النصوص بعضها ببعض ويلوون أعناقها من أجل الوصول إلى قياسهم الفاسد ولو خالف الإجماع!!
وسر خطئهم أن القياس لفظ مجمل يتناول القياس الصحيح والقياس الفاسد [1] ، وهؤلاء ممن تأثر بالأقيسة الفاسدة لتمييع الولاء والبراء وانخدع بشعارات الغرب الزائفة اليوم وأنهم لا يكنون لنا البغضاء فلماذا نبغضهم؟؟ وأنهم يعاملوننا بكذا وكذا فلماذا لا نعاملهم بنفس المعاملة ونحو تلك الأقيسة الفاسدة التي يظنها البعض من العدل، وهي من الظلم والجهل؛ نظير فعل المشركين حينما قالوا: نعبد إلهك سنة وتعبد إلهنا سنة [2] .. وكل هذا في غاية البطلان؛ إذ أن مقتضى العقل والنقل أن الحق والباطل لا يستويان، واستحلال الناس للباطل لا يصيره حقا، بل يبقى الباطل باطلا مهما روج له أهله!!
وما يطرحه بعض المميعين من أننا وطوائف الكفر سواء في كون كلٍ يعتقد صحة عقيدته وليس إجبارنا لهم أولى من إجبارهم لنا ونحو ذلك مما جرته العلمانية من أفكار سفسطائية!!
والجواب: أنه ليس في ديننا إجبار على اعتناق الدين الإسلامي بالنسبة للكافر الأصلي، بل لو اعتنقه مجبرا لم ينفعه ذلك البتة، ولم تترتب عليه الأحكام، ما لم تخالط بشاشة قلبه الإيمان وهذا مذهب عامة السلف، أما هؤلاء النصارى العلمانيين فيلزمون الدول بديمقراطيتهم مع فسادها بداهة مما لا يتسع المقام لبيانه، وأما مساواة أصحاب المعتقدات المحرفة والخرافية بالمعتقد الإسلامي، وأن كلا يعتقد صحة معتقده ولا يلام على ذلك! فهذا في غاية البطلان أيضا، وهذا الإشكال مبني على أساس باطل - انتحلته العلمانية بشقيها الماركسي والليبرالي - وهو أنه ليس هناك حقائق مطلقة، وإنما هي نسبية تتبع معتقدات أصحابها، ومعناه: أنه لو قال رجل: الواحد نصف الاثنين، وقال آخر: بل الواحد نصف الثلاثة!! فليس ثمة حقيقة مطلقة، وكلاهما محق نسبيا!! وحتى لا يكون الكلام تجنيا أسوق لك بعض كلامهم:
1 -يقول محمد عابد الجابري: (إن اعتماد الشك في التفكير الفلسفي، والأخذ بنسبية الحقيقة: هو التسامح بعينه) أهـ
2 -يقول تركي الحمد: (لن تكون متقدماً أو صاحب أمل في التقدم؛ إذا قبلت الرأي على أنه حقيقة، والحقيقة على أنها مطلقة وليست نسبية) أهـ
(1) مجموع الفتاوى (20/ 504)
(2) تفسير البغوي (5/ 317) .