فهرس الكتاب
الصفحة 491 من 789

المعطي المانع الخافض الرافع، المعزّ المذلّ، والدهر ليس له من الأمر شيء، فمسبّتهم للدهر مسبّة لله عزَّ وجلَّ، ولهذا كانت مؤذية للربّ تعالى ...

فسابّ الدهر دائر بين أمرين لابدّ له من أحدهما: إما سبه لله، أو الشرك به، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسبّ من فعله، فقد سبّ الله (1) .

وقوله - صلى الله عليه وسلم: (أنا الدهر) ، قال الخطابي: معناه أنا صاحب الدهر ومدبّر الأمور (2) .

وقال القاضي عياض (3) رحمه الله تعالى:"زعم بعض من لا تحقيق له أن الدهر من أسماء الله، وهو غلط فإن الدهر مدّة زمان الدنيا" (4) .

وقال شيخنا فضيلة الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله: وقوله: (أنا الدهر) لا يدلّ على أنه تعالى اسمه الدهر، لأنه فسّره بقوله:"بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"، فكونه تعالى بيده الأمر يقلب اللَّيل والنهار هو معنى قوله: (أنا الدهر) (5) .

(1) زاد المعاد (2/ 354، 355) .

(2) أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري للخطابي (3/ 1904) .

(3) عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليحصبي الأندلسي أبو الفضل الحافظ المحدّث الفقيه، وهو إمام الحديث في وقته، وأعرف الناس بعلومه وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، صنّف كتبًا كثيرة، منها: الشفا في شرف المصطفى، وترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك وغيرها، توفي سنة 544 هـ.

الصلة لابن بشكوال (2/ 453) ، ووفيات الأعيان (3/ 483) ، وسير أعلام النبلاء (20/ 212) ، ونفح الطيب (7/ 333) .

(4) فتح الباري لابن حجر (13/ 566) .

(5) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (2/ 351) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام