الصفحة 11 من 43

الصنف الذين أثبتوا الصفات وناقضوا نفاتها، وإن كانوا قد شركوهم في بعض أصولهم الفاسدة، التي أوجبت فساد بعض ما قالوه من جهة المعقول، ومخالفته لسنة الرسول.

وكان ممن اتبعه الحارث المحاسبي، وأبو العباس القلانسي، ثم أبو الحسن الأشعري، وأبو الحسن بن مهدي الطبري، وأبو العباس الضبعي، وأبو سليمان الدمشقي، وأبو حاتم البستي، وغير هؤلاء المثبتين للصفات المنتسبين إلى السنة والحديث، المتلقبين بنظار أهل الحديث.

وسلك طريقه ابن كلاب في الفرق بين الصفات اللازمة كالحياة والصفات الاختيارية، وأن الرب يقوم به الأول دون الثاني، كثير من المتأخرين: من أصحاب مالك والشافعي وأحمد: كالتميمين أبي الحسن التميمي وابنه أبي الفضل التميمي وابن ابنه رزق الله التميمي، وعلى عقيدة الفضل التي ذكر أنها عقيدة أحمد اعتمد أبو بكر البيهقي فيما ذكره من مناقب أحمد في الاعتقاد.

وكذلك سلك طريقة ابن كلاب هذه أبو الحسن بن سالم وأتباعه السالمية، والقاضي أبو يعلى وأتباعه: كابن عقيل، وأبي الحسن الزاغوني، وهي طريقة أب المعالي الجويني، وأبي الوليد الباجي، والقاضي أبي بكر ابن العربي وغيرهم، لكنهم افترقوا في القرآن.

والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب، ويحذرون عن أصحابه، وهذا هو سبب تحذير الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية )) اهـ [1] .

ومع هذا انتشر المذهب الأشعري بعد أبي الحسن بسرعة في البلاد الإسلامية ولاسيما المشرق الإسلامي منها، وكان لهذا الانتشار عدة أسباب أرادها الباري سبحانه وتعالى، منها، ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة في أن القرآن كلام الله، حيث قال:

1 -كثرة الحق الذي يقولون، وظهور الأثارة النبوية عندهم.

2 -لبسهم ذلك بمقاييس عقلية، بعضها موروث عن الصابئة، وبعضها مما ابتدع في الإسلام، واستيلاء ما في ذلك من الشبهات عليهم، وظنهم أنه لم يمكن التَّمسكُ بالأثارة النبوية من أهل العقل والعلم إلا على هذا الوجه.

3 -ضعف الأثارة النبوية الدافعة لهذه الشبهات، والموضحِّة لسبيل الهدى عندهم.

(1) من الكيلانية ضمن الفتاوى (12/ 366 - 368) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام