فصل
قال السقاف: فإن قال قائل: قد حسن الترمذي الحديث بل قد صححه في بعض الروايات عنه قلنا: هذا لا ينفع لوجوه:
منها: أن الترمذي رحمه الله متساهل في التصحيح والتحسين كما هو مشهور، مثله مثل الحاكم رحمه الله في المستدرك يصحح الموضوعات كما هو مشهور عند أهل الحديث.
ومنها: أن تضعيف هؤلاء الحفاظ الذين ذكرناهم وهم جهابذة أهل الحديث الذين حكموا على الحديث بأنه منكر وموضوع وغير ذلك مقدَّم على تحسين الترمذي أو تصحيحه ...
أقول: الكلام مع السقاف في مقامات.
المقام الأول: في وصف الحاكم بالتساهل في التصحيح.
المقام الثاني: وصف الترمذي رحمه الله بالتساهل أيضاً.
المقام الثالث: تضعيف الحفاظ الذين يزعمهم السقاف لحديث:"رأيت ربي في أحسن صورة". مقدم على تحسين الترمذي أو تصحيحه.
فأما المقام الأول فمُسَلَّم فإن الحاكم رحمه الله معروف بالتساهل في التصحيح حتى أنه بعض الأحيان يصحح الموضوعات يعرف ذلك من قرأ مستدركه وكي يسفر الصبح عن وجهه ويظهر تساهل الحاكم في التصحيح بحجج لا بدعاوى.
أقول: قال ابن دحية:"ويجب على أهل الحديث أن يتحفظوا من قول الحاكم أبي عبد الله فإنه كثير الغلط ظاهر السقط وقد غفل عن ذلك كثير ممن جاء بعده وقلده في ذلك" [1] .
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب الفروسية ص"136": وأما تصحيح الحاكم فكما قال القائل:
فأصبحت من ليلى الغداة كقابض ... على الماء خانته فروج الأصابع
(1) - انظر نصب الراية للزيلعي [1/ 342] .