فهرس الكتاب
الصفحة 30 من 54

قول الجهمية أي فائدة في هذا" [1] . وكل من لم يُعِدِ الضمير في قوله، صلى الله عليه وسلم على صورته على الله جل وعلا فقد خالف ما عليه سلف الأمة وأئمتها."

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في"نقض أساس التقديس"وهو كتاب عظيم رد به على الرازي وبيّن ضلاله ومخالفته للمنقول والمعقول قال رحمه الله:"لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد إلى الله فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك".

وقال رحمه الله في نفس الكتاب:"علماء الأمة لم تنكر إطلاق القول بأن الله خلق آدم على صورة الرحمن بل كانوا متفقين على إطلاق مثل هذا ..".

أقول: وقد صرحت بعض الأحاديث بذلك وهي تؤيد أن الضمير في قوله، صلى الله عليه وسلم:"على صورته"يعود على الله جل وعلا، فعند عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة (ج 1/ 268) وابن أبي عاصم في السنة (ج 1/ 228) والدارقطني في كتاب الصفات ص"64"وابن خزيمة في التوحيد (ج/85) ، والآجري في الشريعة ص"315"، والطبراني في الكبير (ج 12/ 430) وغيرهم من طريق الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"لا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورة الرحمن". رواته ثقات وعنعنة الأعمش لا تضر، لأنه من المقلين من التدليس وهو ممن احتمل أكثر الأئمة عنعنته، أما إذا دلت قرينة على أنه دلس في الحديث فهنا يطرح حديثه وحديث الباب ليس هناك دليل يدل على أنه دلس فتعليل الحديث بعنعنة الأعمش تعليل عليل، وكثيراً ما يصحح الأئمة الكبار أحاديث للأعمش وهي معنعنة، وهذا أمر مشهور عند أهل الحديث، وقد ذكر ابن حجر مراتب الموصوفين بالتدليس، فذكر خمس مراتب، وعدّ الأعمش من أهل المرتبة الثانية، وقد قال عن أهل هذه المرتبة في المقدمة:"من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى، كالثوري أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة".

وأما قول ابن خزيمة رحمه الله في تعليل هذا الحديث:"إن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده فأرسله الثوري ولم يقل عن ابن عمر".

فهذا لا يضر الحديث فإن الأعمش ثقة حافظ قال ابن عيينة:"سبق الأعمش أصحابه بأربع كان أقرأهم للقرآن وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض وذكر خصلة أخرى".

(1) - إبطال التأويلات ج 1/ 88.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام