شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [24]


الحلقة مفرغة

شرح حديث سؤال معاذة عائشة عن الحائض يصيب ثوبها الدم

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها:

حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثني أبي قال: حدثتني أم الحسن يعني جدة أبي بكر العدوي -عن معاذة قالت: (سألت عائشة رضي الله عنها عن الحائض يصيب ثوبها الدم؟ قالت: تغسله، فإن لم يذهب أثره فلتغيره بشيء من صفرة، قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعاً لا أغسل لي ثوباً) ].

هذا الحديث فيه أم الحسن ، وهي غير معروفة كما في التقريب، فهي مجهولة، والحديث ضعيف، لكن له شواهد تؤيده.

وفيه أن دم الحيض إذا أصاب الثوب فإنه يغسل، فإن لم يذهب أثره فلا يضر، وإذا غير بشيء من الصفرة فلا بأس.

وفيه قول عائشة : (ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعاً لا أغسل لي ثوباً) ويبعد أن عائشة تحيض ثلاث حيض في ثلاثة أشهر لا تغسل لها ثوباً، والأحاديث تدل على أن عرق الحائض وريقها طاهر، وإنما تكون النجاسة في الدم، وأن الدم يغسل، فإن لم يذهب الأثر فلا يضر.

شرح حديث عائشة: ( ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه ... )

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا إبراهيم بن نافع قال: سمعت الحسن -يعني ابن مسلم يذكر عن مجاهد قال: قالت عائشة : (ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإن أصابه شيء من دم بلته بريقها ثم قصعته بريقها) ].

ومعنى (قصعته) أي: دلكته بريقها، فهي تبله أولاً ثم تدلكه حتى يزول الأثر ثم تغسله بالماء.

شرح حديث أم سلمة: ( قد كان يصيبنا الحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم )

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن -يعني ابن مهدي - قال: حدثنا بكار بن يحيى قال: حدثتني جدتي قالت: (دخلت على أم سلمة -رضي الله عنها- فسألتها امرأة من قريش عن الصلاة في ثوب الحائض؟ فقالت أم سلمة : قد كان يصيبنا الحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلبث إحدانا أيام حيضها ثم تطهر فتنظر الثوب الذي كانت تقلب فيه فإن أصابه دم غسلناه وصلينا فيه، وإن لم يكن أصابه شيء تركناه ولم يمنعنا ذلك من أن نصلي فيه، وأما الممتشطة فكانت إحدانا تكون ممتشطة، فإذا اغتسلت لم تنقض ذلك ولكنها تحفن على رأسها ثلاث حفنات، فإذا رأت البلل في أصول الشعر دلكته ثم أفاضت على سائر جسدها) ].

وهذا الحديث ضعيف؛ لأن بكار بن يحيى وجدته مجهولان كما في التقريب، لكن معنى الحديث صحيح، وهو أن الحائض إذا أصاب ثوبها شيء من الدم فإنها تغسله وتصلي فيه، وإن لم يكن أصابه شيء صلت فيه.

وأما الممتشطة فإنها لا يجب عليها نقض الشعر في الحيض، لكن إذا نقضته فهو أفضل.

وقد جاء حديث أم سلمة عند الترمذي بلفظ: (أتنقضه بغسل الجنابة -وفي لفظ: والحيضة-؟ قال: لا) .

والصواب أنه لا يجب النقض وإنما يستحب، وقال بعض العلماء بوجوب النقض، لكن الصواب أنه لا يجب، ولكنه يستحب ويتأكد في الحيض والنفاس؛ لأن مدته تطول، بخلاف الجنابة فإنها تتكرر فلا تحتاج إلى نقض.

وفيه مشروعية الحفن على الرأس ثلاث حفنات.

ومعنى (ممتشطة) أي: مضفور شعر رأسها، ولا يلزم من ذلك أن يكون فيه حناء أو غير ذلك.

شرح حديث صلاة المرأة في ثوب حيضها

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: (سمعت امرأة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تصنع إحدانا بثوبها إذا رأت الطهر؟ أتصلي فيه؟ قال: تنظر: فإن رأت فيه دماً فلتقرصه بشيء من ماء، ولتنضح ما لم تر، ولتصل فيه) ].

فاطمة بنت المنذر هذه هي حفيدة أسماء ؛ لأن منذراً هذا هو ابن عبد الله بن الزبير ، فهي حفيدة أسماء .

وفي هذا الحديث أن المرأة إذا رأت الطهر تصلي في ثوبها ولو كان عليها أيام الحيض، وإن رأت فيه دماً تغسله؛ لقوله: [ (فلتقرصه بشيء من ماء) يعني: تدلكه بأصابعها بشيء من الماء، وقوله: [ (ولتنضح ما لم تر) ] يعني: ما شكت فيه تنضحه وترشه بماء، وإن رأته تدلكه بأصابعها وتغسله، ولا يصر بقاء أثره.

شرح حديث: ( إذا أصاب إحداكن الدم من الحيض فلتقرصه ثم لتنضحه بالماء )

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- أنها قالت: (سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ قال: إذا أصاب إحداكن الدم من الحيض فلتقرصه ثم لتنضحه بالماء ثم لتصل) ].

قوله: [ (فلتقرصه) ] هو من باب (ضرب يضرب)، ويصح (تقرُصه) من باب: (نصر ينصر)، فيصح (تقرُصه) و(تقرِصه)، والقرص معناه: الدلك بالأصابع، يعني: تدلكه بالأصابع حتى تزيل أثر الدم في الثوب، وقوله: [ (ثم تنضحه بالماء) ] يعني: تغسله بالماء.

وهذا الحديث أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة .

وفيه أن المرأة إذا أصابها الدم من الحيض فإنها تغسل الدم، فتدلكه أولاً بأصابعها، أو تحكه بعود كما سيأتي، أو بضلع، ثم تغسله وتصلي فيه، ولا يُحتاج إلى غسل الثوب كله، ولا تغييره، بل تصلي فيه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد ، ح: وحدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس ، ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد -يعني ابن سلمة - عن هشام بهذا المعنى، قال: (حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم انضحيه) ].

قوله: [ (حتيه) ] يعني: حكيه، فتحكه بأصابعها، أو بعود حتى يزول الجرم، ثم تقرصه وتغسله بالماء، ثم تنضحه وترشه بالماء زيادة في التنظيف، فأولاً: تحكه، ثم تغسله بالماء، ثم ترشه زيادة في التنظيف.

وفيه دليل على أن النجاسة إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات، وهذا قول الجماهير.

وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع، كماء الورد، أو ماء الشجر، أو ماء الزعفران، والصواب أن النجاسة إنما تزال بالماء خاصة دون غيره من المائعات، ولهذا أفتى النبي صلى الله عليه وسلم من أصاب ثوبها دم الحيض بأن تغسله بالماء، فقال: (فلتقرصه بشيء من ماء).

شرح حديث: ( حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر )

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى يعني ابن سعيد القطان عن سفيان قال: حدثني ثابت الحداد قال: حدثني عدي بن دينار قال: (سمعت أم قيس بنت محصن تقول: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب، قال: حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر) ].

قوله: [ (حكيه بضلْع) ] -ويقال: بضلَع- أي: بعود، وإنما تحكه بضلع حتى تزيل جرم الدم، ثم تغسله بماء وسدر، والغسل بالسدر زيادة في التنظيف، وإلا فإن الماء يكفي.

والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة ، وفيه أنها تحكه بضلع، وفي الأحاديث السابقة (تدلكه بأصابعها) وهذا معناه أنها تزيل جرم الدم فتحكه بأصابعها، أو بعود، ثم تغسله بالماء، وأما ما جاء في هذه الرواية -وهو قوله: (بماء وسدر) فمن باب زيادة التنظيف، مثل الصابون، فإذا غسلت الدم بالصابون فهو من باب زيادة التنظيف، وإلا فإن الماء كافٍ.

شرح حديث عائشة: (قد كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض ... )

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (قد كان يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض، وفيه تصيبها الجنابة، ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها) ].

الدرع: هو الثوب، ففيه كانت تحيض المرأة، وفيه تصيبها الجنابة، ثم إذا رأت فيه قطرة من دم فإنها تقصعه بريقها أي: تدلكه وتزيله، ثم تغسله بالماء، ولا حاجة إلى تغيير الثوب أو غسله كله.

وإذا لم تعلم الدم وصلت فيه فالصلاة صحيحة، فإذا صلى الإنسان في ثوب به نجاسة نسيها أو لم يعلم بها إلا بعد الصلاة فالصلاة صحيحة ولا تعاد، بخلاف ما إذا صلاها بغير وضوء ثم علم بعد الصلاة، فإنه يتوضأ ويعيد الصلاة؛ لأن هذا من باب الترك للشرط، والوضوء شرط في صحة الصلاة.

شرح حديث سؤال خولة بنت يسار رسول الله عما تصنعه بثوبها إذا حاضت فيه

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إنه ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال: إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه. فقالت: فإن لم يخرج الدم؟ قال: يكفيك غسل الدم ولا يضرك أثره) ].

هذا الحديث فيه ضعف؛ لأن فيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف كما هو معروف، لكن له شاهد مرسل ذكره البيهقي فيكون حسناً، وهو يدل على ما دلت عليه الأحاديث السابقة؛ بأن المرأة إذا كان عليها ثوب تحيض فيه وتصلي فيه، فإنها إن رأت فيه دماً فإنها تغسله، فإن لم يزل أثره فلا يضر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها:

حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثني أبي قال: حدثتني أم الحسن يعني جدة أبي بكر العدوي -عن معاذة قالت: (سألت عائشة رضي الله عنها عن الحائض يصيب ثوبها الدم؟ قالت: تغسله، فإن لم يذهب أثره فلتغيره بشيء من صفرة، قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعاً لا أغسل لي ثوباً) ].

هذا الحديث فيه أم الحسن ، وهي غير معروفة كما في التقريب، فهي مجهولة، والحديث ضعيف، لكن له شواهد تؤيده.

وفيه أن دم الحيض إذا أصاب الثوب فإنه يغسل، فإن لم يذهب أثره فلا يضر، وإذا غير بشيء من الصفرة فلا بأس.

وفيه قول عائشة : (ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعاً لا أغسل لي ثوباً) ويبعد أن عائشة تحيض ثلاث حيض في ثلاثة أشهر لا تغسل لها ثوباً، والأحاديث تدل على أن عرق الحائض وريقها طاهر، وإنما تكون النجاسة في الدم، وأن الدم يغسل، فإن لم يذهب الأثر فلا يضر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا إبراهيم بن نافع قال: سمعت الحسن -يعني ابن مسلم يذكر عن مجاهد قال: قالت عائشة : (ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإن أصابه شيء من دم بلته بريقها ثم قصعته بريقها) ].

ومعنى (قصعته) أي: دلكته بريقها، فهي تبله أولاً ثم تدلكه حتى يزول الأثر ثم تغسله بالماء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن -يعني ابن مهدي - قال: حدثنا بكار بن يحيى قال: حدثتني جدتي قالت: (دخلت على أم سلمة -رضي الله عنها- فسألتها امرأة من قريش عن الصلاة في ثوب الحائض؟ فقالت أم سلمة : قد كان يصيبنا الحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلبث إحدانا أيام حيضها ثم تطهر فتنظر الثوب الذي كانت تقلب فيه فإن أصابه دم غسلناه وصلينا فيه، وإن لم يكن أصابه شيء تركناه ولم يمنعنا ذلك من أن نصلي فيه، وأما الممتشطة فكانت إحدانا تكون ممتشطة، فإذا اغتسلت لم تنقض ذلك ولكنها تحفن على رأسها ثلاث حفنات، فإذا رأت البلل في أصول الشعر دلكته ثم أفاضت على سائر جسدها) ].

وهذا الحديث ضعيف؛ لأن بكار بن يحيى وجدته مجهولان كما في التقريب، لكن معنى الحديث صحيح، وهو أن الحائض إذا أصاب ثوبها شيء من الدم فإنها تغسله وتصلي فيه، وإن لم يكن أصابه شيء صلت فيه.

وأما الممتشطة فإنها لا يجب عليها نقض الشعر في الحيض، لكن إذا نقضته فهو أفضل.

وقد جاء حديث أم سلمة عند الترمذي بلفظ: (أتنقضه بغسل الجنابة -وفي لفظ: والحيضة-؟ قال: لا) .

والصواب أنه لا يجب النقض وإنما يستحب، وقال بعض العلماء بوجوب النقض، لكن الصواب أنه لا يجب، ولكنه يستحب ويتأكد في الحيض والنفاس؛ لأن مدته تطول، بخلاف الجنابة فإنها تتكرر فلا تحتاج إلى نقض.

وفيه مشروعية الحفن على الرأس ثلاث حفنات.

ومعنى (ممتشطة) أي: مضفور شعر رأسها، ولا يلزم من ذلك أن يكون فيه حناء أو غير ذلك.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: (سمعت امرأة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تصنع إحدانا بثوبها إذا رأت الطهر؟ أتصلي فيه؟ قال: تنظر: فإن رأت فيه دماً فلتقرصه بشيء من ماء، ولتنضح ما لم تر، ولتصل فيه) ].

فاطمة بنت المنذر هذه هي حفيدة أسماء ؛ لأن منذراً هذا هو ابن عبد الله بن الزبير ، فهي حفيدة أسماء .

وفي هذا الحديث أن المرأة إذا رأت الطهر تصلي في ثوبها ولو كان عليها أيام الحيض، وإن رأت فيه دماً تغسله؛ لقوله: [ (فلتقرصه بشيء من ماء) يعني: تدلكه بأصابعها بشيء من الماء، وقوله: [ (ولتنضح ما لم تر) ] يعني: ما شكت فيه تنضحه وترشه بماء، وإن رأته تدلكه بأصابعها وتغسله، ولا يصر بقاء أثره.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- أنها قالت: (سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ قال: إذا أصاب إحداكن الدم من الحيض فلتقرصه ثم لتنضحه بالماء ثم لتصل) ].

قوله: [ (فلتقرصه) ] هو من باب (ضرب يضرب)، ويصح (تقرُصه) من باب: (نصر ينصر)، فيصح (تقرُصه) و(تقرِصه)، والقرص معناه: الدلك بالأصابع، يعني: تدلكه بالأصابع حتى تزيل أثر الدم في الثوب، وقوله: [ (ثم تنضحه بالماء) ] يعني: تغسله بالماء.

وهذا الحديث أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة .

وفيه أن المرأة إذا أصابها الدم من الحيض فإنها تغسل الدم، فتدلكه أولاً بأصابعها، أو تحكه بعود كما سيأتي، أو بضلع، ثم تغسله وتصلي فيه، ولا يُحتاج إلى غسل الثوب كله، ولا تغييره، بل تصلي فيه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا حماد ، ح: وحدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس ، ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد -يعني ابن سلمة - عن هشام بهذا المعنى، قال: (حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم انضحيه) ].

قوله: [ (حتيه) ] يعني: حكيه، فتحكه بأصابعها، أو بعود حتى يزول الجرم، ثم تقرصه وتغسله بالماء، ثم تنضحه وترشه بالماء زيادة في التنظيف، فأولاً: تحكه، ثم تغسله بالماء، ثم ترشه زيادة في التنظيف.

وفيه دليل على أن النجاسة إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات، وهذا قول الجماهير.

وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع، كماء الورد، أو ماء الشجر، أو ماء الزعفران، والصواب أن النجاسة إنما تزال بالماء خاصة دون غيره من المائعات، ولهذا أفتى النبي صلى الله عليه وسلم من أصاب ثوبها دم الحيض بأن تغسله بالماء، فقال: (فلتقرصه بشيء من ماء).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى يعني ابن سعيد القطان عن سفيان قال: حدثني ثابت الحداد قال: حدثني عدي بن دينار قال: (سمعت أم قيس بنت محصن تقول: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب، قال: حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر) ].

قوله: [ (حكيه بضلْع) ] -ويقال: بضلَع- أي: بعود، وإنما تحكه بضلع حتى تزيل جرم الدم، ثم تغسله بماء وسدر، والغسل بالسدر زيادة في التنظيف، وإلا فإن الماء يكفي.

والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة ، وفيه أنها تحكه بضلع، وفي الأحاديث السابقة (تدلكه بأصابعها) وهذا معناه أنها تزيل جرم الدم فتحكه بأصابعها، أو بعود، ثم تغسله بالماء، وأما ما جاء في هذه الرواية -وهو قوله: (بماء وسدر) فمن باب زيادة التنظيف، مثل الصابون، فإذا غسلت الدم بالصابون فهو من باب زيادة التنظيف، وإلا فإن الماء كافٍ.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [25] 2608 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [10] 2232 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [20] 2121 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [6] 1990 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [7] 1970 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [22] 1951 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [4] 1889 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [14] 1847 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [9] 1780 استماع
شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [19] 1773 استماع