Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

أبواب الفتن [1]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله: [ أبواب الفتن.

باب الكف عمن قال: لا إله إلا الله.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية و حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل ).

حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا: لا إله إلا الله - عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله عز وجل ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا حاتم بن أبي صغيرة عن النعمان بن سالم، أن عمرو بن أوس أخبره أن أباه أوساً أخبره قال: ( إنا لقعود عند النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقص علينا ويذكرنا، إذ أتاه رجل فساره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهبوا به فاقتلوه. فلما ولى الرجل، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هل يشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: اذهبوا فخلوا سبيله، فإنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا فعلوا ذلك، حرم علي دماؤهم وأموالهم ).

حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا علي بن مسهر عن عاصم عن السميط بن السمير عن عمران بن الحصين، قال: ( أتى نافع بن الأزرق وأصحابه، فقالوا: هلكت يا عمران، قال: ما هلكت. قالوا: بلى. قال: ما الذي أهلكني؟ قالوا: قال الله عز وجل: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال:39], قال: قد قاتلناهم حتى نفيناهم، فكان الدين كله لله، وإن شئتم حدثتكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا: وأنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث جيشاً من المسلمين إلى المشركين، فلما لقوهم قاتلوهم قتالاً شديداً، فمنحوهم أكتافهم، فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح، فلما غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، إني مسلم، فطعنه فقتله، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هلكت. قال: وما الذي صنعت؟ مرة أو مرتين، فأخبره بالذي صنع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه؟ قال: يا رسول الله! لو شققت بطنه أكنت أعلم ما في قلبه؟ قال: فلا أنت قبلت ما تكلم به، ولا أنت تعلم ما في قلبه.

قال: فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث إلا يسيراً حتى مات، فدفناه، فأصبح على ظهر الأرض، فقالوا: لعل عدوا نبشه، فدفناه، ثم أمرنا غلماننا يحرسونه، فأصبح على ظهر الأرض، فقلنا: لعل الغلمان نعسوا، فدفناه ثم حرسناه بأنفسنا، فأصبح على ظهر الأرض، فألقيناه في بعض تلك الشعاب ).

حدثنا إسماعيل بن حفص الأبلي قال: حدثنا حفص بن غياث عن عاصم عن السميط عن عمران بن الحصين، قال: ( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فحمل رجل من المسلمين على رجل من المشركين )، فذكر الحديث، وزاد فيه: ( فنبذته الأرض، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن الأرض لتقبل من هو شر منه، ولكن الله أحب أن يريكم تعظيم حرمة لا إله إلا الله ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب حرمة دم المؤمن وماله.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ألا إن أحرم الأيام يومكم هذا، ألا وإن أحرم المشهور شهركم هذا، ألا وإن أحرم البلد بلدكم هذا، ألا وإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد ).

حدثنا أبو القاسم بن أبي ضمرة نصر بن محمد بن سليمان الحمصي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الله بن أبي قيس النصري حدثنا عبد الله بن عمر، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه، وأن نظن به إلا خيراً ).

حدثنا بكر بن عبد الوهاب قال: حدثنا عبد الله بن نافع و يونس بن يحيى، جميعاً عن داود بن قيس عن أبي سعيد مولى عبد الله بن عامر بن كريز عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه ).

حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري قال: حدثنا عبد الله بن وهب عن أبي هانئ عن عمرو بن مالك الجنبي أن فضالة بن عبيد حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن النهبة.

حدثنا محمد بن بشار و محمد بن المثنى، قالا: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من انتهب نهبة مشهورة، فليس منا ).

حدثنا عيسى بن حماد قال: أخبرنا الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه أبصارهم حين ينتهبها، وهو مؤمن ) ].

والمراد بذلك أن الإنسان بارتكابه لأمثال هذه الموبقات تضعف جذوة الإيمان فيه حتى تنطفئ فلا تصاحب الكبيرة إيماناً قوياً، وليس المراد بذلك هو انتفاء الإيمان, وإنما هو قوة الضعف لجذوة الإيمان ولهبه وحرارته في القلب فتضعف في القلب عند مصاحبة المنكر، فإذا أقلع عنه بدأت النفس اللوامة بالرجوع إلى لوم صاحبها حتى يقوى ويرجع الإيمان.

وكلما أصبح الإنسان للكبائر مقترفاً لم يرجع إلى حرارة الإيمان حتى ينطفئ الإيمان بكامله، ويخرج الإنسان بارتكابه لأمثال هذه الكبائر من مرحلة الفعل إلى حب هذه الكبائر والقناعة بحليتها.

قال: [ حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا حميد قال: حدثنا الحسن عن عمران بن الحصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من انتهب نهبة، فليس منا ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن ثعلبة بن الحكم، قال: ( أصبنا غنماً للعدو، فانتهبناها، فنصبنا قدورنا، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقدور، فأمر بها فأكفئت، ثم قال: إن النهبة لا تحل ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن الحسن الأسدي قال: حدثنا أبو هلال عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر ).

حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن شريك عن أبي إسحاق عن محمد بن سعد عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر ) ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب السواد الأعظم.

حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا معان بن رفاعة السلامي قال: حدثني أبو خلف الأعمى أنه سمع أنس بن مالك يقول: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أمتي لن تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم ) ].

وهذا الحديث مع صحة معناه إلا أنه لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه.

قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يكون من الفتن.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، و علي بن محمد، قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن رجاء الأنصاري عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن معاذ بن جبل، قال: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً صلاة، فأطال فيها، فلما انصرف قلنا - أو قالوا -: يا رسول الله! أطلت اليوم الصلاة! قال: إني صليت صلاة رغبة ورهبة، سألت الله عز وجل لأمتي ثلاثاً، فأعطاني اثنتين ورد علي واحدة، سألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم، فأعطانيها، وسألته أن لا يهلكهم غرقاً، فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردها علي ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا محمد بن شعيب بن شابور قال: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة، أنه حدثهم عن أبي قلابة الجرمي عبد الله بن زيد عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( زويت لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وأعطيت الكنزين: الأصفر - أو الأحمر - والأبيض- يعني الذهب والفضة-، وقيل: إن ملكك إلى حيث زوي لك، وإني سألت الله عز وجل ثلاثاً: أن لا يسلط على أمتي جوعاً فيهلكهم به عامة، وأن لا يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض، وإنه قيل لي: إذا قضيت قضاءً فلا مرد له، وإني لن أسلط على أمتك جوعاً فيهلكهم، ولن أجمع عليهم من بين أقطارها حتى يفني بعضهم بعضاً، ويقتل بعضهم بعضاً.

وإذا وضع السيف في أمتي فلن يرفع عنهم إلى يوم القيامة، وإن مما أتخوف على أمتي أئمة مضلين، وستعبد قبائل من أمتي الأوثان، وستلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وإن بين يدي الساعة دجالين كذابين، قريباً من ثلاثين، كلهم يزعم أنه نبي، ولن تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين، لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله عز وجل ).

قال أبو الحسن: لما فرغ أبو عبد الله من هذا الحديث قال: ما أهوله!

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن زينب ابنة أم سلمة عن حبيبة عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش، أنها قالت: ( استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محمر وجهه، وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج, وعقد بيده عشرة.

قالت زينب: قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: إذا كثر الخبث ).

حدثنا راشد بن سعيد الرملي قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن الوليد بن سليمان بن أبي السائب عن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ستكون فتن، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، إلا من أحياه الله بالعلم ).

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو معاوية، وأبي عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة، قال: ( كنا جلوساً عند عمر، فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال حذيفة: فقلت: أنا، قال: إنك لجريء، قال: كيف؟ قال: سمعته يقول: فتنة الرجل في أهله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فقال عمر: ليس هذا أريد، إنما أريد التي تموج كموج البحر, فقال: ما لك ولها, يا أمير المؤمنين؟ إن بينك وبينها باباً مغلقاً, قال: فيكسر الباب أو يفتح؟ قال: لا، بل يكسر. قال: ذاك أجدر أن لا يغلق.

قلنا لـحذيفة: أكان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم، كما يعلم أن دون غد الليلة، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط. فهبنا أن نسأله من الباب، فقلنا لـمسروق: سله. فسأله، فقال: عمر ).

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو معاوية و عبد الرحمن المحاربي ووكيع عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، قال: ( انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو جالس في ظل الكعبة، والناس مجتمعون عليه، فسمعته يقول: بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ نزل منزلاً، فمنا من يضرب خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى مناديه: الصلاة جامعة. فاجتمعنا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبنا، فقال: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيراً لهم، وينذرهم ما يعلمه شرا لهم، وإن أمتكم جعلت عافيتها في أولها، وإن آخرهم يصيبهم بلاء، وأمور تنكرونها، ثم تجيء فتن يرقق بعضها بعضاً، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، ثم تجيء فتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، فمن سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتدركه موتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يمينه، وثمرة قلبه، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر.

قال: فأدخلت رأسي من بين الناس، فقلت: أنشدك الله! أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأشار بيده إلى أذنيه، فقال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي ) ].

وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن مما أتخوف على أمتي الأئمة المضلين ), المراد بذلك: أئمة الدين وأئمة الدنيا، أئمة الدين بهم فساد الدين، وأئمة الدين بهم فساد الدنيا، وإذا اجتمع الفساد في الأمرين فعلى الأمة العافية، والله جل وعلا لا يهلك أمة ما وجد فيها المصلحون، والله سبحانه وتعالى يدفع بالمصلح الواحد عن الأمة من البلاء ما لا يدفعه مع وجود آلاف الصالحين؛ لأن المصلح يصلح ويتعدى إصلاحه إلى الناس كافة, بخلاف الصالح فإنه صالح في ذاته وصلاحه لازم له لا يتعدى إلى غيره. وعظمة المصلح بتعدي رسالته إلى الناس وكلما كان إصلاحه أبعد كانت رحمته بمقدار بعد رسالته في الناس.

قال المصنف رحمه الله: [ باب التثبت في الفتنة.

حدثنا هشام بن عمار و محمد بن الصباح، قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال: حدثني أبي عن عمارة بن حزم عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي، يغربل الناس فيه غربلة، تبقى حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فاختلفوا وكانوا هكذا؟ -وشبك بين أصابعه- قالوا: كيف بنا يا رسول الله إذا كان ذلك؟ قال: تأخذون بما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على خاصتكم، وتذرون أمر عوامكم ) ].

وفي قوله: ( تأخذون بما تعرفون وتدعون ما تنكرون ), إشارة إلى أن المنكر والشر يصل في الأمة إلى حد يميزه الإنسان بالفطرة، فما وكل النبي عليه الصلاة والسلام الأمر إلى معرفة حكم الله عز وجل من حلال وحرام وإنما يرجع به إلى الفطرة، يعني أن تعدي الناس في الضلال في أحكام الشريعة هو أمر يناقض الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها.

قال: [ حدثنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن المشعث بن طريف عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كيف أنت يا أبا ذر! وموت يصيب الناس، حتى يقوم البيت بالوصيف؟ -يعني القبر- قلت: ما خار الله ورسوله - أو قال: الله ورسوله أعلم - قال: تصبر, قال: كيف أنت وجوع يصيب الناس حتى تأتي مسجدك فلا تستطيع أن ترجع إلى فراشك، ولا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك؟ قال، قلت: الله ورسوله أعلم - أو ما خار الله ورسوله - قال: عليك بالعفة, ثم قال: كيف أنت وقتل يصيب الناس حتى تًغرق حجارة الزيت بالدم؟ قلت: ما خار الله ورسوله. قال: الحق بمن أنت منه, قال: قلت: يا رسول الله! أفلا آخذ بسيفي فأضرب به من فعل ذلك؟ قال: شاركت القوم إذاً، ولكن ادخل بيتك, قلت: يا رسول الله! فإن دخل بيتي؟ قال: إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف، فألق طرف ردائك على وجهك، فيبوء بإثمه وإثمك، فيكون من أصحاب النار ).

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عوف عن الحسن قال: حدثنا أسيد بن المتشمس قال: حدثنا أبو موسى قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن بين يدي الساعة لهرجاً, قال: قلت: يا رسول الله! ما الهرج؟ قال: القتل، القتل, فقال بعض المسلمين: يا رسول الله! إنا نقتل الآن في العام الواحد من المشركين كذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس بقتل المشركين، ولكن يقتل بعضكم بعضاً، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته, فقال بعض القوم: يا رسول الله! ومعنا عقولنا ذلك اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، تنزع عقول أكثر ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس لا عقول لهم.

ثم قال الأشعري: وايم الله، إني لأظنها مدركتي وإياكم، وايم الله، ما لي ولكم منها مخرج إن أدركتنا فيما عهد إلينا نبينا صلى الله عليه وسلم، إلا أن نخرج منها كما دخلنا فيها ) ].

أشراط الساعة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان هي محلها وموضعها بلدان المسلمين وليس في البلدان الأخرى، فكل شرط من أشراط الساعة وعلاماتها جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام, فمحله هو في بلدان المسلمين وليس في بلدان الأبعدين من الكافرين.

قال: [ حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا صفوان بن عيسى قال: حدثنا عبد الله بن عبيد مؤذن مسجد جردان قال: حدثتني عديسة بنت أهبان، قالت: ( لما جاء علي بن أبي طالب هاهنا، البصرة، دخل على أبي، فقال: يا أبا مسلم، ألا تعينني على هؤلاء القوم؟ قال: بلى، قال: فدعا جارية له، فقال: يا جارية، أخرجي سيفي. قال: فأخرجته، فسل منه قدر شبر، فإذا هو خشب، فقال: إن خليلي وابن عمك صلى الله عليه وسلم عهد إلي إذا كانت الفتنة بين المسلمين فاتخذ سيفاً من خشب, فإن شئت خرجت معك. قال: لا حاجة لي فيك، ولا في سيفك ).

حدثنا عمران بن موسى الليثي قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا بسيوفكم الحجارة، فإن دخل على أحدكم، فليكن كخير ابني آدم ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت - أو علي بن زيد بن جدعان، شك أبو بكر - عن أبي بردة، قال: دخلت على محمد بن مسلمة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنها ستكون فتنة وفرقة واختلاف، فإذا كان كذلك، فأت بسيفك أحداً، فاضربه حتى ينقطع، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة، أو منية قاضية.

فقد وقعت، وفعلت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ].