والشرعية: إذا أظهر الله رسوله على أمرهم; خافوا وقالوا: يا رسول الله! ما أردنا إلا الإحسان والتوفيق.
قوله: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} ، الباء: هنا للسببية، و"ما"اسم موصول، و"قدمت"صلته، والعائد محذوف تقديره بما قدمته أيديهم، وفي اللغة العربية يطلق هذا التعبير باليد ويراد به نفس الفاعل; أي: بما قدموه من الأعمال السيئة.
وقوله: {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} ،"إن"بمعنى:"ما"; أي: ما أردنا إلا إحسانا بكوننا نسلم من الفضيحة والعار، وتوفيقا بين المؤمنين والكافرين أو بين طريق الكفر وطريق الإيمان; أي: نمشي معكم ونمشي مع الكفار، وهذه حال المنافقين; فهم قالوا: أردنا أن نحسن المنهج والمسلك مع هؤلاء وهؤلاء ونوفق بين الطرفين.
قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} ، [النساء: من الآية63] ، توعدهم الله بأنه يعلم ما في قلوبهم من النفاق والمكر والخداع; فالله علام الغيوب، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الِْإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} ، [قّ: من الآية16] ، بل إن الله أعلم منك بما فيك، قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} ، [الأنفال: من الآية24] ، وهذا من أعظم ما يكون من العلم والخبرة، أن الله يحول بين المرء وقلبه، ولهذا قيل لأعرابي:"بم عرفت ربك؟ قال: بنقض العزائم، وصرف الهمم".
فالإنسان يعزم على الشيء ثم لا يدري إلا وعزيمته منتقضة، بدون سبب ظاهر.
قوله:"فأعرض عنهم": وهذا من أبلغ ما يكون من الإهانة والاحتقار.