رحمه الله أبا حامد، وعامله بعفوه، وستر عليه عيوبه، وتجاوز عنه برحمته، وأدخله جنته بعفوه، وبصالح عمله، وجمعه بها مع سلفه الصالحين ولنا ولعلمائنا ولجميع المسلمين. آمين.
إن من المعلوم أن الشيخ أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (المتوفى سنة 330 هـ) هو المؤسس الحقيقي لمذهب الأشاعرة، وإليه تنتسب طوائفهم.
وقد مرَّ أبو الحسن خلال حياته بعدة أطوار حيث نشأ ردحاً من الزمن في أحضان المعتزلة ربيباً عند أبي علي الجُبَّائي زوج أمه، ثم تلميذاً ومناظراً لهم نحواً من أربعين سنة.
حتى رجع بعدها عن الاعتزال، ونقد مذهبهم، مبيناً عورهم وتهافتهم، في المجالس والنوادي والتصانيف.
لكنه تلقَّف مذهب عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب في القول بنفي الصفات الإلهية الاختيارية، وبقيت عنده بعضاً من أصول المعتزلة كدليل الأعراض ونحوه حتى عاد في آخر حياته عن هذا المذهب، ورجع إلى جادة أهل السنة والجماعة حقاً، أتباع السلف الصالح، وألف كتابه الشهير:"الإبانة عن أصول الديانة". ولكن رجوعه رحمه الله لم يكن بعد ذلك رجوعاً محضاً حيث بقيت شوائب قليلة نتيجة السنين الكثيرة من عمره التي طواها في مذهبي المعتزلة، ثم الكلابية، وإن كان قد صرح في"الإبانة"و"مقالات الإسلاميين"عند ذكر عقيدته أنه على عقيدة الإمام أحمد بن حنبل، وقائلٌ بما قال به! ولكن ما ينبغي ملاحظته أن أبا الحسن انشغل في طوره الثاني