خصّ الله تبارك وتعالى الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام بأمور انفردوا بها دون بقية البشر، وسأقتصر على ذكر الأمور التي تكلّم فيها ابن رجب رحمه الله تعالى، ومنها:
1 -أنهم يخيّرون عند الموت بين الدنيا والآخرة، يدلّ على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"ما من نبي يمرض إلّا خيّر بين الدنيا والآخرة، وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذته بُحة (1) شديدة، فسمعته يقول: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} (2) ، فعلمت أنه خيّر" (3) .
يقول ابن رجب رحمه الله تعالى في هذا:"وأمّا الأنبياء فلا يقبضون حتى يخيّروا" (4) .
وقال رحمه الله تعالى أيضًا:"لما كان الموت مكروهًا بالطبع لما فيه من الشدّة والمشقّة العظيمة لم يمت نبيّ من الأنبياء حتي يخيّر" (5) .
(1) البُحَّة: بالضم غلظة في الصوت، يقال بَحَّ يَبَحَّ بُحُوحًا، وإن كان من داء فهو البُحاح. النهاية لابن الأثير (1/ 99) .
(2) سورة النساء، آية (69) .
(3) أخرجه البخاري: كتاب التفسير - باب"فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين" (5/ 181) .
(4) جامع العلوم والحكم (3/ 179) .
(5) لطائف المعارف (ص 103) .