د.العمر لـ"سبق": قرصنة "إسرائيل"بمظلة دولية.. كيف نجحت غزة وعجز العرب؟!.. تركيا "الحرة" تتوجه إسلامياً بهدوء.. لنضبط الفتيا بمعايير
مدة
قراءة المادة :
15 دقائق
.
حيا الشيخ الدكتور ناصر بن سليمان العمر الموقف التركي من الحصار المضروب على غزة والتوجه الإسلامي الهادئ لحكومتها والذي انعكس على موقفها الإيجابي من جهود كسر الحصار عن المنطقة الفلسطينية المحاصرة. وعزا د.العمر الموقف التركي مقارنة بالموقف العربي إلى أجواء الحرية التي تعيشها تركيا بخلاف الدول العربية التي تعاني من تضييق على مثل هذه الأنشطة المتجاوبة مع المحاصرين في غزة، والتي لم تسمح بانطلاق هذه الحملات من الداخل العربي. ودعا فضيلته في حوار مع صحيفة "سبق" الإلكترونية إلى استمرار فتح معبر رفح المصري، مؤكداً على "أن مصر لو استمرت فاتحة للمعبر، فهذا خير كثير، وأرجو أن تهدم الجدار الفولاذي فنشكرها، كما أننا نلومها في ظلمها، فأيضاً نشكرها إذا أحسنت لإخواننا، فهؤلاء هم أهلنا في غزة". ووصف المشرف العام على موقع "المسلم" ما فعلته "إسرائيل" بأسطول "الحرية" بأنه قرصنة محمية دولياً بخلاف القرصنة التي تمارس على سواحل الصومال (التي هب ضدها العالم) باعتبارها قرصنة فردية. وفي الشأن المحلي، أكد د.العمر على ثبات موقفه في موضوع قيادة المرأة للسيارة بالسعودية واتفاقه مع موقف المفتي السابق للبلاد سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، والذي أفتى بحرمة قيادة المرأة للسيارة لا للقيادة ذاته وإنما للمفاسد التي تترتب عليها وذلك بناء على سؤال وجهته الدولة السعودية إليه حينها، وتوجه بالدعاء أن يبصّر المسؤولين بالأخطار والمفاسد الناتجة عن إباحة تلك المسألة. وأوضح فضيلته تصوره حول قضية ضبط الفتوى وضرورة وضع معايير وضوابط لها تأخذ في اعتبارها قدرة المفتين على "فقه النصوص" وليس "حفظ النصوص"، لافتاً إلى ضرورة ألا تحرم البلاد من جهود العلماء غير الموظفين في الدولة.
وفيما يلي نص الحوار مع صحيفة "سبق" الإلكترونية: فتاوى عديدة اليوم داخل المجتمع السعودي أثارت جدلاً واسعاً بين الناس، أبرزها فتوى "إرضاع الرجل الكبير، ما رأيكم بهذه الاجتهادات الجديدة؟ وهل تدعو أنت إلى ضبط هذه الفتاوى عبر مؤسسات؟ الفتاوى الجديدة، بكل أسف، كثير من أصحابها ليسوا أهلاً للفتوى، فأصبح الأمر كما أقرأ في الصحف، أن وزارة الصحة، قبضت على أكثر من 500 ممرض وطبيب مزورين، وأقول بكل أسف: إن هناك مزورين من طلبة العلم، وهم يفتون وليسوا من أهل الفتوى. لكن هؤلاء المفتين، أليسوا من خريجي الكليات الشرعية؟ أنا لا أتحدث عن الكل، أنا أتحدث عن البعض، حتى إنه يوجد من هو خريج كلية الطب، ومع ذلك لا يمارس الطب الصحيح، وفي الحقيقة أن بعض هؤلاء المفتين لم يتخرجوا من كليات شرعية أصلاً، ولم يدرسوا على علماء، وبعضهم تخصصه آخر، ولم يدرس العلم الشرعي، ويقدم في الفضائيات على أنه "الشيخ فلان"، و "الشيخ علان" وهو ليس بشيخ، وهناك بعض طلاب العلم ممن لا يفقهون ولا يدركون، يكون عنده حفظ للنصوص، لكن ليس عنده فقه للنصوص. إذاً أنت تطالب بضبط الفتوى؟ نعم أنا أطالب بضبط الفتوى، وهذا لا يعني حصر الفتيا في جهة معينة رسمية، إنما توضع صفات ومعايير قوية، يجب أن تتوافر في من يفتي الناس، هناك معايير للمفتي سواء كان من الجانب الرسمي أو غير الرسمي، عندنا علماء كبار ليسوا موظفين في الدولة، وبعضهم تقاعدوا، فلا يجوز أن نحرم الأمة من علم هؤلاء، ولا من فضلهم، لكن يجب أن تكون هناك ضوابط، كما أنه في المستشفيات يوجد أطباء يتبعون وزارة الصحة وأطباء يعملون في المستشفيات الخاصة، لكن هناك ضوابط لفتح العيادات، ولذلك نقول: توضع ضوابط يقرها العلماء عبر الجهات الرسمية، ومن انطبقت عليهم المعايير يحق لهم الفتوى، ومن لم تنطبق عليهم الضوابط فيجب أن يؤخذ على يديهم، كما قال ربيعة: إن هناك ممن يفتي حقه أن يقبض عليه أشد من السراق، يعبثون بالدين، وأصحاب مصالح وأصحاب شذوذات وشهوات. حتى لو كان خريجاً من كلية شرعية؟ يكفي أن تعرف أن أمثال هؤلاء حتى لو كان خريجاً من كلية شرعية، عرف بالفتاوى الشاذة، ولو تسأل الناس عنه لقال لك: إنه عرف بما يتعلق بالتأمين وبالسحر، وبغيرها، حتى لو كان يحمل أعلى الشهادات الشرعية، ليست العبرة بهذا الأمر، فهناك عوارض تعترض طالب العلم، قد تكون هناك مصالح وقد يكون هناك جهل. ضبط الفتوى سوف يحصرها في أسماء معينة متداولة فقط؟ الضبط لا يعني أن تحصر في أسماء معينة أبداً، إنما بصفات ومعايير منضبطة وقوية ومقرة، وحينها سنضبط الفتوى، والله أعلم. أعادت الصحافة السعودية موضوع قيادة المرأة للسيارة إلى الواجهة، وهناك أنباء عن إقراره قريباً؟ الموضوع أصلاً ليس بجديد، فقد بدأ الموضوع في عام 1402هـ، والمنافقون والعلمانيون والليبراليون يطالبون بهذا، منذ 30 سنة بالتمام والكمال، وأول ما أثير الموضوع في جريدة "الجزيرة" عام 1402هـ.
وحدثت مظاهرة بهذا الشأن، والموضوع موضوع شرعي، وقد أفتت اللجنة الدائمة في عهد الشيخ عبد العزيز بن باز، بطلب من الدولة بحرمة قيادة المرأة للسيارة، ليس لتحريم القيادة بذاتها، ولكن لأجل المفاسد والأضرار التي تؤدي إليه، ونقول: يجب أن ترجع الأمور للعلماء، هل هم ما يزالون على مواقفهم من تحريم قيادة المرأة للسيارة؟ وأن المفاسد العظيمة التي تحدثوا فيها زالت أم لا؟ ويؤسفني أن بعض من يحسبون على العلم الشرعي، أصبح بعضهم يسارع الآن ليسجل له موقف في موضوع قيادة المرأة للسيارة، ونحن واجبنا أن نصحح هذا الأمر، وأن ننبه الناس لخطورة هذا الأمر، والآثار السلبية التي تحدث فيه، وانأ شخصياً ازددت قناعة بالمفاسد العظيمة، وأما دعواهم أنها ستحل مشكلة السائق، فقد طبق في الدول الأخرى التي سمحت للمرأة بالقيادة، فازداد عدد السائقين في تلك الدول، ولم يختفوا، وأصبحت المرأة تقود ولديها سائق أو سائقان، فالدعاوى التي يذكرونها باطلة، بحجة عدد السائقين الأجانب، فهل توقفت مشكلة البلد الآن على السائقين الأجانب؟ نسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم و أن يبصر المسؤولين بالأخطار التي ستحدث، وأن يوقف هؤلاء عند حدهم، والله أعلم. ما رأيك بما حدث في البحر المتوسط من هجوم للقوات الإسرائيلية في المياه الدولية على أسطول الحرية المتوجه لغزة؟ حقيقة تستغرب لو قلت لك: إن إسرائيل تعتبر أن تصرفها مشروع، لأنها تسيطر على العالم، فهي تحرك أمريكا والغرب كدمى في يدها، فهي لا تؤمن بالقوانين الدولية وإنما تؤمن بقانون القوة وقانون الغطرسة، لا يمكن أن نفهم إسرائيل إلا إذا فهمنا العقلية اليهودية، التي بينها الله في القرآن الكريم، واليهود كما نعلم قتلوا الأنبياء كما بين الله في القرآن، فإذا كانوا قتلوا أنبياءهم كيحيى عليه السلام، وحاولوا قتل عيسى عليه السلام، فهل يُستغرب منهم هذا الفعل؟ وهم أيضاً حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم، وأي محاولة لتفسير العقلية اليهودية بغير هذا الشكل ضياع للوقت، وأفسر الحدث أيضاً بأن هذا الغرب الذي يتحدث عن الحرية، وأنها أساس بناء دوله، ماذا يقول عن هذا العمل؟ أمريكا وبريطانيا أنشأتا إسرائيل وما زالتا تحمياها، أي مبدأ يتوافق مع الحرية؟ وأتعجب حينما تحارب الولايات المتحدة الأمريكية القرصنة في الصومال، وهي تمارس القرصنة ولا شك، وقرصنة إسرائيلية على مستوى الدولة، وفي الصومال القرصنة على مستوى الأفراد، وهذه قرصنة تحميها دول الغرب، وتستخدم العجرفة والقتال بكل معنى الكلمة. على من تقع مسؤولية هذه القرصنة؟ مسؤوليتها على دول الغرب، وكذلك دول المسلمين، ولست متفائلاً فيما يتعلق بالإجراءات التي ستتخذها الدول الإسلامية حيال هذه الجريمة. ما هي الرسالة التي تود أن توجهها للدول الإسلامية، خصوصاً التي تشارك في الحصار على غزة حتى الآن؟ حقيقة، يؤسفني أن أقول: إن بعض الحكومات العربية والإسلامية أغلبها معزول عن شعوبها، فهي في الحقيقة، أقول: في الأغلب لا تمثل رأي شعوبها، فالشعوب لو أتيح لها أن ترد على غطرسة اليهود لردت عليهم بوسائل عدة وقوية، لكن من يحمي اليهود من المسلمين؟ هي في الحقيقة بعض الحكومات العربية، أنا لست متفائلاً بأي قرار إيجابي من الدول العربية والإسلامية، حتى سوريا التي تتحدث طول عمرها، أنها لم تعمل أي سلام مع إسرائيل، تقول: إننا ما زلنا نجري محادثات غير مباشرة مع اليهود، وتدعمها إيران التي تزعم أنها ستحارب اليهود، هذه ألاعيب السياسة!!
وأقول للحكومات: اتقوا الله وتعاملوا مع شعوبكم من منطلق شرعي، منطلق القرآن، وهناك وسائل عدة لمواجهة الطغيان الإسرائيلي، إذا كانت غزة منطقة صغيرة ومحاصرة من جميع الجهات، قاوموا هذه المقاومة الباسلة لعدة سنوات، حصار وحرب، فكيف تعجز دول عربية تملك أساطيل وأموالا عن أن تقضي على طغمة فاسدة يهودية؟ اسمح لي، يا أخي، بعض الحكومات العربية متورطة مع اليهود. ما زالت المبادرة العربية حتى الآن مطروحة أمام اليهود للسلام، وأنباء أن الكويت قررت سحب موافقتها نهائياً على هذه المبادرة؟ أصلاً سبق تحدثنا قديماً منذ عشرين سنة، وهذا مكتوب في كتبي، أن أي سلام مع إسرائيل، بهذه العقلية، غير صحيح، بل هو استسلام وذل وتطبيع، والمبادرة تعني التنازل عن فلسطين مقابل جزء من فلسطين، ولا يملك أحد الحق في التنازل عن شبر من فلسطين، وقضية أن يوقف القتال أحياناً، أو عمل معاهدات، تخضع لعوامل شرعية، أما المبادرات العربية عموماً فهي تعني الاستسلام وتحقيق ما يريده اليهود، ولنقارن ما بين عام 67 حينما قال العرب: لا صلح ولا مفاوضات، والآن هم يركضون وراء المفاوضات، واليهود هم الذين يرفضونها.
سمعت خبر سحب الكويت لموافقتها على المبادرة، وأكاد أجزم أن كثيراً من الدول العربية لن تفعل هذا الفعل، مع الأسف، وإلا لو كانت ستفعل هذا الفعل الجاد، فأول خطوة هي قطع أي علاقة مع اليهود، وإلغاء أي اتفاقيات سلام قائم مع اليهود، وأن نستعد لمعركة فاصلة مع اليهود. رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أصبح اليوم لدى كثير من الشباب الأمل لنصرة القضية الفلسطينية، ما رأيك بالتوجه التركي الجديد تجاه المنطقة؟ أنا أرى أن مواقف تركيا الجديدة مشجعة، فتركيا تملك من الحرية ما لا نملك في الدول العربية، وأرى تركيا التي كانت دولة علمانية على يد أتاتورك، تتوجه توجهاً إسلامياً هادئاً، ومواقف أردوغان مع الرئيس الإسرائيلي في دافوس تبشر بخير، ونأمل أن يكون على يد تركيا فك الحصار، لماذا؟ لأن تركيا تبقى دولة مسلمة سُنية ليست مثل "الحركات البهلوانية" التي تمارسها إيران و "حزب الشيطان" "حزب اللات"، وأنا أسميه "حزب الشيطان" ولا أتردد في ذلك، وأقوى المتآمرين مع اليهود هم إيران على مر التاريخ، والخطورة على المسلمين من اليهود وأمريكا وإيران، على حد سواء، وهذه قناعتي أرددها منذ أكثر من عشرين سنة، وما زلت مقتنعاً بها، و "حزب اللات" حمى الحدود الإسرائيلية منذ زمن، ولا يستطيع مسلم العبور بسبب هذا الحزب، والذين دفعوا الثمن باهظاً في لبنان هم أهل السنة، لا تخدعنا التصريحات الإيرانية أبداً. سفينة يونانية وسفينة إيرلاندية، وأمريكيون على متن أسطول كسر الحصار، وعدد كبير من المواطنين الأوروبيين، وكثير من البرلمانيين الأجانب مشاركون، كيف ترى أنت نجدة هؤلاء غير المسلمين في ظل سكوت غالبية المنظمات الإسلامية؟ الحقيقة هؤلاء ما سكتوا، ونقول فعلا يشكر هؤلاء على ما فعلوا ولو كانوا كفاراً، ومن قام بعمل خير نعترف بفضله، وهؤلاء لا يمثلون جريمة دولهم، دولهم مجرمة ظالمة، لكن هم لا يُسألون عن ذلك لكن في بلادهم شيء من الحرية سمح لهم بذلك، بينما بكل أسف أغلب الدول العربية لا يستطيع المواطن العربي أن يتحدث، أعتقد لو أن بعض المواطنين العرب، لو أنه ذهب وشارك في هذه الحملة قد يسجن في إسرائيل وإن أطلق منها سيسجن في بلده، فهم لا يملكون الحرية التي يتصرفون من خلالها، كما يتصرف الأوروبيون في بلادهم، والله المستعان، لا نظام ولا قانون يحميهم وسيقال لهم: أنتم أحرجتمونا، وهذا واقع كثير من البلدان العربية، ولا أقول كل بلد، فبعض الدول كان موقفها جيداً كموقف الكويت. ما هي رسالتك التي توجهها لمصر، حيث إنها تملك المعبر الحدودي الوحيد مع قطاع غزة؟ مصر الرسمية، بكل صراحة، شريكة لليهود في حصار قطاع غزة، وأتحدث هنا عن الأنظمة وليس عن الشعوب، فالشعوب فيها خير كبير جداً، في مصر وغير مصر، أتكلم عن الأنظمة التي وبكل أسف أصبحت عصاً بيد الأعداء نتيجة الضغط الأمريكي أو غيره، ونقول: إن إقامة الجدار العازل ظلم شديد ومن يرى الأنفاق وما يحدث فيها ليأكل أهل غزة، وكم يموت فيها من الناس وهي تحارب بشكل يومي، والذي يرى كيف يفتح المعبر ويغلق، وكيف يهان الناس أياماً طويلة، فأعتقد أن الحكومة المصرية شريكة في الجريمة لما يحدث لأهل غزة، ولا أرى تردداً في ذلك إطلاقاً، وأرجو أن يكون ما حدث درساً لها، ومن باب العدل سمعت أنهم اليوم فتحوا معبر رفح، وفرحت بهذا، ونحن نقول: إن مصر لو استمرت فاتحة للمعبر، فهذا خير كثير، وأرجو أن تهدم الجدار الفولاذي فنشكرها، كما أننا نلومها في ظلمها، فأيضاً نشكرها إذا أحسنت لإخواننا، فهؤلاء هم أهلنا في غزة. شكراً لك يا شيخ ناصر على هذا اللقاء. جزاكم الله خيراً ووفقكم الله.