شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [15]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإحدى علامات أهل السنة حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها وأوليائها، وبغضهم لأئمة البدع الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة فضلاً منه جل جلاله ومنة ].

حب أهل الحق وذكر بعض أسمائهم

هذه من علامات أهل السنة: أنهم يحبون أئمة السنة وعلماءها وأنصارها، ويبغضون أهل البدع، وإذا رأيت الرجل يحب أهل السنة، ويحب الأئمة العلماء كالإمام أحمد والبخاري والشافعي ومالك وأبي حنيفة وسفيان الثوري وابن عيينة ، وغيرهم من أهل الحديث، فهذا دليل على أنه من أهل السنة، وإذا رأيت قوماً يبغضون أئمة البدع الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، فاعلم أنهم من أهل السنة، فإن الله تعالى زين قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة، فضلاً منه وإحساناً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ أسكنه الله وإيانا الجنة، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل المزكى قال: حدثنا أحمد بن سلمة ، قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، والأوزاعي ، وشعبة ، وابن المبارك ، وأبا الأحوص ، وشريك ، ووكيع ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ، فاعلم أنه صاحب سنة.

قال أحمد بن سلمة رحمه الله، فألحقت بخطي تحته، ويحيى بن يحيى ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، فلما انتهى إلى هذا الموضع، نظر إلينا أهل نيسابور، وقال: هؤلاء القوم يبغضون يحيى بن يحيى ، فقلنا له: يا أبا رجاء ! ما يحيى بن يحيى ؟ قال: رجل صالح إمام المسلمين، وإسحاق بن إبراهيم إمام، وأحمد بن حنبل أكبر من سميتهم كلهم.

وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكرهم قتيبة رحمه الله أن من أحبهم فهو صاحب سنة، من أئمة الحديث الذين بهم يقتدون وبهديهم يهتدون ومن جملتهم ومتبعيهم وشيعتهم أنفسهم يعدون ].

هذا الأثر رواه الحاكم رحمه الله وهو أنه إذا رأيت الرجل يحب هؤلاء المحدثين، وهؤلاء الأئمة، فاعلم أنه صاحب سنة، وهم: سفيان الثوري المحدث المشهور، واسمه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ومالك بن أنس وهو الإمام المشهور إمام دار الهجرة، والأوزاعي وشعبة وعبد الله بن المبارك الإمام المشهور وأبو الأحوص ، وشريك ووكيع ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ؛ لأن هؤلاء أئمة الحديث.

وألحق أحمد بن سلمة بخطه أئمة آخرين، وهم يحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه

قال أبو عثمان : أنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكر قتيبة رحمه الله، فمن أحبهم فهو صاحب سنة، لأنهم من أئمة الحديث، الذين بهم يقتدون، وبهديهم يهتدون، ومن جملتهم وشيعتهم أنفسهم يعدون.

يعني: أن من أحب أنصار السنة أهل الحديث، والأئمة والعلماء، فهذا دليل على إيمانه وتقواه وأنه من أهل السنة، وإذا كان يبغض هؤلاء ويحب أهل البدع فهذا دليل على أنه من أهل البدع، وكذلك من يحب الدعاة وأهل الخير والعلماء والمصلحين والأئمة في القديم والحديث فهذا دليل على أنه من أهل السنة، ودليل على إيمانه وتقواه، ومن أبغض أهل الحديث وأهل الخير والدعاة والمصلحين والأئمة فهذا دليل على نفاقه، وقد جاء في الحديث: (حب الأنصار إيمان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان)، فعلامة الإيمان حب الأنصار، وعلامة النفاق بغض الأنصار، والأنصار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هم الأوس والخزرج، وكذلك أنصار دين الله في كل زمان، فمحبتهم دليل على الإيمان، وبغضهم دليل على الكفر.

فالذي يبغض أنصار دين الله من الدعاة والمصلحين والأئمة والعلماء في كل زمان، فهذا دليل على النفاق، والذي يحب الأنصار والدعاة إلى الله، والمصلحين، وأهل الحق، وأهل السنة والجماعة، فهذا دليل على إيمانه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي اتباعهم آثارهم يجدون جماعة آخرين، منهم محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الإمام المقدم والسيد المعظم، العظيم المنة على أهل الإسلام والسنة، الموفق الملقن الملهم المسدد، الذي عمل في دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من النصر لهما والذب عنهما، ما لم يعمله أحد من علماء عصره ومن بعدهم].

وهذه الأوصاف للإمام الشافعي غير موجودة في النسخة التي معنا، بل عندنا الإمام الشافعي محمد بن إدريس الشافعي فقط، والمؤلف رحمه الله شافعي المذهب، وإلا فإن الإمام أحمد كذلك وقف موقفاً عظيماً في محنة المعتزلة ولم يفعل هذا أحد قبله ولا بعده، وكلام المؤلف هنا كان من ميله للشافعي ؛ لأن الصابوني رحمه الله شافعي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومنهم الذين كانوا قبل الشافعي رحمه الله، كـسعيد بن جبير والزهري والشعبي والتيمي ومن بعدهم، كـالليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد ويونس بن عبيد وأيوب وابن عوف ونظرائهم ومن بعدهم مثل يزيد بن هارون وعبد الرزاق وجرير بن عبد الحميد، ومن بعدهم مثل محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري وأبي داود السجستاني وأبي زرعة الرازي وأبي حاتم وابنه ومحمد بن مسلم بن واره ومحمد بن أسلم الطوسي وعثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة الذي كان يدعى: إمام الأئمة، ولعمري كان إمام الأئمة في عصره ووقته ].

ينبغي أن يقيد إمام الأئمة بقوله: في عصره كما قاله المؤلف؛ لأن إمام الأئمة بالإطلاق هو الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن قد يقال لإمام ما بأنه إمام الأئمة في عصره وزمانه، كما يسمى محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة في عصره.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وأبي يعقوب إسحاق بن إسماعيل البستي والحسن بن سفيان النسوي وجدي -من قبل أبي- أبي سعيد يحيى بن منصور الزاهد الهروي وعدي بن حمدويه الصابوني ، وولديه سيفي السنة أبي عبد الله الصابوني وأبي عبد الرحمن الصابوني ، وغيرهم من أئمة السنة الذين كانوا متمسكين بها ناصرين لها داعين إليها موالين عليها ].

وهؤلاء الأئمة كلهم من أئمة أهل الحديث، وكلهم علماء أجلة، وكلهم لهم جهود مشكورة في مناصرة السنة ومحاربة البدعة، فمحبتهم دليل على الإيمان، وبغضهم دليل على النفاق.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني ، وجرير بن عبد الحميد الضبي وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم بعضاً، بل أجمعوا عليها كلها، واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم ].

قول المؤلف رحمه الله [ وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء ] يعني: في هذه الرسالة (عقيدة السلف وأصحاب الحديث) وهؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم كلهم يعتقدون ما في هذه الرسالة التي ذكرتها، لا يخالف بعضهم فيها، بل أجمعوا عليها، ولم يثبت عن أحد منهم ما يضادها، واتفقوا مع هذا على قهر أهل البدع وإذلالهم واخزائهم وإبعادهم وهجرهم.

هذه من علامات أهل السنة: أنهم يحبون أئمة السنة وعلماءها وأنصارها، ويبغضون أهل البدع، وإذا رأيت الرجل يحب أهل السنة، ويحب الأئمة العلماء كالإمام أحمد والبخاري والشافعي ومالك وأبي حنيفة وسفيان الثوري وابن عيينة ، وغيرهم من أهل الحديث، فهذا دليل على أنه من أهل السنة، وإذا رأيت قوماً يبغضون أئمة البدع الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، فاعلم أنهم من أهل السنة، فإن الله تعالى زين قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة، فضلاً منه وإحساناً.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ أسكنه الله وإيانا الجنة، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن الفضل المزكى قال: حدثنا أحمد بن سلمة ، قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، والأوزاعي ، وشعبة ، وابن المبارك ، وأبا الأحوص ، وشريك ، ووكيع ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ، فاعلم أنه صاحب سنة.

قال أحمد بن سلمة رحمه الله، فألحقت بخطي تحته، ويحيى بن يحيى ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، فلما انتهى إلى هذا الموضع، نظر إلينا أهل نيسابور، وقال: هؤلاء القوم يبغضون يحيى بن يحيى ، فقلنا له: يا أبا رجاء ! ما يحيى بن يحيى ؟ قال: رجل صالح إمام المسلمين، وإسحاق بن إبراهيم إمام، وأحمد بن حنبل أكبر من سميتهم كلهم.

وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكرهم قتيبة رحمه الله أن من أحبهم فهو صاحب سنة، من أئمة الحديث الذين بهم يقتدون وبهديهم يهتدون ومن جملتهم ومتبعيهم وشيعتهم أنفسهم يعدون ].

هذا الأثر رواه الحاكم رحمه الله وهو أنه إذا رأيت الرجل يحب هؤلاء المحدثين، وهؤلاء الأئمة، فاعلم أنه صاحب سنة، وهم: سفيان الثوري المحدث المشهور، واسمه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ومالك بن أنس وهو الإمام المشهور إمام دار الهجرة، والأوزاعي وشعبة وعبد الله بن المبارك الإمام المشهور وأبو الأحوص ، وشريك ووكيع ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الرحمن بن مهدي ؛ لأن هؤلاء أئمة الحديث.

وألحق أحمد بن سلمة بخطه أئمة آخرين، وهم يحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه

قال أبو عثمان : أنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكر قتيبة رحمه الله، فمن أحبهم فهو صاحب سنة، لأنهم من أئمة الحديث، الذين بهم يقتدون، وبهديهم يهتدون، ومن جملتهم وشيعتهم أنفسهم يعدون.

يعني: أن من أحب أنصار السنة أهل الحديث، والأئمة والعلماء، فهذا دليل على إيمانه وتقواه وأنه من أهل السنة، وإذا كان يبغض هؤلاء ويحب أهل البدع فهذا دليل على أنه من أهل البدع، وكذلك من يحب الدعاة وأهل الخير والعلماء والمصلحين والأئمة في القديم والحديث فهذا دليل على أنه من أهل السنة، ودليل على إيمانه وتقواه، ومن أبغض أهل الحديث وأهل الخير والدعاة والمصلحين والأئمة فهذا دليل على نفاقه، وقد جاء في الحديث: (حب الأنصار إيمان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان)، فعلامة الإيمان حب الأنصار، وعلامة النفاق بغض الأنصار، والأنصار في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هم الأوس والخزرج، وكذلك أنصار دين الله في كل زمان، فمحبتهم دليل على الإيمان، وبغضهم دليل على الكفر.

فالذي يبغض أنصار دين الله من الدعاة والمصلحين والأئمة والعلماء في كل زمان، فهذا دليل على النفاق، والذي يحب الأنصار والدعاة إلى الله، والمصلحين، وأهل الحق، وأهل السنة والجماعة، فهذا دليل على إيمانه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي اتباعهم آثارهم يجدون جماعة آخرين، منهم محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الإمام المقدم والسيد المعظم، العظيم المنة على أهل الإسلام والسنة، الموفق الملقن الملهم المسدد، الذي عمل في دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من النصر لهما والذب عنهما، ما لم يعمله أحد من علماء عصره ومن بعدهم].

وهذه الأوصاف للإمام الشافعي غير موجودة في النسخة التي معنا، بل عندنا الإمام الشافعي محمد بن إدريس الشافعي فقط، والمؤلف رحمه الله شافعي المذهب، وإلا فإن الإمام أحمد كذلك وقف موقفاً عظيماً في محنة المعتزلة ولم يفعل هذا أحد قبله ولا بعده، وكلام المؤلف هنا كان من ميله للشافعي ؛ لأن الصابوني رحمه الله شافعي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومنهم الذين كانوا قبل الشافعي رحمه الله، كـسعيد بن جبير والزهري والشعبي والتيمي ومن بعدهم، كـالليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد ويونس بن عبيد وأيوب وابن عوف ونظرائهم ومن بعدهم مثل يزيد بن هارون وعبد الرزاق وجرير بن عبد الحميد، ومن بعدهم مثل محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري وأبي داود السجستاني وأبي زرعة الرازي وأبي حاتم وابنه ومحمد بن مسلم بن واره ومحمد بن أسلم الطوسي وعثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة الذي كان يدعى: إمام الأئمة، ولعمري كان إمام الأئمة في عصره ووقته ].

ينبغي أن يقيد إمام الأئمة بقوله: في عصره كما قاله المؤلف؛ لأن إمام الأئمة بالإطلاق هو الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن قد يقال لإمام ما بأنه إمام الأئمة في عصره وزمانه، كما يسمى محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة في عصره.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وأبي يعقوب إسحاق بن إسماعيل البستي والحسن بن سفيان النسوي وجدي -من قبل أبي- أبي سعيد يحيى بن منصور الزاهد الهروي وعدي بن حمدويه الصابوني ، وولديه سيفي السنة أبي عبد الله الصابوني وأبي عبد الرحمن الصابوني ، وغيرهم من أئمة السنة الذين كانوا متمسكين بها ناصرين لها داعين إليها موالين عليها ].

وهؤلاء الأئمة كلهم من أئمة أهل الحديث، وكلهم علماء أجلة، وكلهم لهم جهود مشكورة في مناصرة السنة ومحاربة البدعة، فمحبتهم دليل على الإيمان، وبغضهم دليل على النفاق.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني ، وجرير بن عبد الحميد الضبي وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم بعضاً، بل أجمعوا عليها كلها، واتفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع، وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم، والتباعد منهم، ومن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرب إلى الله عز وجل بمجانبتهم ومهاجرتهم ].

قول المؤلف رحمه الله [ وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء ] يعني: في هذه الرسالة (عقيدة السلف وأصحاب الحديث) وهؤلاء الأئمة الذين ذكرتهم كلهم يعتقدون ما في هذه الرسالة التي ذكرتها، لا يخالف بعضهم فيها، بل أجمعوا عليها، ولم يثبت عن أحد منهم ما يضادها، واتفقوا مع هذا على قهر أهل البدع وإذلالهم واخزائهم وإبعادهم وهجرهم.

قال الراوي عنه: [ قال الأستاذ الإمام رحمه الله: وأنا بفضل الله عز وجل متبع لآثارهم، مستضيء بأنوارهم، ناصح لإخواني وأصحابي أن لا يزيغوا عن منارهم، ولا يتبعوا غير أقوالهم، ولا يشتغلوا بهذه المحدثات من البدع، التي اشتهرت فيما بين المسلمين، وظهرت وانتشرت، ولو جرت واحدة منها على لسان واحد في عصر أولئك الأئمة لهجروه وبدعوه، ولكذبوه وأصابوه بكل سوء ومكروه، ولا يغرن إخواني -حفظهم الله- كثرة أهل البدع ووفور عددهم، فإن وفور أهل الباطل وقلة عدد أهل الحق من علامات اقتراب يوم الحق؛ فإن ذلك من أمارات اقتراب الساعة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن من علامات الساعة واقترابها أن يقل العلم ويكثر الجهل)، والعلم: هو السنة، والجهل: هو البدعة، ومن تمسك اليوم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

قال صلى الله عليه وسلم: (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله) ].

والأستاذ الإمام هو الصابوني ، والذي يقول: قال الإمام هو الراوي الذي روى عنه، وذكر أنه قال: أنا متبع لآثار الأئمة الذين ذكرت، مستضيء بأنوارهم، وأنصح إخواني أن يتبعوا أهل السنة والجماعة، ولا يشتغلوا بالمحدثات من البدع التي ظهرت وانتشرت، فإن هذه البدع لو جرت وظهرت في عصر أولئك الأئمة، كعصر الإمام أحمد والشافعي لهجروا صاحبها وبدعوه وكذبوه وأصابوه بكل سوء ومكروه، ولا يغرن إخواني -حفظهم الله- كثرة أهل البدع ووفور عددهم، فلا تغتر بكثرة أهل البدع، وكثرة العصاة، فإن كثرة أهل البدع وكثرة العصاة هو دليل على قرب قيام الساعة؛ لأنه في آخر الزمان تكثر البدع وتنتشر، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه ومسلم أيضاً وغيرهما: (إن من علامات الساعة أن يقل العلم، ويكثر الجهل، ويقل الرجال، وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد).

والعلم هو السنة، والجهل هو البدعة.

وجاء في الحديث الآخر قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها)، يعني: في آخر الزمان، هذا الحديث متفق عليه أخرجه الشيخان وغيرهما.

وفي الحديث الآخر: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله)، وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، وهذا في آخر الزمان، فلا تقوم الساعة إلا بعد قبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، حتى لا يبقى فيها إلا الكفرة، لا يعرفون الله، ولا يذكرونه، فعليهم تقوم الساعة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن تمسك اليوم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمل بها، واستقام عليها ودعا إليها، كان أجره أوفر وأكثر من أجر من جرى على هذا الجملة في أوائل الإسلام والملة، إذ الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: (له أجر خمسين، فقيل: خمسين منهم؟ قال: بل منكم)، وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك لمن يعمل بسنته عند فساد أمته.

قال أبو عثمان : وجدت في كتاب الشيخ الإمام جدي أبي عبد الله محمد بن عدي بن حمدويه الصابوني رحمه الله، قال: أخبرنا أبو العباس الحسن بن سفيان النسوي أن العباس بن صبيح حدثهم قال: حدثنا عبد الجبار بن مظاهر قال: حدثني معمر بن راشد قال: سمعت ابن شهاب الزهري يقول: تعليم سنة أفضل من عبادة مائتي سنة ].

يعني: أن المتمسك بالسنة عند الفساد وعند ظهور البدع أجره مضاعف، ويدل على هذا حديث: (من تمسك بسنتي عند فساد أمتي كان له أجر خمسين، فقالوا: يا رسول الله! خمسين منا أو منهم، قال: منكم)، وفي اللفظ الآخر: (تجدون على الخير عوناً، ولا يجدون على الخير عوناً).

وجاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وصححه الألباني ، وفي لفظ الترمذي : (إن من ورائكم أيام الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم، قيل: يا رسول الله! أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: بل أجر خمسين منكم)، والمعنى أنه يعطى أجر خمسين من الصحابة في هذا المسألة، وهي التمسك بالسنة، وليس معنى ذلك: أنه أفضل من الصحابة؛ لأن الصحابة لهم مزية الصحبة ولا يلحقهم من بعدهم فيها، ولهم مزية الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم وتبليغ الدين، وهذه لا يلحقهم فيها من بعدهم إلى يوم القيامة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تجدون على الخير عوناً، ولا يجدون على الخير عوناً)، والقاعدة عند أهل العلم تقول: إن المزية الخاصة لا تقضي على الفضائل العامة، وفضيلة التمسك فضيلة واحدة، لكن الصحابة لهم فضائل كثيرة، مثل مزية موسى أنه أول من يحشر يوم القيامة، ومع ذلك فنبينا صلى الله عليه وسلم أفضل منه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من أفيق، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، ولا أدري أفاق قبلي أم بعدي)، وهذه منقبة خاصة لموسى، والمناقب الخاصة لا تقضي على المناقب العامة، فليس معنى ذلك أنه أفضل من نبينا صلى الله عليه وسلم.

وأثر الزهري : تعليم السنة أفضل من عبادة مائتي سنة، يقول المحقق: ورد في الآثار بمعنى هذا، منها: قول الزهري : ما عبد الله بمثل الفقه.

وقول الشافعي : طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة. وهذا صحيح، فإن طلب العلم أفضل من الصلاة النافلة، وأفضل من قيام الليل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: سمعت محمد بن حاتم المظفري يقول: سمعت عمر بن محمد يقول: كان أبو معاوية الضرير يحدث هارون الرشيد ، فحدثه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه: احتج آدم وموسى، فقال عيسى بن جعفر: كيف هذا وبين وآدم وموسى ما بينهما؟! قال: فوثب به هارون وقال: يحدثك عن الرسول صلى الله عليه وسلم وتعارضه بكيف؟! قال: فما زال يقول حتى سكت عنه، قال: هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد -رحمه الله- مع من اعترض على الخبر الصحيح الذي سمعه بكيف؟! على طريق الإنكار له والاستبعاد له، ولم يتلقه بالقبول كما يجب أن يتلقى جميع ما يرد من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ].

وهذه القصة فيها أن أبا معاوية يحدث هارون الرشيد بالحديث المشهور: (احتج آدم وموسى)، وهو الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فلماذا أخرجت نفسك من الجنة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أما وجدت كتب علي (وعصى آدم ربه) قبل أن أخلق بأربعين سنة؟ قال: نعم، قال: النبي صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى) يعني: غلبه بالحجة.

فلما حدث أبو معاوية بهذا الحديث، قال رجل عنده: كيف هذا وبين آدم وموسى ما بينهما من المسافة؟ فوثب عليه هارون الرشيد أمير المؤمنين وأنكر عليه، وقال: يحدثك عن رسول الله وتعارضه بكيف؟! فما زال يقول: يحدثك عن رسول الله وتعارضه بكيف؟! حتى سكت.

يقول المؤلف رحمه الله الصابوني : [ هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا الطريق الذي سلكه هارون الرشيد رحمه الله ]، فإنه أنكر على هذا، وقال: كيف تعترض على الخبر الصحيح الذي تسمعه بكيف؟! على طريق الإنكار له والابتعاد عنه، ولم يتلقه بالقبول، كما يجب أن يتلقى جميع ما يرد من الرسول صلى الله عليه وسلم.

فهكذا ينبغي للمسلم أن يعظم السنة ولا يعترض عليها.

وهذه القصة تدل على أن هارون الرشيد كان من الصالحين، المحقق يقول: هذا والله مقام أميري.

فـهارون الرشيد ذب عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وحمل على أهل البدع والأهواء ممن يشككون فيها، فهذا هو المقام الذي يليق بـهارون الرشيد ، لا ذلك المقام الذي وضعه فيه ذلك الشيعي الخبيث أبو الفرج الأصفهاني صاحب (كتاب الأغاني) من أنه معاقر للخمر معاشر للنساء غارق في الملذات، ومن أراد أن يعرف هارون الرشيد فليرجع إلى سيرته في كتب التاريخ الإسلامي، لا في كتب الأشعار والأغاني، فقد جاء في تاريخ الطبري ، وفي مقدمة ابن خلدون : أن هارون الرشيد كان يصلي في كل يوم مائة ركعة، وأنه كان يحج عاماً ويغزو عاماً، ومن راجع سيرته عرف فضله وعلمه وزهده وعدله وخشيته لله عز وجل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ جعلنا الله سبحانه من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويتمسكون في دنياهم مدة حياتهم بالكتاب والسنة، وجنبنا الأهواء المضلة، والآراء المضمحلة، والأهواء المذلة فضلاً منه ومنة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ].

نسأل أن يتقبل دعوة المؤلف، ونسأل الله أن يرزقنا التمسك بسنته، ونسأله أن يثبتنا على دين الإسلام حتى الممات، وأن يعيذنا من البدع والأهواء المضلة، وبهذا نكون انتهينا من هذه الرسالة المباركة في تسع جلسات.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [10] 2190 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [9] 2100 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [8] 2052 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [3] 1937 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [7] 1893 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [12] 1882 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [1] 1792 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [13] 1699 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [4] 1584 استماع
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني [6] 1545 استماع