فهرس الكتاب
الصفحة 26 من 54

الصحابة، ولا فرق عند الصحابة وجميع علماء السلف بين إثبات الصورة لله تعالى وبين إثبات سائر الصفات، فكما أنهم يصفون الله تعالى بالحياة والعلم والقدرة وسائر صفاته الثابتة بالكتاب والسنة فهم يصفونه بالصورة لصحة ذلك عن نبيهم، ولا يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض فمن أثبت لله تعالى بعض الصفات وأنكر بعضاً فقد تناقض واضطرب وهو ممن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض قال تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) . [سورة البقرة: 85] .

وقد قال ابن قتيبة في كتاب"تأويل مختلف الحديث"ص"150": والذي عندي والله تعالى أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين وإنما وقع الألف لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ونحن نؤمن بالجميع"."

وهذا هو الواجب على جميع العباد أن يؤمنوا بكل ما جاء في كتاب الله، وصح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فمن رد خبراً عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صح مخرجه فقد ضل ضلالاً مبيناً، واتبع غير سبيل المؤمنين، ومن رد أحاديث الصفات بحجة أنها أخبار آحاد فقد أعظم على الله وعلى رسوله الفرية وقفا ما لا علم له به، فإنه لا يعلم خلاف بين أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، من أنه لا فرق بين أحاديث الصفات وأحاديث الأحكام فيجب قبول الجميع إذا صحت أسانيدها، والتفريق بين الأمرين بدعة في الدين.

ومع كون التفريق بين أحاديث الآحاد في الصفات وأحاديث الأحكام مما لا أصل له في الشرع ولم يؤثر عن أحد من الصحابة فهو قول مضطرب متناقض لا زمام له ولا خطام.

قال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [سورة آل عمران: 132] . وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ) . [سورة الأنفال: 24] .

وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً) . [سورة الأحزاب: 36] . وقال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) . [سورة الحشر: 7] . وقال تعالى: (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) . [سورة الجن: 23] .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام