من حيث لا يدرونه تعطيل ذات الله مع نفي الصفة قوله: (عجباً لقوم ظالمين تستروا بالعدل)، أي: أنهم يتسترون وراء العدل، وسموا أنفسهم بالعادلين، وهم في الحقيقة ظالمون. وفي الحقيقة القصائد كثيرة جداً على نفس هذا السياق من علماء أهل السنة، وكلهم يردون على الزمخشري عدوانه وتطاوله، وكتاب (الانتصاف لبيان ما في الكشاف من الاعتزال) للإمام ناصر الدين أخذ بثأر أهل السنة، وتتبع الزمخشري في كل موضع تطاول فيه على علماء أهل السنة والجماعة.

قال المتكلمون: دلت الآية على جواز رؤيته تعالى من وجهين: الوجه الأول: أن سؤال موسى عليه السلام الرؤية يدل على إمكانها؛ لأن العاقل فضلاً عن النبي لا يطلب المحال، ولا مجال إلى القول بجهل موسى عليه السلام بالاستحالة؛ فإن الجاهل بما لا يجوز على الله لا يصلح للنبوة، يعني: أن موسى عليه السلام كان يعلم أن رؤية الله ممكنة وليست مستحيلة، لكنه كان لا يعلم أن هذه الرؤية لا تكون في الدنيا إنما تكون في الآخرة. الوجه الثاني: أنه تعالى علق الرؤية على استقرار الجبل، وهو أمر ممكن في نفسه. أي وإذا علق الشيء على أمر ممكن فهذا يدل على أنه ممكن، وإذا علق على أمر مستحيل فهذا يدل على أنه مستحيل، وأقرب مثل لذلك هو: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]، فعلق دخولهم الجنة على دخول الجمل في سم الخياط، سواء قلنا: إن المقصود هنا بالجمل: الحبل الضخم الذي يستعمل في السفن، أو الحيوان المعروف، فهو مستحيل، ومثله قولك: لن أفعل كذا حتى يبيض القار، مع أن القار لا يبيض! وكذلك: حتى يشيب الغراب، والغراب لا يشيب. أما إذا علق على أمر ممكن فيدل على أنه ممكن، فعندما يقول مثلاً: سوف آتيك إذا طلعت الشمس، فهذا معناه: أنه يمكن أن يأتيك. فالله سبحانه وتعالى علق الرؤية هنا على استقرار الجبل، واستقرار الجبل أمر ممكن في نفسه، والمعلق على الممكن ممكن؛ لأن معنى التعليق الإخبار بوقوع المعلق عند وقوع المعلق به، والمحال لا يثبت على شيء من التقادير الممكنة.

وأما زعم المعتزلة أن الرؤية مجاز عن العلم الضروري، وأن معنى قوله: (( أرني أنظر إليك )) أي: اجعلني عالماً بك علماً ضرورياً. وبهذا وقع المعتزلة في إشكال؛ لأنهم لا يستطيعون أن يطعنوا فيما ذكرناه آنفاً من أن النبي أعلم بالله من أن يسأله ما يستحيل عليه سبحانه وتعالى. فالآية واضحة: (( رب أرني أنظر إليك ))، لكنهم أولوا الآية كعادة أهل البدع والضلال حينما تصادم النصوص أهواءهم، فإذا كان حديثاً كذبوه، وإذا كانت آية أولوها وأفسدوا معانيها، وجعلوا أهواءهم هي الأصل، فلذلك قالوا في قوله: (رب أرني أنظر إليك): يعني: اجعلني عالماً بك علماً ضرورياً، وهذا التأويل خلاف ظاهر القرآن الكريم، فقوله: (رب أرني أنظر إليك) ظاهر، وانظر إلى كلمة: (أنظر إليك)، فهل هذه معناها: اجعلني أعلم بك علماً ضرورياً؟! الجواب: لا؛ لأن النظر الموصول بـ(إلى) نص في الرؤية البصرية، فلا يترك بالاحتمال، مع أن طلب العلم الضروري بمن يخاطبه ويناجيه غير معقول. وكذا يبطل زعمهم أن موسى عليه السلام كان سألها لقومه، يعني: يوجد مخرج آخر أراد المعتزلة أن يخرجوا به من هذه الورطة، فقالوا: موسى كان يعلم أن رؤية الله سبحانه وتعالى مستحيلة، لكنه سأل الله عز وجل أن يراه، وليس المقصود أن يراه هو، لكن لأن قومه قالوا له: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة:55] فهو سأل رؤية الله استجابة لطلب قومه، وأراد بذلك أن يعلم قومه أن الرؤية مستحيلة، فزعمهم أن موسى عليه السلام كان سألها لقومه حيث قالوا: (( لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة )) وهذا الزعم خلاف الظاهر، وهو تكلف يذهب رونق النظم، فترده ألفاظ الآية. وقد ثبت وقوع رؤيته تعالى في الآخرة بالكتاب والسنة، أما الكتاب فلقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23] . وأما السنة فلا تحصى أحاديثها، ولكن إذا أصيب المرء بداء المكابرة في الحق الصراح عسر إقناعه مهما قوي الدليل وعظمت الحجة، وهذه آفة المعتزلة فإنهم يكذبون الأحاديث الواردة في الرؤية، ويؤولون الآيات التي تثبت الرؤية في الآخرة.

قال في (فتح البيان): رؤيته تعالى في الآخرة ثبتت بها الأحاديث المتواترة تواتراً لا يخفى على من يعرف السنة المطهرة، والجدال في مثل هذا والمراوغة لا تأتي بفائدة، ومنهج الحق واضح، ولكن الاعتقاد لمذهب نشأ الإنسان عليه وأدرك عليه أباه وأهل بلده مع عدم التنبه لما هو المطلوب من العباد من هذه الشريعة المطهرة يوقع في التعصب، والمتعصب وإن كان بصره صحيحاً فبصيرته عمياء، وأذنه عن سماع الحق صماء، يدفع الحق وهو يظن أنه ما دفع غير الباطل، ويحسب أن ما نشأ عليه هو الحق؛ غفلة منه وجهلاً بما أوجبه الله عليه من النظر الصحيح، وتلقي ما جاء به الكتاب والسنة بالإذعان والتسليم، وما أقل المنصفين بعد ظهور هذه المذاهب في الأصول والفروع! فإنه صار بها باب الحق مرتجاً، وطريق الإنصاف مستوعرة، والأمر لله سبحانه والهداية: يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ومنهج الحق له واضح انتهى. ويقول القاسمي : وهذا تعريض بالمعتزلة،, في مقدمتهم الزمخشري ، وقد انتقل -عفا الله عنه- أخيراً إلى هجاء أهل السنة، أي: أن الزمخشري من أئمة الاعتزال، ورغم اعترافنا بما للزمخشري من باع عظيم جداً في إظهار بلاغة القرآن وإعجاز القرآن الكريم اللغوي والبياني، لكن ما أكثر ما أطال لسانه في علماء أهل السنة! فقد هجاهم وتطاول عليهم تطاولاً قبيحاً، ومن ذلك أنه هجا أهل السنة والجماعة أهل الحق بقوله: لجماعة سموا هواهم سنة اعتبر أن كلمة (أهل السنة والجماعة) يعني: أهل الهوى. لجماعة سموا هواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفة يصفهم -والعياذ بالله- بأنهم حمر. قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فتستروا بالبلكفة ويعني بالبلكفة قولهم: (بلا كيف) وهذا هو ما يسميه علماء اللغة النحت، فمثلاً: بدل أن تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، تقول: البسملة، ولا حول ولا قوة إلا بالله: الحوقلة، وحي على الصلاة أو حي على الفلاح: الحيعلة، فهذا يسمى نحتاً، فهو يقول هنا في ذم أهل السنة والتطاول عليهم: لجماعة سموا هواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفة يشببهم بالحمير التي عليها الإكاف الذي يوضع عليها. وقوله: (قد شبهوه بخلقه) يزعم أن أهل السنة شبهوا الله بخلقه، فهو يعني بزعمه أنهم لما أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة فكأنهم شبهوا الله بخلقه، والمعتزلة لهم ضلال مبين في فهم الأحاديث، والعوج هو في فهمهم هم وليس في النصوص؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المتواتر -يعني: نقل بنفس الطريقة التي نقل بها القرآن-: (هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب أو القمر ليس دونه سحاب ...)، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم سيرون الله سبحانه وتعالى كما يرون الشمس أو القمر ليس دونها سحاب، وهنا أركان التشبيه موجودة، لكن هل معنى هذا أن الحديث يشبه الله سبحانه وتعالى بالشمس أو بالقمر؟! الجواب: لا، بل التشبيه للرؤية بالرؤية، وليس للمرئي بالمرئي، ووجه شبهه شدة وضوح الرؤية فقط، وليس معنى ذلك أنك تشبه المرئي هنا بالمرئي هنا، معاذ الله! فهذا مستحيل. فلذلك أثبت أهل السنة الرؤية على أنها رؤية حقيقية، وتكون واضحة أشد الوضوح لا ريب فيها، لكن الله أعلم بكيفيتها، فأهل السنة قالوا: بلا كيف، وهذا شأن أهل السنة في سائر هذه الأشياء، والزمخشري يقول في أهل السنة: (قد شبهوه بخلقه)، أي: أن أهل السنة شبهوا الله بخلقه، (وتخوفوا شنع الورى)، أي: وخافوا أن يشنع الناس عليهم بالتجسيم وبالتشبيه، فوضعوا ستاراً يستترون وراءه، وهو البلكفة، يقصد كلمة (بلا كيف)، فيذم أهل السنة بأنهم يسترون عقائد التجسيم والتشبيه وراء عبارة (بلا كيف)، هذا هو معنى قوله: لجماعة سموا هواهم سنة وجماعة حمر لعمري موكفة قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فتستروا بالبلكفة قال في (الانتصاف): ولولا الاستنان بـحسان بن ثابت الأنصاري رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاعره والمنافح عنه وروح القدس معه، لقلنا لهؤلاء المتلقبين بالعدلية: سلاماً. ويعني بالعدلية: المعتزلة؛ لأنهم يسمون أنفسهم أهل العدل، أي: العدل في التوحيد، ويسمون أنفسهم بالناجين، أي: الذين هم أهل النجاة بضلالهم وانحرافهم. فيقول: كان الأصل أن نقول لهم: سلاماً؛ يريد أن يصفهم بالجهل، والله سبحانه وتعالى مدح المؤمنين بقوله: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63]، فيقول: الأصل أن مثل هذا الشخص المتطاول الذي يسب أهل السنة هذا السب الشنيع كان ينبغي أن نقول: سلاماً؛ لأنه جاهل. ولكن كما نافح حسان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءه، فنحن ننافح عن أصحاب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءهم. أي: أن حسان كان ينافح عن رسول الله، والإمام الناصر يقول: ونحن نرد أيضاً بالشعر على هذا المعتدي الظالم، وننافح عن أصحاب سنة رسول الله الذين هم أهل السنة والجماعة، فنقول: وجماعة كفروا برؤية ربهم حقاً ووعد الله لنا لن يخلفه وتلقبوا عدلية قلنا أجل عدلوا بربهم فحسبهم سفه وتلقبوا الناجين كلا إنهم إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه فانتصر لأهل السنة بهذا الشعر الجميل. وقوله: (وجماعة كفروا برؤية ربهم) يقصد به المعتزلة كـالزمخشري وأمثاله. وقوله: (ووعد الله لنا لن يخلفه)، يعني: أن الله وعد المؤمنين بالرؤية، والله لن يخلف وعده. وقوله: (وتلقبوا عدلية)، أي: أنهم لقبوا أنفسهم أنهم أهل العدل، قوله: (قلنا: أجل)، أي: أنتم عدلية، لكن لا نسبة إلى العدل، وإنما نسبة إلى العدول عن الله سبحانه وتعالى. وقوله: (وتلقبوا الناجين كلا إنهم إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه) يعني: أنهم إن لم يكونوا بالفعل دخلوا لظى فهم على شفها جهنم. وقال أبو حيان في الرد على الزمخشري : شبهت جهلاً صدر أمة أحمد وذوي البصائر بالحمير الموكفه وجب الكفار عليك فانظر منصفاً في آية الأعراف فهي المنصفه أترى الكليم أتى بجهل ما أتى وأتى شيوخك ما أتوا عن معرفه إن الوجوه إليه ناظرة بذا جاء الكتاب فقلتم هذا سفه نطق الكتاب وأنت تنطق بالهوى فهوى الهوى بك في المهاوي المتلفه وتلاحظون أنهم يردون عليه بنفس الوزن وبنفس القافية، فيقول له هنا: (شبهت جهلاً صدر أمة أحمد). أي: شبهت السلف الصالح وعلماء أهل السنة والجماعة بالحمير الموكفة. وقوله: (وجب الكفار عليك فانظر منصفاً في آية الأعراف فهي المنصفة) أي: تأمل في آية الأعراف، وهي هذه الآية التي نحن بصددها، ثم بين فقال: (أترى الكليم أتى بجهل ما أتى). أي: هل الكليم عليه السلام كان يجهل ربه؟! وهل موسى ما كان يعرف ربه وهو نبي من أولي العزم من الرسل؟! فحينما قال: (( رب أرني أنظر إليك )) كان لا يعلم أن هذا مستحيل وأتى به، أو أنه أتى بذلك جهلاً؟! وقوله: (وأتى شيوخك ما أتوا عن معرفة)، يعني: هل شيوخك المعتزلة هم أصحاب العلم، وموسى عليه السلام كان جاهلاً بربه؟! وقوله: (إن الوجوه إليك ناظرة بذا جاء الكتاب فقلتم هذا سفه) يشير إلى قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23]. وقال العلامة الجاربردي أيضاً في الرد عليه قال: عجباً لقوم ظالمين تستروا بالعدل ما فيهم لعمري معرفة قد جاءهم من حيث لا يدرونه تعطيل ذات الله مع نفي الصفة قوله: (عجباً لقوم ظالمين تستروا بالعدل)، أي: أنهم يتسترون وراء العدل، وسموا أنفسهم بالعادلين، وهم في الحقيقة ظالمون. وفي الحقيقة القصائد كثيرة جداً على نفس هذا السياق من علماء أهل السنة، وكلهم يردون على الزمخشري عدوانه وتطاوله، وكتاب (الانتصاف لبيان ما في الكشاف من الاعتزال) للإمام ناصر الدين أخذ بثأر أهل السنة، وتتبع الزمخشري في كل موضع تطاول فيه على علماء أهل السنة والجماعة.

ثم ذكر الله تعالى أنه خاطب موسى باصطفائه، فقال سبحانه وتعالى: قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الأعراف:144]. (( قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس )) أي: اخترتك على أهل زمانك، وليس أيضاً على إطلاقه؛ فإن الذي اصطفي على الناس أجمعين، هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وآثرتك عليهم (( برسالاتي وبكلامي ))، أي: وبتكليمي إياك. (( فخذ ما آتيتك ))، أي: خذ ما أعطيتك من شرف النبوة والمناجاة، (( وكن من الشاكرين )) أي: على النعمة في ذلك.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة التوبة [107-110] 2821 استماع
تفسير سورة المدثر [31-56] 2621 استماع
تفسير سورة البقرة [243-252] 2586 استماع
تفسير سورة الطور [34-49] 2577 استماع
تفسير سورة البلد 2567 استماع
تفسير سورة التوبة [7-28] 2562 استماع
تفسير سورة الفتح [3-6] 2505 استماع
تفسير سورة المائدة [109-118] 2443 استماع
تفسير سورة الجمعة [6-11] 2413 استماع
تفسير سورة آل عمران [42-51] 2403 استماع