فصل
في الرد على الجهمية الذين أنكروا صفات الله عز وجل وسمّوا أهل السنة مشبهة. وليس قول أهل السنة أن لله وجهاً ويدين وسائر ما أخبر الله تعالى به عن نفسه موجباً تشبيهه بخلقه.
وليس روايتهم حديث النبي، صلى الله عليه وسلم:"خلق الله آدم على صورته". بموجبة نسبة التشبيه إليهم. بل كل ما أخبر الله به عن نفسه وأخبر به رسوله، صلى الله عليه وسلم، فهو حق. قول الله حق وقول رسوله حق، والله أعلم بما يقول، ورسوله، صلى الله عليه وسلم، أعلم بما قال، وإنما علينا الإيمان والتسليم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقال الإمام الآجري رحمه الله في كتابه"الشريعة"ص"314".
باب: الإيمان بأن الله عز وجل خلق آدم على صورته بلا كيف، ثم ساق رحمه الله الأحاديث في ذلك ثم قال:"هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر كما قال من تقدّم من أئمة المسلمين".
وعلماء الأمة من أهل القرون المفضلة لا نزاع بينهم على أن الضمير في قوله، صلى الله عليه وسلم:"خلق الله آدم على صورته"يعود على الله جل وعلا، واستدل بهذا الحديث أئمة الهدى ومصابيح الدجى على أثبات الصورة لله تعالى وخرجوه في كتبهم وقرروه وردوا به على الجهمية النفاة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه وأدحضوا به أباطيلهم وفندوا شبههم.
ومن زعم أن الضمير في قوله، صلى الله عليه وسلم:"خلق الله آدم على صورته"يعود على آدم فقد أخطأ في زعمه وأحدث قولاً مبتدعاً.
قال الإمام أحمد رحمه الله:"من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه" [1] .
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال رجل لأبي: إن فلاناً يقول في حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"إن الله خلق آدم على صورته"فقال على صورة الرجل قال أبي: كذب هذا، هذا
(1) - انظر إبطال التأويلات لأبي يعلى ج 1/ 88.