ليكن معلوماً بادئ ذي بدء أنه لا يخلو كتاب من كتب شيخ الإسلام المطولة إلا وفيها ذكر لأبي حامد، ونقل عن كتبه، وهذا استقر لي بالتتبع من نقوله وكتبه رحمه الله.
ومن المهم مطالعة تفاصيل نقول الشيخ من كتب أبي حامد المختلفة، ومناقشة الشيخ لما ينقله منها؛ فمن منهجه أنه ينقل جملاً طويلة من كتاب أبي حامد، ثم يناقشها تفصيلاً، وربما أحال إلى مواضع أخر فصَّل فيها القول أبسط وأشمل.
وهذا إن دلَّ على شيء؛ فإنما يدل على أن كتب أبي حامد الغزالي من موارد الشيخ المهمة، خصوصاً في النقول عن الفلاسفة والمتكلمين والصوفية ونقدهم الباطنية.
وأهم كتب الغزالي وأمثلها"إحياء علوم الدين"، والكلام عليه في البحث القادم إن شاء الله.
ووضَّع الشيخ ابن تيمية قاعدة لا بد من اعتبارها في كتب الغزالي مستصحبين لحاله حتى ما ختم له به، فقال في"مجموع الفتاوى"ـــــ في"نقض المنطق" [1] ــــــ (4/ 63 - 66) :
(( وَتَجِدُ أَبَا حَامِدٍ الْغَزَالِيَّ - مَعَ أَنَّ لَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مَعَ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَحُسْنِ الْقَصْدِ، وَتَبَحُّرِهِ فِي الْعُلُومِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَكْثَرَ مِنْ أُولَئِكَ - يَذْكُرُ فِي كِتَابِ"الْأَرْبَعِينَ"وَنَحْوِهِ كِتَابَهُ:"الْمَضْنُونُ بِهِ عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ"، فَإِذَا طَلَبْت ذَلِكَ الْكِتَابَ وَاعْتَقَدْت فِيهِ أَسْرَارَ الْحَقَائِقِ وَغَايَةَ الْمَطَالِبِ، وَجَدْته قَوْلَ الصَّابِئَةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ بِعَيْنِهِ، قَدْ غُيِّرَتْ عِبَارَاتُهُمْ وَتَرْتِيبَاتُهُمْ.
(1) وفي طبعة"النقض"المستقلة (53 - 56) .