اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وبهذا يتبين أن الطائفة الثانية درجات متفاوتة أيضا.
وخلاصة الأمر: أن خطأ الطائفة الثانية أكبر من خطأ الطائفة الأولى في الجملة، وليس من العدل في شيء أن نساوي بين الأخطاء المتفاوتة!!
تمييع الولاء والبراء في التاريخ الإسلامي قديم مارسه بعض الخلفاء مع بعض أهل البدع وفعله بعض الخونة مع فلول النصارى لكنها لا تعدو كونها قضايا محدودة خارج السياق العام، وجملتها أخطاء في التطبيق لا في التنظير والتصور، وقد هاجت موجة تمييع الولاء والبراء تحت غطاء (التسامح) والذي استمات في الدفاع عنه (جون لوك) أحد أبرز المنظرين للفكر العلماني الليبرالي؛ حيث كتب وناضل من أجل مفهوم التسامح وإلغاء مفهوم البراء بكل أشكاله [1] ، واتسع هذا الفكر في بلاد أوربا وقد ساهم في انتشاره ردة فعل الناس للطغيان الكنسي واستبداد الباباوات الذي ابتليت به أوربا قرونا، فانتقلوا من تطرف إلى تطرف مقابل وهكذا تكون ردود الأفعال في الغالب!
وقد استغل هذا الأمر طائفة من اليهود في تنظيم اشتهر بالماسونية يعد سريا للغاية هدفه هدم الإسلام وسائر الأديان سوى اليهودية-وهو تنظيم قديم - وقد استغل أحفادهم الماسونيون الجدد الموجة الليبرالية لكسر حاجز الولاء والبراء تحت غطاء الحرية و الإخاء والمساواة! [2]
ثم تأثر بهذا الفكر طائفة من المحسوبين على العلم والدعوة وأشهرهم جمال الدين الأفغاني (ت: 1838) الذي يعد البوابة الأولى في تمييع الدين وكسر حاجز الولاء والبراء في البلاد الإسلامية كما أن تلميذه محمد عبده (ت:1849) - الذي يعد أول من أعاد المدرسة العقلية و الفكر الاعتزالي جذعا- ساهم في تمييع الولاء والبراء مساهمة كبرى [3] ، كما أن السنهوري -
(1) نقد التسامح الليبرالي (22)
(2) في موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة 1 - 29 - (27/ 3) ذكرت أن أول من أسس الماسونية هو: (هيرودس أكريبا(ت 44 م) ملك من ملوك الرومان) وفي الباطنية عبر التاريخ (1/ 36) قال: وخراب الهيكل كان في سنة (70 م) ، دمره قائد روماني اسمه تيتو، وبعضهم يرجع أن نشأة الماسونية هي أقدم من ذلك) ينظر: أحجار على رقعة الشطرنج، والماسونية للشيخ عبدالرحمن الدوسري، وأجنحة المكر الثلاثة (1/ 287) .
(3) الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (1/ 397) التيار العقلي لدى المعتزلة (1/ 27) العصرانية قنطرة العلمانية (1/ 7)