عنوان الفتوى : تفسير: وقال فرعون ذروني أقتل موسى
السؤال
وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد.
السؤال: فرعون هذا كان ملكا، وكان يدعي الألوهية. كيف لواحد في مثل هذا المنصب أن يطلب من قومه، ويستأذن منهم أن يسمحوا له بقتل سيدنا موسى -عليه السلام- وقد يكون قادرا على قتله، بل وقتل غيره بالفعل بالعشرات والمئات؟
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلأهل العلم عن ذلك أجوبة متعددة.
فقال السمعاني في تفسيره: إن قال قائل: ومن الذي كان يمنع فرعون من قتل موسى حتى يقول: {ذروني أقتل موسى}؟ والجواب من وجهين: أحدهما أن معناه: ذروني أقتل موسى، أي: أشيروا علي بقتل موسى، كأنه طلب المشورة منهم أيقتله أو لا يقتله؟
والثاني: كان في جملة قومه من يحذره من قتل موسى خوفا من هلاك فرعون، فقال على هذا: ذروني، لا تمنعوني واتركوني أقتله. اهـ.
وقال ابن عطية في تفسيره: الظاهر من أمر فرعون أنه لما بهرت آيات موسى عليه السلام، انهد ركنه، واضطربت معتقدات أصحابه، ولم يفقد منهم من يجاذبه الخلاف في أمره، وذلك بين من غير ما موضع من قصتهما، في هذه الآية، على ذلك دليلان:
أحدهما قوله: {ذَرُونِي} فليست هذه من ألفاظ الجبابرة المتمكنين من إنفاذ أوامرهم.
والدليل الثاني: مقالة المؤمن وما صدع به، وأن مكاشفته لفرعون أكثر من مسايرته، وحكمه بنبوة موسى أظهر من توريته في أمره. اهـ.
وقال البيضاوي في تفسيره: كانوا يكفونه عن قتله، ويقولون إنه ليس الذي تخافه بل هو ساحر، ولو قتلته ظن أنك عجزت عن معارضته بالحجة. وتعلله بذلك مع كونه سفاكاً في أهون شيء، دليل على أنه تيقن أنه نبي فخاف من قتله، أو ظن أنه لو حاوله لم يتيسر له، ويؤيده قوله: {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} فإنه تجلد وعدم مبالاة بدعائه. اهـ.
وقال الماوردي في تفسيره: فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه أشيروا عليّ بقتل موسى؛ لأنهم قد كانوا أشاروا عليه بأن لا يقتله؛ لأنه لو قتله منعوه، قاله ابن زياد.
الثاني: ذروني أتولى قتله؛ لأنهم قالوا: إن موسى ساحر إن قتلته هلكت، لأنه لو أمر بقتله خالفوه.
الثالث: أنه كان في قومه مؤمنون يمنعونه من قتله، فسألهم تمكينه من قتله. اهـ.
والله أعلم.