خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/68"> الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/68?sub=33614"> شرح كتاب زاد المستقنع
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح زاد المستقنع باب جزاء الصيد
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال المصنف رحمه الله: [باب جزاء الصيد].
أي: في هذا الموضع سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل المتعلقة بالتحكيم في قتل الصيد، وقد ذكرنا أن الصيد حرام على المحرم، وأنه يجب عليه الجزاء إذا قتل الصيد، وبينا طريقة هذا الجزاء، وذكرنا ما بينه العلماء رحمهم الله من المسائل المتعلقة بجزاء الصيد من حيث الجملة، وهنا سيذكر المصنف رحمه الله جملة من المسائل التي تتعلق بالأحكام المنصوص عليها إما مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو موقوفة على الصحابة، وتوضيح ذلك: أن جزاء الصيد يفتقر إلى حكم عدلين كما ذكرنا، فلو أن المحرم قتل غزالاً أو قتل ظبياً أو قتل حمار وحش أو قتل بقرة وحش فيجب عليه أن يحتكم إلى عدلين ينظران في الشيء الذي قتله المحرم وعدله من بهيمة الأنعام، فمثلاً:
إن كان الذي قتله نعامة فعدلها بدنة، وإن كان الذي قتله حمار وحش فعدله بقرة، وإن كان الذي قتله تيس جبل فعدله الشاة، لكن هذا العدل يفتقر إلى حكمين عدلين ينظران في الشيء الذي قتله والشيء الذي يماثله ويشابهه، فلما كان الحكم الشرعي المجمع عليه في الأصل ينص على هذا فإنه من المعلوم أن الصحابة رضوان الله عليهم وقعت لهم حوادث في قتل الصيد من المحرم فاحتكموا إلى غيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك أقضية عن عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عوف وهذه الأقضية وردت عن الصحابة، وقول الصحابي حجة عند طائفة من العلماء، فكأنهم رأوا أن ما قضى فيه الصحابة وما ورد فيه الخبر والأثر عنهم أنهم حكموا فيه فإن ذلك الحكم باق إلى قيام الساعة فلا يتغير، وهذه مسألة لها نظائر، فالمسائل:
التي ورد فيها الحكم من الصحابة أو من النبي صلى الله عليه وسلم في الأقضية التي في أصلها تقبل الاجتهاد هل يبقى حكمها إلى قيام الساعة أم يتجدد؟
فمذهب طائفة من العلماء: أن ما قضى فيه الصحابة لا يتجدد، ولا يحتاج إلى عدلين، فمن قتل حمامة فإن الصحابة قضوا فيها شاة، فنقول له: عليك شاة، ولا نبحث عن مسألة الحكمين العدلين، كأنهم رأوا أن حكم الصحابة بعدل الشاة يعتبر حكماً باقياً إلى قيام الساعة، وهذا بالنسبة لقضاء الصحابة رضوان الله عليهم.
أما بالنسبة للذي لم يقض فيه الصحابة، أي: الذي لم يرد عن الصحابة رضوان الله عليهم فيه حكم، فهذا يرجع إلى العدلين إعمالاً للأصل.
وهناك أمثلة كما ذكرنا منها: الحِمى، فالنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه حمى ما يسمى اليوم بالعطن في المدينة وهو بجوار مسجد السبق، هذا الموضع حماه، وحمى وادي الفرع، وحمى كذلك صلوات الله وسلامه عليه بالربذة، فهل هذا الحِمى يبقى إلى قيام الساعة حمىً، أم أنه حماه لأنه كان محتاجاً إليه في ذلك الزمان؟
فمن أهل العلم من يقول: تبقى مسبّلة إلى قيام الساعة حِمىً.
ومنهم من يقول: إنها تتغير بتغير الأزمنة والعصور.
فإذا كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها فإنه يتغير الحكم بالنسبة لما جدّ وطرأ من العصور بعدها.
هذا بالنسبة لمسألة قضاء الصحابة في صيد المحرم: هل يبقى إلى قيام الساعة، أم أنه قضاء اجتهادي يمكن أن يتغير بتغير الأزمنة والأمكنة والأشخاص؟
والذي عليه جمهور العلماء: أنهم كانوا يعتدون بقضاء الصحابة، ويرون أن الصحابة رضوان الله عليهم حجة في هذا القضاء؛ والسبب في هذا واضح فإن الصحابي حينما نظر إلى بقر الوحش ونزله منزلة البقرة وقضى فيه بالبقرة، فلا شك أنه أعلم وأعرف بالنص الوارد وبدلالته، فكونه يأتي إلى هذا الشيء وينزله منزلة نظيره من بهيمة الأنعام فإن حكمه واضح في إصابة الحق وقربه من الصواب، ولذلك يقوى القول بأن ما قضت به الصحابة يرجح أن يترك إلى قيام الساعة حكماً باقياً.
وعلى هذا: فإن المصنف رحمه الله قرر لك الأصل في جزاء الصيد أنك تحتكم إلى عدلين، وأنهما يحكمان بالمثل إن وجد المثل ثم ينتقل إلى قيمته وعدله من الطعام بتلك القيمة ثم ينتقل إلى عدله من الصيام كما تقدم معنا شرحه في المجلس الماضي، بعد أن بيّن لك هذه القاعدة شرع الآن في بيان ما ورد فيه الأثر عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قضائهم به.
قضاؤهم في النعامة وحمار الوحش وبقرته
وقوله: [في النعامة بدنة].
يقول رحمه الله: (في النعامة بدنة) أي: يجب على المحرم إذا قتل صيد النعامة بدنة؛ وذلك لأنه قضاء عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر قضوا: بأن النعامة إذا قتلها المحرم أنه يجب عليه أن ينظر إلى عدلها وهو البدنة، وعلى هذا يبقى القضاء إلى قيام الساعة كما ذكرنا.
وقوله: [وحمار الوحش وبقرته].
(وحمار الوحش) وهو المعروف الذي له خطوط، بخلاف الحمار الأهلي سواء كان أبيض أو أسود فإنه لا يعتبر حلالاً ولا يعتبر صيداً، فلو أنه دهس حماراً من الحمر الأهلية فلا يعتبر صيداً، وهذا إن كان ملكاً لأحد وجبت قيمته، وإذا لم يكن ملكاً لأحد فإن دمه هدر لا يجب ضمانه؛ لكن لو أنه صار حمار وحش -وهو الحمار الذي يكون فيه الخطوط في الغالب- فعدله بقرة، وهذا قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وبهذا القضاء قال مجاهد بن جبر تلميذ عبد الله بن عباس ، وقال به عروة بن الزبير من التابعين رحمهم الله، وقال به من الفقهاء الشافعية، وهو مذهب الحنابلة والشافعية: أن حمار الوحش إذا قتله المحرم يجب عليه ضمانه بالبقرة، فعدل حمار الوحش إذا نظرت من حيث الهيئة والجلد تعادله البقرة، فهو لا يرتقي إلى البدنة؛ لضعف حجمه عن ذلك، وكذلك أيضاً لا ينزل إلى الشاة، وإنما هو وسط بينهما، فكان عدله الوسط من بهيمة الأنعام، فتجب عليه بقرة مثلية لهذا الصيد إن قتله.
وقوله: [وحمار الوحش وبقرته].
بقرة الوحش كذلك أيضاً يكون جزاؤها البقرة، فيجب فيها بقرة، وهو قضاء عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، وبهذا القضاء قال عطاء بن أبي رباح تلميذ ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه ورحم الله عطاء ؛ وهو فقيه مكة المشهور الذي كان يقال: لا يفتي الناس في الحج إلا عطاء . وحسبك به علماً وفضلاً رحمه الله برحمته الواسعة، وقال بهذا القضاء عروة بن الزبير قال: إن بقر الوحش فيه بقرة فيكون عدلها أو مثلها البقرة. وكذلك عمل به فقهاء الشافعية، فمذهب الحنفية والشافعية على أن بقرة الوحش عدلها البقرة من بهيمة الأنعام.
قضاؤهم في الأيّل والثيتل والوعل
(والأيّل) وهو نوع من الوعل.
وقوله: [والأيّل والثيتل والوعل بقرة].
قيل: بالنسبة للوعل هو تيس الجبل، فيقال: يسمى بالأيّل، وقيل: إن الأيّل نوع من بقر الوحش، والوعل هو مما أحل الله من صيد البر، وله قرنان معكوفان، والوعول معروفة، فهذا الوعل عدله بقرة، وبهذا قضى الصحابة: عبد الله بن عباس وقضى به أيضاً عبد الله بن عمر ، ولذلك جعل في أنثى الوعول البقرة.
وأما قوله: (الثيتل) فهو الوعل المسنّ، نوع خاص من الوعول، والسبب في ذكره للثيتل بعد ذكره للأيّل ومع ذكره للوعل أن الثيتل يكبر حجمه، وقد يكون مسناً من الحطمة، ولذلك قالوا: فيه بقرة، وكأنه يقول: الوعول ما كان منها شديداً قوياً فإن فيه البقرة، وما كان منها في آخر سنه وقد طعن في السن ففيه البقرة، وما كان من إناثه فإن فيه البقرة كما هو قضاء عبد الله بن عمر .
قضاؤهم في الضبع
من العلماء من يقول: الضبح نوع واحد، وهو أشبه ما يكون بالذئب، وإن كان يختلف في الوجه، فوجه الذئب أقرب إلى أن يكون مثلثاً من وجهه المستطيل، وهو يعدو على القبور وينبشها، وكذلك أيضاً يأكل الجيف والنتن، حتى ربما عدى على الحمار ونحوه، فهو من السباع العادية، وبعض العلماء يقول: هو نوعان:
نوع منه عاد، ونوع منه أكثر ما يكون اغتذاؤه بالنباتات، وهو الموجود بالحجاز، ويقولون: هو الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (الضبع صيد وفيه كبش)، وهذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجة بسند صحيح.
واختلف العلماء رحمة الله عليهم في قوله: (الضبع صيد):
فقال بعض العلماء: لا يحل أكله، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له حكم الصيد، يعني: في الأصل ليس بصيد ولكن نُزّل منزلة الصيد.
ومنهم من قال: يحل أكل لحمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الضبع صيد)، وهذا أقوى من جهة لفظ الحديث لما قال: (الضبع صيد) وأوجب فيه جزاء الصيد فدلّ على أنه يجوز أكل لحمه.
ومن ناحية القياس كما يقول العلماء: من جهة النظر لا يقوى حلّه، ولذلك هو من السباع العادية، وإذا خلى بالإنسان فتك به وأهلكه، والأشبه من ناحية الأصول عدم حلّ أكل لحمه، وكأن الذين يقولون بتحريم أكل لحمه يقولون: إنه من السباع العادية، ويكون قوله عليه الصلاة والسلام عندهم: (الضبع صيد) يخرجونه على أنه مع كونه من السباع العادية أخذ حكم الصيد باستثناء من السنة، لا أنه صيد يؤكل، أي: أنه صيد يجب ضمانه، وقالوا: كونه ينص على الضبع ويوجب الفدية فيه على هذا الوجه يدل على أنه ليس بمأكول في الأصل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على جزاء الصيد في غير الضبع، وإنما نص في جزاء الصيد في الضبع، وكأنه في هذه الحالة ينبه على أنه وإن كان الأصل عدم حل أكله لكن يجب الضمان فيه إن قتل.
ولكن من المذهب الأول قلنا: إن له وجهاً من السنة.
وعلى هذا لو قتله ففيه كبش، والكبش يكون من الضأن، فإن كان الضبع كبيراً ففيه كبش كبير، وإن كان وسطاً فوسط، وإن كان صغيراً فصغير، على حسب حالة الضبع، وهذا وجه التمثيل: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ المائدة:95] ، فينظر الحكمان في الشيء المقتول من الضباع، أو من الضبع المقتول من ناحية جِرمِه وحجمه ويوجبون فيه مثلياً في الحجم، مع كونه كبشاً لكن ينظرون إلى مثليته في الحجم، فإن كان الضبع كبير الحجم أوجبوا فيه كبشاً كبير الحجم والعكس بالعكس.
قضاؤهم في الغزال والضب والوبر واليربوع
وفي الغزال عنز؛ قالوا: لأنه أجرد لا شعر له وهو أشبه بالماعز، ولذلك هو مقطوع الذنب بخلاف الضبع ولذلك قالوا: ينزل الغزال منزلة الماعز فيجب فيه ما ذكر، وقضى به بعض الصحابة رضوان الله عليهم.
وقوله: [والوبر والضب جدي].
والوبر وهو ضرب من بنات عرس، وكذلك أيضاً الضب فيه جدي، والجدي له ستة أشهر قالوا: يقضى فيه بالجدي، والضب معروف ولكنهم شبهوه ونزلوه منزله الجدي قضاء لبعض الصحابة رضوان الله عليهم وقالوا: إنه يأخذ حكمه فيجب فيه الجدي، وإلا فالأصل من ناحية الحجم والجلد لا يستطيع أن يصل إلى درجة الجدي إلا إذا كان كبيراً، ولذلك بعض العلماء يقولون: ينظر في الضب نفسه، فلا يكون الجدي فيه محدداً مؤقتاً، فإن كان ضباً كبيراً فإنه حينئذٍ يصل للجدي وإن كان دون ذلك فإنه لا يقوى أن يأخذ حكم الجدي.
قضاؤهم في الأرنب اليربوع والحمامة
(واليربوع) ويقال له: الجربوع، وهي الجرابيع المعروفة، فيبدلون الياء جيماً وهي لغة معروفة في العرب، يقولون للرجل: ريل بإبدال الجيم ياءً، ومنه قوله الشاعر:
إذا لم يكن منكن ظل ولا جني فأبعدكن الله من شيراتي
أي: أبعدكن الله من شجراتي، فالعرب تبدل الجيم ياء، ويقولون: (ريّال) يعني: (رجال) ونحو ذلك، ويبدلون الياء جيماً، ومنه قوله:
إن كنت قد قبلت حجتج لا زال بابل يأتيك بج
وأصلها: إن كنت قد قبلت حجتي لا زال بابل يأتيك بي
تقول: بج يعني: بي، هذا من إبدال الجيم ياء وإبدال الياء جيماً.
يقال: يربوع وجربوع، هذا معروف عند العامة أنهم يقولون: جربوع، لكن يقال له: اليربوع.
وفي اليربوع جفرة ويكون لها أربعة أشهر وهي من صغار الماعز.
وقوله: [والأرنب عناق].
قيل: إنها تقارب الستة الأشهر، وقيل: يسمى بها صغار الماعز منذ أن يولد إلى أن يبلغ الستة الأشهر، وهذا هو مراد المصنف، أنه ما كان دون الأربعة الأشهر، أي: دون ثلث السنة، هذا بالنسبة للعناق، وهي التي ورد فيها حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم في قصته مع أبي بردة رضي الله عنه وأرضاه: (حينما ذبح شاة قبل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد النحر فقال: ليس عندي إلا عناق، قال: تجزيك ولا تجزي غيرك) .
وقوله: [والحمامة شاة].
وفي الحمامة شاة، قضى به جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وشبهوا الحمامة بالشاة، وهذا القضاء كما قلنا يعتبرونه قضاء باقياً إلى قيام الساعة، فإذا قتل حمامة فإنه يجب عليه أن يضمنها بالشاة لوجه الشبهية.
وقوله: [في النعامة بدنة].
يقول رحمه الله: (في النعامة بدنة) أي: يجب على المحرم إذا قتل صيد النعامة بدنة؛ وذلك لأنه قضاء عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر قضوا: بأن النعامة إذا قتلها المحرم أنه يجب عليه أن ينظر إلى عدلها وهو البدنة، وعلى هذا يبقى القضاء إلى قيام الساعة كما ذكرنا.
وقوله: [وحمار الوحش وبقرته].
(وحمار الوحش) وهو المعروف الذي له خطوط، بخلاف الحمار الأهلي سواء كان أبيض أو أسود فإنه لا يعتبر حلالاً ولا يعتبر صيداً، فلو أنه دهس حماراً من الحمر الأهلية فلا يعتبر صيداً، وهذا إن كان ملكاً لأحد وجبت قيمته، وإذا لم يكن ملكاً لأحد فإن دمه هدر لا يجب ضمانه؛ لكن لو أنه صار حمار وحش -وهو الحمار الذي يكون فيه الخطوط في الغالب- فعدله بقرة، وهذا قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وبهذا القضاء قال مجاهد بن جبر تلميذ عبد الله بن عباس ، وقال به عروة بن الزبير من التابعين رحمهم الله، وقال به من الفقهاء الشافعية، وهو مذهب الحنابلة والشافعية: أن حمار الوحش إذا قتله المحرم يجب عليه ضمانه بالبقرة، فعدل حمار الوحش إذا نظرت من حيث الهيئة والجلد تعادله البقرة، فهو لا يرتقي إلى البدنة؛ لضعف حجمه عن ذلك، وكذلك أيضاً لا ينزل إلى الشاة، وإنما هو وسط بينهما، فكان عدله الوسط من بهيمة الأنعام، فتجب عليه بقرة مثلية لهذا الصيد إن قتله.
وقوله: [وحمار الوحش وبقرته].
بقرة الوحش كذلك أيضاً يكون جزاؤها البقرة، فيجب فيها بقرة، وهو قضاء عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، وبهذا القضاء قال عطاء بن أبي رباح تلميذ ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه ورحم الله عطاء ؛ وهو فقيه مكة المشهور الذي كان يقال: لا يفتي الناس في الحج إلا عطاء . وحسبك به علماً وفضلاً رحمه الله برحمته الواسعة، وقال بهذا القضاء عروة بن الزبير قال: إن بقر الوحش فيه بقرة فيكون عدلها أو مثلها البقرة. وكذلك عمل به فقهاء الشافعية، فمذهب الحنفية والشافعية على أن بقرة الوحش عدلها البقرة من بهيمة الأنعام.