شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [11]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن قول أهل السنة والجماعة في أكساب العباد: أنها مخلوقة لله تعالى لا ينكرون فيه، ولا يعدون من أهل الهدى ودين الحق من ينكر هذا القول وينفيه ].

أهل السنة يقولون: إن الله تعالى خلق العباد وخلق أفعالهم، فأفعال العباد مخلوقة لله، كما قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96] لكن العبد له اختيار ومشيئة وفعل إلا أن مشيئته تابعة لمشيئة الله، أنت الآن موجود مثلاً، تأتي إلى المسجد، وتستطيع أن تجلس في البيت، فلك اختيار ولا أحد يمنعك، فالإنسان يفعل باختياره وليس مجبوراً، إلا أن مشيئته واختياره تابعة لمشيئة الله، وهو مخلوق لله بذاته وأفعاله كما قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96]، هذه عقيدة أهل السنة والجماعة.

وهناك طائفتان منحرفتان في هذه المسألة:

الطائفة الأولى: القدرية الجبرية، قالوا: إن العبد مجبور على أفعاله وليس له اختيار، كالريشة في الهواء، وقالوا: بأن الأفعال أفعال الله، فإذا صليت فهذا فعل الله، والله هو المصلي والصائم، فالأفعال التي تفعلها إنما هي وعاء للأفعال وإلا فالله هو الفعال، فالعباد بمثابة وعاء للأفعال والله تعالى هو الذي يفعل بهم ذلك، وقالوا: مثل الله في ذلك مثل إنسان عنده كوب يصب فيه الماء، فالعباد كأنهم كوب والله كصباب الماء فيه، تعالى الله عما يقولون.

والطائفة الثانية: القدرية النفاة، قالوا: إن العباد خالقون لأفعالهم الطاعات والمعاصي، فما خلقها الله ولا أرادها ولا شاءها، والعبد هو الذي يخلق فعل نفسه استقلالاً. فهاتان طائفتان منحرفتان، وتوسط أهل السنة والجماعة فلم يقولوا بقول القدرية النفاة ولا بقول الجبرية، فلم يقولوا: بأن العباد خالقون لأفعالهم، بل قالوا: إن الله خالق العبد وخالق فعله، ولم يقولوا: إن العبد مجبور كما قالت الجبرية، بل قالوا: إن العبد له اختيار ومشيئة فهو يفعل باختياره ومشيئته؛ لأن الله أعطاه القدرة على الفعل لكن الله خلقه وخلق قدرته.

والخلاصة: أن المذاهب في أفعال العباد ثلاثة: مذهب القدرية: وهو أن الأفعال خلقها العباد من الطاعات والمعاصي لأنفسهم استقلالاً من دون الله.

ومذهب الجبرية: وهو أن العبد مجبور على أفعاله، والأفعال أفعال الله والعبد مجبور كالريشة في الهواء، وكحركة المرتعش والنائم، وكنبض العروق، وكحركة الرياح للأشجار.

ومذهب أهل السنة: وهو أن الله تعالى خلق العباد وخلق أفعالهم، وأعطاهم القدرة على الأفعال، فالأفعال أفعالهم تنسب إليهم، والعبد هو المصلي والصائم والبر والفاجر، فالأفعال أفعال العبد، والله تعالى خلق العبد بذاته وصفاته وأفعاله، كما قال: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ويشهدون أن الله تعالى يهدي من يشاء لدينه، ويضل من يشاء عنه، لا حجة لمن أضله الله عليه، ولا عذر له لديه، قال الله عز وجل: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام:149]، وقال جل وعلا: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي [السجدة:13] الآية، وقال جل وعلا: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ [الأعراف:179] الآية. سبحانه خلق الخلق بلا حاجة إليهم، فجعلهم فريقين: فريقاً للنعيم فضلاً، وفريقاً للجحيم عدلاً، وجعل منهم غوياً ورشيداً، وشقياً وسعيداً، وقريباً من رحمته وبعيداً، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] ].

وهذه مسألة الهداية من الله عز وجل.

فأهل السنة والجماعة يشهدون أن الله تعالى هو الهادي وهو المضل، كما قال: يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [فاطر:8]، فمن هداه الله فبفضله، ومن أضله الله فبعدله سبحانه، كما قال: يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [فاطر:8] .

والهداية ملك لله يعطيها من يشاء، فإذا أعطى العبد الهداية فهذا فضله، وإذا منع العبد من الهداية وأضله فله الحكمة ولا يعتبر هذا ظلماً؛ لأنه ما منعه شيئاً يملكه، فالظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه، والذي حرمه الله على نفسه هو وضع الشيء في غير موضعه، كأن يمنع أحداً من ثواب عمله أو يحمله سيئات غيره، ولهذا تنزه الله عنه وحرمه على نفسه، فالخلاصة أن مذهب أهل السنة والجماعة: أن الهداية من الله، فالله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء.

وقالت المعتزلة القدرية: إن الله لا يهدي من يشاء ولا يضل من يشاء، فالعبد هو الذي يهدي نفسه ويضل نفسه - نعوذ بالله - وقالوا: لا فرق بين المؤمن المطيع وبين العاصي، فالمؤمن يختار الهداية بنفسه، والكافر يختار الضلال بنفسه، وما هدى الله هذا ولا أضل هذا، ولا اختار هذا الإيمان بنفسه ثم لم يقدر الله له الهداية، فهو الذي اختار الضلال بنفسه، وقالوا: مثل الله في ذلك -وهم ممثلة يمثلون الله بخلقه- مثل رجل له ابنان أعطاهما سيفين، وأمرهما أن يجاهدا به في سبيل الله، فالأول جاهد به في سبيل الله وامتثل أمر أبيه، والآخر جعل يستعرض رقاب المسلمين ويقطع رقابهم، فهذا اختار الضلال وهذا اختار الهداية، وهذا من أبطل الباطل.

والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة: أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، والله تعالى خص العبد المؤمن بنعمة دينية، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً [الحجرات:7-8]. فلله نعمة دينية على المؤمن خصه بها دون الكافر، وخذل الكافر حكمة منه وعدلاً، وله الحكمة البالغة فلا يسأل عما يفعل، وليس هذا ظلماً وإنما هو عدل منه سبحانه وتعالى، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: ويشهدون أن الله تعالى يهدي من يشاء إلى دينه، ويضل من يشاء عنه لا حاجة لمن أضله الله عليه ولا عذر له لديه؛ لأن الله تعالى أعطى الإنسان السمع والبصر والفؤاد والعقل، وميزه عن الحيوانات؛ ولهذا فإنه إذا فقد العقل ارتفع عنه التكليف، فالصغير الذي لم يبلغ، والمجنون، والشيخ الكبير الهرم الذي زال عقله لا تكليف عليهم، فإذا فقد العقل زال التكليف.

وقوله: (ويشهدون أن الله تعالى يهدي من يشاء إلى دينه، ويضل من يشاء عنه، لا حجة لمن أضله الله عليه، ولا عذر له لديه، قال الله عز وجل: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام:149] والشاهد من الآية: فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ .

إذاً: لو شاء لهدى الناس أجمعين، لكن اقتضت حكمته أن يهدي من يشاء ويضل من يشاء.

وقال عز وجل: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي [السجدة:13] والشاهد أن الهداية بيد الله.

وقال عز وجل: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179] فقد أضلهم الله حكمة منه وعدلاً، فهو سبحانه خلق الخلق بلا حاجة إليهم، فجعلهم فريقين: فريقاً للنعيم وهم المؤمنون الذين من الله عليهم بالهداية للإسلام، وفريقاً للجحيم وهم الذين أضلهم الله عدلاً منه، وجعل منهم غوياً شقياً وهو الكافر، ورشيداً سعيداً وهو المؤمن، وقريباً من رحمته وبعيداً، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23]، وهذا لكمال حكمته.

فالطوائف هنا في مسألة الهداية ثلاث طوائف: أهل السنة والقدرية والجبرية، فالقدرية قالوا: إن الله لا يهدي من يشاء ولا يضل من يشاء، بل المؤمن يهدي نفسه والكافر يضل نفسه، ويقولون في قوله تعالى: يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [فاطر:8] إن معناها: أنه يسميه هادياً أو يسميه ضالاً.

والجبرية قالوا: بأن الله تعالى يتصرف في ملكه بما يشاء، ولا يسمى هذا ظلماً، فلو عذب الأنبياء والأبرار، وحملهم أوزار الكفرة والفسقة ما كان هذا ظلماً؛ لأنه يتصرف في ملكه، والظلم: هو تصرف المالك في غير ملكه، والرب يتصرف في ملكه فلا يكون ظالماً، ويجوز أن يعطيهم شيئاً من التشجيعات والجزاءات، ويجوز على الله أن يحمل الأبرار والأنبياء أوزار الكفار والفجرة، وينعم الكفار والفسقة؛ لأنه يتصرف في ملكه، وهذا من أبطل الباطل.

وأهل السنة والجماعة يقولون: بأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، كأن يمنع أحداً من ثواب عمله أو يحمله أوزار غيره، وهذا الظلم الذي تنزه الله عنه وهو قادر عليه، ولهذا قال سبحانه في الحديث القدسي: (إني حرمت الظلم على نفسي) . وقال: لا ظُلْمَ الْيَوْمَ [غافر:17]، وقال: فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه:112].

والظلم عند الجبرية لا وجود له، ولا يقدر الله عليه بل الظلم ممتنع؛ لأن الظلم تصرف المالك في غير ملكه والله يتصرف في ملكه، ولا شيء خارج عن ملكه، وهذا من أبطل الباطل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال جل وعلا: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف:54]، وقال عز وجل: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ [الأعراف:29-30] ].

والشاهد: أن الله جعلهم فريقين، ففريقاً هداه الله وفريقاً أضله، فالله هو الهادي والمضل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف:30].

وقال جل وعلا: أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ [الأعراف:37] . قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو ما سبق لهم من السعادة والشقاوة، وأخبرنا أبو محمد المخلدي أخبرنا أبو العباس السواد حدثنا يوسف بن موسى أخبرنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه الملك بأربع كلمات: رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد، فو الذي نفسي بيده إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يدركه ما سبق له في الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يدركه ما سبق له في الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) ].

وهذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم ، ورواه الترمذي والنسائي وأحمد والطيالسي وابن أبي عاصم في السنة، ورواه جمع غيرهم.

وهذا الحديث فيه إثبات القدر، وأن كل أمر واقع بقضاء الله وقدره خيرها وشرها.

وفيه: دليل على أن كل إنسان صائر لما قدره الله، وأن الإنسان بعد مضي أربعة أشهر يكتب رزقه وأجله وعمله وشقاوته أو سعادته، وهذا لا ينافي ما كتب في اللوح المحفوظ بل هو تفصيل منه يوافق ما في اللوح المحفوظ، فكل إنسان بعد أن تمضي عليه أربعون وأربعون وأربعون نطفة وعلقة، فبعد أربعة أشهر يأتيه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بكتابة رزقه، يقول: يا رب ما الرزق؟ فيكتب، ما الأجل؟ هل يموت صغيراً؟ هل يموت في بطن أمه أو يموت طفلاً؟ أو يموت شاباً أو شيخاً أو كهلاً أو هرماً؟ وما هو الرزق؟ وما العمل؟ فكل هذا يكتب وهو في بطن أمه، وهذا دليل على أن الله قدر كل الأشياء، وفيه رد على القدرية الذين يقولون: إن العبد يهدي نفسه، فالشقاوة والسعادة مكتوبة له وهو في بطن أمه، ولكن الإنسان لا بد أن يصير إلى ما قدره الله، ولهذا سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: (هل نحن الآن نعمل في شيء مستأنف أو في شيء فرغ منه؟ قال: في شيء فرغ منه. قالوا: يا رسول الله، ما العمل؟ قال عليه الصلاة والسلام: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فسييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فسييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10]).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وأخبرنا أبو محمد المخلدي أخبرنا أبو العباس السواد حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي - هو ابن راهويه - أنبأنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، وإنه لمكتوب في الكتاب من أهل النار، فإذا كان قبل موته عمل بعمل أهل النار فمات فدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار وإنه لمكتوب في الكتاب أنه من أهل الجنة، فإذا كان قبل موته عمل بعمل أهل الجنة فمات فدخل الجنة) ].

هذا حديث صحيح، أخرجه الإمام أحمد في المسند وغيره. وهو دليل أيضاً على إثبات القدر، وأن الهداية والإضلال والشقاء والسعادة بيد الله، وأن الإنسان لا بد أن يصير إلى ما كتب له، فالمؤمن لا بد أن يموت على التوحيد ثم يدخل الجنة، والكافر لا بد أن يموت على الكفر فيدخل النار، نسأل الله السلامة والعافية.

وفيه الرد على القدرية الذين يقولون: إن الإنسان يهدي ويضل نفسه، ويشقي ويسعد نفسه، وهذا من أبطل الباطل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ويشهد أهل السنة ويعتقدون: أن الخير والشر والنفع والضر بقضاء الله وقدره لا مرد لها ولا محيص ولا محيد عنها، ولا يصيب المرء إلا ما كتبه له ربه، ولو جهد الخلق أن ينفعوا المرء بما لم يكتبه الله له لم يقدروا عليه، ولو جهدوا أن يضروه بما لم يقضه الله لم يقدروا عليه، لما ورد به خبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ [يونس:107] ].

هذا مذهب أهل السنة والجماعة في الخير والشر، فيشهد أهل السنة والجماعة ويعتقدون: أن الخير والشر والنفع والضر والحلو والمر كله بقضاء الله وقدره، فكل شيء مقدر، حتى العجز والكيس، والعجز: هو الشيء الذي تعجز عنه، والكيس هو: النشاط والقوة فكل شيء مكتوب، مثلاً: يريد الإنسان أن يفعل خيراً ثم يقول: لا، أنا كسلان اليوم فهذا مكتوب، فالعجز الكسل مكتوبان، وكل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ، وكل شيء قدره الله، قال الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59] . فالشر والخير والنفع والضر كله بقضاء الله وقدره ولا مرد لهما ولا محيص ولا محيد عنهما، ولا يصيب المرء إلا ما كتب له ربه، كل ما يصيب الإنسان من أوجاع وأمراض، والموت الذي يصيبه، والهم والغم والحزن، وإيذاء الناس له، والنقص الذي يحصل عليه في ماله وبدنه، فكل هذا مكتوب، ولا يصيب المرء إلا ما كتب له ربه.

قوله: (ولو جهد الخلق)، يعني: لو اجتهدوا أن ينفعوا المرء بما لم يكتبه الله لم يقدروا عليه، ولو عملوا جهدهم في أن يضروه بما لم يقضه الله عليه لم يقدروا.

فلو اجتمع الخلق كلهم من أولهم إلى آخرهم في أن يوصلوا إليك خيراً ما أراده الله لما استطاعوا، ولو اجتمع الخلق كلهم من أولهم إلى آخرهم إنسهم وجنهم على أن يضروك بشيء ما كتبه الله عليك لم يقدروا، قال الله تعالى في كتابه العظيم: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [فاطر:2].

وكما ورد بذلك الخبر عن عبد الله بن عباس : وهو حديث صحيح لا بأس به، وقال الترمذي : حسن صحيح، يقول: (كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف). يعني: انتهى الأمر فكل شيء مكتوب.

وقال الله عز وجل: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:107]. يعني: إذا مسك ضر فلن يستطيع الخلق كلهم من أولهم إلى آخرهم أن يرفعوا هذا الضر عنك إلا إذا أراده الله، وإذا أصابك خير قدره الله لك فلن يستطيع الخلق كلهم أن يمنعوا هذا الخير إلا إذا أراد الله.

معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (والشر ليس إليك)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن مذهب أهل السنة وطريقتهم مع قولهم بأن الخير والشر من الله وبقضائه: أنه لا يضاف إلى الله تعالى ما يتوهم منه نقص على الانفراد، فيقال: يا خالق القردة والخنازير والخنافس والجعلان وإن كان لا مخلوق إلا والرب خالقه، وفي ذلك ورد قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعاء الاستفتاح: (تباركت وتعاليت والشر ليس إليك) . ومعناه والله أعلم: والشر ليس مما يضاف إليك إفراداً وقصداً، حتى يقال لك في المناداة: يا خالق الشر! ويا مقدر الشر! وإن كان هو الخالق والمقدر لهما جميعاً، لذلك أضاف الخضر عليه الصلاة والسلام إرادة العجز إلى نفسه، فقال فيما أخبر الله عنه في قوله جل وعلا: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا [الكهف:79] ، ولما ذكر الخير والبر والرحمة أضاف إرادتها إلى الله عز وجل فقال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [الكهف:82] ، ولذلك قال مخبراً عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80] فأضاف المرض إلى نفسه، والشفاء إلى ربه، وإن كان الجميع منه ].

يقول المؤلف رحمه الله: إن من عقيدة أهل السنة والجماعة مع كونهم مؤمنين بأن الخير والشر والضر والنفع من الله لا يضيفون الشر إلى الله تنزيهاً له، وإنما يضاف الخير إلى الله ولا يضاف الشر إليه، فلا يقال: إن الله تعالى مقدر الشر، لكن الشر يدخل في العموم، ويؤتى بصيغة المبني للمجهول، كقوله تعالى: مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:2] فأضاف الشر إلى الخلق ولم يضفه إلى الله تنزيهاً له، وإلا فالله خالق الخير والشر. قال صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، ولم يقل: من الشر الذي خلقه الله، أضاف الشر إلى الخلق، فقال: (من شر ما خلق).

ومثله قول الله تعالى حكاية عن مؤمني الجن أنهم قالوا: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا [الجن:10] فانظر إلى مؤمني الجن، فإنهم لم يضيفوا الشر إلى الله، بل قالوا: أَشَرٌّ أُرِيدَ [الجن:10] وهذه صيغة المبني للمجهول، ولما جاء الخير أضافوه إليه، فقالوا: أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا [الجن:10] ، فأضافوا الخير إلى الله وجاء بالشر بصيغة المبني للمجهول.

ومثله ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والشر ليس إليك).

ومثله قصة الخضر ، فـالخضر أضاف العيب إلى نفسه ولم يضفه إلى الله، فقال: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا [الكهف:79] ، ولما جاء بالخير والبر والرحمة أضاف إرادتها إلى الله فقال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا [الكهف:82].

يقول المؤلف رحمه الله: ومن مذهب أهل السنة وطريقتهم -مع قولهم بأن الخير والشر من الله وبقضائه- أنه لا يضاف إلى الله تعالى ما يتوهم منه نقص على الانفراد، تنزيهاً لله، فلا يضاف إليه الشر، فلا يقال: يا خالق القردة والخنازير والخنافس والجعلان، وإن كان الله خالق كل شيء، بل يقال: إن الله خالق كل شيء، كما قال الله: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الزمر:62] لكن لا تخصص تنزيهاً لله، فالله خالق كل شيء، تقول: الله خالق كل شيء وخلق كل شيء، أما أن تخصص فتضيف خلق الأشياء التي لا تليق إلى الله، فهذا لا يجوز، بل ينزه الله عن ذلك، فلا يقال: يا خالق القردة والخنازير والكلاب والخنافس والجعلان، وهذه كلها خلقها الله ولا شك، لكن لا تضفها إلى الله تنزيهاً له بل أضفها مع جهة العموم ولا تخصصها.

وإن كان لا مخلوق إلا والرب خالقه، وفي ذلك ورد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح: (تباركت وتعاليت، والخير في يديك، والشر ليس إليك). يقول المؤلف: ومعناه والله أعلم: والشر ليس مما يضاف إليك إفراداً وقصداً، حتى يقال لك في المناداة: يا خالق الشر، أو يا مقدر الشر، وإن كان هو الخالق والمقدر لها جميعاً، هذا القول الأول.

والقول الثاني: أن معنى قوله في الحديث: (والشر ليس إليك) الشر المحض الذي لا حكمة في تقديره وإيجاده ولا خير فيه، فالشر المحض: هو الذي لا حكمة في تقديره، والشرور الموجودة في الدنيا شرور بالنسبة للعبد، فالكفر مثلاً شر نسبي بالنسبة للمخلوق، والمعصية شر نسبي، فهي شر بالنسبة إلى العبد الذي فعل الكفر فضره هذا الكفر وساءه، لكن بالنسبة إلى الله فإنه يضاف إليه إضافة خلق، فالله تعالى خلق الكفر لحكمة، فهي بالنسبة إلى الله خير، وبالنسبة إلى العبد شر، فالكفر الذي صدر من العبد بالنسبة إلى الله يضاف إليه إضافة الخلق، فقد خلقه لحكمة عظيمة يترتب عليها انقسام الناس إلى شقي وسعيد، ويترتب عليها قدرة الله على إيجاد المتضادات، ويترتب على الكفر أيضاً التوبة والمعصية، فالتوبة يترتب عليها عبودية الولاء والبراء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحب في الله والبغض في الله، فهذه مصالح عظيمة.

والله تعالى خلق الكفر لحكمة؛ فيكون خلق الكفر بالنسبة لله خير؛ لأنه مبني على الحكمة، وبالنسبة إلى العبد شر، فإذاً قوله: والشر ليس إليك، يعني: الشر المحض الذي لا حكمة في إيجاده وتقديره.

إذاً: كل الشرور الموجودة الآن في الدنيا نسبية فليس يوجد شر محض أبداً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والشر ليس إليك)، يعني: الشر المحض الذي لا حكمة في إيجاده وتقديره فهذا لا يوجد، وهذا هو الصواب، والمؤلف أتى بمعنى آخر، قال: (الشر ليس إليك)، أي: ليس مما يضاف إليك إفراداً وقصداً، لكن يضاف إلى الله مع غيره، أما أن يفرد الشر فهذا ممنوع وهما معنيان.

يقول المؤلف رحمه الله: ولذلك أضاف الخضر عليه الصلاة والسلام إرادة العيب إلى نفسه، فقال فيما أخبر الله تعالى عنه في قوله: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا [الكهف:79]، والشاهد أنه أضاف العيب إلى نفسه، فقال: أَعِيبَهَا ولم يضفه إلى الله.

ولما ذكر الخير والبر والرحمة أضاف إرادتها إلى الله عز وجل فقال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [الكهف:82]، فالشاهد قوله: فَأَرَادَ رَبُّكَ فأضاف الرحمة إليه، ولذلك قال مخبراً عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80] فأضاف المرض إلى نفسه، فقال: مَرِضْتُ ، وأضاف الشفاء إلى الله بقوله: فَهُوَ يَشْفِينِ وإن كان الجميع من الله.

إذاً: فالشر لا يضاف إلى الله، وإن كان الله خالق الخير والشر، ولكن يدخل في جملة المخلوقات التي قدرها الله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن مذهب أهل السنة وطريقتهم مع قولهم بأن الخير والشر من الله وبقضائه: أنه لا يضاف إلى الله تعالى ما يتوهم منه نقص على الانفراد، فيقال: يا خالق القردة والخنازير والخنافس والجعلان وإن كان لا مخلوق إلا والرب خالقه، وفي ذلك ورد قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعاء الاستفتاح: (تباركت وتعاليت والشر ليس إليك) . ومعناه والله أعلم: والشر ليس مما يضاف إليك إفراداً وقصداً، حتى يقال لك في المناداة: يا خالق الشر! ويا مقدر الشر! وإن كان هو الخالق والمقدر لهما جميعاً، لذلك أضاف الخضر عليه الصلاة والسلام إرادة العجز إلى نفسه، فقال فيما أخبر الله عنه في قوله جل وعلا: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا [الكهف:79] ، ولما ذكر الخير والبر والرحمة أضاف إرادتها إلى الله عز وجل فقال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [الكهف:82] ، ولذلك قال مخبراً عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80] فأضاف المرض إلى نفسه، والشفاء إلى ربه، وإن كان الجميع منه ].

يقول المؤلف رحمه الله: إن من عقيدة أهل السنة والجماعة مع كونهم مؤمنين بأن الخير والشر والضر والنفع من الله لا يضيفون الشر إلى الله تنزيهاً له، وإنما يضاف الخير إلى الله ولا يضاف الشر إليه، فلا يقال: إن الله تعالى مقدر الشر، لكن الشر يدخل في العموم، ويؤتى بصيغة المبني للمجهول، كقوله تعالى: مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ [الفلق:2] فأضاف الشر إلى الخلق ولم يضفه إلى الله تنزيهاً له، وإلا فالله خالق الخير والشر. قال صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، ولم يقل: من الشر الذي خلقه الله، أضاف الشر إلى الخلق، فقال: (من شر ما خلق).

ومثله قول الله تعالى حكاية عن مؤمني الجن أنهم قالوا: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا [الجن:10] فانظر إلى مؤمني الجن، فإنهم لم يضيفوا الشر إلى الله، بل قالوا: أَشَرٌّ أُرِيدَ [الجن:10] وهذه صيغة المبني للمجهول، ولما جاء الخير أضافوه إليه، فقالوا: أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا [الجن:10] ، فأضافوا الخير إلى الله وجاء بالشر بصيغة المبني للمجهول.

ومثله ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والشر ليس إليك).

ومثله قصة الخضر ، فـالخضر أضاف العيب إلى نفسه ولم يضفه إلى الله، فقال: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا [الكهف:79] ، ولما جاء بالخير والبر والرحمة أضاف إرادتها إلى الله فقال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا [الكهف:82].

يقول المؤلف رحمه الله: ومن مذهب أهل السنة وطريقتهم -مع قولهم بأن الخير والشر من الله وبقضائه- أنه لا يضاف إلى الله تعالى ما يتوهم منه نقص على الانفراد، تنزيهاً لله، فلا يضاف إليه الشر، فلا يقال: يا خالق القردة والخنازير والخنافس والجعلان، وإن كان الله خالق كل شيء، بل يقال: إن الله خالق كل شيء، كما قال الله: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الزمر:62] لكن لا تخصص تنزيهاً لله، فالله خالق كل شيء، تقول: الله خالق كل شيء وخلق كل شيء، أما أن تخصص فتضيف خلق الأشياء التي لا تليق إلى الله، فهذا لا يجوز، بل ينزه الله عن ذلك، فلا يقال: يا خالق القردة والخنازير والكلاب والخنافس والجعلان، وهذه كلها خلقها الله ولا شك، لكن لا تضفها إلى الله تنزيهاً له بل أضفها مع جهة العموم ولا تخصصها.

وإن كان لا مخلوق إلا والرب خالقه، وفي ذلك ورد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح: (تباركت وتعاليت، والخير في يديك، والشر ليس إليك). يقول المؤلف: ومعناه والله أعلم: والشر ليس مما يضاف إليك إفراداً وقصداً، حتى يقال لك في المناداة: يا خالق الشر، أو يا مقدر الشر، وإن كان هو الخالق والمقدر لها جميعاً، هذا القول الأول.

والقول الثاني: أن معنى قوله في الحديث: (والشر ليس إليك) الشر المحض الذي لا حكمة في تقديره وإيجاده ولا خير فيه، فالشر المحض: هو الذي لا حكمة في تقديره، والشرور الموجودة في الدنيا شرور بالنسبة للعبد، فالكفر مثلاً شر نسبي بالنسبة للمخلوق، والمعصية شر نسبي، فهي شر بالنسبة إلى العبد الذي فعل الكفر فضره هذا الكفر وساءه، لكن بالنسبة إلى الله فإنه يضاف إليه إضافة خلق، فالله تعالى خلق الكفر لحكمة، فهي بالنسبة إلى الله خير، وبالنسبة إلى العبد شر، فالكفر الذي صدر من العبد بالنسبة إلى الله يضاف إليه إضافة الخلق، فقد خلقه لحكمة عظيمة يترتب عليها انقسام الناس إلى شقي وسعيد، ويترتب عليها قدرة الله على إيجاد المتضادات، ويترتب على الكفر أيضاً التوبة والمعصية، فالتوبة يترتب عليها عبودية الولاء والبراء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحب في الله والبغض في الله، فهذه مصالح عظيمة.

والله تعالى خلق الكفر لحكمة؛ فيكون خلق الكفر بالنسبة لله خير؛ لأنه مبني على الحكمة، وبالنسبة إلى العبد شر، فإذاً قوله: والشر ليس إليك، يعني: الشر المحض الذي لا حكمة في إيجاده وتقديره.

إذاً: كل الشرور الموجودة الآن في الدنيا نسبية فليس يوجد شر محض أبداً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والشر ليس إليك)، يعني: الشر المحض الذي لا حكمة في إيجاده وتقديره فهذا لا يوجد، وهذا هو الصواب، والمؤلف أتى بمعنى آخر، قال: (الشر ليس إليك)، أي: ليس مما يضاف إليك إفراداً وقصداً، لكن يضاف إلى الله مع غيره، أما أن يفرد الشر فهذا ممنوع وهما معنيان.

يقول المؤلف رحمه الله: ولذلك أضاف الخضر عليه الصلاة والسلام إرادة العيب إلى نفسه، فقال فيما أخبر الله تعالى عنه في قوله: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا [الكهف:79]، والشاهد أنه أضاف العيب إلى نفسه، فقال: أَعِيبَهَا ولم يضفه إلى الله.

ولما ذكر الخير والبر والرحمة أضاف إرادتها إلى الله عز وجل فقال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [الكهف:82]، فالشاهد قوله: فَأَرَادَ رَبُّكَ فأضاف الرحمة إليه، ولذلك قال مخبراً عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80] فأضاف المرض إلى نفسه، فقال: مَرِضْتُ ، وأضاف الشفاء إلى الله بقوله: فَهُوَ يَشْفِينِ وإن كان الجميع من الله.

إذاً: فالشر لا يضاف إلى الله، وإن كان الله خالق الخير والشر، ولكن يدخل في جملة المخلوقات التي قدرها الله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن مذهب أهل السنة والجماعة: أن الله عز وجل مريد لجميع أعمال العباد خيرها وشرها، ولم يؤمن أحد إلا بمشيئته، ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة، ولو شاء أن لا يعصى ما خلق إبليس، فكفر الكافرين وإيمان المؤمنين بقضائه سبحانه وتعالى وقدره وإرادته ومشيئته، أراد كل ذلك وشاءه وقضاه، ويرضى الإيمان والطاعة ويسخط الكفر والمعصية، قال الله عز وجل: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر:7] ].

هذه مسألة المشيئة والإرادة.

وعقيدة أهل السنة والجماعة أن الإرادة نوعان: إرادة قدرية خلقية كونية ترادف المشيئة، وإرادة دينية شرعية أمرية ترادف الرضا والمحبة.

إذاً: الإرادة عند أهل السنة والجماعة نوعان: النوع الأول: إرادة كونية خلقية قدرية. هذه عامة تشمل جميع الأشياء، وترادف المشيئة في قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125]، وقوله: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ [المائدة:1].

والنوع الثاني: إرادة دينية شرعية أمرية ترادف المحبة والرضا، كقوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، فهذه إرادة دينية شرعية، والفرق بين الإرادتين: أن الإرادة الكونية الخلقية لا يتخلف مقتضاها، وأما الإرادة الدينية الشرعية فقد تحصل وقد لا تحصل، فإذا أراد الله كوناً وقدراً من هذا العبد هذا الفعل فلا بد أن يفعله، وإذا أراد منه أن يموت فلابد أن يموت فلا يتخلف مراده.

أما الإرادة الدينية الشرعية فقد تحصل وقد لا تحصل، فالله تعالى أراد من العباد كلهم الإيمان والصلاح، لكن منهم من آمن ومنهم من لم يؤمن، فالدينية الشرعية قد يتخلف مرادها والكونية لا يتخلف مرادها. هذا الفرق الأول.

والفرق الثاني بين الإرادتين: أن الإرادة الكونية الخلقية والإرادة الدينية تجتمعان في حق المؤمن، وتنفرد الكونية في حق الكافر، فالله تعالى أراد الإيمان من أبي بكر كوناً وقدراً وديناً وشرعاً فوقع. وأراد الإيمان من أبي لهب ديناً وشرعاً ولكنه لم يرده كوناً وقدراً، فوقعت الإرادة الكونية، فاجتمعت الإرادتان في حق المؤمن المطيع، وانفردت الإرادة الكونية في حق الكافر والعاصي، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة.

أما أهل البدع فلهم مذهبان:

المذهب الأول: الجبرية من الأشاعرة والجهمية، قالوا: ليس هناك إلا إرادة واحدة، وهي إرادة كونية قدرية، وأنكروا الإرادة الدينية الشرعية، والمعتزلة والقدرية أثبتوا الإرادة الدينية والشرعية، وأنكروا الإرادة الكونية، فكان كل من الجبرية والقدرية يثبتون نوعاً واحداً من الإرادتين، وأهل السنة قسموا الإرادة إلى قسمين على حسب النصوص: إرادة كونية قدرية خلقية ترادف المشيئة، وإرادة دينية شرعية أمرية ترادف المحبة والرضا.

يقول المؤلف رحمه الله: وكذلك من مذهب أهل السنة والجماعة: أن الله عز وجل مريد لجميع أعمال العباد خيرها وشرها، فلم يؤمن أحد إلا بمشيئته، ولم يكفر أحد إلا بمشيئته، ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة لكن له الحكمة البالغة، فقسمهم إلى شقي وسعيد، قال تعالى: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا [يونس:99]، ولو شاء أن لا يعصى لما خلق إبليس، لكنه خلقه لحكمة يعلمها.

فكفر الكافرين، وإيمان المؤمنين، وإلحاد الملحدين، وتوحيد الموحدين، وطاعة المطيعين، ومعصية العاصين؛ كلها بقضائه سبحانه وقدره وإرادته ومشيئته وله الحكمة البالغة، فقد أراد كل ذلك وشاءه وقضاه، ويرضى الإيمان والطاعة، ويسخط الكفر والمعصية، قال الله: وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر:7]، وقال الله عز وجل: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر:7].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث: أن عواقب العباد مبهمة لا يدري أحد بم يختم له، ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار؛ لأن ذلك مغيب عنهم لا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان، ولذا يقولون: إنا مؤمنون إن شاء الله، أي: من المؤمنين الذين يختم لهم بخير إن شاء الله. ويشهدون لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة؛ فإن الذين سبق القضاء عليهم من الله أنهم يعذبون بالنار مدة بذنوبهم التي اكتسبوها، ولم يتوبوا منها؛ فإنهم يردون أخيراً إلى الجنة، ولا يبقى أحد في النار من المسلمين فضلاً من الله ومنة، ومن مات والعياذ بالله على الكفر فمرده إلى النار لا ينجو منها، ولا يكون لمقامه فيها منتهى ].

مرتبة عواقب العباد مبهمة، فلا أحد يدري ما يختم به له، ولهذا فإن أهل السنة والجماعة لا يشهدون لأحد بعينه أنه من أهل الجنة، أو من أهل النار إلا من شهدت له النصوص كالعشرة المبشرين بالجنة وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح ، فهؤلاء العشرة شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة فنشهد لهم بالجنة، وكذلك الحسن والحسين وابن عمر كذلك وعبد الله بن سلام وعكاشة بن محصن وغيره، وأهل بيعة الرضوان، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة). فمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة نشهد له بالجنة، ومن شهدت له النصوص بالنار نشهد له بالنار كـأبي لهب وأبي جهل ونشهد لعموم المؤمنين بأنهم في الجنة، ونشهد لعموم الكفار بأنهم في النار، أما الشخص المعين من المسلمين فلا نشهد له بالجنة، لكن نشهد له بالعموم، فالمؤمنون جميعاً في الجنة والكفار جميعاً في النار، أما فلان ابن فلان من أهل القبلة فلا نشهد له بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص، وفلان ابن فلان لا نشهد عليه بالنار إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر، كأن يكون يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً يعبد الأصنام والأوثان والحجة قائمة عليه، ومات على ذلك فإنا نشهد له بالكفر وبالنار، أما من لم تقم عليه الحجة، أو لم نعلم حاله فإننا نشهد عليه بالعموم، فنقول: كل كافر أو كل يهودي أو كل نصراني أو كل وثني أو كل منافق في النار، أما فلان ابن فلان فلا نشهد عليه إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر، وقامت عليه الحجة، وكذلك كل مؤمن في الجنة، أما فلان ابن فلان فلا نشهد له بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة، يعني: لا يدري أحد ما يختم لهذا، هل يختم له بالخير أو بالشر؟ ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، وينبغي أن يقيد كلام المؤلف هنا بقيد: إلا لمن شهدت له النصوص.

فنقول: ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل الجنة إلا لمن شهدت له النصوص؛ لأن ذلك مغيب عنهم فلا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان، أعلى الإسلام أم على الكفر؟ ولذلك يقول -يعني: المؤمن-: أنا مؤمن إن شاء الله، أي: من المؤمنين الذين يختم لهم بالخير إن شاء الله.

وكذلك أيضاً يقول المؤمن: أنا مؤمن إن شاء الله. إذا أراد أنه لا يزكي نفسه، وأنه لا يدري أنه أدى ما عليه؛ لأن شعب الإيمان متعددة، فلا يجزم بأنه أدى الواجبات وترك المحرمات، ولا يزكي نفسه بل يقول: أنا مؤمن إن شاء الله؛ لأنه لا يدري ما يختم له.

ويشهد أهل السنة والجماعة لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة. يعني: على العموم. فنقول: كل من مات على الإسلام فهو من أهل الجنة، وكل مؤمن فهو من أهل الجنة. أما شخص بعينه فلا يشهد له إلا لمن شهدت له النصوص.

قال المؤلف: فإن الذي سبق القضاء عليهم من الله أنهم يعذبون بالنار مدة بذنوبهم التي اكتسبوها ولم يتوبوا منها فإنهم يردون أخيراً إلى الجنة، ولا يبقى أحد في النار من المسلمين فضلاً منه ومنة. يعني: من مات على التوحيد ثم عذب بالنار فإنه يعذب فيها مدة ويخرج منها كما سبق إلى الجنة؛ لأنه مات على التوحيد والإسلام.

ثم قال: ومن مات -والعياذ بالله- على الكفر فمرده إلى النار لا ينجو منها، ولا يكون لمقامه فيها منتهى. لا تنفع فيه الشفاعة، ولا يدفع عنه عذاب الله أحد ولو أتى بملئ الأرض ذهباً، ولو اجتمع الخلق كلهم على أن ينقذوه من عذاب الله ما استطاعوا، ومن مات على الكفر فلا حيلة فيه، قال تعالى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48]، وقال سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37]، وقال سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167]، وقال سبحانه: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ [هود:106-107]، وقال سبحانه: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا [الإسراء:97].

فمن مات على الكفر الأكبر، أو النفاق الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو الظلم الأكبر وهو ظلم الكفر، أو الفسق الكبر وهو فسق الكفر، فلا حيلة فيه، وليس له شفاعة، ولا نصيب له في الرحمة، وهو آيس من رحمة الله، نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتوفنا على الإسلام وعلى التوحيد والإيمان غير مغيرين ولا مبدلين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [10] 2193 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [9] 2103 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [8] 2055 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [3] 1941 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [7] 1913 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [12] 1888 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [1] 1794 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [15] 1738 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [13] 1702 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [4] 1588 استماع