3 -يقول يوسف أبا الخيل: (الإيمان بأن للآخرين ذات الحق التي له في إبداء الآراء والتماهي مع يترتب عليها من معتقدات، وما دام ملتزماً بإعطاء الفرصة للآخرين - وإن لم يكن مقتنعاً بذلك - ليدلوا بدلوهم في الشأن الاجتماعي كافة، وإشعاره أن زمن احتكار الحقيقة - بما فيها الحقيقة الدينية - قد ولى زمانه وليس ثمة طريق آخر إلا مشاركة الآخرين وفقاً لنسبية الحقيقة التي يمسك كل طرف بجزء من خيطها) أهـ [1]
وغيرها من النماذج، وإذا تبين ضعف مذهبهم من الأساس، وهو يعود إلى مذهب السفسطائية العندية المذهب الذي سخرت منه القرون عاد جذعا.
ثم لو قالوا أن هناك حقائق ثابتة، وخالفوا مذهب أسيادهم في الغرب، وأن ما يعتقده الإنسان قد يكون حقا مطلقا أحيانا، وقد يكون نسبيا أحيانا أخرى، وقد يكون باطلا أحيانا ثالثة، غير أن الأفهام البشرية مختلفة، ولهذا نجد الطرفين أو الأطراف كل منهم يزعم أنه على الحق المطلق وما سواه على الباطل المحض، وليس أحدهما بأولى من الآخر!!، وقريب من هذا ما يقوله د. محمد جابر الأنصاري في كتابه تجديد النهضة: (يجب أن يكون واضحاً في غاية الوضوح: أن المطلق مطلق، ولكن الفهم البشري والتفسير البشري لأي جانب من جوانب المطلق هو فهم نسبي) [2] .
والجواب من وجهين:
الوجه الأول: أنه ينبغي أن نعلم أنه لا يمكن أن تكون الأمور المتناقضات كلاها على حق- لا كليا ولا جزئيا- كما في التوحيد والشرك؛ يوضح ذلك أنهما نقيضان لا يجتمعان و لا يرتفعان ولا يمكن أن يقال: إن الحق يتعدد أو يتجزأ في هذا الموضع؛ إذ تعدد الحق باطل أصلا لاستحالة وجوده بين المتناقضات كالتوحيد والشرك، كما أن أصل التوحيد لا يقبل التجزئة، فهو إما أن يتحقق فيكون صاحبه في عداد الموحدين أو لا يتحقق فيكون صاحبه في عداد المشركين وليس ثمة منزلة ثالثة إلا على مذهب المعتزلة مع أنهم لا يرون تجزئة الحق كما هو
(1) وقد انبرى عدد من الباحثين الشرعيين في تفنيد (نسبية الحقيقة) عند الليبراليين وذكروا نماذجا من كلامهم وقد استفدت منهم فيما ذكرته من نماذج وغيرها، ويمكن الرجوع إلى كتاباتهم لأهميتها وهي: 1 - الحقيقة النسبية .. أفيون العقيدة للماجد. 2 - نسبية الحقيقة في الفكر الليبرالي للسليم. 3 - ثقافة التلبيس (9) : قولهم بـ (نسبية الحقيقة) للخراشي 4 - مجموع الفتاوى لابن تيمية (19/ 135 - 151) .
(2) تجديد النهضة باكتشاف الذات ونقدها، د. محمد جابر الأنصاري، ص 83 بواسطة: مقال سليمان الخراشي بعنوان: ثقافة التلبيس (9) : قولهم بـ (نسبية الحقيقة) .