فهرس الكتاب
الصفحة 25 من 54

فصل

قال السقاف: [الوجه الثاني: هناك ألفاظ منكرة في متن الحديث تؤكد وضعه، منها إثبات الصورة لله تعالى وكذلك إثبات الكف له سبحانه وتعالى عن ذلك وأنها بقدر ما بين كتفي سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإثبات علم ما في السموات والأرض للنبي، صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما لا أود الآن الإطالة بسرده فأقول مجيباً عن بعض هذه المسائل:

1 -أما الأولى: فالله عز وجل ليست له صورة بلا شك وذلك لأنه بيّن أن المخلوقات ومنها الإنسان مركبة من صورة وهو سبحانه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) . إذ قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ) . وأجمع أهل السنة على استحالة الصورة على الله عز وجل كما نقل ذلك الإجماع الشيخ الإمام عبد القاهر البغدادي في كتابه العظيم"الفرق بين الفرق"ص (332) . وقال الشافعي رحمه الله تعالى ورضي عنه كما في سير أعلام النبلاء (10/ 20) والحلية (9/ 105) وآداب الشافعي لابن أبي حاتم (231) وغير ذلك:"الإجماع أكبر من الحديث المنفرد". أي أن الإجماع إذا صادمه حديث آحاد أسقط الاحتجاج به بل يدل ذلك على وضعه وأنه لا أصل له كما يقول الحافظ الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/ 132) .

أقول: كلام السقاف ظلام مبني على ظلام.

يتبين ذلك من وجوه كثيرة.

الوجه الأول: أن قول السقاف:"هناك ألفاظ منكرة في متن الحديث تؤكد وضعه".

قول باطل لا زمام له ولا خطام فإن الحديث ثابت من غير طريق وصححه غير واحد من أهل العم كما تقدم ذكره.

وليس في الحديث نكارة عند من تجرد من القواطع وترك الجدال والمراء وحكم الشرع وآمن بنصوص الكتاب والسنة ولم يلتفت إلى ما خالفهما، وليس ولله الحمد في الحديث شيء ينكر وله شواهد كثيرة تشهد له، والصحابة رضي الله عنهم أعلم الناس وأكملهم عقلاً بعد نبيهم ولم يستنكروا هذا الحديث ولا غيره من أحاديث الصفات.

وقد حدّث بحديث الصورة أكثر من عشرة من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم يستنكروا معناه، بل آمنوا به وأقروه وقابلوا بالتسليم، وتلقاه عنهم التابعون وتابعوهم وخرجوه في كتبهم مقرين له مصدقين به، وذموا من تأوله على غير تأويله، وضللوه لعدوله عن مذهب

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام