فهرس الكتاب
الصفحة 864 من 1122

قال: وأتى الأعمى في صورته، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري; فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي رد عليك بصرك; شاة أتبلغ بها في سفري. قال: قد كنت أعمى فرد الله عليّ بصري; فخذ ما شئت، فوالله; لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك; فإنما ابتليتم؛

قوله:"فرد الله عليّ بصري"اعترف بنعمة الله، وهذا أحد أركان الشكر والركن الثاني: العمل بالجوارح في طاعة المنعم، والركن الثالث: الاعتراف بالنعمة في القلب، قال الشاعر:

أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا

قوله:"فوالله; لا أجهدك بشيء أخذته لله"الجهد: المشقة، والمعنى: لا أشق عليك بمنع ولا منة، واعترافه بلسانه مطابق لما في قلبه، فيكون دالا على الشكر بالقلب بالتضمن.

قوله:"خذ ما شئت ودع ما شئت"هذا من باب الشكر بالجوارح; فيكون هذا الأعمى قد أتم أركان الشكر.

قوله:"لله": اللام للاختصاص، والمعنى: لأجل الله، وهذا ظاهر في إخلاصه لله; فكل ما تأخذه لله فأنا لا أمنعك منه ولا أردك.

قوله:"إنما ابتليتم": أي: اختبرتم، والذي ابتلاهم هو الله تعالى، وظاهر الحديث أن قصتهم مشهورة معلومة بين الناس; لأن قوله:"إنما ابتليتم"يدل على أن عنده علما بما جرى لصاحبيه، وغالبا أن مثل هذه القصة تكون مشهورة بين الناس.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام