خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/2102"> الشيخ عبد العزيز الطريفي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/2102?sub=56812"> سلسلة المحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح حديث إن الحلال بين وإن الحرام بين [1]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأصل الأحكام وأصول التشريع وفروع الإسلام جلها من المحكمة لا من المتشابهة، وهذا في أكثر أمور الدين، فقد جاء هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء في كلام الله عز وجل في وصف الكتاب العظيم أنه كتاب مبين، قال الله عز وجل: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ [يوسف:1]، وجاء في قوله: طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ [الشعراء:1-2] أي: واضحاً بيناً لا يأتيه الباطل ولا الاشتباه من بين يديه ولا من خلفه، وهذا ظاهر متقرر، وبهذا كان اكتمال الدين وإظهار المنة به، كما في قول الله عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3].
فإتمام النعمة وإكمال الدين وإظهار المنة به لا يكون مع وجود المتشابه وغلبته على المحكم، بل إن الله عز وجل قد أوجد متشابهاً في كتابه، وجعل ذلك لحكمة، وهي أن يميز الله عز وجل الخبيث من الطيب، وكذلك أن يكل العلماء العلم به إليه حتى يقولوا: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7] فيؤمنون بالمتشابه الذي لا تدركه عقولهم، وإن كان هو قد أنزل في كلام الله عز وجل، وجاء في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيؤمنون ويصدقون بما جاء من المحكم، ويكلون ما لا يعلمونه من المتشابه إلى الله سبحانه وتعالى؛ بياناً أن العلم مهما انتشر في الناس إلا أن قصورهم -وإن كان في أحكام الله عز وجل- ظاهر بين، أما من جهة التكليف وظهور العقاب والثواب والحساب فيكون بالمحكم، ومن علم ممن علم ممن وفقه الله عز وجل لمعرفة المتشابه.
وينبغي بل يجب أن يعلم أن الأصل في الدين أنه محكم بين ظاهر لا يخفى على أحد، فقد أقام الله الحجة، وجعل الأعذار تنقطع بسماع الإنسان لكلام الله، كما قال الله سبحانه وتعالى -آمراً نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله-: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ [التوبة:6]، فقد بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن مجرد السماع بلغة يفهمها الإنسان وعلى وجه يفهم المراد -لو أراد- أنه قد قامت عليه الحجة، وانقطع عذره بمجرد السماع؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام -كما في صحيح الإمام مسلم وغيره-: ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار ) فمجرد السماع ينقطع به العذر؛ لأنه بهذا السماع دليل على أن الأصل ببلوغ الألفاظ إلى المسامع الفهم؛ لأن الله عز وجل قد أنزل القرآن واضحاً بيناً لا لبس فيه، وهذا هو الذي يفهمه جمهور الناس وعامتهم، إلا قليلاً ممن قد استغلق عليه، أو دخلت عليه عجمة، أو بعد عن مقاصد الشرع، أو خرج عن فطرته فلم يكن على الفطرة التي فطر الله عز وجل عليها الناس بمغير من المغيرات؛ ولهذا جعل الله عز وجل جمهورهم على فطرة سليمة يفهمون مراد الشرع من سماعه، كما قال الله سبحانه وتعالى: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة-: ( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودناه أو ينصرانه أو يمجسانه ) وجاء في رواية ( أو يمسلمانه ) يعني: من جهة الأفعال التي قد زيدت عن الفطرة مما يوافق أصل الفطرة في قلب الإنسان.
وفي الحديث: ( الحلال بين والحرام بين ) هذا هو المراد في قول الله سبحانه وتعالى: هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ [آل عمران:7] أي: هذا هو الأصل في الدين، وأما المتشابه فيوجد، والحكم منه عظيمة جليلة: بيان أن الكمال المطلق في العلم لله سبحانه وتعالى ليس لأحد غيره، كذلك بيان أن الناس يتفاوتون، وينبغي أن يطلبوا العلم ويلتمسوه من مظانه، وبفهم أقرب الناس إلى التشريع وهم الصحابة عليهم رضوان الله تعالى وكذلك التابعون، ثم من جاء بعدهم أقرب إلى الدليل وفهمه من غيرهم؛ لهذا أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحاب القرون الأولى كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيح: ( خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم )، وجاء في رواية قد تكلم فيها بعضهم: ( خير القرون قرني ).
أحكام الشريعة الأصل فيها الظهور وعدم الخفاء، وثمت قواعد وأصول عليها مدار الدين ومدار الأحكام على وجه العموم في جميع الفنون والعلوم ينبغي إدراكها.
تحريم القول على الله بلا علم
القاعدة الأولى: تحريم القول على الله بلا علم، وقد جاء النص عليها في كلام الله سبحانه وتعالى كما قال الله عز وجل: إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ [الأعراف:33] إلى قوله: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33].
الأصل فيما سكت الله ورسوله عنه الإباحة
القاعدة الثانية: أن ما سكت الله عز وجل عنه ورسوله عليه الصلاة والسلام الأصل فيه الإباحة، ولا يجوز لأحد أن يتجرأ عليه بتحريم إلا بدليل وأثر من كتاب أو سنة، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: ( وسكت عن أشياء رحمة بكم فلا تسألوا عنها ).
اتباع المتشابه من كلام الله وكلام رسوله طريقة أهل البدع
القاعدة الثالثة: أن اتباع المتشابه من كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنكب المحكم هذه طريقة أهل البدع والضلال من الرافضة وأهل الأهواء وغيرهم الذين يأخذون من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشابه، ويدعون المحكم؛ ولهذا قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [آل عمران:7]، ( فإذا رأيت الرجل يتبع المتشابه من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم -مع ظهور الآيات والأحاديث المحكمة الظاهرة البينة- فاعلم أنه ممن سمى الله فاحذره ) كما قالت عائشة عليها رضوان الله تعالى في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة عليها رضوان الله تعالى.
وذلك أن الله عز وجل قد بين أن الإنسان إذا علم من سيرته ومن أقواله أنه يتتبع المتشابه ويدع المحكم من أقوال الله عز وجل وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه من أصحاب الزيغ ومن في قلبه مرض.
انقسام الشريعة إلى محكمات ومتشابهات والمحكمات إلى حرام بين وحلال بين
القاعدة الرابعة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين أن الشريعة على قسمين كما في حديث النعمان بن بشير هنا ( الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات ) إذاً هي على ضربين: بينات واضحات، ومتشابهات، والبينات الواضحات على ضربين: حلال بين، وحرام بين.
والإطلاق في الشرع من جهة المحكم والمتشابه يطلق ويراد به إطلاقان: إطلاق عام، وإطلاق خاص، والمراد بإطلاق المحكم من جهة الخصوص هو ما كان مقابلاً لمنسوخ، ولا يلزم منه أن يكون ناسخاً، فكل ما كان من كلام الله عز وجل يقابل المنسوخ فهو محكم على وجه الخصوص، وأما ما كان على وجه العموم فهو ما لا يأتي إليه إلا فهم واحد، ولا يقع عند العلماء إلا على وجه واحد، فهذا هو المحكم من وجه العموم، ويقابله المتشابه وله إطلاقان: إطلاق على وجه الخصوص، وإطلاق على وجه العموم، وأما ما كان على وجه الخصوص فهو ما يقابل المحكم على وجه الخصوص، والمراد بذلك المنسوخ، وهذا ما يسميه العلماء ويألفون فيه الناسخ والمنسوخ.
وأما ما كان متشابهاً على وجه العموم فهو ما وقع فيه اختلاف عند العلماء في المراد به، وهو الذي يشار إليه في قول الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [آل عمران:7] وهي المرادة في حديث النعمان بن بشير عليه رضوان الله تعالى هنا ( وبينهما أمور متشابهات )، وجاء عند الترمذي في حديث النعمان هذا من حديث عامر بن شراحيل الشعبي عن النعمان بن بشير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدري كثير من الناس أهي من الحرام أم هي من الحلال؟ )، وكلام العلماء في هذا هو على هذا المعنى وهو المتشابه على وجه العموم لا على وجه الخصوص؛ فإن المتشابه على وجه الخصوص؛ هو محكم من وجه باعتبار معرفة أنه منسوخ وناسخه معلوم.
اختلاف العلماء في تحديد المتشابه
وعليه يقال: إن المتشابه عند العلماء قد اختلفوا في تحديده على أربعة أقوال:
القول الأول: قالوا: المتشابه هو ما تضادت فيه الأدلة.
القول الثاني: قالوا: ما وقع فيه خلاف بين العلماء، وهذا منتزع من القسم الأول.
القول الثالث: قالوا: هو المقلوب؛ وذلك أنه تتنازعه الإباحة والحظر، والفعل والترك.
القول الرابع: قالوا: المباح، وهذا أبعد الأقوال إلا إذا كان المراد بالمباح ما لا يستوي من جميع الوجوه، وهو ما يدخله العلماء في باب خلاف الأولى، ويمكن أن يدخل المباح في باب المتشابه من وجه إذا كان يتساوى من جميع الوجوه في ذاته، ويختلف من باب الفعل والترك لأمر خارج عنه إما لقرينة أو لمقصد وغير ذلك، فيدخل في باب المتشابه من هذا، والمتشابهات التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعني أنها مجهولة على العموم، بل إنه يعلمها العلماء، ومنها ما لا يعلمه إلا الله.
وقد يقول قائل: وهل ثمة شيء من التشريع جاء به القرآن ونزل في كلام الله، وجاء في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لأحد على وجه الأرض معرفة به؟
يقال: نعم، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7] ثم الوقف عند جمهور العلماء وقراءة عبد الله بن مسعود على قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران:7] ثم يبدأ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7] وهذا التفسير المطلق، ومنه ما يشترك العلماء الراسخون في العلم بما وفقهم الله عز وجل من نظر فيفهمون ذلك المتشابه على قراءة بعض القراء بعدم الوقف، فيعلمون المتشابه، ولكن يقال: ثمة من الآي في كلام الله مما لا يعلمه إلا الله، ويبقى الاجتهاد فيه بلا دليل، كالحروف المقطعة في كلام الله، وإن كان فيها اجتهاد عن بعض السلف، ولكنه يقال: إنه ليس بمجزوم به، وإنما هو اجتهاد سائغ، كما في قول عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى فيما رواه ابن جرير الطبري من حديث علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس قال: الم [البقرة:1] و طسم [الشعراء:1] و حم [غافر:1] و ص [ص:1] و ن [القلم:1] و ق [ق:1] قال: قسم أقسم الله به، وهي من أسماء الله. وعامة العلماء على بطلان هذا القول، وهذا المعنى -لو صح إلى ابن عباس مع صحة إسناده- فهذه الحروف ليست من أسماء الله، وإن كان الإسناد ظاهره الصحة عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى.
القاعدة الأولى: تحريم القول على الله بلا علم، وقد جاء النص عليها في كلام الله سبحانه وتعالى كما قال الله عز وجل: إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ [الأعراف:33] إلى قوله: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33].
القاعدة الثانية: أن ما سكت الله عز وجل عنه ورسوله عليه الصلاة والسلام الأصل فيه الإباحة، ولا يجوز لأحد أن يتجرأ عليه بتحريم إلا بدليل وأثر من كتاب أو سنة، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: ( وسكت عن أشياء رحمة بكم فلا تسألوا عنها ).
القاعدة الثالثة: أن اتباع المتشابه من كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنكب المحكم هذه طريقة أهل البدع والضلال من الرافضة وأهل الأهواء وغيرهم الذين يأخذون من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشابه، ويدعون المحكم؛ ولهذا قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ [آل عمران:7]، ( فإذا رأيت الرجل يتبع المتشابه من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم -مع ظهور الآيات والأحاديث المحكمة الظاهرة البينة- فاعلم أنه ممن سمى الله فاحذره ) كما قالت عائشة عليها رضوان الله تعالى في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة عليها رضوان الله تعالى.
وذلك أن الله عز وجل قد بين أن الإنسان إذا علم من سيرته ومن أقواله أنه يتتبع المتشابه ويدع المحكم من أقوال الله عز وجل وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه من أصحاب الزيغ ومن في قلبه مرض.
القاعدة الرابعة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين أن الشريعة على قسمين كما في حديث النعمان بن بشير هنا ( الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات ) إذاً هي على ضربين: بينات واضحات، ومتشابهات، والبينات الواضحات على ضربين: حلال بين، وحرام بين.
والإطلاق في الشرع من جهة المحكم والمتشابه يطلق ويراد به إطلاقان: إطلاق عام، وإطلاق خاص، والمراد بإطلاق المحكم من جهة الخصوص هو ما كان مقابلاً لمنسوخ، ولا يلزم منه أن يكون ناسخاً، فكل ما كان من كلام الله عز وجل يقابل المنسوخ فهو محكم على وجه الخصوص، وأما ما كان على وجه العموم فهو ما لا يأتي إليه إلا فهم واحد، ولا يقع عند العلماء إلا على وجه واحد، فهذا هو المحكم من وجه العموم، ويقابله المتشابه وله إطلاقان: إطلاق على وجه الخصوص، وإطلاق على وجه العموم، وأما ما كان على وجه الخصوص فهو ما يقابل المحكم على وجه الخصوص، والمراد بذلك المنسوخ، وهذا ما يسميه العلماء ويألفون فيه الناسخ والمنسوخ.
وأما ما كان متشابهاً على وجه العموم فهو ما وقع فيه اختلاف عند العلماء في المراد به، وهو الذي يشار إليه في قول الله سبحانه وتعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ [آل عمران:7] وهي المرادة في حديث النعمان بن بشير عليه رضوان الله تعالى هنا ( وبينهما أمور متشابهات )، وجاء عند الترمذي في حديث النعمان هذا من حديث عامر بن شراحيل الشعبي عن النعمان بن بشير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدري كثير من الناس أهي من الحرام أم هي من الحلال؟ )، وكلام العلماء في هذا هو على هذا المعنى وهو المتشابه على وجه العموم لا على وجه الخصوص؛ فإن المتشابه على وجه الخصوص؛ هو محكم من وجه باعتبار معرفة أنه منسوخ وناسخه معلوم.