قلت: لا أدري قالها ثلاثاً، قال: فرأيته وضع كفّه بين كتفي حتى وجدتُ برد أنامله بين ثدييّ فتجلّى لي كل شيء وعرفت فقال: يا محمد، قلت: لبيك رب، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات ..."الحديث، وهذا سياق الترمذي."
وعند الإمام أحمد صرح يحيى بن أبي كثير بالسماع من زيد بن سلام ولكن من رواية أبي سعيد مولى بني هاشم قال: ثنا جهضم، ثنا يحيى بن أبي كثير، ثنا زيد به.
وغير أبي سعيد لا يذكر الحديث إلا معنعناً وهو أشبه.
ولكن لا يضر الحديث فإن يحيى على القول الصحيح الذي ذهب إليه أبو حاتم أنه سمع من زيد بن سلام وقوله مقدم على قول غيره؛ لأنه مثبت وغيره ناف] والمثبت مقدم على النافي والله أعلم.
وأما إعلال من أعلّ الحديث بعنعنة يحيى بدعوى أنه مدلس فهذا قول غير مقبول، لأن يحيى وإن كان مدلساً فإن تدليسه قليل، ومن ثم خرج له الشيخان وغيرهما، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب الموصوفين بالتدليس [1] ، وقد قال في المقدمة عن أصحاب هذه المرتبة:"من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى، كالثوري أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة".
ومنه يظهر بطلان قول من أعلّ الحديث بعنعنة يحيى.
وأما قول المعلِّقَيْن على كتاب الرؤية للدارقطني عن يحيى بأنه مدلس مشهور بالتسوية.
فإنه غير صحيح وليس يحيى بمن يدلس تدليس التسوية فضلاً عن أن يكون مشهوراً به.
ومن هذا يتبين أن أحاديث معاذ حديث لا مطعن فيه وعلى أقل أحواله يكون حسناً ويشهد له ما قبله. وما سيأتي إن شاء الله من الأحاديث.
يشهدُ له أيضاً ويرقيه إلى درجة الصحة.
وقد قال الإمام الترمذي رحمه الله على حديث معاذ:"هذا حديث حسن صحيح سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح ..".
(1) - انظر تعريف أهل التقديس ص"127"بتحقيق المباركي وص"76"بتحقيق النداري ومحمد أحمد.