شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [9]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ويؤمنون بالحوض، والكوثر، وإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب، ومحاسبة فريق منهم حساباً يسيراً، وإدخالهم الجنة بغير سوء يمسهم، وعذاب يلحقهم، وإدخال فريق من مذنبيهم النار، ثم إعتاقهم وإخراجهم منها، وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إلى الجنة ولا يخلدون في النار، فأما الكفار فإنهم يخلدون فيها ولا يخرجون منها أبداً، ولا يترك الله فيها من عصاة أهل الإيمان أحداً ].

أي: إن أهل السنة والجماعة يؤمنون بالحوض والكوثر.

تعريف الحوض ووصفه

والحوض في اللغة معناه: مجمع الماء، والمراد به شرعاً: حوض لنبينا صلى الله عليه وسلم في موقف القيامة ترد عليه أمته عليه الصلاة والسلام.

وهذا الحوض جاءت الأحاديث بوصفه بأنه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأن طوله مسافة شهر، وأن عرضه مسافة شهر، وأوانيه التي يشرب به عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً حتى يدخل الجنة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الواردين عليه.

ويصب فيه ميزابان من نهر الكوثر من الجنة، والأحاديث في إثبات الحوض بلغت حد التواتر، والأحاديث التي بلغت حد التواتر ليست كثيرة، فأكثر الأحاديث أخبار آحاد لكن خبر الآحاد إذا صح، وكان الرواة عدول ضابطون، ولم يكن خبراً شاذاً ولا معللاً؛ فهو مقبول صحيح يعمل به في العقائد، وفي الأعمال، وفي كل شيء، ولكن أحاديث الحوض بلغت حد التواتر وكذلك وأحاديث المسح على الخفين وأحاديث الشفاعة، وحديث: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة).

وحديث: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) فهذه بلغت حد التواتر، وقد وردت الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما أنه يرد على حوض النبي صلى الله عليه وسلم أمته وأن النبي يتقدمه قال: (أنا فرطكم على الحوض). والفرط: هو السابق الذي يسبق ويتقدم القوم، وأنه يرد على النبي صلى الله عليه وسلم على الحوض أناس قد غيروا وبدلوا فيطردون ويذادون كما تذاد الإبل العطاش فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أصحابي أصحابي) ولهذا جاء في الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليردن علي أناس من أمتي أعرفهم ويعرفوني فإذا جاءوا اختلجوا دوني).

وفي لفظ: (فيذادون كما تذاد الإبل العطاش فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: أصحابي أصحابي).

وفي رواية: (أصيحابي أصيحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فيقول: سحقاً سحقاً لمن غير بعدي) سحقاً أي: بعداً.

قال العلماء: مثل الأعراب الذين لم يتمكن الإيمان في قلوبهم آمنوا وارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم أعمال أمته، ولهذا قال: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) وفيه الرد على من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، أو أن أعمال أمته تعرض عليه فكل هذا ليس بصحيح.

فيجب على المؤمن أن يؤمن بالحوض، والحوض على الصحيح قبل الميزان وقبل الصراط، وقوله رحمه الله تعالى: ويؤمنون بالحوض والكوثر، الحوض في موقف القيامة، والكوثر: نهر في الجنة يصب منه ميزابان في الحوض.

وقوله: وإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب)، ووصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: اللهم اجعله منهم -وفي لفظ- أنت منهم فقام رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبقك بها عكاشة).

وجاء في الحديث الآخر: أن النبي قال: (أعطاني مع كل ألف سبعين ألفاً بغير حساب).

وجاء في حديث آخر: (مع كل واحد سبعون ألفاً) لكنه حديث ضعيف.

وقوله: وكذلك فأهل السنة يؤمنون بإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب، ومحاسبة فريق منهم حساباً يسيراً، معناه: أن هناك قسم من الأمة يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.

وهناك قسم آخر: يحاسبون حساباً يسيراً، ثم يدخلون الجنة بغير سوء يمسهم وعذاب يلحقهم، والمراد بالحساب اليسير: هو العرض، وقد استشكلت عائشة رضي الله عنها لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقالت: عائشة قلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:7-8] ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك العرض وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب).

فالنبي صلى الله عليه وسلم فسر الحساب في الآية بأنه العرض: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:7-8] المراد بالحساب: العرض تعرض عليه أعماله ولا يناقش، أما من نوقش الحساب فإنه يعذب، وأما الذي تعرض عليه الأعمال عرضاً فإنه لا يعذب، فيكون الجمع بين الآية والحديث هو هذا، فالحديث: (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك).

والآية: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:7-8]، المراد بالحساب في الآية: العرض، والمراد بالحساب في الحديث: المناقشة، فمن نوقش الحساب عذب، وأما في الآية فإنه ليس فيه مناقشة وإنما فيه عرض.

تفاوت أهل الجنة في المنازل

وقوله: وإدخال فريق من مذنبيهم النار ثم إعتاقهم وإخراجهم منها، وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إليها. معناه: أن أهل الجنة طبقات:

الطبقة الأولى: يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ولا عرض نسأل الله الكريم من فضله.

الطبقة الثانية: من يحاسب حساباً يسيراً فيدخل الجنة بغير سوء ولا عذاب أيضاً، بمعنى أنها تعرض عليه أعماله.

الطبقة الثالثة: من يناقش الحساب ثم يعذب وهم موحدون، ولا بد أن يخرجوا من النار، ولهذا قال المؤلف:

وإدخال فريق من مذنبيهم النار، ثم إعتاقهم وإخراجهم منها وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إليها، ويعلمون حقاً يقيناً أن مذنبي الموحدين لا يخلدون في النار ولا يتركون فيها أبداً.

يعني: هؤلاء الذين يناقشون ويعذبون في النار لا يخلدون إذا ماتوا على التوحيد، فمن مات على التوحيد فهو من أهل الجنة، لكن من مات على توحيد خالص سالم من الكبائر فإنه يدخل الجنة من أول يوم فضلاً من الله تعالى وومنة منه سبحانه.

ومن مات على توحيد ملطخ بالكبائر فهو على خطر فقد يعفو الله عنه بتوحيده وإيمانه وإسلامه فيدخل الجنة من أول وهلة كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] وقد يعذب، ولكن إذا عذب فلن يخلد في النار، وإنما يعذب على قدر جرائمه، ومن كثرت جرائمه واشتد فحشه فإنه يطول مكثه في النار مثل القاتل، فقد أخبر الله أنه يخلد في النار والخلود هو المكث الطويل.

أقسام الخلود في النار

الخلود في النار خلودان:

خلود مؤمد له أمد ونهاية، وهو خلود العصاة.

وخلود مؤبد لا نهاية له، وهو خلود الكفار.

نسأل الله السلامة والعافية.

ولهذا قال المؤلف:

ويعلمون حقاً يقيناً أن مذنبي الموحدين لا يخلدون في النار ولا يتركون فيها أبداً، فأما الكفار فإنهم يخلدون فيها ولا يخرجون منها أبداً، والدليل: قول الله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37].

وقوله سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167] هؤلاء هم الكفار نعوذ بالله، لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا [النبأ:23] ثم قال المؤلف: ولا يترك الله فيها من عصاة أهل الإيمان أحداً.

فعصاة أهل الإيمان لا بد أن يخرجوا من النار ولو طال مكثهم خلافاً للخوارج والمعتزلة الذين يقولون بخلود العصاة في النار، وهذا من أبطل الباطل وهو من اعتقاد أهل البدع، فهم يقولون: إن العصاة يخلدون في النار مثل الكفرة، وهذا من أبطل الباطل.

والحوض في اللغة معناه: مجمع الماء، والمراد به شرعاً: حوض لنبينا صلى الله عليه وسلم في موقف القيامة ترد عليه أمته عليه الصلاة والسلام.

وهذا الحوض جاءت الأحاديث بوصفه بأنه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأن طوله مسافة شهر، وأن عرضه مسافة شهر، وأوانيه التي يشرب به عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً حتى يدخل الجنة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الواردين عليه.

ويصب فيه ميزابان من نهر الكوثر من الجنة، والأحاديث في إثبات الحوض بلغت حد التواتر، والأحاديث التي بلغت حد التواتر ليست كثيرة، فأكثر الأحاديث أخبار آحاد لكن خبر الآحاد إذا صح، وكان الرواة عدول ضابطون، ولم يكن خبراً شاذاً ولا معللاً؛ فهو مقبول صحيح يعمل به في العقائد، وفي الأعمال، وفي كل شيء، ولكن أحاديث الحوض بلغت حد التواتر وكذلك وأحاديث المسح على الخفين وأحاديث الشفاعة، وحديث: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة).

وحديث: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) فهذه بلغت حد التواتر، وقد وردت الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما أنه يرد على حوض النبي صلى الله عليه وسلم أمته وأن النبي يتقدمه قال: (أنا فرطكم على الحوض). والفرط: هو السابق الذي يسبق ويتقدم القوم، وأنه يرد على النبي صلى الله عليه وسلم على الحوض أناس قد غيروا وبدلوا فيطردون ويذادون كما تذاد الإبل العطاش فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أصحابي أصحابي) ولهذا جاء في الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليردن علي أناس من أمتي أعرفهم ويعرفوني فإذا جاءوا اختلجوا دوني).

وفي لفظ: (فيذادون كما تذاد الإبل العطاش فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: أصحابي أصحابي).

وفي رواية: (أصيحابي أصيحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فيقول: سحقاً سحقاً لمن غير بعدي) سحقاً أي: بعداً.

قال العلماء: مثل الأعراب الذين لم يتمكن الإيمان في قلوبهم آمنوا وارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم أعمال أمته، ولهذا قال: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) وفيه الرد على من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، أو أن أعمال أمته تعرض عليه فكل هذا ليس بصحيح.

فيجب على المؤمن أن يؤمن بالحوض، والحوض على الصحيح قبل الميزان وقبل الصراط، وقوله رحمه الله تعالى: ويؤمنون بالحوض والكوثر، الحوض في موقف القيامة، والكوثر: نهر في الجنة يصب منه ميزابان في الحوض.

وقوله: وإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً بغير حساب ولا عذاب)، ووصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: اللهم اجعله منهم -وفي لفظ- أنت منهم فقام رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبقك بها عكاشة).

وجاء في الحديث الآخر: أن النبي قال: (أعطاني مع كل ألف سبعين ألفاً بغير حساب).

وجاء في حديث آخر: (مع كل واحد سبعون ألفاً) لكنه حديث ضعيف.

وقوله: وكذلك فأهل السنة يؤمنون بإدخال فريق من الموحدين الجنة بغير حساب، ومحاسبة فريق منهم حساباً يسيراً، معناه: أن هناك قسم من الأمة يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.

وهناك قسم آخر: يحاسبون حساباً يسيراً، ثم يدخلون الجنة بغير سوء يمسهم وعذاب يلحقهم، والمراد بالحساب اليسير: هو العرض، وقد استشكلت عائشة رضي الله عنها لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقالت: عائشة قلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:7-8] ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك العرض وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب).

فالنبي صلى الله عليه وسلم فسر الحساب في الآية بأنه العرض: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:7-8] المراد بالحساب: العرض تعرض عليه أعماله ولا يناقش، أما من نوقش الحساب فإنه يعذب، وأما الذي تعرض عليه الأعمال عرضاً فإنه لا يعذب، فيكون الجمع بين الآية والحديث هو هذا، فالحديث: (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك).

والآية: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:7-8]، المراد بالحساب في الآية: العرض، والمراد بالحساب في الحديث: المناقشة، فمن نوقش الحساب عذب، وأما في الآية فإنه ليس فيه مناقشة وإنما فيه عرض.

وقوله: وإدخال فريق من مذنبيهم النار ثم إعتاقهم وإخراجهم منها، وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إليها. معناه: أن أهل الجنة طبقات:

الطبقة الأولى: يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ولا عرض نسأل الله الكريم من فضله.

الطبقة الثانية: من يحاسب حساباً يسيراً فيدخل الجنة بغير سوء ولا عذاب أيضاً، بمعنى أنها تعرض عليه أعماله.

الطبقة الثالثة: من يناقش الحساب ثم يعذب وهم موحدون، ولا بد أن يخرجوا من النار، ولهذا قال المؤلف:

وإدخال فريق من مذنبيهم النار، ثم إعتاقهم وإخراجهم منها وإلحاقهم بإخوانهم الذين سبقوهم إليها، ويعلمون حقاً يقيناً أن مذنبي الموحدين لا يخلدون في النار ولا يتركون فيها أبداً.

يعني: هؤلاء الذين يناقشون ويعذبون في النار لا يخلدون إذا ماتوا على التوحيد، فمن مات على التوحيد فهو من أهل الجنة، لكن من مات على توحيد خالص سالم من الكبائر فإنه يدخل الجنة من أول يوم فضلاً من الله تعالى وومنة منه سبحانه.

ومن مات على توحيد ملطخ بالكبائر فهو على خطر فقد يعفو الله عنه بتوحيده وإيمانه وإسلامه فيدخل الجنة من أول وهلة كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] وقد يعذب، ولكن إذا عذب فلن يخلد في النار، وإنما يعذب على قدر جرائمه، ومن كثرت جرائمه واشتد فحشه فإنه يطول مكثه في النار مثل القاتل، فقد أخبر الله أنه يخلد في النار والخلود هو المكث الطويل.

الخلود في النار خلودان:

خلود مؤمد له أمد ونهاية، وهو خلود العصاة.

وخلود مؤبد لا نهاية له، وهو خلود الكفار.

نسأل الله السلامة والعافية.

ولهذا قال المؤلف:

ويعلمون حقاً يقيناً أن مذنبي الموحدين لا يخلدون في النار ولا يتركون فيها أبداً، فأما الكفار فإنهم يخلدون فيها ولا يخرجون منها أبداً، والدليل: قول الله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37].

وقوله سبحانه: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167] هؤلاء هم الكفار نعوذ بالله، لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا [النبأ:23] ثم قال المؤلف: ولا يترك الله فيها من عصاة أهل الإيمان أحداً.

فعصاة أهل الإيمان لا بد أن يخرجوا من النار ولو طال مكثهم خلافاً للخوارج والمعتزلة الذين يقولون بخلود العصاة في النار، وهذا من أبطل الباطل وهو من اعتقاد أهل البدع، فهم يقولون: إن العصاة يخلدون في النار مثل الكفرة، وهذا من أبطل الباطل.