شرح العقيدة التدمرية [10]


الحلقة مفرغة

صنفا الناس في المراد بظاهر النصوص من عدمه

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ القاعدة الثالثة: إذا قال القائل: ظاهر النصوص مراد أو ظاهرها ليس بمراد ].

قبل أن نبدأ التفصيل لابد أن نفهم ما معنى ظاهر النصوص؟ وما معنى كونه مراداً أو غير مراد؟ مع أن الشيخ قد فسر بما فيه الكفاية، لكن أريد أن أشير إلى الفلسفة التي عند أصحاب هذا القول قبل أن نشرع في الرد عليه، فالذين قالوا: ظاهر النصوص مراد، أو غير مراد هم صنفان:

الأول: المشبهة، وهم أوائل الرافضة، ثم مع الجدال معهم والمراء، وكثرة جدالهم للجهمية والمعتزلة تحولوا إلى مؤولة ومعطلة، لكن المهم أنهم زعموا أن ظاهر النصوص مراد ويقصدون غير ما يقصده السلف، فيقصدون بظاهر نصوص الصفات مراد: أنهم يفهمون التجسيم والتشبيه لله تعالى، فالظاهر ما يتبادر إلى الذهن مما هو معلوم في عالم الشهادة، فإذا جاء ذكر اليد أو الوجه أو العين أو الاستواء أو نحو ذلك تبادر إلى أذهانهم المعنى المعهود، والشكل المعهود مما يحسونه بحواسهم، فلذلك شبهوا الله في خلقه.

الثاني: هم الذين قالوا: بأن الظاهر غير مراد، وهؤلاء مروا بمرحلتين: مرحلة تصور التشبيه، فاستبشعوها فقالوا: إذاً ظاهر النصوص غير مراد، ويقصدون بظاهر النصوص: ما قصده المشبهة من نفي التشبيه، لكنهم أدخلوا في ظاهر النصوص الحقائق اللائقة بالله عز وجل، فزعموا أنها تدخل في مفهوم ظاهر النصوص، وهذا خطأ.

إذاً: ممكن أن ينشأ القول الحق بين القولين، وهو أنه يجوز أن يقال: إن ظاهر نصوص الشرع في أسماء الله وصفاته وأفعاله مراد إذا قصدنا بظاهر النصوص الحقائق اللائقة بالله، لا للتشبيه، وعلى هذا حين تصبح كلمة: (ظاهر النصوص) من الكلمات المجملة التي لابد فيها من التفصيل، يقال لمن قالها: إن قصدت بظاهر النصوص: الحقائق، فهذا لا شك أنه ظاهر من النصوص، وحق يليق بالله عز وجل، والله ليس كمثله شيء، والتشبيه منفي، وإن قصدت بظاهر النصوص: المشابهة، وتمثيل الله بخلقه، فهذا باطل قطعاً، وليس هو مراد في كلام الله عز وجل؛ لأن الله نفى وقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، وقال: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، وقال سبحانه: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]، فهذا النفي يدل على أن الظاهر الذي هو التشبيه غير مراد، ولا شك أن الظاهر الذي هو الحقيقة أنه مراد؛ لأن الله عز وجل خاطبنا بالقرآن، والقرآن قد جاء بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:195]، أي: موضح غير ملبس.

فإذاً: لابد أن تكون ظواهر النصوص مرادة على ما يليق بجلال الله عز وجل، والمراد بذلك الحقائق.

لفظ الظاهر فيه إجمال واشتراك

قال رحمه الله تعالى: [ فإنه يقال: لفظ (الظاهر) فيه إجمال واشتراك، فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين، أو ما هو من خصائصهم، فلا ريب أن هذا غير مراد.

ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرها، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفراً وباطلاً، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه لا يظهر منه إلا ما هو كفر أو ضلال.

والذين يجعلون ظاهرها ذلك يغلطون من وجهين ].

قوله: (ظاهرها ذلك) يعني: الذين يجعلون ظاهرها التشبيه والتمثيل يغلطون من وجهين.

قال رحمه الله: [تارة يجعلون المعنى الفاسد ظاهر اللفظ، حتى يجعلوه محتاجاً إلى تأويل يخالف الظاهر، ولا يكون كذلك.

وتارة يردون المعنى الحق الذي هو ظاهر اللفظ، لاعتقادهم أنه باطل.

فالأول: كما قالوا في قوله: (عبدي جعت فلم تطعمني) الحديث، وفى الأثر الآخر: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه أو قبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه)، وقوله: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن) ].

فحديث: (الحجر الأسود...) الراجح أنه لا يصح، لكنه مرفوع عن ابن عباس ، وعلى هذا فإنه يؤتى به من باب عضد الأدلة، لا من باب الاستدلال المستقل، حيث إن الأدلة قبله وبعده كافية؛ لأنها وردت في الصحاح.

الكلام على حديث: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض) وأمثاله

قال رحمه الله تعالى: [ وقوله: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن).

فقالوا: قد علم أن ليس في قلوبنا أصابع الحق.

فيقال لهم: لو أعطيتم النصوص حقها من الدلالة لعلمتم أنها لم تدل إلا على حق.

أما الواحد فقوله: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه) صريح في أن الحجر الأسود ليس هو صفة لله ولا هو نفس يمينه؛ لأنه قال: (يمين الله في الأرض)، وقال: (فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه)، ومعلوم أن المشبه غير المشبه به ].

لا يقصد بيمين الله ما يقصد بها على المعنى الآخر الذي جاء في سياق أمر غيبي بحت؛ لأن الأمر تعلق بشيء عن الحجر الذي نراه ونشاهده من عالم الشهادة، ولأن الحجر في الأرض، والله عز وجل علي على عرشه، وهو بذاته ليس في الأرض، وعليه فينتفي كونه يقصد بذلك صفة اليد؛ لأن الخبر قد جاء عن أمر معهود نراه ونشاهده، وصفات الله لا نراها ولا نشاهدها، ولا نعلم كيفيتها، وهكذا بقية النصوص، كحديث الهرولة جاء مربوطاً بأفعال الخلق وأوصاف الخلق.

إذاً: لا يعني هذا أن المقصود به صفة الله عز وجل التي هي متعلقة بذاته، وإنما المقصود به تقريب الأمر للأذهان، ولوازمه القريبة منه التي تفهم من النص.

ولذلك أي نص يتعلق بأفعال الله عز وجل يرتبط بأفعال الناس لابد أن يقيد بهذا الارتباط، كما لا ينبغي أن نفرد صفة المكر لله عز وجل دون إيراد سياقها، أنه يمكر بالماكرين، ويمكر بالكافرين والمنافقين، وكذلك الاستهزاء لابد أن يرتبط في أذهاننا، أي: ليس الاستهزاء صفة منفصلة عن لازمها في مثل هذا السياق، وإنما نقول: إن الله عز وجل يستهزئ بالكفار وبالمنافقين، ويستهزئ بالمستهزئين، فلابد أن يرتبط هذا بأذهاننا؛ لأنه جاء الأمر على قبيل المجازاة والمشاكلة، أو على قبيل الارتباط، أي: ارتباط الوصف بمخلوق، مثل: الحجر.

فإذا كان الأمر كذلك لم يعد يحتاج إلى أن يكون كالصفات الغيبية البحتة، ولا أن يتأول تأولاً بعيداً؛ لأن أي نص جاء فيه خبر عن الله عز وجل مرتبط بعالم الشهادة إلا وتأويله في سياقه، ولذلك لا يسمى تأويلاً، وإنما يسمى تفسيراً، وعليه فنحن فسرنا النص بسياقه الموجود في ضمنه.

قال رحمه الله: [ ومعلوم أن المشبه ليس هو المشبه به، ففي نفس الحديث بيان أن مستلمه ليس مصافحاً لله، وأنه ليس هو نفس يمينه، فكيف يجعل ظاهره كفراً؛ لأنه محتاج إلى التأويل، مع أن هذا الحديث إنما يعرف عن ابن عباس ].

ليت الشيخ بين أنه موقوف على ابن عباس قبل أن يفصل فيه.

الكلام على حديث: (عبدي جعت فلم تطعمني) وأمثاله

قال رحمه الله: [ وأما الحديث الآخر فهو في الصحيح مفسراً: يقول الله: (عبدي جعت فلم تطعمني، فيقول: رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! فيقول: أما علمت أن عبدي فلاناً جاع، فلو أطعمته لو جدت ذلك عندي، عبدي مرضت فلم تعدني، فيقول: رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! فيقول: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض، فلو عدته لوجدتني عنده) ].

مثل هذا الحديث يعتبر أنموذجاً للأحاديث التي أشكلت على كثير من أهل الكلام، من المشبهة وغيرهم، فالمشبهة جعلوها ذريعة للتشبيه، وأهل الكلام جعلوها ذريعة للتأويل، مع أنهم لو استقاموا على نهج السلف لكان هذا الحديث حجة على استقامة نهج السلف وبيانه ووضوحه، وأن السلف يفرقون بين النص في صفة غيبية بحتة وبين النص الذي جاء خبراً عن الله عز وجل في أمر يتعلق بأحوال المخلوقين، ولذلك عندما نتأمل الحديث: يقول الله: (عبدي جعت فلم تطعمني)، يمكن أن يستشكل، لكن نقول: أكمل الحديث وستجد الجواب فيه، ففي نفس الحديث نرى أن العبد قد سأل مستنكراً ذلك؛ لأنه ما كان يخلد في ذهنه أن الله عز وجل يحتاج، ففسر له أن المقصود به حاجة العبد، وهذا من البلاغة والبيان والإيجاز، ومن جوامع الكلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما عبر عن ربه عز وجل في مثل هذا الحديث، فالحديث مفسر لا يحتاج إلى التأويل، وتفسيره ليس تأويلاً؛ لأنه خبر عن أمر يتعلق بالمخلوق فيما وعد الله به عباده في ذلك، فلا يعتبر تأويلاً.

قال رحمه الله: [ وهذا صريح في أن الله سبحانه لم يمرض ولم يجع، ولكن مرض عبده وجاع عبده، فجعل جوعه جوعه، ومرضه مرضه، مفسراً ذلك بأنك (لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولو عدته لوجدتني عنده) فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل].

الكلام على حديث: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن) وأمثاله

[وأما قوله: (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن)، فإنه ليس في ظاهره أن القلب متصل بالأصابع، ولا مماس لها، ولا أنها في جوفه، ولا في قول القائل: هذا بين يدي ما يقتضي مباشرته ليديه، وإذا قيل: (السحاب المسخر بين السماء والأرض) لم يقتض أن يكون مماساً للسماء والأرض، ونظائر هذا كثيرة.

ومما يشبه هذا القول أن يجعل اللفظ نظيراً لما ليس مثله، كما قيل في قوله: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) فقيل: هو مثل قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ [يس:71] ].

في الآية الأولى ثبتت صفة اليد لله عز وجل؛ لأن الله أضافها إلى نفسه، بينما في الآية الأخرى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا [يس:71]، فأضاف العمل للأيدي، ففرق بين إلحاق الوصف بالذات وبين إلحاق الوصف بالصفة أو العمل بالصفة، ومع ذلك تبقى الآية مجملة، لكن دلالتها ليست كدلالة: (يدي) و(بيدي) و(بيده) كما ورد في ألفاظ النصوص الأخرى التي تثبت إلحاق الصفة بذات الله عز وجل كما يليق بجلاله، ثم أيضاً الخصوصية والعموم بينها فرق، وليس لها خصوصية، وإنما خلقت كبقية الخلق، بخلاف آدم، فقد خلق بعناية من الله، خاصة وأنه خلقه بيده.

إذاً: معنى: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا [يس:71]، غير معنى: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، فدلالة خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75] على الصفة أقوى وأصرح من دلالة: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا [يس:71]؛ لأنه هناك أضاف الصفة لذاته، وهنا أضاف الفعل للصفة، وأيضاً العموم غير الخصوصية، فالأنعام داخلة في عموم الخلق، وهي خلقت كما خلقت المخلوقات العامة، بخلاف آدم فإن الله خلقه بيده.

وبعض السلف جعل جمع اليد دليل على أنه تعظيم لله عز وجل، لكن ليست دلالتها صريحة كدلالة: خلقت بيدي، ومع ذلك تبقى الآية مجملة، وسياقها يدل على أن المقصود أعم من مجرد الصفة.

قال رحمه الله: [ فهذا ليس مثل هذا؛ لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي فصار شبيهاً بقوله: بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي [الروم:41]، وهنا أضاف الفعل إليه فقال: لِمَا خَلَقْتُ [ص:75]، ثم قال: بِيَدَيَّ [ص:75].

وأيضاً فإنه هنا ذكر نفسه المقدسة بصيغة المفرد، وفي (اليدين) ذكر لفظ التثنية كما في قوله: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، وهناك أضاف الأيدي إلى صيغة الجمع، فصار كقوله: تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14] ].

ليس المقصود به إثبات جمع العين، وإنما يدل على أن المقصود لازم الصفة وليس الصفة.

قال رحمه الله: [ وهذا في الجمع نظير قوله: بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1] وبِيَدِكَ الْخَيْرُ [آل عمران:26] للمفرد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ القاعدة الثالثة: إذا قال القائل: ظاهر النصوص مراد أو ظاهرها ليس بمراد ].

قبل أن نبدأ التفصيل لابد أن نفهم ما معنى ظاهر النصوص؟ وما معنى كونه مراداً أو غير مراد؟ مع أن الشيخ قد فسر بما فيه الكفاية، لكن أريد أن أشير إلى الفلسفة التي عند أصحاب هذا القول قبل أن نشرع في الرد عليه، فالذين قالوا: ظاهر النصوص مراد، أو غير مراد هم صنفان:

الأول: المشبهة، وهم أوائل الرافضة، ثم مع الجدال معهم والمراء، وكثرة جدالهم للجهمية والمعتزلة تحولوا إلى مؤولة ومعطلة، لكن المهم أنهم زعموا أن ظاهر النصوص مراد ويقصدون غير ما يقصده السلف، فيقصدون بظاهر نصوص الصفات مراد: أنهم يفهمون التجسيم والتشبيه لله تعالى، فالظاهر ما يتبادر إلى الذهن مما هو معلوم في عالم الشهادة، فإذا جاء ذكر اليد أو الوجه أو العين أو الاستواء أو نحو ذلك تبادر إلى أذهانهم المعنى المعهود، والشكل المعهود مما يحسونه بحواسهم، فلذلك شبهوا الله في خلقه.

الثاني: هم الذين قالوا: بأن الظاهر غير مراد، وهؤلاء مروا بمرحلتين: مرحلة تصور التشبيه، فاستبشعوها فقالوا: إذاً ظاهر النصوص غير مراد، ويقصدون بظاهر النصوص: ما قصده المشبهة من نفي التشبيه، لكنهم أدخلوا في ظاهر النصوص الحقائق اللائقة بالله عز وجل، فزعموا أنها تدخل في مفهوم ظاهر النصوص، وهذا خطأ.

إذاً: ممكن أن ينشأ القول الحق بين القولين، وهو أنه يجوز أن يقال: إن ظاهر نصوص الشرع في أسماء الله وصفاته وأفعاله مراد إذا قصدنا بظاهر النصوص الحقائق اللائقة بالله، لا للتشبيه، وعلى هذا حين تصبح كلمة: (ظاهر النصوص) من الكلمات المجملة التي لابد فيها من التفصيل، يقال لمن قالها: إن قصدت بظاهر النصوص: الحقائق، فهذا لا شك أنه ظاهر من النصوص، وحق يليق بالله عز وجل، والله ليس كمثله شيء، والتشبيه منفي، وإن قصدت بظاهر النصوص: المشابهة، وتمثيل الله بخلقه، فهذا باطل قطعاً، وليس هو مراد في كلام الله عز وجل؛ لأن الله نفى وقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، وقال: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، وقال سبحانه: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65]، فهذا النفي يدل على أن الظاهر الذي هو التشبيه غير مراد، ولا شك أن الظاهر الذي هو الحقيقة أنه مراد؛ لأن الله عز وجل خاطبنا بالقرآن، والقرآن قد جاء بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:195]، أي: موضح غير ملبس.

فإذاً: لابد أن تكون ظواهر النصوص مرادة على ما يليق بجلال الله عز وجل، والمراد بذلك الحقائق.

قال رحمه الله تعالى: [ فإنه يقال: لفظ (الظاهر) فيه إجمال واشتراك، فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين، أو ما هو من خصائصهم، فلا ريب أن هذا غير مراد.

ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرها، ولا يرتضون أن يكون ظاهر القرآن والحديث كفراً وباطلاً، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم من أن يكون كلامه الذي وصف به نفسه لا يظهر منه إلا ما هو كفر أو ضلال.

والذين يجعلون ظاهرها ذلك يغلطون من وجهين ].

قوله: (ظاهرها ذلك) يعني: الذين يجعلون ظاهرها التشبيه والتمثيل يغلطون من وجهين.

قال رحمه الله: [تارة يجعلون المعنى الفاسد ظاهر اللفظ، حتى يجعلوه محتاجاً إلى تأويل يخالف الظاهر، ولا يكون كذلك.

وتارة يردون المعنى الحق الذي هو ظاهر اللفظ، لاعتقادهم أنه باطل.

فالأول: كما قالوا في قوله: (عبدي جعت فلم تطعمني) الحديث، وفى الأثر الآخر: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه أو قبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه)، وقوله: (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن) ].

فحديث: (الحجر الأسود...) الراجح أنه لا يصح، لكنه مرفوع عن ابن عباس ، وعلى هذا فإنه يؤتى به من باب عضد الأدلة، لا من باب الاستدلال المستقل، حيث إن الأدلة قبله وبعده كافية؛ لأنها وردت في الصحاح.


استمع المزيد من الشيخ ناصر العقل - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح العقيدة التدمرية [22] 3157 استماع
شرح العقيدة التدمرية [12] 2924 استماع
شرح العقيدة التدمرية [5] 2917 استماع
شرح العقيدة التدمرية [26] 2797 استماع
شرح العقيدة التدمرية [9] 2785 استماع
شرح العقيدة التدمرية [13] 2730 استماع
شرح العقيدة التدمرية [17] 2724 استماع
شرح العقيدة التدمرية [2] 2723 استماع
شرح العقيدة التدمرية [3] 2688 استماع
شرح العقيدة التدمرية [4] 2564 استماع