الصفحة 5 من 36

ومعاملتهم بالعدل سواء في ذلك المحارب والمسالم، وإنما تنازعوا في معاملة غير الحربيين بالبر بهم والإقساط إليهم على قولين!! وجمهورهم على أنهم يعاملونهم بالبر والإقساط كما ذكر ذلك القرطبي وغيره.

و رغم أن الولاء والبراء في الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة في غاية الجلاء عقلا ونقلا إلا أن هناك من أخطأ فيه ما بين إفراط أو تفريط، وإليك بيان الطائفتين اللتين أخطأتا فيه:

وقد أخطأت في الولاء والبراء طائفتان:

الطائفة الأولى: من أدخلت في الولاء والبراء ما ليس منه فحصل منها شدة؛ وهؤلاء جعلوا من لازم بغض الكافرين وكرههم إساءة معاملتهم مستدلين بقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [58\ 22] وقوله: /فَسَوْفَ يَاتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ/، وما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة /أن رسول الله / قال: (( لا تبدؤوهم بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ) ) [1] ونحوها من النصوص، وتأولوا النصوص الواردة في حسن معاملة الكفار ظنا منهم التعارض بينها. وهؤلاء على رتب متفاوتة بحسب القرب من المنهج القويم والصراط المستقيم، وليس الكلام مخصصا عن هذه الطائفة.

الطائفة الثانية: وهم من أخرج من الولاء والبراء ما هو منه فحصل منهم تساهل وتمييع له؛ وهؤلاء تأثروا باللغة الإعلامية وبريقها، وما تنفخه الليبرالية الشهوانية في بوقها، من التهوين بالأصول الإيمانية، والدعوة إلى المساواة المطلقة، وإشاعة الأخوة الإنسانية، والتعايش مع الآخر، والانفتاح، والتسامح، والتعددية، والطائفية، ونبذ البغض، والكراهية، والتطرف، والإرهاب، والتزمت، والتشدد، فتارة يقولون: لماذا نكره الأخر؟؟ ولماذا نبغض الكافر ولم يصدر منه خطأ اتجاهنا؟ ونحوها من العبارات التي تحاول تشويه صورة الولاء والبراء- التي بتكرارها وتنوع

(1) صحيح مسلم (7/ 5) رقم (5789)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام