ما يدرس، وخلفت أثرًا لا يخفى ولا يدرس (1) .
وكانت تدرس في هذه المدارس والمساجد مختلف أنواع المعارف في مقدمتها التفسير والفقه والحديث والنحو والصرف وغير ذلك من علوم الدين واللغة، وقد تخرج من هذه المراكز علماء وفقهاء كانت لهم مؤلفات قيمة، وذخيرة علمية عظيمة تعتبر موسوعات علمية في مختلف العلوم والفنون.
ومن أعلام ذلك العصر البارزين على سبيل المثال لا الحصر شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى سنة (728 هـ) ومؤرخ الإسلام شمس الدين الذهبي المتوفى سنة (748 هـ) وابن قيم الجوزية المتوفى سنة (751 هـ) والحافظ عماد الدين بن كثير الدمشقي المتوفى سنة (774 هـ) وغيرهم ممن عرفوا بسعة انتاجهم وأصالته وأثروا التراث الإسلامي بكثير من مؤلفاتهم وعلومهم، إلا أننا رغم هذه النهضة العلمية الواسعة يجب أن لا نغفل أنه في هذا العصر استولت فيه عدة أوهام، وأحاطت به جملة معتقدات لا تتفق ومذهب السلف، وذلك بسبب البطش والجبروت والقلاقل التي سبقت حياة ابن رجب، فالصوفية قد انتشرت بطرقها بل وأصبحت لها مكانة في المجتمع ودليل ذلك اعتبار الخوانق (2) والربط من دور التعليم، وكذلك المؤولة قد انتشروا من جهمية ومعتزلة وأشاعرة ورافضة وغيرهم من الفرق المخالفة لأهل السنة.
(1) الدارس في تاريخ المدارس (2/ 371، 413) ومنادمة الأطلال (357) .
(2) الخوانق مفردها خانقاه: وهي كلمة فارسية معناها المعبد أو البيت الذي ينقطع فيه الصوفية للذكر والعبادة وتجري عليهم الأرزاق فيها وهي حدثت في الإسلام حوالي سنة 400 هـ.
انظر: الخطط للمقريزي (3/ 399، 400) والعصر المماليكي في مصر والشام (ص 410) .