شرح سنن أبي داود كتاب الطهارة [9]


الحلقة مفرغة

شرح حديث عبد الله بن عمرو في صفة وضوء النبي

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً.

حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كيف الطهور؟ فدعا بماء في الإناء فغسل كفيه ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً، ثم مسح برأسه وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم، أو ظلم وأساء) ].

هذه الترجمة معقودة لبيان الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، والوضوء ثلاثاً ثلاثاً هو أكثر الوضوء وأكمله، بمعنى: أنه يغسل أعضاء الوضوء كل عضو ثلاثاً ثلاثاً، فيتمضمض ثلاثاً، ويستنشق ثلاثاً، ويغسل وجهه ثلاثاً، ويغسل يده اليمنى ثلاثاً، ويغسل يده اليسرى ثلاثاً، ويغسل رجله اليمنى ثلاثاً، ويغسل رجله اليسرى ثلاثاً، وأما الرأس فإنه لا يكرر بل يمسح مرة واحدة، فهذا هو أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه توضأ مرتين مرتين، أي: يغسل كل عضو مرتين، وثبت أنه توضأ مرة مرة، فكل عضو يغسله مرة، وثبت أنه توضأ مخالفاً فيغسل بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثاً، وهذا كله ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك أربع صور في الوضوء: ثلاثاً ثلاثاً، ومرتين مرتين، ومرة مرة، ومخالفة، فلا يزيد على ثلاث. وهذا الحديث فيه قوله: (فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء) .

وكلمة: (أو نقص) وهم من بعض الرواة، قيل: إنه وهم من أبي عوانة ؛ لأن النقص من ثلاثٍ لا بأس به كما سبق، وإنما الممنوع الزيادة، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة: من حديث عبد الله بن زيد ، وحديث حمران مولى عثمان وغيرهما.

وقال الألباني عن هذا الحديث: حسن صحيح دون قوله: (أو نقص) فإنه شاذ، والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً.

حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كيف الطهور؟ فدعا بماء في الإناء فغسل كفيه ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل ذراعيه ثلاثاً، ثم مسح برأسه وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم، أو ظلم وأساء) ].

هذه الترجمة معقودة لبيان الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، والوضوء ثلاثاً ثلاثاً هو أكثر الوضوء وأكمله، بمعنى: أنه يغسل أعضاء الوضوء كل عضو ثلاثاً ثلاثاً، فيتمضمض ثلاثاً، ويستنشق ثلاثاً، ويغسل وجهه ثلاثاً، ويغسل يده اليمنى ثلاثاً، ويغسل يده اليسرى ثلاثاً، ويغسل رجله اليمنى ثلاثاً، ويغسل رجله اليسرى ثلاثاً، وأما الرأس فإنه لا يكرر بل يمسح مرة واحدة، فهذا هو أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه توضأ مرتين مرتين، أي: يغسل كل عضو مرتين، وثبت أنه توضأ مرة مرة، فكل عضو يغسله مرة، وثبت أنه توضأ مخالفاً فيغسل بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثاً، وهذا كله ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك أربع صور في الوضوء: ثلاثاً ثلاثاً، ومرتين مرتين، ومرة مرة، ومخالفة، فلا يزيد على ثلاث. وهذا الحديث فيه قوله: (فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء) .

وكلمة: (أو نقص) وهم من بعض الرواة، قيل: إنه وهم من أبي عوانة ؛ لأن النقص من ثلاثٍ لا بأس به كما سبق، وإنما الممنوع الزيادة، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة: من حديث عبد الله بن زيد ، وحديث حمران مولى عثمان وغيرهما.

وقال الألباني عن هذا الحديث: حسن صحيح دون قوله: (أو نقص) فإنه شاذ، والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة.

شرح حديث أبي هريرة: (أن رسول الله توضأ مرتين مرتين)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء مرتين.

حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا زيد -يعني: ابن الحباب - قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثوبان قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين) ].

هذا الحديث ثابت في الصحيحين، أي: أنه غسل كل عضو مرتين مرتين، والمراد بالمرة تعميم العضو بالماء، فإن هذا يعتبر مرة سواء كان بغرفة أو بغرفتين، إذ لا عبرة بالغرفات، وإنما العبرة بتعميم العضو، فإذا عمم وجهه بالماء من شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً، فهذه تعتبر مرة واحدة، وكذلك إذا عمم غسل يده من رءوس الأصابع حتى يشرع في العضد، فهذه تعتبر مرة واحدة.

شرح حديث ابن عباس في صفة وضوء رسول الله

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر قال: حدثنا هشام بن سعد قال: حدثنا زيد عن عطاء بن يسار قال: قال لنا ابن عباس رضي الله عنهما: (أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فدعا بإناء فيه ماء فاغترف غرفة بيده اليمنى، فتمضمض واستنشق، ثم أخذ أخرى فجمع بها يديه، ثم غسل وجهه، ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليسرى، ثم قبض قبضة من الماء، ثم نفض يده، ثم مسح بها رأسه وأذنيه، ثم قبض قبضة أخرى من الماء فرش على رجله اليمنى وفيها النعل، ثم مسحها بيديه: يد فوق القدم ويد تحت النعل، ثم صنع باليسرى مثل ذلك) ].

هذا الحديث فيه بعض الوهم، فقوله: (فأخذ غرفة فرش بها رجله) في رواية البخاري : (فرش بها رجله فغسلها).

قوله: (وفيها النعل) يحتمل أنه توضأ وهو على طهارة، فيكون هذا وضوء من لم يحدث، ولهذا رش بها نعليه كما ثبت عن علي رضي الله عنه.

وكذلك قوله: (ثم مسحها بيديه: يد فوق القدم ويد تحت النعل) هذا أيضاً قيل: إنه من أوهام هشام بن سعد ؛ لأنه إن وضع يده تحت النعل للوث يده، فالمراد إذاً وضع يد فوق القدم ويد تحت القدم. والمقصود أن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثابت في الأحاديث الصحيحة.

قال: وأما قوله: (تحت النعل) فشاذ، وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما انفرد به، فكيف إذا خالف؟! وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأنه حديث ضعيف، ولو صح فهذا مخالف لسائر الروايات.

والحافظ يقول: لعله أراد التجوز، ومقصوده تحت النعل، يعني: تحت القدم، لكن هذا فيه بعد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء مرتين.

حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا زيد -يعني: ابن الحباب - قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثوبان قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين) ].

هذا الحديث ثابت في الصحيحين، أي: أنه غسل كل عضو مرتين مرتين، والمراد بالمرة تعميم العضو بالماء، فإن هذا يعتبر مرة سواء كان بغرفة أو بغرفتين، إذ لا عبرة بالغرفات، وإنما العبرة بتعميم العضو، فإذا عمم وجهه بالماء من شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً، فهذه تعتبر مرة واحدة، وكذلك إذا عمم غسل يده من رءوس الأصابع حتى يشرع في العضد، فهذه تعتبر مرة واحدة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر قال: حدثنا هشام بن سعد قال: حدثنا زيد عن عطاء بن يسار قال: قال لنا ابن عباس رضي الله عنهما: (أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فدعا بإناء فيه ماء فاغترف غرفة بيده اليمنى، فتمضمض واستنشق، ثم أخذ أخرى فجمع بها يديه، ثم غسل وجهه، ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليسرى، ثم قبض قبضة من الماء، ثم نفض يده، ثم مسح بها رأسه وأذنيه، ثم قبض قبضة أخرى من الماء فرش على رجله اليمنى وفيها النعل، ثم مسحها بيديه: يد فوق القدم ويد تحت النعل، ثم صنع باليسرى مثل ذلك) ].

هذا الحديث فيه بعض الوهم، فقوله: (فأخذ غرفة فرش بها رجله) في رواية البخاري : (فرش بها رجله فغسلها).

قوله: (وفيها النعل) يحتمل أنه توضأ وهو على طهارة، فيكون هذا وضوء من لم يحدث، ولهذا رش بها نعليه كما ثبت عن علي رضي الله عنه.

وكذلك قوله: (ثم مسحها بيديه: يد فوق القدم ويد تحت النعل) هذا أيضاً قيل: إنه من أوهام هشام بن سعد ؛ لأنه إن وضع يده تحت النعل للوث يده، فالمراد إذاً وضع يد فوق القدم ويد تحت القدم. والمقصود أن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثابت في الأحاديث الصحيحة.

قال: وأما قوله: (تحت النعل) فشاذ، وراويها هشام بن سعد لا يحتج بما انفرد به، فكيف إذا خالف؟! وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأنه حديث ضعيف، ولو صح فهذا مخالف لسائر الروايات.

والحافظ يقول: لعله أراد التجوز، ومقصوده تحت النعل، يعني: تحت القدم، لكن هذا فيه بعد.

شرح حديث ابن عباس: (ألا أخبركم بوضوء رسول الله؟)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء مرة مرة.

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ألا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فتوضأ مرة مرة) ].

هذا الحديث ثابت في الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة)، وهذا أقل الواجب، فأقل الواجب أن يتوضأ الإنسان مرة مرة، بمعنى: أنه يغسل كل عضو مرة يعممها بالماء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء مرة مرة.

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ألا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فتوضأ مرة مرة) ].

هذا الحديث ثابت في الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة)، وهذا أقل الواجب، فأقل الواجب أن يتوضأ الإنسان مرة مرة، بمعنى: أنه يغسل كل عضو مرة يعممها بالماء.

شرح حديث فصل رسول الله المضمضة والاستنشاق

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق.

حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا معتمر قال: سمعت ليثاً يذكر عن طلحة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (دخلت -يعني: على النبي صلى الله عليه وسلم- وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره، فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق) ].

هذا الحديث ضعيف، في سنده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف متكلم فيه. وفيه أيضاً مصرف والد طلحة هو مجهول، وما دل عليه الحديث من الفصل بين المضمضة والاستنشاق ضعيف، والمعروف في الأحاديث الصحيحة من حديث عبد الله بن زيد ، وحديث حمران عدم الفصل بين المضمضة والاستنشاق، بل كان يأخذ غرفة واحدة من كف واحدة يتمضمض منه ويستنشق، ولا يفصل بينهما.