خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع مقدمة كتاب الأيمان [1]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد:
ما تنعقد به اليمين
قال رحمه الله: [واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث هي اليمين بالله]
لا تكون اليمين شرعية إلا بما ذكر المصنف رحمه الله: أن تكون باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، على التفصيل الذي سنذكره، فالمصنف رحمه الله بين أن اليمين التي تنعقد وتعتبر يميناً شرعياً هي التي تكون باسم الله عز وجل، أو بصفة من صفاته.
والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وسمع النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح- عمر وهو يحلف بأبيه، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وقال صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) قيل: أو للتنويع، وقيل: للعطف، بمعنى: قد كفر وأشرك، كفر نعمة الله، وأشرك مع الله غيره.
قوله: (تجب بها الكفارة) وهي اليمين الشرعية التي تسمى: اليمين المنعقدة؛ لأن هناك يميناً منعقدة ويميناً غير منعقدة، فاليمين المنعقدة لابد من توافر الشروط الشرعية فيها.
قوله: (هي اليمين بالله) أن يقول: والله، وبالله، وأقسم بالله.
أما لو قال: أقسمت. ولم يقل: بالله. فهل تكون يميناً؟ قالوا: إنها حلف ويمين.
ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيح من حديث أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه أنه لما أول الرؤيا (قال: يا رسول الله! أخبرني هل أصبت أو أخطأت؟ قال: أصبت وأخطأت. قال: أقسم أن تبين لي ما أصبت به وما أخطأت، قال: لا تقسم) فقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تقسم) يدل على أنها قسم.
وقال تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ [الأنعام:109] قالوا: إنه إذا قال: أقسمت. فهو متضمن معنى قوله: أقسمت بالله. وهذا مثل حذف المعلوم، ولذلك قالوا: إنها تكون يميناً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تقسم)وهذا رد له لقسمه.
[أو صفة من صفاته]
كأن يقول: والأول، والآخر، والظاهر، والباطن، والسميع، والعليم، وعزة الله، وقدرة الله وعظمة الله، والدليل على ذلك ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عن النار (تقول النار: قط قط وعزتك).
وكذلك أيضاً في حديث أيوب عليه السلام، قال صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح-: (اغتسل أيوب فأنزل الله عليه جراداً من ذهب، فجعل يجمع منه في ثوبه، فقال الله تعالى: أولم أكن أغنيتك؟ فقال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى لي عن بركتك) فهو أقسم بعزة الله، فدل على أنه يمين شرعي، فيكون بالله وبأسمائه وصفاته.
حكم الحلف بالقرآن أو بالمصحف
قوله: (بالقرآن) هو أن يقصد كلام الله عز وجل؛ لأن كلام الله صفة من صفاته ليس بمخلوق، منه بدا وإليه يعود، ولذلك استدل الأئمة رحمهم الله على قول السلف: منه بدا وإليه يعود، بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (أن القرآن يرفع في آخر الزمان)، وابتداؤه من الله عز وجل؛ لأنه هو المتكلم به، وهو صفة من صفات الله عز وجل. ومذهب أهل السنة والجماعة: أن القرآن كلام الله عز وجل غير مخلوق، فإذا حلف به فقد حلف بصفة من صفات الله.
قال تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ [الأعراف:144] فهذا يدل على أن كلام الله من صفاته، فيجوز أن يحلف به، كأن يقول: والقرآن، ويكون مراده كلام الله عز وجل، ويجوز أن يحلف بالسور وبالآيات؛ لأنها من كلام الله عز وجل، فلو قال: وسورة البقرة. ومراده كلام الله عز وجل في سورة البقرة، كما قال: والقرآن ومراده ما في القرآن، وهكذا لو أقسم بآية، فكل هذا صحيح.
قوله: (أو بالمصحف)
كذلك إذا حلف بالمصحف على أنه كلام الله عز وجل، ولا أعلم أحداً ضيق في مسألة الحلف بالقرآن والمصحف إلا الحنفية؛ لأصل عندهم رحمهم الله، وهو: أن اليمين لا تنعقد إلا بالشرط الأول، وشرط جريان العرف، قالوا: أن يجري العرف بكونه قسماً، ومن ثم قالوا: إن الحلف بالقرآن لم يجر به العرف وهذا مذهب المتقدمين من الحنفية، وليس مرادهم الطعن في كون القرآن صفة من صفات الله؛ لأن أهل السنة والجماعة متفقون على أنه كلام الله وصفة من صفاته سبحانه، إنما مرادهم في مسألة اليمين هل يشترط فيها جريان العرف أو لا؟!
والصحيح أن هذا يمين ويعتبر قسماً وتجب به الكفارة.
حكم الحلف بغير الله
الحلف بغير الله عز وجل سواءً كان هذا المحلوف به ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً لا يجوز، حتى الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجوز الإمام أحمد -وهو مذهب الحنابلة كما ذكره صاحب: الإنصاف- الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم لله عز وجل، فلو قال: والنبي والرسول فإنه لا حرج عليه في ذلك، وتعتبر يمينه فيها الكفارة، ونص صاحب الإنصاف على أنها يمين منعقدة، ولكن هذا القول مرجوح.
والصحيح أنه لا يجوز الحلف إلا بالله عز وجل، أو باسم من أسمائه، أو صفة من صفاته؛ لأن الدليل نص على هذا، (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) فهذا يدل دلالة صريحـة على أنه لا تنعقد اليمين إلا اليمين الشرعيـة، التي تكون باسم من أسمائه أو صفة من صفاته سبحانه وتعالى.
فيقول المصنف رحمه الله: [كتاب الأيمان].
قال رحمه الله: [واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث هي اليمين بالله]
لا تكون اليمين شرعية إلا بما ذكر المصنف رحمه الله: أن تكون باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، على التفصيل الذي سنذكره، فالمصنف رحمه الله بين أن اليمين التي تنعقد وتعتبر يميناً شرعياً هي التي تكون باسم الله عز وجل، أو بصفة من صفاته.
والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وسمع النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح- عمر وهو يحلف بأبيه، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وقال صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) قيل: أو للتنويع، وقيل: للعطف، بمعنى: قد كفر وأشرك، كفر نعمة الله، وأشرك مع الله غيره.
قوله: (تجب بها الكفارة) وهي اليمين الشرعية التي تسمى: اليمين المنعقدة؛ لأن هناك يميناً منعقدة ويميناً غير منعقدة، فاليمين المنعقدة لابد من توافر الشروط الشرعية فيها.
قوله: (هي اليمين بالله) أن يقول: والله، وبالله، وأقسم بالله.
أما لو قال: أقسمت. ولم يقل: بالله. فهل تكون يميناً؟ قالوا: إنها حلف ويمين.
ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيح من حديث أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه أنه لما أول الرؤيا (قال: يا رسول الله! أخبرني هل أصبت أو أخطأت؟ قال: أصبت وأخطأت. قال: أقسم أن تبين لي ما أصبت به وما أخطأت، قال: لا تقسم) فقوله عليه الصلاة والسلام: (لا تقسم) يدل على أنها قسم.
وقال تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ [الأنعام:109] قالوا: إنه إذا قال: أقسمت. فهو متضمن معنى قوله: أقسمت بالله. وهذا مثل حذف المعلوم، ولذلك قالوا: إنها تكون يميناً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تقسم)وهذا رد له لقسمه.
[أو صفة من صفاته]
كأن يقول: والأول، والآخر، والظاهر، والباطن، والسميع، والعليم، وعزة الله، وقدرة الله وعظمة الله، والدليل على ذلك ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح عن النار (تقول النار: قط قط وعزتك).
وكذلك أيضاً في حديث أيوب عليه السلام، قال صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح-: (اغتسل أيوب فأنزل الله عليه جراداً من ذهب، فجعل يجمع منه في ثوبه، فقال الله تعالى: أولم أكن أغنيتك؟ فقال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى لي عن بركتك) فهو أقسم بعزة الله، فدل على أنه يمين شرعي، فيكون بالله وبأسمائه وصفاته.
قال رحمه الله: [أو بالقرآن أو بالمصحف]:
قوله: (بالقرآن) هو أن يقصد كلام الله عز وجل؛ لأن كلام الله صفة من صفاته ليس بمخلوق، منه بدا وإليه يعود، ولذلك استدل الأئمة رحمهم الله على قول السلف: منه بدا وإليه يعود، بقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (أن القرآن يرفع في آخر الزمان)، وابتداؤه من الله عز وجل؛ لأنه هو المتكلم به، وهو صفة من صفات الله عز وجل. ومذهب أهل السنة والجماعة: أن القرآن كلام الله عز وجل غير مخلوق، فإذا حلف به فقد حلف بصفة من صفات الله.
قال تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ [الأعراف:144] فهذا يدل على أن كلام الله من صفاته، فيجوز أن يحلف به، كأن يقول: والقرآن، ويكون مراده كلام الله عز وجل، ويجوز أن يحلف بالسور وبالآيات؛ لأنها من كلام الله عز وجل، فلو قال: وسورة البقرة. ومراده كلام الله عز وجل في سورة البقرة، كما قال: والقرآن ومراده ما في القرآن، وهكذا لو أقسم بآية، فكل هذا صحيح.
قوله: (أو بالمصحف)
كذلك إذا حلف بالمصحف على أنه كلام الله عز وجل، ولا أعلم أحداً ضيق في مسألة الحلف بالقرآن والمصحف إلا الحنفية؛ لأصل عندهم رحمهم الله، وهو: أن اليمين لا تنعقد إلا بالشرط الأول، وشرط جريان العرف، قالوا: أن يجري العرف بكونه قسماً، ومن ثم قالوا: إن الحلف بالقرآن لم يجر به العرف وهذا مذهب المتقدمين من الحنفية، وليس مرادهم الطعن في كون القرآن صفة من صفات الله؛ لأن أهل السنة والجماعة متفقون على أنه كلام الله وصفة من صفاته سبحانه، إنما مرادهم في مسألة اليمين هل يشترط فيها جريان العرف أو لا؟!
والصحيح أن هذا يمين ويعتبر قسماً وتجب به الكفارة.
قال رحمه الله: [والحلف بغير الله محرم ولا تجب به كفارة].
الحلف بغير الله عز وجل سواءً كان هذا المحلوف به ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً لا يجوز، حتى الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجوز الإمام أحمد -وهو مذهب الحنابلة كما ذكره صاحب: الإنصاف- الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم لله عز وجل، فلو قال: والنبي والرسول فإنه لا حرج عليه في ذلك، وتعتبر يمينه فيها الكفارة، ونص صاحب الإنصاف على أنها يمين منعقدة، ولكن هذا القول مرجوح.
والصحيح أنه لا يجوز الحلف إلا بالله عز وجل، أو باسم من أسمائه، أو صفة من صفاته؛ لأن الدليل نص على هذا، (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) فهذا يدل دلالة صريحـة على أنه لا تنعقد اليمين إلا اليمين الشرعيـة، التي تكون باسم من أسمائه أو صفة من صفاته سبحانه وتعالى.
قال رحمه الله: [ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط:]
الشرط الأول: أن يكون الحالف مختاراً لا مكرهاً
خرج من هذا اليمين على الماضي، مثل قوله: والله وقع كذا، حصل كذا، فإذا كان كاذباً فإنها -والعياذ بالله!- اليمين الغموس، التي تغمس صاحبها في النار، وإن كان صادقاً فقد صدق وحلف على ما ذكر، ولكن إذا كان كاذباً فلا تجب عليه الكفارة، وهذا مراد المصنف: أن الكفارة لا تكون إلا إذا كانت اليمين على أمر مستقبل، ويكون هذا الأمر مما يمكن.
قال: [فإن حلف على أمر ماض كاذباً عالماً فهي الغموس].
بمعنى: أنه لا تجب عليه الكفارة؛ لأنه قيد التي فيها الكفارة بما ذكرنا.
لغو اليمين أنواعه وحكمه
وهذا قول طائفة من أئمة السلف، منهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو أن قول الرجل: لا والله وبلى والله، تجيء والله.. تجلس والله.. ولا يقصد به اليمين، ليس بيمين، هذا إذا لم يقصده، أما إذا قصده وحلف قاصداً لليمين انعقدت يمينه.
هذا بالنسبة للنوع الأول من لغو اليمين.
النوع الثاني: أن يحلف على شيء يظنه، ويرى عليه أمارات ثم يتبين أنه أخطأ، كأن يرى رجلاً من بعيد يظنه فلاناً ثم تبيّن أنه ليس بفلان، فقال وهو يراه من بعيد: والله فلان، قالوا: ليس بفلان. قال: والله فلان. وهو على غالب ظنه ثم تبين خطؤه، فإنه حلف على غالب الظن فلا تجب عليه كفارة، ولا تعتبر يميناً منعقدة، ويعذر في هذا.
هذا بالنسبة لمسألة لغو اليمين.
قال بعض العلماء: إن لغو اليمين تكون في المحرمات، وهذا ضعيف عند أئمة التفسير، وقد استدلوا بقوله تعالى وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ [القصص:55] بناءً على أن اللغو في الأمر المحرم، وكل من حلف على أمر محرم فإنه لغو، والصحيح أن لغو اليمين ما ذكرناه وهو: أن يحلف الرجل على الشيء يظنه، أو جريان الكلام بدون قصد، كما يقع مع الضيف، وما يقع في السباق، يقول لصاحبه: تتقدم ويقول الآخر: والله تتقدم أنت، والله تتأخر، وهذه يجري على لسان الناس دون إرادة عقد اليمين.
[ وكذا يمين عقدها يظن صدق نفسه فبان بخلافه ]
وهذا مأثور عن بعض السلف، وعن ابن عباس رضي الله عنهما.
[ فلا كفارة في الجميع ]
لأنها من اللغو.
الشرط الثاني: انعقاد يمين من حلف مختاراً لا مكرهاً
أن يحلف مختاراً غير مكره، وقد تقدمت معنا شروط الإكراه، فلو هدده شخص وقال له: تحلف بالله على شيء. فإنه لا تنعقد يمينه، ولا تجب عليه الكفارة إذا حنث فيها؛ لأنه مكره على قوله.
والإكراه نوعان:
- إكراه بحق.
- وإكراه بدون حق.
فإذا كان الإكراه بدون حق فحينئذٍ لا يعتبر يميناً، لكن إذا كان الإكراه بحق، فإنه يكون يميناً معتبراً شرعاً ويجب عليه أن يصدق، كأن يأبى أن يحلف وطلب منه أبوه أن يحلف وأكرهه على الحلف في القضاء، وقال له: إن هذا شيء فيه إحقاق حق وإبطال باطل، فهذه يمين شرعية مع أنه مكره ولا يريدها.
وكان أئمة السلف لا يحلفون حتى يمين القضاء، فهذا ابن عمر رضي الله عنهما لما اختصم مع الرجل في عبد من عبيده قال: بعته لي بكذا بعيب. قال: ما علمته. قال: بلى قد كنت تعلمه. قال له القاضي: احلف قال: ما علمته. قال له: احلف. قال: لا أحلف. قال: إذاً ترد على الرجل ماله، قال: أرد له ماله. فرد له المال تورعاً، فباع العبد بأضعاف القيمة التي كان قد باعه بها، وذلك أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن يتق الله لا يرى إلا خيراً.
حكم الحنث في اليمين من حيث الفعل والترك والإكراه والنسيان
قوله: (الحنث في يمينه) هذا الشرط الثالث، فإذا حلف أن يفعل شيئاً فالحنث أن لا يفعله، وإذا حلف أن لا يفعل شيئاً فالحنث أن يفعل، فإذا قال: والله لا أدخل الدار حنث بالدخول، وإذا قال: والله سأدخل الدار ولم يدخل حنث بعدم الدخول، فإذا حنث لزمته الكفارة.
قال صلى الله عليه وسلم: (إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) بمعنى: أنه يفعل عكس ما حلف عليه، والعكس كما ذكرنا: أن ينفي ما أثبته، ويثبت ما نفاه.
[فإذا حنث مكرهاً أو ناسياً فلا كفارة]
قوله: (مكرها) لأن الله أسقط بالإكراه المؤاخذة، قال: والله لا أدخل الدار. فأخذوه وربطوه وحملوه وأدخلوه الدار، فهذا إكراه ملجئ تام، فلا تجب عليه كفارة؛ لأنه أسند الدخول إلى نفسه وطوعه وإرادته، ومن دخل بحمل الناس له فقد دخل بغير اختياره وبغير إرادته، فحينئذٍ لا يكون حانثاً.
قوله: (أو ناسياً) اختلف العلماء رحمهم الله في الناسي، هل هو مكلف أو غير مكلف؟ وتفرع عليه هذه المسألة، فإن قلنا: إنه غير مكلف لا يجب عليه، والأقوى أنه يجب عليه الضمان في الإخلال، وهي مسألة الأصول التي كررناها أكثر من مرة، وفي الأيمان تستثنى من هذا الأصل؛ لأن المراد به الانتهاك للحرمة، ومن كان ناسياً ليس فيه معنى الانتهاك، فهذا وجه الاستثناء للناسي من الأصل الذي ذكرناه، وهو مؤاخذته للضمان بحق الله وحق المخلوق.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع كتاب البيع [4] | 3705 استماع |
شرح زاد المستقنع باب الرجعة [1] | 3620 استماع |
شرح زاد المستقنع باب ما يختلف به عدد الطلاق | 3441 استماع |
شرح زاد المستقنع باب صلاة التطوع [3] | 3374 استماع |
شرح زاد المستقنع واجبات الصلاة | 3339 استماع |
شرح زاد المستقنع باب الإجارة [10] | 3320 استماع |
شرح زاد المستقنع باب التيمم [1] | 3273 استماع |
شرح زاد المستقنع باب صوم التطوع [2] | 3228 استماع |
شرح زاد المستقنع باب شروط القصاص | 3186 استماع |
شرح زاد المستقنع باب نفقة الأقارب والمماليك [6] | 3169 استماع |